مدرب لبؤات الأطلس يوجه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    أديس أبابا: انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    مغرب الحضارة زيارة الرئيس الصيني للمغرب عندما يقتنع الكبار بمصداقية وطموح المغرب    "مرتفع جوي بكتل هواء جافة نحو المغرب" يرفع درجات الحرارة الموسمية    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري    انخفاض مفرغات الصيد البحري بميناء الناظور    فتح بحث قضائي في شبهة تورط رجل أمن في إساءة استعمال لوازم وظيفية واستغلال النفوذ    إسبانيا...كيف إنتهت الحياة المزدوجة لرئيس قسم مكافحة غسل الأموال في الشرطة    موتسيبي "فخور للغاية" بدور المغرب في تطور كرة القدم بإفريقيا    معهد التكنولوجيا التطبيقية المسيرة بالجديدة يحتفل ذكرى المسيرة الخضراء وعيد الاستقلال    بوعشرين: أصحاب "كلنا إسرائيليون" مطالبون بالتبرؤ من نتنياهو والاعتذار للمغاربة    تيزنيت : انقلاب سيارة و اصابة ثلاثة مديري مؤسسات تعليمية في حادثة سير خطيرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    سبوتنيك الروسية تكشف عن شروط المغرب لعودة العلاقات مع إيران    الوزير برّادة يراجع منهجية ومعايير اختيار مؤسسات الريادة ال2500 في الابتدائي والإعدادي لسنة 2025    فولكر تورك: المغرب نموذج يحتذى به في مجال مكافحة التطرف    اختفاء غامض لشاب بلجيكي في المغرب        مرحلة استراتيجية جديدة في العلاقات المغربية-الصينية    محامون يدعون لمراجعة مشروع قانون المسطرة المدنية وحذف الغرامات    كأس ديفيس لكرة المضرب.. هولندا تبلغ النهائي للمرة الأولى في تاريخها    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        تخليد الذكرى ال 60 لتشييد المسجد الكبير بدكار السنغالية    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    وسيط المملكة يستضيف لأول مرة اجتماعات مجلس إدارة المعهد الدولي للأمبودسمان    عندما تتطاول الظلال على الأهرام: عبث تنظيم الصحافة الرياضية    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط        الموت يفجع الفنانة المصرية مي عزالدين    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها        مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار مع عائشة لخماس .. المساواة بين الرجال و النساء ليست مسألة نسائية فقط، إنها قضية مجتمعية تهم الثقافة والقيم والديمقراطية

لا يمكن ان نؤسس عليه شيئا ما .كما لا يمكن الجزم بضعف القطاعات النسائية للأحزاب السياسية المغربية قياسا بالأحزاب و الحركات الأصولية ( و لا أقول الدينية لأن الدين للجميع) مثلا الحزب الذي انتمي له وهو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ينص قانونه الداخلي على ضرورة وجود حصة كحد ادنى,مفتوحة على المناصفة و أي جهاز لا يحترم هذه الحصة يكون غير شرعي, و إذا توفرت إمكانية تطبيق المناصفة الآن فسيكون الأمر محبذا.
من جهة ثانية لا يمكن القول ان الأحزاب الأصولية تنظم النساء تنظيما حزبيا سياسيا, بل إنها تعتمد مؤشر الكم و التعبئة على أساس إيديولوجية ذكورية تقليدية للتدليل على ان النساء راضيات بوضعهن و ان ما تطالب به الحركات النسائية هو مجرد موضة غريبة بعيدة عن مجتمعاتنا الإسلامية. لكن هذه المرحلة التي لا اعتقد انها ستكون قصيرة, خاصة و انها مخدومة و موجهة بامكانيات هائلة ضمنها الامكانيات الاعلامية, لكن الانسان هو الإنسان في عمقه و حاجياته يبحث عن خلاص لن يجده مع الزمن في هذه الشرنقة و هذا ما نلاحظه في مراكزنا التي تساعد النساء ضحايا العنف, حيث تأتي عندنا بنسب مهمة نساء حاملات لتفكير و سلوكيات هذه الاتجاهات الاصولية لكنهن في نفس الآن ضحاياها
} تاريخ الحركة النسائية بالمغرب ارتبط بمحطات و نضالات و اقترن بمعارك الديموقراطية بالمغرب ، ورغم هذا التاريخ الطويل, فإننا نرى أن الطفرة التي تحققت جاءت بتجاوب للمؤسسة الملكية مع مطالب الحركات النسائية ، لكن هل المساءلة النسائية يمكن حلها بالقوانين وتخصيص يوم وطني و كوطا في المؤسسات و لائحة مستقلة في الاستحقاقات ؟ ألا يمكن القول أنها مكاسب جاهزة و تفقد هذه المشاركة عمقها و فاعليتها ؟
هذا سؤال مركب يحتاج لمقالات و دراسات، ونقاش عميق، لكن سأجيب بتركيز على بعض ملامح الحركة النسائية و نضالاتها ودور المؤسسة الملكية فيما حصلت عليه النساء من مكتسبات .
أولا وقبل كل شيء لا يجب تبخيس الاصلاحات التي عرفتها القوانين وخاصة مدونة الأسرة و التي لازالت تشكل شوكة في حلق بعض قوى التقليد, كما لا ينبغي التقليل من أهمية دخول النساء ولو بشكل أولي للمؤِسسات المنتخبة, فبعد أزيد من ثلاثين سنة من الإقرار في الدستور بالحقوق السياسية للنساء المغربيات تدخل امرأتان فقط لمجلس النواب سنة 1997، في حين خلال عشر سنوات تمكنت سبعة وستين امرأة من ولوج مجلس النواب, أي ما يشكل %17 من مجموع أعضاء وعضوات مجلس النواب ولو تعاملت الأحزاب السياسية بحزم مع ما جاء به دستور 2011 عند إقراره لمبدأ المناصفة لتمكنت النساء من تحقيق مكتسبات أكثر على هذا الصعيد.
إذن فهذه الحصيلة تطلبت نضالات متواصلة ضد تكلس العقلية الذكورية التقليدية المترسخة في البنى الاجتماعية
والمحمية بالمقدس على أكثر من مستوى، وعليه فهذه المكاسب ليست جاهزة كما يعتقد البعض, بل لقد احتاجت لنضال متواصل ومثابرة ولازالت تحتاج للتثبيت والتعميق والتوسيع .
المؤسسة الملكية تجاوبت مع تطلعات النساء بشكل مبكر, فبعد ستة أشهر من إطلاق حملة المليون توقيع لتغيير مدونة الأحوال الشخصية من طرف اتحاد العمل النسائي في مارس 1992 ,ألقى جلالة الملك المرحوم الحسن الثاني خطابه التاريخي في20 غشت من نفس السنة وأطلق مسلسل إصلاح هذا القانون الذي بقي متواصلا إلى حين صدور مدونة الأسرة سنة 2004، وهذا القانون ليس كأي قانون، إنه شاهد على عذابات النساء ومكثف لاضطهادهن لتتم مواصلة اصلاح العديد من القوانين ولو بشكل جزئي وعلى رأسها قانون الجنسية.
إذن, فالمؤسسة الملكية بالمغرب متفاعلة ومتجاوبة ومبادرة للعديد من الإصلاحات على هذا الصعيد, وهنا لابد من التذكير بدور حكومة الأستاذ عبد الرحيم اليوسفي التي خصصت لمسألة المساواة في برنامجها الحكومي فقرة مهمة ومتكاملة.
} كيف تنظرين كسياسية و حقوقية جمعوية الى المساءلة النسائية بالمغرب بين من يراها نخبوية و بين من ينتقد التعامل الظرفي مع قضاياها ويدعو الى ربطها بالتنمية ؟
أولا يجب تسجيل أن المساواة بين الرجال و النساء ليست مسألة نسائية فقط، إنها قضية مجتمعية تهم الثقافة والقيم والديمقراطية بكل أبعادها وتهم السياسات العمومية،
وبالتالي فتطبيق الدستور على هذا المستوى يهم كل الفاعلين والمتدخلين و الحركة النسائية المغربية هي في عمق الحركة الديمقراطية المغربية وهي بهذا المعنى ليست نخبوية و لا ظرفية.
} الا يمكن القول إنه يجب الفصل في المطالب بين العالم القروي و العالم الحضري لتباين وضعية المرأة بهما و اختلاف الوسط الثقافي بسبب العادات و الأمية و سلطة الرجل ؟
من يطرح الإشكال بهذه الطريقة يريد فصل ما لا يفصل, ذلك أن كثيرا ما نواجه بأن نضالات الحركة النسائية تقتصر على المدن وتهمل المناطق القروية وبأن مطلب المناصفة و الوصول لمواقع القرار لا يهم النساء القرويات لأنهن أميات وغارقات في اليومي, وهذا يهم فقط النخب المدينية من النساء.
أولا الحركة النسائية المغربية تناضل ضد كافة أشغال الميز ضد النساء ومن أجل تمتعهن بكافة حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية وضد العنف المسلط عليهن, وهذه أهداف تهم القرويات والمدينيات على السواء, فمثلا كثيرا ما يتم الاعتقاد أن النساء القرويات لا يهمهن في شيء الوصول لمواقع القرار, لكن ما يجب معرفته ان وصول النساء للتسيير الجماعي في العديد من الجماعات القروية قد انعكس بشكل إيجابي على أوضاع النساء في هذه المناطق وخاصة الجبلية منها وهذا ما لمسناه من خلال التكوينات التي قامت بها شبكة نساء من أجل النساء لما يزيد عن 1200 مستشارة جماعية, كما أن النساء القرويات في العديد من المداشير و الدواوير قد أنشأن تعاونيات ويستفدن من التكوينات المتعلقة بتقوية قدراتهن واكتسبن الخبرة في التسويق ...الخ، ويقمن بحركات احتجاجية من اجل الماء،
وتعليم الأبناء ...الخ
إذن علينا نحن أن نغير النظرة التي نشاهد ونقيم بها اوضاعنا الاجتماعية، صحيح أن الفقر و الأمية والعادات لازالت تنزل بثقلها على النساء في المدن والقرى على السواء وتشكل تربة خصبة لنشر قيم التضليل، لكن أحلام التحرر تداعب هؤلاء النساء و ما علينا إلا فتح الجسور و التجدر في هذه التربة الخصبة.
} كيف تنظرون الى المطالب التي تدعو الى تحرير المرأة من واقع الدونية الاجتماعية و السياسية التي تتخبط فيها و ربط ذلك بصراع افتراضي مع الرجل ؟
اعتقد أن الحركة النسائية المغربية قد بلغت من النضج ما يجعلها تسير نحو الهدف الحقيقي, فلا تحرر للنساء دون تحرر للرجال أيضا, ومن هنا تأخذ حركة تحرر النساء عمقها الثوري, فعندما تتحرر النساء من التبعية و العبودية يتحرر الرجل من أن يكون مجرد مستبد إلى إنسان كامل الإنسانية.
فحركة تحرر النساء اكبر من مطلب المساواة , إنها تستهدف إعادة بناء وتشكيل عالم معافى من القيم الذكورية التي يعاني منها الرجال والنساء على السواء.
} الواقع المتردي الذي تعانيه المرأة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا في مجتمعنا يجعل من مهمة التحرر الديمقراطي الشامل للمرأة على رأس مهام التحرر الديمقراطي للمجتمع،هل تعتقدين أن الأحزاب السياسية نجحت في هذا الرهان؟
الأحزاب السياسية ليست كائنات خارقة انها تعبير إرادي عن تطلعات طبقات وفئات مجتمعية بكل ما تحمله هذه الفئات من وعي أو نقص في الوعي او انعدامه، وبقدر ما تكون هذه الأحزاب حاملة لمشاريع أو حاملة لطموحات فردية وعليه فوجود حركة نسائية مستقلة ضرورة تاريخية ومستقبلية لتحرر النساء والمجتمع بمجمله, لكن هذه الحركة لا مستقبل لها إن كانت منعزلة عن الحركة الديمقراطية المجتمعية ,إضافة إلى هذا فإن تواجد النساء النسائيات إن صح التعبير في تفاصيل الحركة السياسية والنقابية والجمعوية هي الضمانة الوحيدة لانخراط النساء في الحياة العامة.
} المساواة الشاملة بين المرأة والرجل, ألايمكن ان تتعارض مع الدين ,وبالتالي الدخول في الصراع مع المحافظين والتقليديين؟
النضال من اجل المساواة بين الرجال والنساء ليس وليد اليوم, ومقاومة المجتمع الذكوري لهذا النضال اتخذ منذ بداية التاريخ أشكالا متعددة وأبرزها اللجوء للمقدس، لافتقاره للحجة و الاقناع, لأنه لا يمكن ان نقنع أحدا بأن يبقى في درجة أدنى مبعدا ومستبعدا إلا غلفنا ادعاءاتنا بالمقدس وهذا ينسحب على أغب الأديان و الفلسفات والمجال لا يتسع هنا للتطرق لكل هذا.
وأود في هذه العجالة أن أثير نقطتين تبدوان لي ذات أهمية قصوى حسم فيهما الدين الإسلامي وليس الفكر الديني الإسلامي, في الوقت الذي شكلتا أساس اضطهاد النساء في الفكر الديني و الفلسفي لحضارات أخرى وانعكستا في الفكر الاسلامي أيضا, وتتعلق أولاهما بأصل الخلق, إذ يقول تعالى»هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها» هكذا يتضح أن النفس الواحدة لاهي امرأة ولا رجل هي وحدة الأصل الانساني لكل منهما, فمن أين جاءت حكاية خلق المرأة من ضلع الرجل ومن ضلعه الأعوج بالذات.
والثانية تتعلق بتبرئة حواء (المرأة) من إغواء آدم (الرجل) وإخراجه من الجنة يقول تعالى ( وقلنا لآدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا, حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين)( فوسوس إليه الشيطان قال ياآدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى, فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى)
إذا كانت المرأة والرجل موحدان في الاصل الانساني والمرأة بريئة من إغواء آدم في القرآن الكريم, فهذه هي قمة وعمق المساواة الانسانية, أما الباقي فمجرد تفاصيل تتغير بتغير الزمان، ومن يسير في مواجهة التغيير الجارف لا حيلة له إلا التهويل والتخويف بمعارضة المقدس «الدين» وقد يحقق نتائج لكنها تبقى مؤقتة لأن رياح الحرية و التغيير آتية لاريب فيها.
} يتعايش المجتمع مع بعض مظاهرالعهارة والتجارة الجنسية للمرأة وغيرها والتي تمس حتى مراهقات في واقعنا الاجتماعي،وليس البغاء سوى حالة من الاغتصاب الناتج عن واقع ضرب القيم الإنسانية في الأوساط الغنية والفقيرة على السواء وعن التخلف الاجتماعي والفقر والتهميش الذي تعيشه فئات اجتماعية واسعة،ماهي في نظرك الإجراءات الكفيلة لمواجهة هذه الظاهرة؟
يجب وضع النقط على الحروف فيما يتعلق بالمصطلحات, فالعهارة يمارسها الرجال و النساء ,وبالتالي لا يمكن أن نتحدث عن النساء وحدهن عند الحديث عن هذه الظاهرة.
وللقضاء على هذه الظاهرة يجب الخروج من المقاربات العقيمة ذات الحمولة الذكورية واعتماد مقاربة شاملة تستهدف الإنسان رجلا وامرأة ومجتمعا ومؤسسات بصفة عامة، ذلك لأن الأمر يحتاج لسياسة اقتصادية واجتماعية وإعادة الاعتبار للمرأة بمحاربة التصورات التي تجعلها في نظرها أولا وفي نظر المجتمع مجرد جسد يباع للزوج بالجملة ولطالبي الشهوة بالتقسيط ولا ضرورة لعملها الذي يقيها شر الحاجة والتي تدفعها لبيع هذا الجسد باعتباره سلعة لاتتوفر على غيرها، ويحتاج الأمر أيضا إلى استهداف العقليات والقيم الذكورية المترسخة في وعي ولاوعي الرجال و النساء على السواء.
ويجب أيضا إصدار قوانين تحمي النساء والقاصرات منهن على وجه الخصوص من السقوط في براتين مافيات الاتجار في النساء، وسن سياسات عمومية تخرج العديد من أحزمة الفقر ببلداننا من أوضاع التهميش و الإقصاء حتى لاتبقى مصدرا لضحايا النفاق الاجتماعي.
} الا تفكرن كحركة نسائية في خلق إطار لتفعيل مقتضيات الدستور والمساهمة بالقوانين التطبيقية الخاصة بكل مايرتبط بالنساء ومجالاته, وخاصة مبدأ المناصفة الذي جاء به الدستور؟
الحركة النسائية المغربية خرجت من مرحلة التفكير إلى مرحلة الفعل عندما أسست شبكة الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة في ابريل 2011 للترافع من أجل تنصيص الدستور على المساواة بين الرجال و النساء في كافة الحقوق, وأن يتضمن آليات لضمان التمتع بهذه الحقوق، وقد نجح الربيع في هذه المهمة وهو الآن بصدد وضع استراتيجية العمل لتطبيق ما نص عليه الدستور في العديد من بنوده وخاصة في الفصل 19 منه.
} تكتسي حركة الاحتجاج والمطالب النسائية طابعا احاديا ضد النظام الرجالي المسيطر منذ آلاف السنين،وهوما يؤدي إلى تغيير في وضع المرأة فحسب،الاتتفقين معنا ان الامر يحتاج إلى تغيير جذري في مجموع العلاقات الاجتماعية والثقافية والجنسية؟
لقد أجبت عن هذا السؤال.
} موضوع له حساسية ويتم التعامل معه كطابو لايتقبل الاقتراب منه،انه زنى المحارم, كيف يمكن ان نحول المرأة من صامتة وخاضعة لاستغلال اسري الى قوة تحمي نفسها ولوضد الأسرة والمجتمع اللذان يتواطآن معا لنهش لحمها لمجرد حماية صورة الأسرة؟
فعلا يشكل الاعتداء الجنسي على فتيات ونساء الأسرة مشكلة كبيرة غالبا ماتتم معالجتها داخل الأسرة أو العائلة على حساب الضحايا، لذلك فإصدار قانون لمناهضة العنف بمختلف أشكاله بما في ذلك العنف الجنسي هو الكفيل بضمان الحماية والوقاية وعدم الافلات من العقاب وهو مهمة مستعجلة.
} ظهرت في الآونة الأخيرة اصوات تنادي بالحريات الفردية, ودعت الى الإفطار العلني ورفض عقوبة الزنى مادامت بين بالغين وبالتراضي... هل يمكن القول إننا امام مطالب عفوية معزولة ام ان هناك تشكل لوعي يوصل الى القبول بحرية تكسير سيطرة الإيديولوجية والسلوك التقليديين المحافظين.
من الضروري فتح نقاش حول كل القضايا التي تؤرق الناس بهدوء وبدون أفكار مسبقة وبدون تكفير أو تطرف من أي جهة, وباحترام كل الخلفيات الفكرية والأيديولوجية التي ينطلق منها كل طرف.
} إن وعيا نقديا لكل أبعاد العلاقة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والجنسية بين المرأة والرجل هو أحد العناصر الجوهرية لتحقيق علاقة مساواة وعلاقات عادلة بين المرأة والرجل في مجتمع عادل؟هل تعتقدين أن الوصول الى المجتمع العادل سيكون على حساب مواجهة بين انصار الحرية الشاملة للمرأة وانصار الحرية على مقاس الاعتبارات المجتمعية والدينية؟
لا توجد حرية شاملة وحرية ناقصة أو جزئية، الحرية هي الحرية وهي الرغبة الجامحة للإنسان لكسر كل القيود و التحليق في عوالم لا متناهية لبلوغ الكمال الانساني, وهذه الرغبة الانسانية متأصلة في كينونتنا و تحتاج باستمرار لذوات فاعلة لإطلاقها وإعادة اطلاقها باستمرار, و في هذه السيرورة تواجهنا العديد من العوائق, وفي الوقت ذاته ندخل عوالم جديدة وفي هذه السيرورة أيضا يولد رجال أحرار ونساء حرات يصعب أن يقنعوا ويقنعن بقيم مجتمعات تقليدية هدفها تكبيل الإنسان في زمن توحدت فيه طموحات الإنسانية الحرة ,قد تحاول فيه الأصوليات المتعددة جاهدة وقف هذا الجموح لكنها ان أفلحت سيكون ذلك بصفة مؤقتة.
} ونحن في مجتمع تقول الاحصائيات ان النساء اكثر من الرجال وامام المهام التي اوكلها الدستور للأحزاب لتأطير المجتمع وتكوينه،كيف تفسرون الضعف الكبير للقطاع النسائي عند الأحزاب المغربية في مقابل قوته لدى الأحزاب والحركات الدينية؟
الإحصائيات الأخيرة لسنة 2011 تقول أن النساء في المغرب يشكلن % 50,8 من عدد السكان, و بالتالي فهي نسبة تفوق النصف بقليل, و هي نفس النسبة تقريبا التي كان يشكلها الرجال في إحصائيات 1982, اذن فهذا مؤشر متغير و لا يمكن ان نؤسس عليه شيئا ما .
كما لا يمكن الجزم بضعف القطاعات النسائية للأحزاب السياسية المغربية قياسا بالأحزاب و الحركات الأصولية ( و لا أقول الدينية لأن الدين للجميع) مثلا الحزب الذي انتمي له وهو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ينص قانونه الداخلي على ضرورة وجود حصة كحد ادنى,مفتوحة على المناصفة و أي جهاز لا يحترم هذه الحصة يكون غير شرعي, و إذا توفرت إمكانية تطبيق المناصفة الآن فسيكون الأمر محبذا.
من جهة ثانية لا يمكن القول ان الأحزاب الأصولية تنظم النساء تنظيما حزبيا سياسيا, بل إنها تعتمد مؤشر الكم و التعبئة على أساس إيديولوجية ذكورية تقليدية للتدليل على ان النساء راضيات بوضعهن و ان ما تطالب به الحركات النسائية هو مجرد موضة غريبة بعيدة عن مجتمعاتنا الإسلامية. لكن هذه المرحلة التي لا اعتقد انها ستكون قصيرة, خاصة و انها مخدومة و موجهة بامكانيات هائلة ضمنها الامكانيات الاعلامية, لكن الانسان هو الإنسان في عمقه و حاجياته يبحث عن خلاص لن يجده مع الزمن في هذه الشرنقة و هذا ما نلاحظه في مراكزنا التي تساعد النساء ضحايا العنف, حيث تأتي عندنا بنسب مهمة نساء حاملات لتفكير و سلوكيات هذه الاتجاهات الاصولية لكنهن في نفس الآن ضحاياها
} المشهد الاعلامي الوطني عرف تجارب إعلامية نسائية متخصصة لم تر النجاح مالم تكن محتضنة من مؤسسات دعائية كبيرة،هل الأمية في صفوف النساء وغياب ثقافة لدى الرجال ان يقتنوا لأنفسهم ولزواجاتهم جريدة اومجلة, هل هذاهو سبب ضعف نسبة القراءة عند النساء, ام ان الامر يتعلق بغياب مشروع اعلامي يستجيب لتطلعات النساء؟
المشهد الإعلامي بالمغرب و ضمنه النسائي تطور بشكل كبير سواء على مستوى المضمون او الشكل, فالمجلات النسائية رغم تعددها تعرف نجاحا كبيرا, اما الجرائد فلا زال المجال فارغا بعد توقف جريدة 8 مارس عن الصدور, و رغم محاولتنا اعادة اصدارها سنة 2005 لم نفلح لأن الأمر يتطلب مقاربة جديدة تراعي هذا التطور الحاصل في الإعلام المغربي، و لا اعتقد أن للأمية يد في الموضوع
} المحجبات بالتلفزة,هل هوتعبيرعن واقع مغربي يقبل بكل الاطياف ام رسالة من الحزب الحاكم لأسلمة المشهد الاعلامي الوطني؟
ليس وجود «المحجبات» بالتلفزة هو ما سيعمل على «أسلمة» المشهد الإعلامي الوطني، لقد دخل الاسلام للمغرب منذ 15 قرنا و عاشه الناس طوال هذه القرون بسلام و هدوء و تعايش مع مختلف انماط عيشهم و لباسهم.
اللباس مسألة شخصية و مسألة « موضة» واذا كان هناك من يريد ان يعطيها مضامين أكبر من هذا فهذا شأنه.
} الادب النسائي في المغرب يتسم بالضعف وقلة الاصدارات،حتى مؤتمراتحاد كتاب المغرب كانت فيه النزعة الرجولية طاغية،هل الظاهرةعامة ام نسائية فقط؟
لا يمكنني ان احكم على الأدب الذي تنتجه النساء بالضعف او القلة, لأنني لا املك المعطيات لذلك, اضافة الى ان هذا الحكم المسبق ذو حمولة ذكورية و الادب النسائي الذي أتيحت لي فرصة قراءته, سواء كان شعرا او رواية او قصة قصيرة , شدني بمثل و أحيانا اكثر مما شدني به الادب الرجالي, و في هذا الاطار لا مجال للمفاضلة , كما أنه لا يمكن قولبة الأدب في اطار مؤسساتي للحكم عليه.
} ثلاث اسماء للتعليق:
1 الوزيرة الوحيدة بالحكومة باسيمة الحقاوي
2 مغربية رئيسة للجنة الاولمبية نوال المتوكل
3 مغربية رئيسة الأممية الاشتراكية للنساء وفاء حجي
1- وزيرة وحيدة بالحكومة تعني ان الحكومة لا تحترم الدستور الذي ينص على المناصفة و المساواة
2- تحية لها و هنيئا لنا جميعا بهذا الانجاز الذي يؤكد ان المرأة المغربية لا تنتظر انها تقتحم
3- العزيزة وفاء حجي حققت بمثابرتها و عملها المتواصل نصرا دوليا للمرأة المغربية و الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و للمغرب و للعربيات و الافريقيات.
عن صحيفة «تامغارت»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.