لقاء يجمع وهبي بجمعية هيئات المحامين    نهاية أزمة طلبة الطب والصيدلة: اتفاق شامل يلبي مطالب الطلبة ويعيدهم إلى الدراسة    الحكومة: سيتم العمل على تكوين 20 ألف مستفيد في مجال الرقمنة بحلول 2026    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    هولندا.. إيقاف 62 شخصا للاشتباه في ارتباطهم بشغب أحداث أمستردام    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا ابتداء من 11 نونبر الجاري بالرباط    الطفرة الصناعية في طنجة تجلعها ثاني أكبر مدينة في المغرب من حيث السكان    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    امستردام .. مواجهات عنيفة بين إسرائيليين ومؤيدين لفلسطين (فيديو)    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    الحجوي: ارتفاع التمويلات الأجنبية للجمعيات بقيمة 800 مليون درهم في 2024    هذه الحصيلة الإجمالية لضحايا فيضانات إسبانيا ضمن أفراد الجالية المغربية    المغرب يشرع في استيراد آلاف الأطنان من زيت الزيتون البرازيلي    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    "إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    الأمانة العامة للحكومة تطلق ورش تحيين ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية وتُعد دليلا للمساطر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر        نقطة واحدة تشعل الصراع بين اتحاد يعقوب المنصور وشباب بن جرير    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    مجلة إسبانية: 49 عاما من التقدم والتنمية في الصحراء المغربية    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار مع عائشة لخماس .. المساواة بين الرجال و النساء ليست مسألة نسائية فقط، إنها قضية مجتمعية تهم الثقافة والقيم والديمقراطية

لا يمكن ان نؤسس عليه شيئا ما .كما لا يمكن الجزم بضعف القطاعات النسائية للأحزاب السياسية المغربية قياسا بالأحزاب و الحركات الأصولية ( و لا أقول الدينية لأن الدين للجميع) مثلا الحزب الذي انتمي له وهو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ينص قانونه الداخلي على ضرورة وجود حصة كحد ادنى,مفتوحة على المناصفة و أي جهاز لا يحترم هذه الحصة يكون غير شرعي, و إذا توفرت إمكانية تطبيق المناصفة الآن فسيكون الأمر محبذا.
من جهة ثانية لا يمكن القول ان الأحزاب الأصولية تنظم النساء تنظيما حزبيا سياسيا, بل إنها تعتمد مؤشر الكم و التعبئة على أساس إيديولوجية ذكورية تقليدية للتدليل على ان النساء راضيات بوضعهن و ان ما تطالب به الحركات النسائية هو مجرد موضة غريبة بعيدة عن مجتمعاتنا الإسلامية. لكن هذه المرحلة التي لا اعتقد انها ستكون قصيرة, خاصة و انها مخدومة و موجهة بامكانيات هائلة ضمنها الامكانيات الاعلامية, لكن الانسان هو الإنسان في عمقه و حاجياته يبحث عن خلاص لن يجده مع الزمن في هذه الشرنقة و هذا ما نلاحظه في مراكزنا التي تساعد النساء ضحايا العنف, حيث تأتي عندنا بنسب مهمة نساء حاملات لتفكير و سلوكيات هذه الاتجاهات الاصولية لكنهن في نفس الآن ضحاياها
} تاريخ الحركة النسائية بالمغرب ارتبط بمحطات و نضالات و اقترن بمعارك الديموقراطية بالمغرب ، ورغم هذا التاريخ الطويل, فإننا نرى أن الطفرة التي تحققت جاءت بتجاوب للمؤسسة الملكية مع مطالب الحركات النسائية ، لكن هل المساءلة النسائية يمكن حلها بالقوانين وتخصيص يوم وطني و كوطا في المؤسسات و لائحة مستقلة في الاستحقاقات ؟ ألا يمكن القول أنها مكاسب جاهزة و تفقد هذه المشاركة عمقها و فاعليتها ؟
هذا سؤال مركب يحتاج لمقالات و دراسات، ونقاش عميق، لكن سأجيب بتركيز على بعض ملامح الحركة النسائية و نضالاتها ودور المؤسسة الملكية فيما حصلت عليه النساء من مكتسبات .
أولا وقبل كل شيء لا يجب تبخيس الاصلاحات التي عرفتها القوانين وخاصة مدونة الأسرة و التي لازالت تشكل شوكة في حلق بعض قوى التقليد, كما لا ينبغي التقليل من أهمية دخول النساء ولو بشكل أولي للمؤِسسات المنتخبة, فبعد أزيد من ثلاثين سنة من الإقرار في الدستور بالحقوق السياسية للنساء المغربيات تدخل امرأتان فقط لمجلس النواب سنة 1997، في حين خلال عشر سنوات تمكنت سبعة وستين امرأة من ولوج مجلس النواب, أي ما يشكل %17 من مجموع أعضاء وعضوات مجلس النواب ولو تعاملت الأحزاب السياسية بحزم مع ما جاء به دستور 2011 عند إقراره لمبدأ المناصفة لتمكنت النساء من تحقيق مكتسبات أكثر على هذا الصعيد.
إذن فهذه الحصيلة تطلبت نضالات متواصلة ضد تكلس العقلية الذكورية التقليدية المترسخة في البنى الاجتماعية
والمحمية بالمقدس على أكثر من مستوى، وعليه فهذه المكاسب ليست جاهزة كما يعتقد البعض, بل لقد احتاجت لنضال متواصل ومثابرة ولازالت تحتاج للتثبيت والتعميق والتوسيع .
المؤسسة الملكية تجاوبت مع تطلعات النساء بشكل مبكر, فبعد ستة أشهر من إطلاق حملة المليون توقيع لتغيير مدونة الأحوال الشخصية من طرف اتحاد العمل النسائي في مارس 1992 ,ألقى جلالة الملك المرحوم الحسن الثاني خطابه التاريخي في20 غشت من نفس السنة وأطلق مسلسل إصلاح هذا القانون الذي بقي متواصلا إلى حين صدور مدونة الأسرة سنة 2004، وهذا القانون ليس كأي قانون، إنه شاهد على عذابات النساء ومكثف لاضطهادهن لتتم مواصلة اصلاح العديد من القوانين ولو بشكل جزئي وعلى رأسها قانون الجنسية.
إذن, فالمؤسسة الملكية بالمغرب متفاعلة ومتجاوبة ومبادرة للعديد من الإصلاحات على هذا الصعيد, وهنا لابد من التذكير بدور حكومة الأستاذ عبد الرحيم اليوسفي التي خصصت لمسألة المساواة في برنامجها الحكومي فقرة مهمة ومتكاملة.
} كيف تنظرين كسياسية و حقوقية جمعوية الى المساءلة النسائية بالمغرب بين من يراها نخبوية و بين من ينتقد التعامل الظرفي مع قضاياها ويدعو الى ربطها بالتنمية ؟
أولا يجب تسجيل أن المساواة بين الرجال و النساء ليست مسألة نسائية فقط، إنها قضية مجتمعية تهم الثقافة والقيم والديمقراطية بكل أبعادها وتهم السياسات العمومية،
وبالتالي فتطبيق الدستور على هذا المستوى يهم كل الفاعلين والمتدخلين و الحركة النسائية المغربية هي في عمق الحركة الديمقراطية المغربية وهي بهذا المعنى ليست نخبوية و لا ظرفية.
} الا يمكن القول إنه يجب الفصل في المطالب بين العالم القروي و العالم الحضري لتباين وضعية المرأة بهما و اختلاف الوسط الثقافي بسبب العادات و الأمية و سلطة الرجل ؟
من يطرح الإشكال بهذه الطريقة يريد فصل ما لا يفصل, ذلك أن كثيرا ما نواجه بأن نضالات الحركة النسائية تقتصر على المدن وتهمل المناطق القروية وبأن مطلب المناصفة و الوصول لمواقع القرار لا يهم النساء القرويات لأنهن أميات وغارقات في اليومي, وهذا يهم فقط النخب المدينية من النساء.
أولا الحركة النسائية المغربية تناضل ضد كافة أشغال الميز ضد النساء ومن أجل تمتعهن بكافة حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية وضد العنف المسلط عليهن, وهذه أهداف تهم القرويات والمدينيات على السواء, فمثلا كثيرا ما يتم الاعتقاد أن النساء القرويات لا يهمهن في شيء الوصول لمواقع القرار, لكن ما يجب معرفته ان وصول النساء للتسيير الجماعي في العديد من الجماعات القروية قد انعكس بشكل إيجابي على أوضاع النساء في هذه المناطق وخاصة الجبلية منها وهذا ما لمسناه من خلال التكوينات التي قامت بها شبكة نساء من أجل النساء لما يزيد عن 1200 مستشارة جماعية, كما أن النساء القرويات في العديد من المداشير و الدواوير قد أنشأن تعاونيات ويستفدن من التكوينات المتعلقة بتقوية قدراتهن واكتسبن الخبرة في التسويق ...الخ، ويقمن بحركات احتجاجية من اجل الماء،
وتعليم الأبناء ...الخ
إذن علينا نحن أن نغير النظرة التي نشاهد ونقيم بها اوضاعنا الاجتماعية، صحيح أن الفقر و الأمية والعادات لازالت تنزل بثقلها على النساء في المدن والقرى على السواء وتشكل تربة خصبة لنشر قيم التضليل، لكن أحلام التحرر تداعب هؤلاء النساء و ما علينا إلا فتح الجسور و التجدر في هذه التربة الخصبة.
} كيف تنظرون الى المطالب التي تدعو الى تحرير المرأة من واقع الدونية الاجتماعية و السياسية التي تتخبط فيها و ربط ذلك بصراع افتراضي مع الرجل ؟
اعتقد أن الحركة النسائية المغربية قد بلغت من النضج ما يجعلها تسير نحو الهدف الحقيقي, فلا تحرر للنساء دون تحرر للرجال أيضا, ومن هنا تأخذ حركة تحرر النساء عمقها الثوري, فعندما تتحرر النساء من التبعية و العبودية يتحرر الرجل من أن يكون مجرد مستبد إلى إنسان كامل الإنسانية.
فحركة تحرر النساء اكبر من مطلب المساواة , إنها تستهدف إعادة بناء وتشكيل عالم معافى من القيم الذكورية التي يعاني منها الرجال والنساء على السواء.
} الواقع المتردي الذي تعانيه المرأة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا في مجتمعنا يجعل من مهمة التحرر الديمقراطي الشامل للمرأة على رأس مهام التحرر الديمقراطي للمجتمع،هل تعتقدين أن الأحزاب السياسية نجحت في هذا الرهان؟
الأحزاب السياسية ليست كائنات خارقة انها تعبير إرادي عن تطلعات طبقات وفئات مجتمعية بكل ما تحمله هذه الفئات من وعي أو نقص في الوعي او انعدامه، وبقدر ما تكون هذه الأحزاب حاملة لمشاريع أو حاملة لطموحات فردية وعليه فوجود حركة نسائية مستقلة ضرورة تاريخية ومستقبلية لتحرر النساء والمجتمع بمجمله, لكن هذه الحركة لا مستقبل لها إن كانت منعزلة عن الحركة الديمقراطية المجتمعية ,إضافة إلى هذا فإن تواجد النساء النسائيات إن صح التعبير في تفاصيل الحركة السياسية والنقابية والجمعوية هي الضمانة الوحيدة لانخراط النساء في الحياة العامة.
} المساواة الشاملة بين المرأة والرجل, ألايمكن ان تتعارض مع الدين ,وبالتالي الدخول في الصراع مع المحافظين والتقليديين؟
النضال من اجل المساواة بين الرجال والنساء ليس وليد اليوم, ومقاومة المجتمع الذكوري لهذا النضال اتخذ منذ بداية التاريخ أشكالا متعددة وأبرزها اللجوء للمقدس، لافتقاره للحجة و الاقناع, لأنه لا يمكن ان نقنع أحدا بأن يبقى في درجة أدنى مبعدا ومستبعدا إلا غلفنا ادعاءاتنا بالمقدس وهذا ينسحب على أغب الأديان و الفلسفات والمجال لا يتسع هنا للتطرق لكل هذا.
وأود في هذه العجالة أن أثير نقطتين تبدوان لي ذات أهمية قصوى حسم فيهما الدين الإسلامي وليس الفكر الديني الإسلامي, في الوقت الذي شكلتا أساس اضطهاد النساء في الفكر الديني و الفلسفي لحضارات أخرى وانعكستا في الفكر الاسلامي أيضا, وتتعلق أولاهما بأصل الخلق, إذ يقول تعالى»هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها» هكذا يتضح أن النفس الواحدة لاهي امرأة ولا رجل هي وحدة الأصل الانساني لكل منهما, فمن أين جاءت حكاية خلق المرأة من ضلع الرجل ومن ضلعه الأعوج بالذات.
والثانية تتعلق بتبرئة حواء (المرأة) من إغواء آدم (الرجل) وإخراجه من الجنة يقول تعالى ( وقلنا لآدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا, حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين)( فوسوس إليه الشيطان قال ياآدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى, فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى)
إذا كانت المرأة والرجل موحدان في الاصل الانساني والمرأة بريئة من إغواء آدم في القرآن الكريم, فهذه هي قمة وعمق المساواة الانسانية, أما الباقي فمجرد تفاصيل تتغير بتغير الزمان، ومن يسير في مواجهة التغيير الجارف لا حيلة له إلا التهويل والتخويف بمعارضة المقدس «الدين» وقد يحقق نتائج لكنها تبقى مؤقتة لأن رياح الحرية و التغيير آتية لاريب فيها.
} يتعايش المجتمع مع بعض مظاهرالعهارة والتجارة الجنسية للمرأة وغيرها والتي تمس حتى مراهقات في واقعنا الاجتماعي،وليس البغاء سوى حالة من الاغتصاب الناتج عن واقع ضرب القيم الإنسانية في الأوساط الغنية والفقيرة على السواء وعن التخلف الاجتماعي والفقر والتهميش الذي تعيشه فئات اجتماعية واسعة،ماهي في نظرك الإجراءات الكفيلة لمواجهة هذه الظاهرة؟
يجب وضع النقط على الحروف فيما يتعلق بالمصطلحات, فالعهارة يمارسها الرجال و النساء ,وبالتالي لا يمكن أن نتحدث عن النساء وحدهن عند الحديث عن هذه الظاهرة.
وللقضاء على هذه الظاهرة يجب الخروج من المقاربات العقيمة ذات الحمولة الذكورية واعتماد مقاربة شاملة تستهدف الإنسان رجلا وامرأة ومجتمعا ومؤسسات بصفة عامة، ذلك لأن الأمر يحتاج لسياسة اقتصادية واجتماعية وإعادة الاعتبار للمرأة بمحاربة التصورات التي تجعلها في نظرها أولا وفي نظر المجتمع مجرد جسد يباع للزوج بالجملة ولطالبي الشهوة بالتقسيط ولا ضرورة لعملها الذي يقيها شر الحاجة والتي تدفعها لبيع هذا الجسد باعتباره سلعة لاتتوفر على غيرها، ويحتاج الأمر أيضا إلى استهداف العقليات والقيم الذكورية المترسخة في وعي ولاوعي الرجال و النساء على السواء.
ويجب أيضا إصدار قوانين تحمي النساء والقاصرات منهن على وجه الخصوص من السقوط في براتين مافيات الاتجار في النساء، وسن سياسات عمومية تخرج العديد من أحزمة الفقر ببلداننا من أوضاع التهميش و الإقصاء حتى لاتبقى مصدرا لضحايا النفاق الاجتماعي.
} الا تفكرن كحركة نسائية في خلق إطار لتفعيل مقتضيات الدستور والمساهمة بالقوانين التطبيقية الخاصة بكل مايرتبط بالنساء ومجالاته, وخاصة مبدأ المناصفة الذي جاء به الدستور؟
الحركة النسائية المغربية خرجت من مرحلة التفكير إلى مرحلة الفعل عندما أسست شبكة الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة في ابريل 2011 للترافع من أجل تنصيص الدستور على المساواة بين الرجال و النساء في كافة الحقوق, وأن يتضمن آليات لضمان التمتع بهذه الحقوق، وقد نجح الربيع في هذه المهمة وهو الآن بصدد وضع استراتيجية العمل لتطبيق ما نص عليه الدستور في العديد من بنوده وخاصة في الفصل 19 منه.
} تكتسي حركة الاحتجاج والمطالب النسائية طابعا احاديا ضد النظام الرجالي المسيطر منذ آلاف السنين،وهوما يؤدي إلى تغيير في وضع المرأة فحسب،الاتتفقين معنا ان الامر يحتاج إلى تغيير جذري في مجموع العلاقات الاجتماعية والثقافية والجنسية؟
لقد أجبت عن هذا السؤال.
} موضوع له حساسية ويتم التعامل معه كطابو لايتقبل الاقتراب منه،انه زنى المحارم, كيف يمكن ان نحول المرأة من صامتة وخاضعة لاستغلال اسري الى قوة تحمي نفسها ولوضد الأسرة والمجتمع اللذان يتواطآن معا لنهش لحمها لمجرد حماية صورة الأسرة؟
فعلا يشكل الاعتداء الجنسي على فتيات ونساء الأسرة مشكلة كبيرة غالبا ماتتم معالجتها داخل الأسرة أو العائلة على حساب الضحايا، لذلك فإصدار قانون لمناهضة العنف بمختلف أشكاله بما في ذلك العنف الجنسي هو الكفيل بضمان الحماية والوقاية وعدم الافلات من العقاب وهو مهمة مستعجلة.
} ظهرت في الآونة الأخيرة اصوات تنادي بالحريات الفردية, ودعت الى الإفطار العلني ورفض عقوبة الزنى مادامت بين بالغين وبالتراضي... هل يمكن القول إننا امام مطالب عفوية معزولة ام ان هناك تشكل لوعي يوصل الى القبول بحرية تكسير سيطرة الإيديولوجية والسلوك التقليديين المحافظين.
من الضروري فتح نقاش حول كل القضايا التي تؤرق الناس بهدوء وبدون أفكار مسبقة وبدون تكفير أو تطرف من أي جهة, وباحترام كل الخلفيات الفكرية والأيديولوجية التي ينطلق منها كل طرف.
} إن وعيا نقديا لكل أبعاد العلاقة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والجنسية بين المرأة والرجل هو أحد العناصر الجوهرية لتحقيق علاقة مساواة وعلاقات عادلة بين المرأة والرجل في مجتمع عادل؟هل تعتقدين أن الوصول الى المجتمع العادل سيكون على حساب مواجهة بين انصار الحرية الشاملة للمرأة وانصار الحرية على مقاس الاعتبارات المجتمعية والدينية؟
لا توجد حرية شاملة وحرية ناقصة أو جزئية، الحرية هي الحرية وهي الرغبة الجامحة للإنسان لكسر كل القيود و التحليق في عوالم لا متناهية لبلوغ الكمال الانساني, وهذه الرغبة الانسانية متأصلة في كينونتنا و تحتاج باستمرار لذوات فاعلة لإطلاقها وإعادة اطلاقها باستمرار, و في هذه السيرورة تواجهنا العديد من العوائق, وفي الوقت ذاته ندخل عوالم جديدة وفي هذه السيرورة أيضا يولد رجال أحرار ونساء حرات يصعب أن يقنعوا ويقنعن بقيم مجتمعات تقليدية هدفها تكبيل الإنسان في زمن توحدت فيه طموحات الإنسانية الحرة ,قد تحاول فيه الأصوليات المتعددة جاهدة وقف هذا الجموح لكنها ان أفلحت سيكون ذلك بصفة مؤقتة.
} ونحن في مجتمع تقول الاحصائيات ان النساء اكثر من الرجال وامام المهام التي اوكلها الدستور للأحزاب لتأطير المجتمع وتكوينه،كيف تفسرون الضعف الكبير للقطاع النسائي عند الأحزاب المغربية في مقابل قوته لدى الأحزاب والحركات الدينية؟
الإحصائيات الأخيرة لسنة 2011 تقول أن النساء في المغرب يشكلن % 50,8 من عدد السكان, و بالتالي فهي نسبة تفوق النصف بقليل, و هي نفس النسبة تقريبا التي كان يشكلها الرجال في إحصائيات 1982, اذن فهذا مؤشر متغير و لا يمكن ان نؤسس عليه شيئا ما .
كما لا يمكن الجزم بضعف القطاعات النسائية للأحزاب السياسية المغربية قياسا بالأحزاب و الحركات الأصولية ( و لا أقول الدينية لأن الدين للجميع) مثلا الحزب الذي انتمي له وهو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ينص قانونه الداخلي على ضرورة وجود حصة كحد ادنى,مفتوحة على المناصفة و أي جهاز لا يحترم هذه الحصة يكون غير شرعي, و إذا توفرت إمكانية تطبيق المناصفة الآن فسيكون الأمر محبذا.
من جهة ثانية لا يمكن القول ان الأحزاب الأصولية تنظم النساء تنظيما حزبيا سياسيا, بل إنها تعتمد مؤشر الكم و التعبئة على أساس إيديولوجية ذكورية تقليدية للتدليل على ان النساء راضيات بوضعهن و ان ما تطالب به الحركات النسائية هو مجرد موضة غريبة بعيدة عن مجتمعاتنا الإسلامية. لكن هذه المرحلة التي لا اعتقد انها ستكون قصيرة, خاصة و انها مخدومة و موجهة بامكانيات هائلة ضمنها الامكانيات الاعلامية, لكن الانسان هو الإنسان في عمقه و حاجياته يبحث عن خلاص لن يجده مع الزمن في هذه الشرنقة و هذا ما نلاحظه في مراكزنا التي تساعد النساء ضحايا العنف, حيث تأتي عندنا بنسب مهمة نساء حاملات لتفكير و سلوكيات هذه الاتجاهات الاصولية لكنهن في نفس الآن ضحاياها
} المشهد الاعلامي الوطني عرف تجارب إعلامية نسائية متخصصة لم تر النجاح مالم تكن محتضنة من مؤسسات دعائية كبيرة،هل الأمية في صفوف النساء وغياب ثقافة لدى الرجال ان يقتنوا لأنفسهم ولزواجاتهم جريدة اومجلة, هل هذاهو سبب ضعف نسبة القراءة عند النساء, ام ان الامر يتعلق بغياب مشروع اعلامي يستجيب لتطلعات النساء؟
المشهد الإعلامي بالمغرب و ضمنه النسائي تطور بشكل كبير سواء على مستوى المضمون او الشكل, فالمجلات النسائية رغم تعددها تعرف نجاحا كبيرا, اما الجرائد فلا زال المجال فارغا بعد توقف جريدة 8 مارس عن الصدور, و رغم محاولتنا اعادة اصدارها سنة 2005 لم نفلح لأن الأمر يتطلب مقاربة جديدة تراعي هذا التطور الحاصل في الإعلام المغربي، و لا اعتقد أن للأمية يد في الموضوع
} المحجبات بالتلفزة,هل هوتعبيرعن واقع مغربي يقبل بكل الاطياف ام رسالة من الحزب الحاكم لأسلمة المشهد الاعلامي الوطني؟
ليس وجود «المحجبات» بالتلفزة هو ما سيعمل على «أسلمة» المشهد الإعلامي الوطني، لقد دخل الاسلام للمغرب منذ 15 قرنا و عاشه الناس طوال هذه القرون بسلام و هدوء و تعايش مع مختلف انماط عيشهم و لباسهم.
اللباس مسألة شخصية و مسألة « موضة» واذا كان هناك من يريد ان يعطيها مضامين أكبر من هذا فهذا شأنه.
} الادب النسائي في المغرب يتسم بالضعف وقلة الاصدارات،حتى مؤتمراتحاد كتاب المغرب كانت فيه النزعة الرجولية طاغية،هل الظاهرةعامة ام نسائية فقط؟
لا يمكنني ان احكم على الأدب الذي تنتجه النساء بالضعف او القلة, لأنني لا املك المعطيات لذلك, اضافة الى ان هذا الحكم المسبق ذو حمولة ذكورية و الادب النسائي الذي أتيحت لي فرصة قراءته, سواء كان شعرا او رواية او قصة قصيرة , شدني بمثل و أحيانا اكثر مما شدني به الادب الرجالي, و في هذا الاطار لا مجال للمفاضلة , كما أنه لا يمكن قولبة الأدب في اطار مؤسساتي للحكم عليه.
} ثلاث اسماء للتعليق:
1 الوزيرة الوحيدة بالحكومة باسيمة الحقاوي
2 مغربية رئيسة للجنة الاولمبية نوال المتوكل
3 مغربية رئيسة الأممية الاشتراكية للنساء وفاء حجي
1- وزيرة وحيدة بالحكومة تعني ان الحكومة لا تحترم الدستور الذي ينص على المناصفة و المساواة
2- تحية لها و هنيئا لنا جميعا بهذا الانجاز الذي يؤكد ان المرأة المغربية لا تنتظر انها تقتحم
3- العزيزة وفاء حجي حققت بمثابرتها و عملها المتواصل نصرا دوليا للمرأة المغربية و الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و للمغرب و للعربيات و الافريقيات.
عن صحيفة «تامغارت»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.