«الآليات المؤسساتية والمناصفة» هو عنوان الندوة التي نظمتها لجنة المساواة والمناصفة المنبثقة عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع للاتحاد الاشتراكي للقوات أشركت فيها مجموعة من الخبراء والفاعلين في المجتمع المدني: في أفق بلورة تصور واضح يغني النقاش العام للمشروع المجتمعي والسياسي للحزب، ويلقي الضوء على البدائل الممكنة لحماية المكتسبات المتحققة «الآليات المؤسساتية والمناصفة» هو عنوان الندوة التي نظمتها لجنة المساواة والمناصفة المنبثقة عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع للاتحاد الاشتراكي للقوات أشركت فيها مجموعة من الخبراء والفاعلين في المجتمع المدني: في أفق بلورة تصور واضح يغني النقاش العام للمشروع المجتمعي والسياسي للحزب، ويلقي الضوء على البدائل الممكنة لحماية المكتسبات المتحققة، والتفعيل الديمقراطي للدستور في جانبه المتعلق بمكافحة التمييز وخلخلة أسس اللامساواة الفعلية الموجودة بين الرجال والنساء داخل منظومة المجتمع الثقافية، كما أشارت الى ذلك رئيسة لجنة المساواة والمناصفة ومسيرة الجلسة حنان رحاب التي قالت في مستهل مداخلتها: «نعتبر داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن قضايا الحقوق الانسانية للنساء والمساواة قضية وطنية ومشروع مجتمعي مشترك ما بين كل القوى المجتمعية يقطع مع ازدواجية الدولة في قراءة النصوص القانونية والدستورية المرتبطة بالمساواة بين الجنسية. قراءة قد تسقط في باب التأويل الديني والثقافي الذي يلغي كل اجتهاد ديني يدعم المساواة، وهي ذات القراءة المزدوجة التي تلغي سمو المواثيق وتنتصر إلى التأويلات التقليدانية لمبدأ المساواة. لهذا ارتأينا فتح سلسلة من حلقات النقاش نجمع فيها بين خبراء وفاعلين ومجتمع مدني وممثلين عن قوى سياسية، من أجل بلورة وثيقة مجتمعية تعنى بقضايا المساواة مع التأكيد على المقاربة الحقوقية في معالجة هذه القضايا، وتدعيمها بالمقاربة سوسيو ثقافية تنبني على اعتبار قضية المرأة قضية مجتمع وقضية قيم ثقافية مهيكلة للوعي والسلوك العام، تتطلب رؤية مشركة وموجهة لنضالات كل الفاعلين في المجتمع المدني والحقوقي والسياسي ضد كل المحاولات التي قد تنتصر للقراءات التقليدانية للحقوق الإنسانية للنساء والمساواة.. وضد كل من يعطي للمساواة والمناصفة بعدا عدديا فقط ويلغي قيمة الانسانية للمساواة. وحلقة نقاشنا الأولى اخترنا أن تكون حول « الآليات المؤسساتية للمساواة والمناصفة» وساهم في إغناء النقاش فعاليات نسائية مدنية وسياسية واعلامية الى جانب مناضلي ومناضلات الاتحاد الاشتراكي. وفي تدخله ركز أستاذ العلوم السياسية محمد الغالي من جامعة القاضي عياض بمراكش على المساواة في الحقوق والحريات بين النساء والرجال، متوقفا عند مداخل للفهم والتفسير بمستويات ثقافية وسياسية وقانونية. مشيرا الى التنوع العشوائي في خريطة المفاهيم المستعملة لمراقبة حقوق النساء في أجندة السياسات العمومية ، وأعطى مثالا لذلك بالمساواة والتكافؤ والإنصاف والعدالة والمناصفة والتكامل، مؤكدا على المفارقة بين الخطاب السياسي المستعمل، في علاقة الدولة بشركائها الدوليين والواقع المغاير لذلك، متسائلا عن الاطار الذي بإمكانه جعل المسألة النسائية في قلب أجندة السياسة العمومية، واضعا الحمولات المشتركة من أجل هذا الطرح، متوجا مداخلته المنهجية بالقول إن المناصفة تشكل وسيلة وليس هدفا في حد ذاته، مستحضرا في هذا النقاش الوثيقة الدستورية والمعالجة الآلية في أفق مجتمع عادل فيه المساواة بين الرجال والنساء. وتساءلت عائشة بلعربي هل هناك مشروع مجتمعي مشترك في ما يخص القضية النسائية، أم أن هناك مشاريع مجتمعية متناقضة؟ وتناولت المتدخلة الموضوع مستحضرة مفهوم الحداثة الذي اعتبرته جزءا لا يتجزأ، دون عزل الدين عن هذا المفهوم، لكنه دين من منطلق وجهة نظرها يتلاءم ومتطلبات العصر. وقالت بلعربي إن المناصفة هي وسيلة لكي نتوصل الى المساواة، مستحضرة في هذا المنحى ثلاثة خطابات الأول ينتجه دستور المغرب الذي ينص صراحة على المناصفة، والثاني متعلق بخطاب الشارع الذي يهيمن عليه الفكر الذكوري، في حين يتجه خطاب الحكومة الى طرح علامات استفهام كبرى يغلفها التعامل بالنوايا. وأضافت بلعربي أن كل اختلاف يؤدي الى التراتبية، مشيرة الى بعض آليات المناصفة التي هيمن عليها الذكور في عديد من المؤسسات ومنها المؤسسات الحزبية وأعطت خير مثال لذلك باللائحة الوطنية، مؤكدة أن المغرب يعيش اليوم في مفترق الطرق ولا يمكن إقرار المساواة إلا في إطار تجذر سياسي وفكري وثقافي، منوط بالوعي بأن تحرير المرأة يشكل خطرا على الفكر التقليداني وبالدمقرطة الداخلية للأحزاب ، على اعتبار أن وجود المرأة في المعترك مقرون بمعركة قانونية شاملة. وفي تدخله بدأ احمد عصيد المفكر الحداثي الأمازيغي والباحث بالمعهد الملكي للثقافة الامازيغية ، حديثه بالقول إنه مثقف علماني مستحضرا يوم دعته المحافظات الى ندوة دفعته الى توجيه السؤال لهن عن طبيعة حضوره باعتباره مختلفا جدا عن أطروحتهن في القضية النسائية، فقالت له إحداهن لقد مللنا سماع هؤلاء الفقهاء ، قولهم بأن الإسلام كرم المرأة ونحن اليوم نريد أن نعرف هل المرأة مكرمة بالفعل في الواقع». ونبه عصيد الى ضبابية المفاهيم في ما يتعلق بالعديد من المواضيع ومنها مسألة المساواة والمناصفة ، مرجعا ذلك الى السياق العام الذي تجتازه بلادنا وأن السلطة نفسها تقول بالتغيير في إطار الاستمرارية مما يدل على أن الاستمرار يحتوي السلبي والايجابي في ثنائية المناصفة والمساواة. وحول موضوع الندوة وارتباطه بالمؤسسات والآليات، قال عصيد إن بلادنا تعيش وضعا هشا وأن المشكل يكمن في عدم الثقة في المؤسسات. زد على ذلك أن هناك من يفقد المفاهيم معناها باستغلالها لصالح إيديولوجيته ، مما يترتب عنه ضياع المعنى والدلالة والحمولة لمفهوم الحرية والديمقراطية والمساواة والمواطنة، مركزا في هذا المنحى على التوجهات المحافظة التي ربطت بين المواطنة والعقيدة، معتبرا ذلك التفافا خطير حول المكتسبات الديمقراطية. وأضاف عصيد أن المناصفة هي رقمية في حين أن المساواة هي قيمية، معتبرا معركة المساواة لازالت مستمرة وأن الحديث عن المناصفة مبكر جدا في غياب ثقافة المساواة، مضيفا أن الثقافة الذكورية سائدة في الأذهان ولهذا يسهل حشد النساء المحافظات دون عناء في حين يصعب ذلك في عمل قرب الحداثيين ، مطالبا بضرورة إنجاح معركة المساواة لنصل الى المناصفة ومؤكدا أن هناك من يحول دون ذلك، والعوائق السياسية تتمثل في غياب المبادرة السياسية والتي ركزت فيها السلطة على كيفية دخول المتظاهرين الى بيوتهم وإفراغ الشارع، ناهيك عن وجود تناقض في الدستور رغم أهميته، حول مسألة المناصفة ، مما يؤشر على ازدواجية الدولة . لكن ترسانة الحداثة في الدستور أكبر من ترسانة التقليدانية. ويبقى المشكل الكبير هو المجتمع، باعتبار النخب اليوم هي في حالة شرود لأنه ليس هناك مشروع مجتمعي يجمعنا. والسلطة وجهت المسار لصالحها لأنها اعتبرت أن مصلحتها مع الجناح السلفي الذي برز . وقال عصيد لدينا شعارات حداثية هامة لكن نفتقد الاشتغال عليها ضمن مشروع اجتماعي متكامل. ومن جهتها ركزت أمينة بوعياش رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان سابقا والفاعلة الحقوقية في مداخلتها على الآليات المؤسساتية ، مشيرة الى الفصل 19 من الدستور وكيف تمت إعادة صياغته وماهي التعقيدات التي حصلت من داخل لجنة الصياغة، باعتبار المتدخلة عضوا في لجنة صياغة الدستور، مشيرة الى أن الفصل 19 جاء مغايرا للمتفق عليه داخل اللجنة . واليوم تقول بوعياش «تعاقدنا بكل اختلافاتنا الإيديولوجية والسياسية على وثيقة صوت عليها المغاربة» كما أن المبدأ واضح في ما يخص مقتضيات الدستور، مطالبة بإحداث هيأة للمناصفة وعدم التمييز والمطالبة كذلك بتفعيل الدستور من بوابة المؤسسات المسؤولة، مشيرة الى المطالبة بذلك من بوابة البرلمان لتتحمل السلطة التنفيذية ما هو على عاتقها . وأضافت بوعياش أن حتى مراجعة الدستور ممكنة في إطار الصلاحيات الممنوحة للملك ورئيس الحكومة ، وأن الفصل 6 يشير الى مرجعية مصادر القوانين التي هي قوانين وضعية ،كما يشير الى الاتفاق السياسي. وأن الفصل 19 يجمع بين القرار السياسي والقرار الاستراتيجي. بدورها قالت فوزية العسولي رئيسة فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق النساء إن الدستور ليس وليد الربيع العربي وأن هناك تراكمات ومكتسبات في المغرب . إلا أن الحراك سرع من وتيرتها، وفي قلب هذا الحراك كانت النساء المغربيات الديمقراطيات واعيات بالمسار والمطالب الحقوقية النسائية، مشيرة الى أن المغرب وقع على مجموعة من الاتفاقيات الهامة في هذا الشأن وأننا لسنا في جزيرة معزولة عن العالم الديمقراطي، رافضة أي إسقاط للفكر التقليداني على المجتمع المغربي، ومطالبة بمحاربة ذلك ضمن آليات مجتمعية فاعلة. وبدورها ركزت الأستاذة غزلان بنعاشير رئيسة جسور ملتقى النساء المغربيات على مضامين الدستور والبنود الخاصة بالمساواة، مؤكدة أن الحراك الاجتماعي لا يمكن أن يكون فاعلا إلا في إطار المساواة بين الرجل والمرأة، لافتة النظر الى أهمية هيأة المناصفة ورفع كل أشكال التمييز والمجلس الاستشاري للطفولة والأسرة وضرورة إعطائهم الدعم الاستراتيجي المادي والمعنوي من أجل القيام بالدور المنوط بهم في أفق تشكيل فضاء مجتمعي ديمقراطي لمواجهة التقليدانية. وتعزز النقاش بمداخلة الأخوات عضوات المكتب السياسي عائشة لخماس وزوبيدة بوعياد وفاطمة بلمودن اللواتي أثرت مداخلاتهن موضوع الآليات المؤسساتية للمساواة والمناصفة والذي كان محط نقاش مستفيض بين كل الحاضرين والحاضرات.