قالت بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، إن الكثيرين اعتبروا وجودها في الحكومة، ك"يتيمة"، وأضافت أن الأمر ربما يتعلق ب" فلتة" حصلت أثناء التفاوض بين الأحزاب. وأضافت أنها، وبحكم وجودها في الساحة النضالية النسائية، منذ سنوات، وكانت" دائما في الصف الأول"،حسب تعبيرها، تعرف أن الأحزاب تتوفر على كفاءات نسائية،جديرات بان يتحملن المسؤولية، لكن سيادة العقلية الذكورية لدى البعض تحول بينهن، وبين الوصول إلى مواقع القرار. واعتبرت الوزيرة، خلال استضافتها في حلقة ليلة أمس الثلاثاء من برنامج "قضايا وآراء" الذي تبثه القناة التلفزية الاولى٬ والتي خصصت لموضوع "المرأة المغربية ورهان تحقيق المناصفة"،أن الحديث عن موضوع المناصفة والمساواة أضحى في المغرب حديثا " للنخبة" التي تخلفت عن المجتمع وما تزال تنظر إلى المرأة من زاوية "ذكورية" تكرس تغييب النساء وهضم حقوقهن" خاصة حينما يتعلق الأمر بالممارسة السياسية وحقها في الولوج إلى مراكز القرار. وأضافت بما أن الرجال هم السباقون إلى الميدان السياسي، فإنهم يحسون أن وجود المرأة إلى جانبهم قد يشكل " نوعا من التنافس، ويضيق عليهم في دائرة السلطة". وانتقدت بسيمة بهذا الخصوص الأحزاب السياسية، باعتبارها مسؤولة عن تكريس هذا الوضع٬ وهو ما بدا جليا خلال تدبير المفاوضات حول تشكيل الحكومة٬ وقالت إن الهيئات السياسية ما تزال تتعاطى مع المرأة بمنطق "الريع السياسي" ما نتج عنه حضور باهت للنساء سواء داخل الهيئات القيادية للأحزاب أو على مستوى اتخاذ القرارات. مقابل ذلك، أشادت بسيمة بحزبها ( العدالة والتنمية)،مشيرة إلى أنه انتهج طريقة ديمقراطية، "وهو الأمر الذي يشفع لنا"، حسب تعبيرها،وقالت " لابد أن نسائل أنفسنا، وأن نسائل الأحزاب عن ألياتها المعتمدة من أجل تأهيل النساء،وإنتاج قيادات نسائية من جهة٬ وأيضا مساءلة الأطر الحزبية النسائية عن السماح بتغييبهن، و ممارسة الإقصاء في حقهن. ورفضت بسيمة الخوض في ملف الإجهاض الذي أثير حوله، حسب بعض المصادر الإعلامية ،جدل بينها وبين وزير الصحة، في أحد المجالس الحكومية، واعتبرت " الموضوع مفتعلا، ولا أريد للإعلام أن ينجر إليه،"حسب قولها بدعوى انه" ليست له راهنية، وينبغي أن ينكب عليه العلماء والأطباء وغيرهم." بيد أن بسيمة قالت إنه تدعو للاستفتاء حول الموضوع " لأنه شأن مجتمعي". وأعلنت أن وزارتها تنكب حاليا على إعداد خطة حكومية لإرساء المساواة وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص حتى تكون عملا ملزما لكل القطاعات الحكومية. وأوضحت أن إعداد هذه الخطة التي تتوخى تنزيل مقتضيات الدستور المتعلقة بتحقيق المناصفة وتكافؤ الفرص بين الجنسين سيكون على أساس ما تم إنجازه سابقا في مجال إرساء أسس المساواة وبتنسيق مع كافة القطاعات الحكومية. وتطرقت الوزيرة إلى وضعية المرأة القروية٬ التي تعاني على عدة مستويات٬ مشيرة إلى أنه سيتم اتخاذ جملة إجراءات لرفع الحيف عنها منها على الخصوص تحديد مقابل مادي للأعباء التي يتحملنها٬ مضيفة أن الحديث عن المساواة هو أمر ضروري إلا أنه ينبغي أن لا يختزل في الحديث عن الحقوق السياسية فقط بل المرأة في حاجة إلى كامل حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية لإنصافها وتمكينها من الانخراط في الدينامية المجتمعية. فيما أكدت باقي مداخلات المشاركين في هذه الحلقة أنه يتعين على الحكومة الحالية أن تعمل على تكريس المكتسبات التي راكمتها المرأة المغربية خلال السنوات الأخيرة، والتي توجها الدستور الجديد بالتنصيص على المساواة والمناصفة وتكافؤ الفرص وإحداث هيئات تسهر على تنزيل هذه المقتضيات. واعتبروا أن الوضع الحالي يؤشر على استمرار سيادة أنماط ثقافية ورواسب اجتماعية قائمة على توزيع تقليدي للأدوار بين الجنسين٬ ومواصلة التعاطي مع الشأن النسائي بمنطق " تأثيت" المشهد الديمقراطي في غياب اتخاذ تدابير ملزمة تمكن المرأة من الحصول على الحقوق التي خولها لها القانون. وشددوا على أن قضية المرأة ينبغي أن تصبح قضية وطنية تحظى بإجماع كل مكونات المجتمع مع ضرورة سن قوانين تنظيمية تخضع لمبدأ المناصفة وتكافؤ الفرص بين الرجال والنساء في جميع القطاعات وفي مختلف مستويات المسؤولية. وأبرزوا أن التمثيلية الحالية للنساء في المجالس المنتخبة لا ترقى إلى مستوى التطلعات، ولا بد من العمل على تعزيزها واستدراك ضعف تمثيليتهن في الحكومة من خلال ضمان حضور وازن لهن في المسؤوليات السامية٬ مضيفين أنه يتوجب الإسراع في إحداث الهيئات الخاصة بالمناصفة والمساواة التي نص عليها الدستور كالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة وصندوق التكافل العائلي والهيئة العليا للمناصفة ومناهضة جميع أشكال التمييز مع استحضار مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات الحكومية. ودعا محمد زين الدين، الباحث الجامعي، إلى دعم الحركة النسوية،" حتى تلعب دورها كقوة اقتراحية" بينما أكدت خديجة رباح، منسقة الحركة من اجل ديمقراطية المناصفة،إلى التنزيل السليم لمقتضيات الدستور الجديد حول المرأة " حتى يعرف مجراه الحقيقي." وأكد كل من الفاعل الجمعوي يوسف مؤدب، وثريا إقبال من حزب الأصالة والمعاصرة، وشرفات أفيلال من حزب التقدم والاشتراكية، كذلك ضرورة تفعيل القوانين المرتبطة بالنهوض بالنساء، وإلى "القطع مع الحيف" الذي تذهب المرأة ضحية له.