لا أريد مناقشة السيد عبد الباري عطوان في ما جاء في مقالته بجريدة القدس العربي التي حملت عنوان « أرجوك لا تهدد يا سيد عباس « التي خصصها للتعليق على تهديد الرئيس محمود عباس بحل السلطة الوطنية الفلسطينية في ظل استمرار الاستيطان الصهيوني، وفي ظل الأوضاع التي لن تقود إلا إلى دولة ذات حدود مؤقتة مليئة بالجدران والمعازل ، دولة بدون القدس وبدون عودة اللاجئين ، وبدون تحويل المستحقات المالية الفلسطينية للسلطة، وفي ظل عدم وجود عملية سياسية جادة . لا أريد مناقشته في هذه النقطة لأنني أعرف أنني إن ابتدأت بها فلن أتوصل معه إلى اتفاق أو تفاهم، لكونه يمتلك فرضيات مسبقة لا أريد البحث في من له مصلحة في ترويجها من باب « لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم «. أريد فقط أن أتوقف عند ثلاث نقاط أرى أنها تستحق ذلك، أولاها ما قاله بالحرف من أن السلطة الوطنية الفلسطينية «سلطة أقامتها انتفاضة شريفة سقط خلالها آلاف الشهداء . وأريد أن أذكّر السيد عطوان بأنني قرأت له عشرات المرات وصفه للسلطة بأنها « حكم ذاتي» وأنها « سلطة أوسلو «، وأنها سلطة عميلة أو في خدمة الكيان الصهيوني ، وقرأت له العديد من المقالات التي طالب فيها بوجوب حل هذه السلطة . فكيف أصبحت هذه السلطة بين عشية وضحاها نتاج دماء الشهداء؟. والثانية تتعلق بدعوته الرئيس محمود عباس للسير «على خطى الرئيس الشهيد ياسر عرفات «)، لأن هذه الجملة ذكّرتني بهجماته العنترية بداية القرن الحالي على الرئيس الشهيد مباشرة بعد أن أدرج اسم جريدة القدس العربي ضمن المؤسسات التي تضمّنها الملف المرفوع للنائب العام الفلسطيني للتحقيق في مخالفاتها المالية . كما ذكّرتني بمقالاته التي هاجم فيها الرئيس الشهيد تحت ستار نصرة رئيس الوزراء محمود عباس « المنزوع الصلاحيات من قبل الرئيس الشهيد « على حد قول السيد عطوان . والثالثة تلك الجملة التي وردت في آخر مقالته، عندما طالب الرئيس محمود عباس بالرحيل (قبل أن يطالبه الشعب بالرحيل مثل زعامات عربية أخرى). وهنا أتوجه إلى السيد عطوان مطالبا إيّاه بشيء من الوفاء لأولئك الزعماء الذين لم يبخلوا عليه يوما ما، فالمثل الفلسطيني يقول ( لا تبصق في الصحن الذي أكلت منه) ، ومازالت بين أيدينا أعداد جريدة القدس العربي التي كانت تعج بصور هؤلاء الزعماء وتصريحاتهم ومقابلاتهم إلى حدود أسابيع قليلة من انطلاق حناجر شعوب هؤلاء الزعماء صارخة في وجوههم «ارحل « . ولم تنشر جريدة القدس صراخهم إلا بعد أن بدأت شمس هؤلاء الزعماء بالأفول ، مع تأكيدي أنهم كان يجب أن يرحلوا قبل أن يتحكّموا . فيا سيد عبد الباري أودّ تذكيرك بالمثل القائل «من كان بيته من زجاج فلا يقذف الناس بالحجارة» والذي ورد على لسان أحد الفكاهيين بصيغة «من كان بيته من زجاج لا يبدّل ملابسه في الصالون « . وأذكّرك بمقولة المسيح عليه السلام « من كان منكم بلا خطيئة فليقذفها بحجر «. الرباط في 31/12/2012