راهن فريق الرجاء البيضاوي ، منذ سنوات، على التكوين العلمي، واختار أن يبادر إلى إحداث مركز تكوين عصري، وفق المعايير الدولية، وبتكلفة إجمالية ناهزت المليار سنتيم. فتح مركز التكوين التابع للرجاء البيضاوي أبوابه قبل عشر سنوات، وكان أول مركز تكوين بالمواصفات الحديثة يتم إحداثه بالمغرب، قبل أن يتلوه مركز التكوين التابع لفريق الجيش الملكي. وأنتج مجموعة من المواهب التي حملت القميص الأخضر ومنهم من التحق بالمنتخب الوطني المغربي. ويرصد الرجاء لهذا المركز سنويا ميزانية تناهز 400 مليون سنتيم، تخصص لتوفير كل المتطلبات اللازمة لثلاثين ممارسا يتواجدون به، ويشرف عليهم طاقم تقني وإداري مستقل عن الفريق الأول، ويعتمد على الوسائل الحديثة في عملية التكوين. ورغم كل هذه الإمكانيات التي يضعها الفريق رهن إشارة نزلاء مركز التكوين، فإن آفة «التهجير» طالت أبرز نجومه. ابتدأت الحكاية مع اللاعب الإيفواري عبد الرزاق تراوري، الذي التحق بالدوري النرويجي بشكل سري، وأعقبته أكبر عملية تهجير جماعي خلال السنوات الأخيرة، حيث اختفى عن الأنظار يومي السبت والأحد الماضيين سبعة لاعبين، انضافوا إلى اثنين من زملائهم، غادروا المركز سرا قبل شهرين في اتجاه دولة قطر، وتحديدا بفريق السد، بتغرير من بعض الوسطاء، الذين ظلوا يتربصون بمواهب الرجاء منذ مدة. ويؤكد فريق الرجاء أنه يتوفر على عقود تكوين موقعة مع اللاعبين وكذا مع أولياء أمورهم، لكنه يطالب بضرورة تحمل الجهات الوصية على القطاع الرياضي لمسؤوليتها، حيث أكد عبد السلام حنات، في تصريح سابق للجريدة، أنه بادر إلى الاتصال بكل من وزارة الشباب والرياضة والجامعة، وقام بوضع شكاية لدى وكيل الملك ضد مجهول، وينتظر تحريك مسطرة البحث والمتابعة من أجل كشف خيوط هذه المؤامرة التي تحاك ضد الرياضة الوطنية، مشيرا إلى أنه بعد ألعاب القوى وكرة القدم النسوية، جاء الدور على المواهب الشابة، الأمر الذي يضرب في العمق سياسة الدولة في القطاع الرياضي، التي تقوم بالأساس على التكوين والاهتمام بالمواهب الشابة، وترصد لها موارد مالية كبرى. وتساءل حنات، في ظل هذا الفراغ، عن الغاية من إحداث مراكز تكوين، التي كلف إنشاؤها مبالغ مالية ضخمة، وتصرف عليها الملايين سنويا، مادامت حقوق الأندية معرضة «للنهب» والقانون عاجز عن ضمان حقوق الفرق؟ الأكيد أن الملف أخذ وجهته القانونية، غير أن انتشار الوسطاء والسماسرة غير المعترف بهم، أو بتعبير أدق «الشناقة»، في أوساط كرة القدم الوطنية، يعد فيروسا ينبغي التصدي له، وتحصين واقع الممارسة بقوانين زجرية تضمن حقوق كل الأطراف، وتحفظ لكرة القدم الوطنية مستقبلها، الذي بات مهددا بالضياع أمام هذا الخطر القادم من الشرق. وعموما يبقى مركز التكوين التابع لفريق الرجاء البيضاوي نموذجا يحتذى به، ليس على الصعيد الوطني فحسب، بل حتى العربي والقاري، بالنظر لما يوفره من إمكانيات أمام المواهب الشابة. ويتطلع الرجاء، حسب مصادر مطلعة، إلى مواصلة العمل داخل هذا المركز، وإدخال مجموعة من التحسينات عليه، لجعله في مستوى المراكز الأوروبية، خاصة في ما يتعلق بالجوانب البيداغوجية والتقنية والإدارية.