قد يكون الرئيس الامريكي باراك اوباما امسك بزمام المبادرة بدفاعه النبيل عن العمل العسكري في ليبيا, ولكنه ترك اسئلة اكثر مما قدم اجابات بشأن « مذهبه» الاخذ في التبلور وعما يعنيه لازمات اخرى في الشرق الاوسط. وانطوى رد اوباما على منتقدي سياسته في ليبيا في كلمة بثت على شاشات التلفزيون مساء يوم الاثنين على محاولة لتوضيح منطقه بالتدخل العسكري في بعض الصراعات دون الاخرى. واستغل اوباما الكلمة ليرسم خطوط استراتيجية أوسع في الشرق الاوسط, يصيغها معاونوه منذ اسابيع لمحاولة التصدي لشكاوي من ان ادارته غير قادرة على ملاحقة الاضطرابات التي تجتاح العالم العربي. ولكنه لم يكن محددا ولم يأت حتى على ذكر اليمن وسوريا والبحرين احدث النقاط الساخنة حيث تهدد الانتفاضات الشعبية حكاما شموليين مما قد يؤثر الى حد كبير على السياسة الامريكية. وقال ستيفن جراند خبير شؤون الشرق الاوسط بمعهد بروكينجز في واشنطن مشيرا الى استراتيجية أوباما»العمل فيها لايزال جاريا. من الواضح ان اوباما يحاول اعداد توجه سليم يذكره له التاريخ.» واعلن اوباما أن ليبيا حالة «فريدة» لاستخدام محدود للقوة العسكرية الامريكية لتفادي ارتكاب انصار الزعيم الليبي معمر القذافي مذبحة وسعى لتحديد موقف وسط الى حد ما لسياسة أوسع في الشرق الاوسط. وكانت الرسالة ان الولاياتالمتحدة تدعم التطلعات الديمقراطية للمحتجين ولكنها لن تضطلع بعمل عسكري الا بالاتفاق مع حلفاء للحفاظ على المصالح الامريكية والقيم التي تعتز بها الولاياتالمتحدة أو ان تكون هناك حاجة انسانية ملحة. وسعى اوباما لتهدئة مواطنيه واضعا في الاعتبار انشغال الراي العام الامريكي بالمشاكل الاقتصادية المحلية والسأم من حروب في الدول الاسلامية واصر على ان الولاياتالمتحدة لن تكون الشرطى الذي يحمي حقوق الانسان في العالم. كما أن رفضه السماح للقوات الامريكية السعى «لتغيير النظام» في ليبيا ابرز ايضا ان مذهبه الجديد يلتزم بقيود صارمة. وقال بعض المحللين ان توجه اوباما الذي يتوخى فروقا دقيقة قد يبعث برسائل مزدوجة لمنطقة مضطربة بالفعل ووجهت انتقادات لكلمته من اليمين واليسار. ويقول محافظون ان اعتماد اوباما على التعددية يضعف قيادة امريكا للعالم. ورفض اوباما توجه التحرك المنفرد لسلفه جورج بوش الذي واجه ازدراء دوليا بسبب الغزو الامريكي للعراق عام2003 .وقالت سارة بيلين المرشحة الجمهورية لمنصب نائبة الرئيس في الانتخابات الامريكية التي فاز بها أوباما الديمقراطي ونائبه جو بايدن «لا يزال مذهب اوباما زاخرا بالارتباك والتساؤلات. لا يمكن ان تعني المصالح الامريكية مجرد اكتساب شرعية... لما بعد التدخل الامريكي, حيث ننتظر ان تقول لنا الجامعة العربية والامم المتحدة « الان.. امريكا يمكنك ان تمضي.. يمكنك ان تتحركي» .» بينما انتقد عضو الكونجرس الليبرالي دينيس كوسينيتش اوباما لتبريره قرار المشاركة في الغارات الجوية مستندا جزئيا على الاقل لتهديدات القذافي. وقال لقناة ام.اس.ان.بي.سي «تذكروا هذا مافعله جورج بوش. قال ان العراق يمتلك أسحلة دمار شامل. ينبغي ان نكون حذرين بشأن الانزلاق في هذه الحروب.» وتواجه سياسة اوباما الجديدة اختبارا جادا في اليمن وسوريا والبحرين وتمثل كل دولة تحديا مختلفا. والعامل المشترك بين هذه الدول ان الولاياتالمتحدة تراقب الاحداث عن كثب بينما تتحاشى الحديث عن اي تدخل عسكري على غرار ما حدث في ليبيا. واعتمدت واشنطن الى الان على حث الحكومة اليمنية -حليفتها في الحرب على القاعدة- على اجراء اصلاحات سياسية شاملة ولم تفعل شيئا وقبلت بالتدخل السعودي في البحرين للمساعدة في قمع تمرد شيعي ضد الحكم السني. ويبدو اي تحرك امريكي ازاء سوريا أقل احتمالا ,حيث شجب البيت الابيض الحملة التي شنتها الحكومة على المحتجين لكن في الوقت نفسه لم يتدخل بشكل مباشر في دولة علاقتها بواشنطن مضطربة أصلا.