دبي تطلق خدمة التوصيل بالطائرات بدون طيار الأولى من نوعها في الشرق الأوسط    كيفية تثبيت تطبيق الهاتف المحمول MelBet: سهولة التثبيت والعديد من الخيارات    والي بنك المغرب يعلن الانتهاء من إعداد مشروع قانون "العملات الرقمية"    "هيئة تحرير الشام" تخطط للمستقبل    8 قتلى في حادثتين بالحوز ومراكش    27 قتيلا و2502 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    فينيسيوس أفضل لاعب في العالم وأنشيلوتي أحسن مدرب    بنك المغرب يخفض سعر فائدته الرئيسي إلى 2,5 في المائة    قطاع الطيران... انطلاق أشغال بناء المصنع الجديد لتريلبورغ    جوائز "الأفضل" للفيفا.. البرازيلي فينيسيوس يتوج بلقب عام 2024    تشييع رسمي لجثمان شهيد الواجب بمسقط رأسه في أبي الجعد    المغرب والسعودية يوقعان بالرياض مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات التحول الرقمي الحكومي    القنيطرة.. افتتاح معرض لإشاعة ثقافة التهادي بمنتوجات الصناعة التقليدية    صحيفة 'لوفيغارو': المغرب يتموقع كوجهة رئيسية للسياحة العالمية    إحصاء 2024: الدارجة تستعمل أكثر من الريفية في الناظور    الرباط.. انعقاد اجتماع لجنة تتبع مصيدة الأخطبوط    العام الثقافي 'قطر-المغرب 2024': الأميرة للا حسناء وسعادة الشيخة سارة تترأسان بالدوحة عرضا لفن التبوريدة        مجلس الشيوخ الشيلي يدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية (سيناتور شيلي)    المغرب "شريك أساسي وموثوق" للاتحاد الأوروبي (مفوضة أوروبية)    كلمة الأستاذ إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خلال اجتماع اللجنة الإفريقية للأممية الاشتراكية    رسمياً.. المغرب يصوت لأول مرة بالأمم المتحدة على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام    فيفا ينظم بيع تذاكر كأس العالم للأندية‬    بنعلي: رفع القدرة التخزينية للمواد البترولية ب 1,8 مليون متر مكعب في أفق 2030    لماذا لا تريد موريتانيا تصفية نزاع الصحراء المفتعل؟    84% من المغاربة يتوفرون على هاتف شخصي و70 % يستعملون الأنترنيت في الحواضر حسب الإحصاء العام    ردود فعل غاضبة من نشطاء الحركة الأمازيغية تُشكك في نتائج بنموسى حول نسبة الناطقين بالأمازيغية    الأميرة للا حسناء تترأس عرض التبوريدة    النظام الأساسي لموظفي إدارة السجون على طاولة مجلس الحكومة    دفاع الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال يؤكد أن وضعه الصحي في خطر    تحقيق قضائي لتحديد دوافع انتحار ضابط شرطة في الدار البيضاء    ارتفاع معدل البطالة بالمغرب إلى 21% مع تسجيل ضعف في نسبة مشاركة النساء بسوق الشغل    مراكش.. توقيع اتفاقية لإحداث مكتب للاتحاد الدولي لكرة القدم في إفريقيا بالمغرب    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    حاتم عمور يطلب من جمهوره عدم التصويت له في "عراق أواردز"        ضابط شرطة يضع حدّاً لحياته داخل منزله بالبيضاء..والأمن يفتح تحقيقاً    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    سرطان المرارة .. مرض نادر يُشخّص في المراحل المتقدمة    كيوسك الثلاثاء | حملة توظيف جديدة للعاملات المغربيات بقطاع الفواكه الحمراء بإسبانيا    زلزال عنيف يضرب أرخبيل فانواتو بالمحيط الهادي    شوارع المغرب في 2024.. لا صوت يعلو الدعم لغزة    الصين تعارض زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية    ماكرون سيعلن الحداد الوطني بعد إعصار شيدو المدمر في أرخبيل مايوت    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    أفضل لاعب بإفريقيا يحزن المغاربة    لماذا لا يستطيع التابع أن يتحرر؟    عن العُرس الرّيفي والتطريّة والفارس المغوار    علماء يكتشفون فصيلة "خارقة" من البشر لا يحتاجون للنوم لساعات طويلة    بريطاني أدمن "المراهنات الرياضية" بسبب تناول دواء    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التخبط الأمريكي وتغير المحيط الأمني
متاهات المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية
نشر في العلم يوم 18 - 10 - 2010

تتخبط إدارة الرئيس الأمريكي أوباما في محاولاتها لمتابعة تحريك مسار مسلسل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المباشرة التي نجحت في استئنافها في شهر سبتمبر 2010 بعد توقف دام 20 شهرا. ويشير مقربون من مراكز اتخاذ القرار في العاصمة الأمريكية أن رئيس البيت الأبيض أما عاجز أو غير راغب في تحريك ورقة ضغط حقيقية على إسرائيل للحفاظ على عملية التفاوض التي وعدت واشنطن الرسمية أن تسفر خلال عام عن تسوية تقود إلى تحقيق حل الدولتين، وأنه وطاقمه يتعلقان بمخارج غير عملية.
وقد تحدثت صحيفة «بوليتيكو» يوم 11 أكتوبر عن امتعاض الإدارة الأمريكية، وقالت تعكس أجواء واشنطن والأوساط المعنية بملف عملية السلام فيها، استياء في صفوف أركان الإدارة من المأزق الذي وصلت إليه المفاوضات وتذمر مباشر من الرئيس باراك أوباما من «ألاعيب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو» التي وضعت عملية السلام اليوم في حالة جمود وأضعفت إلى حد كبير موقع المبعوث جورج ميتشل، في وقت نقلت الصحيفة استعداد مساعدته مارا رودمان المعروف أنها ليست على علاقة جيدة مع الجانب الإسرائيلي للخروج من الفريق التفاوضي.
وتشير أوساط مطلعة إلى أن أوباما نفسه غاضب من الأسلوب و»الالاعيب التي يمارسها نتنياهو، وبينها أخيرا رفضه الضمانات التي اقترح الجانب الأمريكي إعطاءها لإسرائيل، وبينها تعزيزات دفاعية والقبول بنشر قوات إسرائيلية في غور الأردن بعد السلام. وزيادة على رفض نتنياهو لها فقد طالب، بحسب التسريبات الإسرائيلية، باعتراف أوباما برسالة الضمانات التي قدمها سلفه جورج بوش إلى رئيس الحكومة السابق آرييل شارون وتعهده ضم الكتل الاستيطانية الكبرى إلى إسرائيل في أي اتفاق سلام، والمطالبة بإطلاق الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد.
وتتناقض مطالب نتنياهو في جوهرها مع خطاب إدارة أوباما التي رفضت الاعتراف أكثر من مرة برسالة بوش ونقلت هذا الموقف علانية وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لنظيرها أفيغدور ليبرمان في يونيو عام 2009. كما تصر إدارة أوباما على أن أي تبادل للأراضي يجب أن يتفق عليه «بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني»، وبالتالي ترفض معطيات رسالة بوش. أما لجهة إطلاق بولارد، فالخطوة طرحت خلال ولاية الرئيس السابق بيل كلينتون من جانب نتنياهو حين كان رئيسا للحكومة (1996-1999) ورفضها الرئيس الأمريكي بعد اعتراض مباشر من وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. إي). ولم يلق ترويج الفكرة ترحيبا في أوساط الإدارة التي نفت القبول بها على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي.
الجمود
في ظل غياب أي اختراق منظور، تدخل عملية السلام في حال «جمود» بانتظار أن يعلن نتنياهو عن تنازل في موضوع الاستيطان أو يحدث تطور غير منتظر. ورجحت مصادر أن يساعد قانون الجنسية الإسرائيلي الذي يشترط الولاء «لدولة يهودية ديموقراطية»، في كسب موافقة ليبرمان على التجميد الاستيطاني الموقت. وساهمت الأزمة في اضعاف موقع ميتشل، اضافة الى ان روس كان الوسيط الأكثر اعتمادا من الجانب الإسرائيلي، وفي ضوء وجود تشنج بين فريق الجانبين (ميتشل وروس).
وتقول صحيفة «بوليتيكو» أن شلل المفاوضات سيستمر إلى مطلع سنة 2011 على الأرجح لأنه بالنسبة الى أوباما، فإن الأسابيع الثلاثة المقبلة ستتركز على الشأن الداخلي والحملات الانتخابية قبل موعد التصويت في الانتخابات النصفية للكونغرس في 2 نوفمبر. وستكون انتخابات الكونغرس أحد عوامل إعادة تقويم عملية السلام ودور أوباما فيها، إذ أن خسارة مدوية للديموقراطيين في المجلسين، ستقوي موقع نتنياهو في الكونغرس، وستترك أوباما أمام وضع داخلي كثير التعقيد قبل الانتخابات الرئاسية عام 2012.
ويسجل الملاحظون أنه رغم ما يشاع عن استياء إدارة أوباما من مناورات حكومة نتنياهو فإنها تواصل تلبية كل مطالب تل أبيب دون مساومة تذكر، فيوم الجمعة 8 أكتوبر 2010 وفي وسط أزمة تجمد المفاوضات أعلن المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية إيهود شاني أن حكومته وقعت على اتفاق مع الولايات المتحدة لشراء 20 طائرة مقاتلة مقنبلة شبح «إف 35» من إنتاج شركة «لوكهيد مارتين كورب» تسلم إلى إسرائيل خلال الفترة من 2015 حتى 2017 وبقيمة 2750 مليون دولار.
وبشراء هذه الطائرات المعروفة ب»جوينت سترايك فايترز» ستملك اسرائيل المقاتلات الأكثر تطورا من مقاتلات سائر دول المنطقة، وذلك بعد صفقة تسليح ضخمة عقدتها الولايات المتحدة مع السعودية. ويبلغ سعر طائرة «اف 35» حوالى مئة مليون دولار.
ووصف سفير اسرائيل في الولايات المتحدة مايكل اورن العقد بأنه: «حدث مهم بمدلوله الاستراتيجي والتاريخي». وصدر هذا الإعلان بعد شهر على كشف واشنطن عن صفقة تسليح بقيمة 60 مليار دولار لإمداد السعودية بأسلحة ومعدات عسكرية بينها 84 مقاتلة من طراز إف 15 هي نسخة اقل تطورا من الاف 35 التي ما زالت قيد التطوير.
مزايا التدخل ومخاطره
في الوقت الذي تتجمد فيه نسبيا قدرة أوباما على التحرك تجاه أزمة وقف المفاوضات في انتظار ما ستسفر عنه الانتخابات في نوفمبر يحتد الجدل في الأوساط السياسية الأمريكية حول مزايا التدخل ومخاطره.
الصحافي الأمريكي مارك لاندر كتب مقالا في صحيفة «نيويورك تايمز» يوم الأربعاء 6 أكتوبر جاء فيه: «عندما أعاد الرئيس باراك اوباما افتتاح المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين شهر سبتمبر تعهد بأن تدعم إدارته جهودهم لكنه حذر بأن «الولايات المتحدة لا تستطيع فرض اتفاق عليهم، ولا يمكن لها أن تكون أكثر رغبة في هذا الاتفاق من الطرفين».
ومع جمود المفاوضات، فإن عددا من محترفي صنع السلام في الشرق الأوسط قالوا إن تحذير الرئيس اوباما تحول إلى حقيقة بعد أسابيع قليلة فقط من موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس على الجلوس للتفاوض.
ولم تدعم إدارة اوباما جهودهما فحسب، وفقا لما ذكره هؤلاء، فهي كذلك قدمت تنازلات لكل طرف، في محاولة لإبقاء نتنياهو وعباس حول الطاولة. وكان سخاء العروض الأمريكية، وتردد الإسرائيليين أو الفلسطينيين في قبولها، أمرا لافتا للنظر. وقد تجددت المناورة لاحقا.
فقد اجتمع كبار أعضاء المجلس الوزاري الإسرائيلي يوم الثلاثاء 5 أكتوبر في القدس، ولم يقبلوا حتى رزمة من الضمانات الأمنية التي عرضتها عليهم الولايات المتحدة مقابل تجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية لمدة 60 يوما. والتي تضمنت معدات عسكرية، ودعما لوجود إسرائيلي طويل الأمد في غور الأردن، ومساعدات لفرض حظر على تهريب الأسلحة عبر دولة فلسطينية، ووعد بنقض أي قرارات في مجلس الأمن الدولي تنتقد إسرائيل خلال المحادثات، وتعهدا بصياغة اتفاق أمن إقليمي لمنطقة الشرق الأوسط.
وقال دانييل كيرتزر، الذي شغل ايضا منصب سفير الولايات المتحدة في اسرائيل وكان مفاوضا في عهد كلينتون: «إنها رزمة استثنائية مقابل لا شيء على الإطلاق. وعند النظر إلى ما حدث، فمن الذي يعتقد أن تمديدا لفترة شهرين يساوي العرض؟».
وفي غضون ذلك رفض الفلسطينيون اقتراحا من الإدارة الأمريكية بمواصلة التفاوض من دون تمديد للتجميد الاستيطاني مقابل دعم أمريكي لموقفهم بشأن حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية. ويصر الفلسطينيون على أن المفاوضات في حكم الميتة من دون هذا التمديد.
طريق مسدود
بعد أن رفض نتنياهو في البداية العرض الأمريكي، يبدو الآن ميالا لقبوله، بحسب عدد من المسئولين. وقال هؤلاء إنه كان بحاجة لوقت إضافي لتجميع الأصوات اللازمة في مجلسه الوزاري الذي يعارض كثير من أعضائه بشكل ثابت أي تمديد لتجميد الاستيطان.
ولكن حتى إذا وقع على الرزمة، فإن عددا من المحللين يتكهنون أن الجانبين سينتهي بهما الأمر إلى نفس الطريق المسدود الحالي خلال شهرين. وقد أخبر الرئيس عباس، وفقا لمصادر عدة، المقربين منه أنه يشعر بأن لا خيار لديه سوى مواصلة الضغط من أجل التجميد، ويعود السبب إلى حد كبير إلى كون الرئيس اوباما قد جعل المستوطنات النقطة المركزية خلال الشهور العشرة الأولى من مسيرة دبلوماسيته الشرق أوسطية.
وفي الوقت الحاضر على الأقل تعززت هذه الحتمية أكثر بعد العرض الأمريكي بدعم دولة فلسطينية في الحدود التي سبقت حرب العام 1967، وهو أمر ضغط الفلسطينيون طويلا للحصول عليه. ويقول بعض الفلسطينيين أن هذا الدعم الأمريكي ليس له قيمة تذكر إذا رفض الإسرائيليون الاعتراف به.
وذكر روبرت مالي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في منظمة الأزمات الدولية: «الخطيئة الأصلية كانت التشديد القوي على المستوطنات، وهي قضية لم نستطع حلها. أمضينا العام الماضي ونحن نحاول إصلاح الضرر الناتج عن هذه الخطوة».
ويحتج عدد من المحللين بأن الولايات المتحدة ما تزال تمتلك ورقة أساسية رابحة. فليس هناك طرف يريد إغضاب واشنطن، الإسرائيليون، لأنهم بحاجة لمساعدة أمريكية في الدفاع عن أنفسهم، والفلسطينيون، بسبب رغبتهم في دعم موقفهم من قضية الأراضي. والحقيقة هي أن الضغط على الإدارة قد يكون، بالنسبة الى الجانبين، أولوية أهم من العودة إلى طاولة المساومات.
وذكر ديفيد ماكوفسكي، المحلل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: «هناك رغبة لدى الجانبين لمغازلة الطرف غير الموجود في الغرفة. كلاهما يريد الحصول على دعم الولايات المتحدة».
ويقول عدد قليل من المحللين ان اوباما يستطيع التوسط في اتفاق سلام من دون مقايضات كبيرة بخصوص قضايا من هذا القبيل. ويعتقد معظمهم أنه سيكون عليه في نهاية الأمر أن يعرض مسودته الخاصة بالتسوية. والسؤال الذي يطرحه البعض هو ما إذا كان يخاطر بالكثير بأسرع مما يجب، مقابل القليل جدا.
وذكر مارتن انديك، وهو سفير أمريكي سابق في إسرائيل ومفاوض في عهد إدارة كلينتون: «لم أتخيل ابدا أننا سنفعل أي شيء آخر. ولكن علينا في هذه العملية أن نكون حذرين من دفع أرصدة إستراتيجية لقاء فسحة تنفس تكتيكية فقط».
الإبتزاز
إذا كان أوباما عاجزا أو غير راغب في الضغط على الكيان الصهيوني فإن الطرف الآخر لا يرى أي غضاضة في ممارسة الإبتزاز.
فللمرة الأولى، على الأقل في المعارك الانتخابية العشرين الأخيرة، يبدو التحالف بين اليهود والحزب الديموقراطي في الولايات المتحدة على وشك الانهيار. وتشير وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أزمة لم يسبق لها مثيل بين الرئيس أوباما والجالية اليهودية، حيث تتراجع بشدة نسب التأييد التي يحظى بها أوباما في أوساط اليهود، في الوقت الذي شرع فيه عدد من قادة منظماتهم بالخروج علنا ضده.
وأشارت صحيفة «معاريف» إلى أنه بعد عام ونصف العام فقط من دخوله البيت الأبيض، وقبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات النصفية، تصل الأزمة بين أوباما والجالية اليهودية إلى ذروتها. فالاقتصاد الأمريكي يراوح مكانه، ومحاولة التضييق على المؤسسات المالية في «وول ستريت» مستمرة، وفي الأساس التوتر العلني مع إسرائيل يتواصل، وكل ذلك قد يجبي ثمنا ليس من أوباما فحسب، بل أيضا من عدد غير قليل من المرشحين الديموقراطيين للانتخابات المقبلة. وقد اعترف محرر «نيو ريببلك» اليهودي مارتين بيرتس ب «أنني أعرف الكثير من اليهود ممن يشعرون بالندم لانتخابهم أوباما».
ويعتبر توجه الكثير من اليهود الأمريكيين نحو اليمين ميلا غير طبيعي. فطوال المعارك الانتخابية في العشرين سنة الأخيرة، صوت حوالى ثلاثة أرباع اليهود للمرشح الديموقراطي للرئاسة، فيما نجح أوباما، الذي كانت له علاقات إشكالية مع العديد من اليساريين، في أن ينال ما لا يقل عن 78 في المئة من أصوات اليهود. ولكنه حاليا يقف مع حزبه الديموقراطي، وفي الأساس بسبب سياسته، أمام خطر حقيقي بتدمير ما كان يوصف بالتحالف التاريخي مع الجالية اليهودية».
ويشعر أوباما بأزمة الثقة بينه وبين اليهود. وقد حاول مرة تلو مرة أن يهدئ مخاوف أعضاء الكونغرس اليهود، وأجرى محادثات مع زعماء المنظمات اليهودية، وكرر مواقفه حول التزامه غير المتردد بأمن إسرائيل. غير أن وسائل الإعلام التي يسيطر عليها أنصار إسرائيل من اليهود أوحت أن أفعاله خلاف ذلك. وليس فقط في الأزمة الأخيرة تجاه تجميد البناء الاستيطاني واستئناف محادثات السلام، وإنما أيضا في ما يعتبره البعض محاولة دؤوبة لتقزيم مكانة إسرائيل كحليف مفضل لدى الولايات المتحدة.
ويحتج رئيس الرابطة ضد التشهير إيف فوكسمان على أن «كل مستشاري الرئيس في شؤون الشرق الأوسط يؤمنون بأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني هو مصدر كل المشاكل في الشرق الأوسط. وهم يقولون له: عليك أن تثبت للعالم الإسلامي أنك تختلف عن الرؤساء السابقين وأنك خلافا لهم يمكنك أن تفصل نفسك عن إسرائيل والمستوطنات».
غير أن من يعبر أكثر من غيره عن مزاج اليهود الأمريكيين هو الحائز على جائزة نوبل، الروائي إيلي فيزل، الذي نشر في مايو 2010 إعلانا كبيرا في الصحف الأمريكية احتج فيه على محاولة إدارة واشنطن الاعتراض على «حق» إسرائيل في القدس. وقال فيزل إن «معظم المشاكل بين الولايات المتحدة وإسرائيل بقيت على حالها ولكن تبادل الاتهامات هو الذي اختفى».
ويذكر أنه خلال مؤتمر أنابوليس، خريف 2007، أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينها أولمرت على ضرورة اعتراف الجانب الفلسطيني ب»يهودية إسرائيل»، مقابل الخوض في مفاوضات الحل الدائم. ولم تعترف السلطة ب»يهودية إسرائيل» وبالتالي جرى تأجيل إنجاز الاتفاق حول قضايا الوضع الدائم، بما فيها تحديد طبيعة الدولة الفلسطينية ومستقبلها.
الخارطة وتناقض في المواقف
وفي الوقت الذي يسود فيه الإحباط البيت الأبيض بسبب إجهاض مسلسل المفاوضات بعد أسابيع محدودة من بدئها يسجل إضطراب وتناقض في المواقف الأمريكية فاليوم تقدم إدارة اوباما اقتراحا وبعد ساعات قليلة تتنكر له أو تقدم ما يناقضه.
يوم الثلاثاء 12 أكتوبر شجعت الولايات المتحدة الفلسطينيين على التقدم باقتراح مضاد لاقتراح تقدم به الاثنين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويقضي بتمديد تجميد الاستيطان مقابل الاعتراف بإسرائيل «دولة للشعب اليهودي».
وصرح المتحدث باسم الخارجية الامريكية فيليب كراولي «من المهم ان يواصل الجانبان البحث في الشروط التي تتيح استمرار المفاوضات المباشرة». وأضاف أنه إذا كان نتنياهو «تحدث عن أفكاره لجهة ما هو مستعد للقيام به للمساهمة في عملية السلام، وما يحتاج إليه شعبه للخروج بنتيجة من هذه العملية، فإننا نأمل أن يحذو الفلسطينيون حذوه».
بعد 24 ساعة طلب الفلسطينيون يوم الاربعاء 13 أكتوبر من واشنطن وتل أبيب تزويدهم بخريطة للدولة اليهودية. وصرح ياسر عبد ربه أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية لوكالة فرانس برس «إننا نطلب رسميا وعلنا من الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية أن تقدما لنا خارطة لحدود دولة إسرائيل التي يريدون منا الاعتراف بها»، مؤكدا أنه «كلف رسميا» من القيادة الفلسطينية التقدم بهذا الطلب»، ومضيفا «نريد أن نعرف هل هذه الدولة تضم اراضينا وبيوتنا في الضفة الغربية والقدس الشرقية أم أنها خارطة على حدود الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967». وتابع «إذا كانت هذه الخارطة على أساس حدود 1967 مع ضمان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 فسوف نعترف بإسرائيل كما تسمي نفسها وفق القانون الدولي».
وقد رحبت الولايات المتحدة بالاقتراح الفلسطيني المضاد معتبرة أنه «نوع الحوار» القادر على تسوية الخلاف حول الاستيطان اليهودي. وقال المتحدث باسم الخارجية «انه بالتحديد نوع الحوار الذي يحتاج اليه الإسرائيليون والفلسطينيون لتبادل الأفكار حول كيفية تحقيق تقدم في العملية للوصول إلى نتيجة ناجحة». ولكنه أضاف «لكن هذا الأمر يذكرنا أيضا بحدود المقترحات والمقترحات المضادة التي تقدم عن بعد بواسطة الإعلام عوض الجلوس وجها لوجه في حورا مباشر».
من جانبها رفضت حكومة تل أبيب تقديم خارطة واضحة لحدودها، وقال ممثل رئيس الوزراء سيلفان شالوم للإذاعة الإسرائيلية إن «الانسحاب الى خطوط العام 1967 غير مقبول»، مضيفا «يوجد في إسرائيل إجماع واسع حول هذا الأمر».
الاحتلال بدأ في عام 1948
في حين صرح نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي موشيه يعالون يوم الثلاثاء 12 أكتوبر لاذاعة الجيش الاسرائيلي ان رفض الفلسطينيين الاعتراف باسرائيل باعتبار انها دولة يهودية يدل على انهم ليسوا جادين بشأن حل الدولتين. وقال يعالون الذي يتولى منصب وزير الشؤون الإستراتيجية أيضا انه «لا يرى اي فرصة للتوصل الى صفقة سلام مع الفلسطينيين في وقت قريب».
ومضى يقول ان «الاحتلال بدأ في نظر الفلسطينيين في العام 1948 وليس في العام 1967، وان هذا الشعور لا يقتصر على «حماس» فحسب بل إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يرى ذلك أيضا».
واضاف «هذا الرفض بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية دليل على انه ليست لديهم نية في وجود إسرائيل بجانب دولتهم».
وقال يعالون لا يوجد اي وزير اسرائيلي في المنتدى السباعي للحكومة الاسرائيلية الذي يقرر سياسة الحكومة الاسرائيلية يؤمن بامكانية تحقيق السلام مع الفلسطينيين في الاعوام القادمة.
أمام هذا التحايل والمناورات الأمريكية الإسرائيلية الساعية إلى الحصول على تنازلات فلسطينية ثم اعتبارها غير كافية، نفى نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني (فتح) عضو الوفد الفلسطيني المفاوض أن تكون القيادة الفلسطينية تقدمت رسميا بطلب لتقديم خارطة بحدود إسرائيل في اقتراح مضاد لاقتراح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمديد تجميد الاستيطان مقابل الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي.
وقال شعث في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الصينية (شينخوا) أن تصريحات عبد ربه ليس رسمية على الإطلاق وتأتي في إطار السخرية، موضحا أن الجانب الفلسطيني كان ولا زال دوما يطالب إسرائيل بالاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية ضمن الأراضي التي احتلت عام 1967 وهو حق مشروع وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
واعتبر شعث، أن ما أدلى به عبد ربه «مجرد سخرية من طلب نتنياهو الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل مقابل تجميد الاستيطان» قائلا إن الجانب الفلسطيني ليس على استعداد لدفع ثمن يهودية دولة إسرائيل».
وأضاف، أن ما قاله عبد ربه «لا يمثل منظمة التحرير ولا حركة فتح ولا الرئيس الفلسطيني محمود عباس»، مشيرا إلى أن الموقف الفلسطيني لم يتغير بأنه اعترف بحق إسرائيل في الوجود ولم يعترف بها ولا بغيرها حسب الديانة.
واعتبر أن ما طلبه نتنياهو غير مطابق ولا متوافق مع قرارات الأمم المتحدة بل هو شرط مسبق تضعه إسرائيل لتخريب عملية السلام أكثر وأكثر».
وقال شعث متهكما، «إننا ايضا لن نطلب من إسرائيل الاعتراف بدولة إسلامية في فلسطين إطلاقا»، لكنه أعرب عن خشيته بأن يكون حديث نتنياهو عن دولة يهودية هو لاستباق وإحباط لحق اللاجئين بالعودة أو حق الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين بالعيش داخل إسرائيل».
تحرك أوروبي
وسط هذه المتاهات من المواقف تتحرك أوروبا بتردد محبط وبدون روح مبادرة مستقلة، فيوم 10 أكتوبر وعلى الأرجح بإيحاء وتشجيع من الرئيس أوباما، أكد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أن الجهود متواصلة للتوصل إلى تسوية بشأن الخلاف القائم حول موضوع الاستيطان الذي يعيق استمرار المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين وأن الأمر قد يستغرق «وقتا أطول مما نعتقد».
وقال كوشنير بعدما أجرى محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين برفقة نظيره الاسباني ميغيل انخيل موراتينوس «أن باريس لا تستبعد إحالة موضوع قيام الدولة الفلسطينية على مجلس الأمن إذا ظلت المفاوضات «معلقة لزمن طويل». وأضاف: «لا يمكننا أن نستبعد مبدئيا خيار الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي للاعتراف بدولة فلسطين» إذا ظلت المفاوضات في طريق مسدود.
وأضاف: «لا يمكننا أن نستبعد خيار مجلس الأمن ولكن يجب أن يكون هذا الخيار بمثابة ملجأ أخير إذا ما بقيت العملية السلمية معلقة لزمن طويل وهو شيء لا يرجوه احد».
وذكر الوزير الفرنسي: «نرجو أن يكون باستطاعتنا أن نستقبل قريبا دولة فلسطين في الأمم المتحدة، هذا هو أمل ورغبة المجتمع الدولي، ومن المفضل ان يكون ذلك في اقرب وقت ممكن». وتابع أن إقامة الدولة الفلسطينية يجب أن يأتي نتيجة مسار سلمي وأن يكون ثمرة مفاوضات ثنائية. وأوضح أنه «لن يكون بمقدور المجتمع الدولي أن يكتفي بأن تبقى العملية في حالة مأزق لفترة طويلة. لذلك، أعتقد أنه لا يمكننا أن نستبعد مبدئيا خيار مجلس الأمن».
وتابع: «الأولوية اليوم، بالنسبة للاتحاد الأوروبي هي مواصلة المفاوضات في سبيل إيجاد تسوية لمجمل قضايا الوضع النهائي». هذا هو موقف أوروبا والدول ال27» من ضرورة قيام دولة فلسطينية في اقرب وقت.
وجاء موقف باريس تأييدا لما أعلنت عنه الجامعة العربية من دعم الموقف الفلسطيني وإعطائها مهلة شهر إضافي للولايات المتحدة لمحاولة إيجاد حل للمسالة، وإلا لجأت إلى عدة خيارات من بينها اللجوء إلى مجلس الأمن لإعلان الدولة الفلسطينية.
فرنسا حرصت كذلك على إبراز ضرورة عدم الاقتصار في التركيز على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، حيث قال كوشنير «نرغب العمل بتعاون قريب مع جميع الأطراف المعنية وأولها الولايات المتحدة وتركيا وهي التي حاولت في عام 2008 تحقيق شروط استئناف المفاوضات المباشرة على المسار السوري الإسرائيلي». وأضاف «فرنسا متمسكة بعمق بسلام شامل في المنطقة ونأمل التعامل مع المسار السوري بنفس العزم الذي نتعامل به مع المسار الفلسطيني لعملية السلام، وذلك لاننا واثقون بان هذين المسارين مكملان لبعضهما البعض».
نتنياهو يفتعل أزمة
نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية يوم الثلاثاء 12 أكتوبر مقالا للكاتب عكيفا الدار أكد فيه أن نتنياهو افتعل ازمة يهودية الدولة ليخرب المفاوضات ويوقع عباس في مصيدة.
فحين طلب من عباس الاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، فهو يقدم المساعدة في الانتحار السياسي للزعيم الفلسطيني.
حيث يعرف نتنياهو جيدا أن أي زعيم فلسطيني يعترف بإسرائيل باعتبارها الدولة القومية للشعب اليهودي يعترف أيضا بأن الفلسطينيين لا يملكون أي حق وطني فيها. وبكلمات أخرى، فإن الأمر يعني التنازل الصريح عن حق العودة.
ويدرك نتنياهو أن هذا الرصيد أثمن وأكثر تعقيدا بالنسبة للفلسطينيين من أن يتخلوا عنه بسعر رخيص، وتحديدا تجميد مؤقت وجزئي للبناء في المستوطنات. وفي أفضل السيناريوهات، سيتخلون عن تنفيذ حق العودة كجزء من اتفاق للوضع النهائي سيهدئ أعصابهم بشأن قضايا العيار الثقيل مثل الحدود والقدس.
وهذا ما يحتمل أن نسمعه من رئيس الوزراء بعد أن يرفض عباس اقتراحه الغامض: «عندما يرفضون الإدلاء بتصريح سهل كهذا، يظهر السؤال - لماذا ؟ هل تريدون إغراق دولة إسرائيل باللاجئين بحيث تصبح دولة دون أغلبية يهودية ؟ هل تريدون اقتطاع أجزاء من الجليل والنقب ؟».
هذه الكلمات ليست من اختراع العقل الشيطاني لكاتب هذا المقال، بل هي اقتباس من مؤتمر صحافي عقده نتنياهو في سديروت قبل ثلاثة أسابيع. وكان هذا استظهارا عاما استعدادا للخدعة الكبرى التي يعدها رئيس الوزراء التي هدفها تحويل الانتباه عن الأزمة المقبلة المترتبة عن انتهاء مفعول تجميد البناء الاستيطاني.
وقد أخبر نتنياهو الكنيست أنه إذا قبل الفلسطينيون بعرضه، فسيطلب من الحكومة الموافقة على «وقف إضافي للبناء». وذلك مناقض للتصريحات التي أدلى بها ليبرمان خلال اجتماعاته مع وزراء الخارجية الأوروبيين، ونتنياهو ليس ساذجا. رئيس الوزراء يعلم أنه لا يملك سببا ليخشى ردات فعل المستوطنين وأسيادهم في الائتلاف الحكومي.
والأكثر ذكاء هو تخريب المفاوضات بذريعة «خطة» فلسطينية للإلقاء بنا في البحر. هذا البند سيكون من الممكن جدا بيعه في السوق اليهودية الأمريكية. ومن الصعب الاعتقاد بأن سياسيا متمرسا مثل الرئيس الأمريكي بارك اوباما سيقع في هذه المصيدة المكشوفة، ليلتقي في قضية واحدة مع نتنياهو في محاولة الأخير التهوين من شأن عباس.
وما الذي سيحدث بعد أن يعلن عباس (وهو ما سارع مساعدوه للقيام به) بشكل قاطع أن تحديد هوية الدولة المجاورة ليس من شأنه، لكنه متروك كليا لتلك الدولة المجاورة ؟ هل سترد إسرائيل بتجميد المفاوضات المتعلقة بإقامة دولة فلسطينية بجوار دولة يهودية ؟ كل تاجر للسلع المستعملة يعلم أن من يرفع سعر بضاعته أكثر من اللازم عليه أن لا يتوقع الحصول حتى على ثمن قشة واحدة».
اما صحيفة «يديعوت احرنوت» الواسعة الانتشار فقالت ان نتنياهو قال «ضمنا» انه «سيفعل كل ما بوسعه لنسف المفاوضات مع الفلسطينيين في مرحلتها الحالية».
وكتب شمعون شيفر في تحليل بعنوان «المعرقل» ان «نتنياهو يبحث عن اي خدعة ممكنة لوضع الفلسطينيين في موضع الرافضين».
تدمير من الداخل
يقول محللون أن خدعة نتنياهو ليست سوى جزء من مخطط ضخم يجرى تطبيقه منذ سنوات إن لم يكن عقود ويهدف إلى تدمير الفلسطينيين والعرب من الداخل عن طريق دفعهم دون إدراك إلى صراعات هامشية وخلافات مبنية على أسس عرقية ومذهبية مفتعلة، مع استغلال ضعف النفس البشرية فيما يخص البحث عن السلطة. ويقدم هؤلاء المحللين ما يحدث في العراق بعد احتلاله سنة 2003 كمثال حي لممارسة مثل هذه الأساليب.
في الكيان الصهيوني هناك مزيد من المحللين الذين يرون أن الزمن لا يعمل لصالح كيانهم رغم ما يحدث من تكريس للخلل لدى خصومهم.
يوم 3 سبتمبر 2010 كشف المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل، النقاب عن محتويات التقرير السنوي الاستراتيجي الجديد الذي يعده مركز دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، ويتناول المخاطر التي تواجه إسرائيل. ولخص المراسل فحوى تقرير «التقدير الاستراتيجي لإسرائيل عام 2010»، قائلا إن المخاطر التي تحيط بإسرائيل تتعاظم.
ويدق صهاينة ناقوس الخطر كذلك نتيجة تراجع أرقام الهجرة اليهودية والشيخوخة الزاحفة في إسرائيل نظرا إلى تركيبة المجتمع اليهودي وضعف خصوبة المرأة اليهودية مقارنة بالنساء العربيات، وهو ما سيحول العرب بعد فترة غير طويلة إلى أغلبية.
وفي هذا السياق يمكن إبراز تلك الظاهرة وحجمها من خلال قراءة متأنية للأرقام التي يصدرها الجهاز الإحصائي الإسرائيلي في شكل دوري.
حيث أشارت معطيات إحصائية حديثة صادرة عن الجهاز المذكور إلى أن نسبة فلسطينيي 48 حققت خلال عام 2009 ارتفاعا ملحوظا فوصلت إلى 17,5 في المائة، بخلاف ما نشرته الوكالة الصهيونية قبل فترة.
وبحسب آخر المعطيات الصادرة عن الجهاز الإحصائي الإسرائيلي، فإن عدد سكان إسرائيل بلغ في العام 2009 نحو 7.5 مليون نسمة، وأن نسبة العرب تساوي 20.3 في المائة، حيث أن هذه الإحصاءات تشمل الفلسطينيين في القدس المحتلة، في حدود أقل بقليل من 250 ألف نسمة، ورفض معظم هؤلاء السكان الذين حصلوا على اذونات اقامة دائمة,، الجنسية الإسرائيلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.