بدأت عملية غزو العراق ليلة 19 مارس 2003 من قبل قوات الائتلاف بقياده الولايات المتحدةالأمريكية، ومساعدة دول مثل بريطانيا واستراليا وبعض الدول المتحالفة مع أمريكا حسب تعريف مجلس الأمن لحالة العراق في قانونها المرقم 1483 في 2003. ومن الأسماء الأخرى التي أطلقت على هذا الصراع هي «حرب العراق» وحرب الخليج الثالثة و»عملية تحرير العراق» وأطلق المناهضون لهذا الحرب تسمية «حرب بوش» أو حرب احتلال العراق. وقد تسببت هذه الحرب بأكبر خسائر بشرية في المدنيين في تاريخ العراق وبلغت حسب مصادر دولية محايدة أكثر من مليون ونصف قتيل وملايين الأيتام والأرامل والمهجرين وتدمير كيان دولة. قدمت الإدارة الأمريكية قبل وأثناء وبعد سقوط بغداد تحت الاحتلال في 9 أبريل 2003 مجموعة من التبريرات لإقناع الرأي العام الأمريكي والعالمي بشرعية الحرب، ولكن جل هذه التبريرات سقطت تباعا وأكتشف العالم أن واشنطن ولندن وتوابعهما كذبوا على كل المسارات، وإرتكبوا جرائم حرب وضد الإنسانية، ولكن أحدا من قادتهم لم يعاقب حتى الآن بعد ثمان سنوات من الغزو. ليلة 19 مارس 2011 بدأت الولايات المتحدةوفرنسا وبريطانيا أساسا حربا على ليبيا، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1973، وأعلنت أن الهدف من هذا العمل العسكري هو حماية الشعب الليبي من بطش كتائب القذافي. شأن داخلي يوم الخميس 24 مارس قال رئيس الوزراء التونسي المؤقت الباجي قائد السبسي لوكالة فرانس برس ان تغيير النظام في ليبيا «أمر يعود شأن تقريره لليبيين» مشددا على أن تونس «لم تكن ترغب» في حدوث التدخل الغربي في ليبيا». وأضاف إذا قرر الليبيون التخلص من نظامهم «فهذا شانهم سنأخذ علما بذلك ونستمر في العمل مع ليبيا. نحن نعترف بالدول فالأنظمة ليست خالدة». وتابع «بالنسبة إلينا ليبيا تكاد تكون شانا من الشؤون الداخلية، فنحن جيران ونرتبط بعلاقات تضامن وتعاون ضاربة في القدم. وكل ما يحدث في ليبيا يؤثر علينا». وليبيا شريك تجاري أساسي لتونس فهي ثان أهم شريك لها بعد الاتحاد الأوروبي حيث تبيع 1200 مؤسسة تونسية بضائعها في ليبيا ما يمثل 7 بالمئة من الصادرات التونسية. وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في 2010 نحو 600 مليون يورو علاوة على مليوني سائح ليبي يزورون تونس سنويا لأغراض التداوي والتبضع والسياحة. وبحسب مجلة حقائق التونسية فان ليبيا هي رابع مستثمر عربي في تونس ومزود هام لها بالمنتجات النفطية.وتؤكد مصادر أوروبية أن حكومة تونس وبدعم من غالبية القوى السياسية في البلاد رفضت ضغوط وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون خلال اجتماعها مع ساسة تونس بمنح تسهيلات عل أراضيها وموانئها للسفن والطائرات التي تتدخل عسكريا في ليبيا. يوم 23 مارس أعلنت تنظيمات وناشطون من مختلف التوجهات في تونس عن تأسيس جبهة «لمقاومة العدوان على ليبيا» مؤكدين مساندتهم «كل نهوض ديمقراطي شعبي مستقل» وفي الوقت نفسه «مناهضة الاستعمار والاستقواء بدوائره المشبوهة». وقال مؤسسو الجبهة أنهم يدينون «العدوان الغربي الصهيوني» على ليبيا، ورأوا ان «هذا العدوان يتم بتفويض من أنظمة معينة بعد احتلال العراق وتقسيم السودان ومحاصرة قوى المقاومة في فلسطين». ودعت التونسيين الى «الوقوف في وجه العدوان الغربي على ليبيا ومحاولات الغزو المباشر المدعوم بالاعلام العربي المشبوه والمسلط على الأمة العربية والى التنبه إلى محاولات جرهم إعلاميا لخدمة الاجندات الأمريكية والأطلسية وعملائها في المنطقة». والمعروف أن القوى السياسية في تونس في مجملها تتبنى موقفا متعاطفا مع المعارضة الليبية غير أنها تبدي موقفا يتراوح بين التوجس والرفض للتدخل العسكري الغربي. حرب صليبية يوم الإثنين أشاد وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان في تصريح صحافي، بتحرك الرئيس نيكولا ساركوزي لشن الهجمات الأولى ضد ليبيا. وتابع غيان الذي عينه نيكولا ساركوزي وزيرا للداخلية بعد أن كان منذ 2007 ذراعه اليمنى في قصر الاليزيه «لحسن الحظ قاد الرئيس الحرب الصليبية لتعبئة مجلس الأمن الدولي ثم الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي». بعد ساعات من شروع الطائرات الغربية في قصف ليبيا صرح رئيس وزراء روسيا يوم الاثنين 21 مارس إن قرار الأممالمتحدة الخاص بليبيا يذكرنا بدعوات العصور الوسطى لشن حملات صليبية. وأضاف بوتين أن حكومة الزعيم الليبي معمر القذافي تفتقر إلى الديمقراطية لكن هذا لا يبرر التدخل العسكري. وأكد للعمال في مصنع روسي للصواريخ الباليستية «القرار ناقص ومعيب... انه يسمح بكل شيء. يشبه دعوات العصور الوسطى لحملات صليبية»، «إن التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى أصبح توجها معتادا في السياسة الخارجية الأمريكية وقارن بين التدخل في ليبيا والغزو الأمريكي للعراق وقال إن أحداث ليبيا تبرز حاجة روسيا إلى تعزيز قدراتها الدفاعية. ودعت موسكو الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى وقف القصف الجوي العشوائي الذي يقتل المدنيين. وقد كشفت دوائر رصد روسية عن ضخامة الهجوم العسكري الغربي، مفندة التصريحات الفرنسية الأمريكية عن أن العملية محدودة وتنص على عدم استخدام القوة المفرطة. مصادر ألمانية أيدت التقديرات الروسية وذكرت أن ضخامة الحشد العسكري الفرنسي الأمريكي البريطاني يبين أن الأمر مخطط له منذ أشهر عديدة وليس أثناء الانتفاضة ضد القذافي. يوم الخميس 24 مارس وفي نطاق محاولة التمويه على الاتهامات الموجهة إلى واشنطن، أعلن نائب الاميرال بيل غورتني أحد كبار المسؤولين في البنتاغون الأمريكي أن «أكثر من 350 طائرة» للائتلاف تشارك في العمليات الجوية في ليبيا أكثر من نصفها بقليل أمريكية وأنها تحرص على تجنب المدنيين. يوم الأربعاء 23 مارس اعتبر المستشار الدبلوماسي للكرملين سيرغي بريخودكو أنه من المرجح ان يكون التدخل البري في ليبيا مقبلا، مشيرا إلى ان روسيا «كانت تعرف ما تفعل» عندما اختارت عدم استخدام حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي. من جانبه دعا وزير الدفاع الروسي اناتولي سرديوكوف إلى وقف فوري لإطلاق النار وبدء حوار سياسي في ليبيا. تركيا الحائرة تركيا التي عارضت على مختلف المستويات التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا، تحاول بعد أن صارت الحرب أمرا واقعا، التأثير على مجراها خاصة بالاستفادة من حرص واشنطن على جعل العملية تدور في نطاق حلف الأطلسي. وفي هذا الإطار تصر تركيا تساندها ألمانيا على ان يقتصر تدخل الحلف على عمليات لا تجره إلى عملية يمكن ان تتسبب بضحايا بين المدنيين مثل القصف الحالي للتحالف. وأكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان أمام البرلمان يوم الثلاثاء 22 مارس ان تركيا «لن تكون إطلاقا من يسدد فوهة سلاح إلى الشعب الليبي»، موضحا أن أنقرة تواصل المشاورات وخصوصا مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي لاتخاذ قرار حول «المساهمة» في «إعادة السلام» إلى لييبا. وقال اردوغان الذي يرأس حكومة إسلامية محافظة «ينبغي ان يجري التغيير في ليبيا عبر الحراك الخاص بالبلاد لا بتدخلات أجنبية»، معربا عن قلق تركيا حيال العمليات العسكرية الجارية. وانتقد الرئيس التركي عبد الله غول بدوره «انتهازية» بعض الدول المشاركة في العملية العسكرية في ليبيا مؤكدا أن موقفها يثير شكوكا حول دوافعها الحقيقية. وقال غول للصحافيين في اسطنبول «من الواضح للأسف أن بعض الدول انتهازية», بدون تحديد أسمائها. وأضاف غول ان موقف هذه الدول يثير تساؤلات حول طموحاتها في ليبيا الغنية بالنفط. وقال ان «سلوكها يثير الشكوك حول نواياها الخفية». وكان وزير الدفاع التركي وجدي غونول قد تساءل «من الصعب أن نتفهم لماذا تشارك فرنسا بهذه الحماسة في العمليات» العسكرية في ليبيا. والاثنين 21 مارس بلغ التوتر أوجه في اجتماع الحلف الذي شهد حادثا نادرا يعكس تشنجا لم يسجل منذ الخلافات التي سبقت غزو العراق في 2003. فقد غادر سفيرا تركيا وألمانيا القاعة احتجاجا على تصريحات «غير لائقة» وحتى «قاسية» أدلى بها الأمين العام للحلف اندرس فوغ راسموسن حيال هذين البلدين. كما توتر الوضع بسبب تهديدات ايطالية بالتراجع عن فتح قواعد أمام التحالف ونروجية بعدم استخدام طائرات أف 16 التي قدمتها طالما لم تحل مسألة القيادة، أي طالما لم يتول الحلف هذه القيادة. وتريد الولايات المتحدة التخلص من قيادة العمليات في أسرع وقت ممكن إذ يواجه الرئيس الأمريكي باراك اوباما انتقادات حادة في بلاده بشان دورها في الضربات ضد ليبيا والغموض الذي يحيط بنهاية التدخل وكلفة الحرب في حين أن أمريكا مثقلة بالتزاماتها في أفغانستان والعراق، والتي تهدد بأزمات اقتصادية متتالية. حرب مكلفة النائب الامريكي الديموقراطي دنيس كوسينيتش اعتبر يوم الثلاثاء أن التدخل العسكري الغربي في ليبيا يشكل «حربا جديدة لا تستطيع الولايات المتحدة تمويلها». وقال كوسينيتش في بيان «سبق ان انفقنا الاف مليارات الدولارات في العراق وأفغانستان, والان فان الرئيس يغرق الولايات المتحدة مجددا في حرب جديدة لا نستطيع تمويلها». وأوضح النائب الذي تقدم باقتراحات قوانين عدة لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان, انه سيتقدم بتعديل لتجميد أي تمويل جديد للنزاع في ليبيا. كذلك, اتهم الرئيس باراك اوباما ب»الالتفاف» على الدستور الأمريكي الذي يحصر بالكونغرس دون سواه التصويت على خوض نزاع عسكري. ورأى أن على الرئيس ان يبلغ الكونغرس «بخططه أو بأهدافه البعيدة المدى بعد هذه الضربات الأمريكية الجوية الأولى» في ليبيا. الهاجس الألماني يقول محللون أن واشنطن تشعر مع بعض حلفائها وخاصة بريطانيا بقلق كبير من التحولات التي تطرأ على السياسة الألمانية والتي تذكر بنزاعات الماضي، أو ما يسميه البعض التمرد الألماني على الخيارات الأنغلوسكسونية. برلين كانت واضحة منذ البداية فهي ترفض المشاركة في عمل عسكري ضد ليبيا. وصرح وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي لاذاعة «اس في ار» «لا نوافق على أي اقتراح يشمل مشاركة ألمانيا, مشاركة الجيش الألماني في العملية العسكرية في ليبيا خط احمر». وقررت ألمانيا من جهة أخرى يوم الثلاثاء 22 مارس تعليق مشاركة سفنها الحربية في عمليات الحلف في البحر المتوسط، وذلك لعدم المشاركة في فرض الحظر على الأسلحة إلى ليبيا، بحسب وزارة الدفاع. وأعلن متحدث باسم وزارة الدفاع «لقد قرر الحلف فرض حظر على الأسلحة إلى ليبيا وهو أمر يترتب عليه نتائج ملموسة يمكن ان تترجم خصوصا بلجوء محتمل إلى القوة وألمانيا لن تشارك فيها». وذكر المتحدث في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن فرقاطتين ألمانيتين وسفينتين حربيتين يبلغ إجمالي أفراد طاقميهما 550 جنديا ستعملان في منطقة البحر المتوسط تحت القيادة الألمانية وليس تحت قيادة حلف الناتو. كما أشار الناطق باسم وزارة الدفاع إلى أنه تم سحب نحو 60 إلى 70 جنديا يشاركون في عمليات استطلاعية بطائرات أواكس تحت قيادة الناتو في البحر المتوسط وذلك بعد أن بدأ الحلف مهمة بحرية للمشاركة في تطبيق قرار حظر الطيران فوق ليبيا الصادر عن مجلس الأمن وهو القرار الذي امتنعت ألمانيا عن التصويت عليه. الغرب لا يتخلى عن عاداته كتب المحلل والصحفي البريطاني سوماس ميلن في صحيفة الغارديان البريطانية إن الغرب لا يتخلى عن عادته المتأصلة في سلوكه، فمرة أخرى هاهي الولايات المتحدة وبريطانيا وباقي قوات حلف شمال الأطلسي تقصف دولة عربية بالطائرات وصواريخ كروز. وهاهو ديفد كاميرون وباراك أوباما يصران على أن هذا ليس مثل العراق، ولن يكون هناك احتلال، بل هجوم هدفه حماية المدنيين فقط. إن الحقيقة غير ذلك، فبعد ثماني سنوات من إطلاق حملة «الصدمة والترويع» لتدمير بغداد وبعد أقل من عقد من الزمان من غزو أفغانستان، هاهي القوى الغربية نفسها تهاجم بلدا مسلما آخر. إنه بدعم من دول الناتو الأخرى، وهي كلها شاركت تقريبا في احتلال العراق وأفغانستان، تتشبث الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بورقة التوت العربية، لإعطاء بعض المصداقية الإقليمية لتدخلها في ليبيا. وكما هو الحال في العراق وأفغانستان، يصر التحالف على الدوافع الإنسانية. وكما هو الحال في كل التدخلات السابقة، تبكي وسائل الإعلام على دماء سفكها الزعيم الشرير، ثم تأتي بسرعة فكرة تغيير النظام لتحل محل المهمة الأصلية. ويقول ميلن إن الدول الغربية ذاتها تعتبر أنه من الطبيعي أن تغزو بشكل روتيني بلدانا أخرى باسم حقوق الإنسان. ويوضح ميلن أن الرأي العام الغربي ينقلب ضد الهجوم الراهن، فهو يلقى في الولايات المتحدة معارضة بنسبة اثنين إلى واحد، وفي بريطانيا يقول 43 في المائة إنهم ضده، وهو مستوى غير مسبوق من الاستياء في الأيام الأولى من الحملات العسكرية البريطانية بما في ذلك العراق. ويؤكد الكاتب إنه على أرض الواقع فشلت الهجمات الغربية في وقف القتال، أو إرغام قوات القذافي على الخضوع، وغرقت حكومات الناتو في خلافات حول تحديد مسؤولية القيادة، كما أن الوزراء البريطانيين وجنرالات الجيش اختلفوا حول كون الزعيم الليبي هدفا مشروعا أم لا. وخلال الثلث الأخير من شهر مارس، ادعت حكومات الناتو وجود دعم من المجتمع الدولي لقرار الأممالمتحدة وصدور نداء من الجامعة العربية. لكن الواقع غير ذلك، فالهند وروسيا والصين والبرازيل وألمانيا رفضوا دعم التصويت والآن هم ينتقدون القصف كما فعل الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية نفسها، التي قال أمينها العام عمرو موسى إن القصف تجاوز صلاحية فرض منطقة حظر الطيران إلى مهاجمة قوات القذافي. وتدخلت حكومات حلف شمال الأطلسي بشكل واضح في حرب أهلية، بترجيح ميزان القوى لصالح معارضي القذافي. مئات آلاف القتلى وقال ميلن إن رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون أصر في مجلس العموم على أن الهجمات الجوية والبحرية في ليبيا منعت «مجزرة دموية في بنغازي»، وكان دليله الرئيس والوحيد هو تهديد القذافي بأنه سيعاقب المعارضين المسلحين. ولا ننسى أن الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من قوات حلف شمال الأطلسي هي نفسها المسؤولة عن مئات الآلاف من القتلى في العراق وأفغانستان. ويؤكد ميلن أن التدخل الغربي في ليبيا هو نفاق صارخ. فهو يثبت أن هذه المعايير المزدوجة جزء لا يتجزأ من آلية القوة العالمية والهيمنة التي تخنق الأمل في أي نظام دولي موثوق به لحماية حقوق الإنسان. ويوضح ميلن أن التدخل الإنساني الانتقائي، كما هو الحال في ليبيا، ليس بالتأكيد على أساس الجدوى أو بسبب المعاناة والقمع، بل على أساس كون النظام المستهدف حليفا موثوقا به أم لا. وقال ميلن إن قيادة معارضي القذافي يجب أن تكون ممتنة للغرب بالحصول على الدعم العسكري. ولكن أي حركة معارضة عربية تأتي إلى السلطة محمولة على أجنحة طائرات التورنادو وصواريخ توماهوك يجب أن تدرك أنها أمام خطر قاتل، فاستقلال البلد نفسه سيكون مهددا. ويؤكد ميلن أنه إذا لم يتم اغتيال القذافي أو لم ينهار نظامه من الداخل، فنحن أمام احتمال مأزق دموي وتكوين محمية على غرار كردستان العراق في شرق البلاد تحت حماية حلف شمال الأطلسي. ويختم ميلن بقوله إن البديل المطروح حاليا بالنسبة لبلدان مثل مصر وتركيا، التي لها مصلحة مشروعة في ما يدور بليبيا وصلاتها بجميع الأطراف، هو أخذ زمام المبادرة والسعي لوقف إطلاق النار، ووضع حد للتدخل الخارجي والتفاوض للوصول إلى تسوية سياسية، فليس هناك شيء أخلاقي حول تدخل حلف شمال الأطلسي في ليبيا بل هو تهديد للمنطقة بأسرها وجميع شعوبها. القاضي والجلاد الصين صعدت انتقادها للحرب الجديدة وقد نددت الصحافة الرسمية الصينية يوم الأربعاء 23 مارس بالضربات الجوية على ليبيا التي تنفذ بدوافع السيطرة على النفط وهيمنة الدول الغربية واستهجنت بشكل خاص موقف فرنسا. وكتبت صحيفة غلوبال تايمز إن الضربات التي أطلقت على ليبيا هي «أولا قرار سياسي اتخذته قلة من القوى الغربية والرسالة الأولى منها هي أن هذه القوى الغربية هي القاضي والجلاد في العالم». وأضافت الصحيفة الرسمية إن «الغرب هيمن على العالم لقرون والتمسك بالهيمنة على العالم لا يزال إستراتيجيته الأساسية». إن «التدخل المفرط» للغرب في ليبيا يجب أن يكون موضع تنديد». وكتبت صحيفة الشعب الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني ان «معظم تدخلات الغرب العسكرية والسياسية في الشرق الأوسط مرتبطة بالنفط والموقع الاستراتيجي» للمنطقة. واضافت ان «العراق تعرض لهجوم بسبب النفط وليبيا تتعرض لهجوم بسبب النفط». كما اتهمت الغرب بالسعي للسيطرة على الموارد الاستراتيجية في العالم بالقوة. وتحدثت الصحيفة عن فرنسا قائلة ان موقفها القيادي في الجهود المتعددة الجنسيات املته مصالحها في ليبيا وموقعها العالمي ورغبة الرئيس نيكولا ساركوزي في ولاية جديدة. «هذه السنة وبصفتها رئيسة لمجموعة الثماني ومجموعة العشرين تريد فرنسا ان تلعب دولار في الشؤون الدولية». مصادر صينية وفي انتقادها الشديد لفرنسا، أشارت إلى ما ذكرته ذكرت صحيفة ليزيكو الفرنسية يوم الاربعاء 23 مارس عن الأزمة التي تعيشها دوائر سياسية في باريس نتيجة انخفاض صادرات الأسلحة الفرنسية بمقدار النصف في 2010 حيث تراجعت من 8000 مليون يورو في 2009 إلى 3400 مليون بينما تواجه باريس صعوبات في بيع طائرتها رافال إلى الخارج وفي الفوز بعقود كبيرة. وأشارت الصحيفة إلى أن فرنسا التي كانت تعول على صادرات أسلحة بقيمة 10 إلى 12 مليار يورو في 2010 واجهت اخفاقات في بيع طائرتها رافال لأن دولا عدة لم تبد اهتماما بهذه الطائرة «المتعددة الوظائف والتي تقوم الآن بقصف ليبيا وبنجاح كبير حسب قصر الاليزي. ترغيب وترهيب يوم الاربعاء 23 مارس حل وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس بالقاهرة في زيارة غير مقررة سلفا، وذلك بعد أيام من زيارة وزيرة الخارجية كلينتون. غيتس مكث في القاهرة أكثر من 48 ساعة وتركزت مباحثاته مع المسئولين في القاهرة على الملف الليبي حيث تسعى واشنطن وحلفائها إلى تأمين أوسع دعم ممكن في الوطن العربي لعملياتهم العسكرية. رغم ضخامة الضغط الأمريكي الذي تضمن تهديدات مبطنة، أكدت مصر مجددا أنها لا تعتزم التدخل في النزاع الليبي. وقال الناطق باسم غيتس، جيف مورال للصحفيين ان المسئولين المصريين أشاروا إلى الجالية المصرية الكبيرة الموجودة في هذا البلد لتبرير حذرهم. وأضاف «انهم يدركون تماما أن اعدادا كبيرة من مواطنيهم تقيم في ليبيا وهم قلقون بشكل واضح على أوضاعهم. وكانت صحيفة وول ستريت جورنال ونقلا عن مصادر في واشنطن قد كتبت يوم الجمعة 18 مارس أن مصر ستزود المعارضين الليبيين بأسلحة خفيفة، وقد نفت القاهرةالخبر وذكرت مصادر صحفية في الولايات المتحدة لاحقا أن الأمر كان يتعلق بمحاولة غير موفقة للإدارة الأمريكية لجر مصر إلى تورط في الصراع على الأرض الليبية. ويقدر عدد المصريين الذين كانوا يقيمون في ليبيا قبل بدء النزاع بما بين المليونين ومليون ونصف المليون شخص وقد عاد منهم فقط عشرات الالاف إلى مصر منذ بدء الاضطرابات في 15 فبراير 2011. وتفيد مصادر رصد ألمانية أن ضغوطا مماثلة وبأساليب متنوعة مورست وتمارس من جانب واشنطن وباريس ولندن على عدد من الحكومات العربية لتشارك في الحملة ضد ليبيا، خاصة وأن العديد من الخبراء في واشنطن يحذرون من أن النافذة الزمنية للتدخل محدودة والطريقة الوحيدة لتمديدها هي توفير غطاء عربي وأفريقي وإسلامي لها. هذه الجهود فشلت حتى الآن. وكمثال على عمليات التمويه والتضليل يشار إلى أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون كان قد أعلن الأربعاء 23 مارس أن الأردن سيقدم «دعما لوجستيا» للعمليات في ليبيا معربا عن «أمله» في انضمام بلدان عربية أخرى إلى تلك العمليات. كما ذكرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أنها تتوقع أن تعلن دول عربية أخرى في الأيام المقبلة عن المشاركة في العمليات العسكرية. وأضافت «أنا مسرورة من المشاركة العربية. وستحصل إعلانات جديدة في الأيام المقبلة». غير أنه في اليوم التالي أكد طاهر العدوان وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، لوكالة فرانس برس «لا مساهمة او مشاركة عسكرية او مشاركة ميدانية للأردن على الأرض في ليبيا». وقالت الإمارات العربية أنها تريد أن يقتصر التزامها في ليبيا على المساعدة الإنسانية. وكانت صحف بريطانية قد تحدثت عن سرعة تراجع عدد من الأطراف التي ساندت بشكل أو بآخر الهجوم غلى ليبيا فأشارت إلى دعوة عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية للحوار وتصريحاته الأولى المؤيدة للحظر والتدخل قبل تراجعه عنها وقوله ان الضربات تجاوزت القرار. وتقول أن تصريحات عمرو موسى لها أهميتها ليس لأن قطر ستتورط في العملية بل لأنه سيترشح لانتخابات الرئاسة المصرية ويسعى لمحو ردة فعل الشارع المصري المعارض لكل تدخل عسكري غربي. وقد لاحظت مصادر رصد أن واشنطن شعرت بإحباط عندما رأت تدني أو إنهيار شعبية العديد من الشخصيات العربية التي ساندت الهجوم على ليبيا. بداية التقسيم قبل زيارة غيتس لموسكو ثم إنتقاله منها إلى القاهرة في زيارة مفاجئة، كانت مصادر رصد غربية وشرقية ومنها ألمانية قد أبلغت عدة عواصم بتصورات لسيناريوهات موضوعة من طرف ما يسمى التحالف الدولي في ليبيا. الخطوة الأولى ستكون إرسال قوات تحت علم الأممالمتحدة إلى ليبيا للسهر على وقف إطلاق النار والإشراف على مفاوضات بين طرفي النزاع، ولما كانت المفاوضات ستطول وتطول فستكون خطوط وقف إطلاق النار الجديدة بمثابة حدود وهكذا تقسم ليبيا إلى دولتين بإستغلال النعرات القبلية والمحلية، وهكذا ينطلق مخطط التقسيم في منطقة الشمال الأفريقي. السيناريو الآخر وهو إنهيار دفاعات القذافي وإنتصار المعارضين له، في هذه الحالة كذلك وفي نطاق عملية بناء النظام الجديد ستظهر وتنتشر الخلافات بين الليبيين يشحنها ويقويها هؤلاء الذين تدخلوا عسكريا، وهنا ونتيجة صعوبة الاتفاق بين السكان في شرق وغرب ليبيا يتم إقامة نظام فيدرالي على أساس عرقي ويمكن في هذه الحالة للطوارق في جنوب ليبيا إقامة دولتهم. هكذا تقسم ليبيا إلى ثلاث دويلات، وتكون مقدمة لخارطة الشرق الأوسط الجديد الذي يضم 54 إلى 56 دولة متنازعة فيما بينها. المثال واضح في السودان والصومال، ويجري السعي لتطبيقه في السعودية والبحرين والعراق واليمن وغيرها. أساطير المحافظين الجدد يقول محللون أن الترابط في التوقيت أي 19 مارس 2003 و 19 مارس 2001، في الحرب على العراق ثم ليبيا رغم الاختلافات الجوهرية بين الحالتين، يعكس فكر المحافظين الجدد الذين يؤمنون بأساطير دينية، ويسعون بأساليب عديدة من ضمنها الفوضى الخلاقة إقامة الإمبراطورية العالمية. المحافظون الجدد».. مجموعة سياسية أمريكية، تميل إلى اليمين المسيحي المتطرف، آمنت بقوة أمريكا وهيمنتها على العالم. وهم ليسوا ساسة فقط بل كتابا نافذين، ومفكرين استراتيجيين، ومحاربين قدامى، وجمهرة من المثقفين أكثر تطرفا من كل ألوان الطيف الفكري والثقافي الأمريكي الحالي. وهم أيضا جماعة ذات ميول صهيونية مغلفة بعداء شديد للعرب والمسلمين، حددت مسار السياسة الخارجية الأمريكية في عهد جورج دبليو بوش، وعملوا على بلورة سياسة تجيز استعمال قوة أمريكا العسكرية للوصول إلى أهدافها، من دون النظر إلى أية اعتراضات.. إذ يعتقد المحافظون الجدد أنهم يملكون الحقيقة وحدهم، وأن قوة الأسلحة التي يملكونها تفرض نفوذها على الجميع. والمحافظون الجدد ليسوا جددا إلا في إعادة ممارسة دورهم وتوجهاتهم، لأن الفكر المحافظ هو لب القيم الأمريكية منذ تأسست الولايات المتحدة، وقد عادت هذه الخلايا النائمة إلى الظهور المتطرف من جديد بفضل النهج السياسي الذي اعتمده جورج بوش الابن. قضية عقائدية كتب باحث في الفكر السياسي والفلسفي: ليست أطروحة «أمريكا هي العالم، العالم هو أمريكا»، التي أخذ بها كل رؤساء الولايات المتحدة، منذ التأسيس إلى اليوم وبأشكال مختلفة، مجرد وسيلة إيديولوجية جزئية. ولو رأينا إلى عمق الأطروحة في الفكر الاستراتيجي الأمريكي، لوجدنا أنها هي الإيديولوجيا الاختزالية نفسها في حدها الأعلى. ذلك أن عالمية أمريكا هي قضية لاهوتية عقائدية من قبل أن تكون شأنا متعلقا بالحاجة إلى التمدد الجيو استراتيجي. ذلك أن سلام أمريكا هو سلام العالم كله، وحربها هو حرب العالم كله. وبهذا المعنى لا تنهض أطروحة الفوضى في اللاشعور السياسي الأمريكي إلا على إزالة الاختلاف بين أمريكا والعالم. ثم على إعادة تشكيل هذا العالم على صورتها. والبادي من العلاقة التواصلية بين لحظة التأسيس والأزمنة المتعاقبة، أن شعور أمريكا بنفسها اليوم، هو نفسه شعورها يوم وضع مؤسسوها الأوائل مهمتها العظمى قبل أقل من قرنين. أي أنها أمة مبعوثة للبشرية. وإلى ذلك يظهر في شريط المشاهدة الطويل، كأن أمريكا أمة لا تزال في طور التأسيس، من إبراهام لينكولن إلى جورج دبليو بوش. الكلمات التي ترسلها إلى العالم هي هي. وخطاب استعظام الذات هو نفسه. وثمة ما يشبه اليقين لدى الذين يتابعون المسار التاريخي للسلوك الأمريكي السياسي والدبلوماسي أن كل الذين «اعتمروا» البيت الأبيض من الجمهوريين والديمقراطيين، لم يفارقوا تلك اللغة التي لا ترى إلى العالمين إلا بوصفهم أغيارا لا سبيل لهم إلى نعمة الخلاص. إن «لاهوت الحرب» الذي سيؤول إلى تبرير نظرية الفوضى في السياسة الخارجية، يقوم على اعتقاد راسخ في الوجدان الأمريكي العام مؤداه، كما يقول الكاتب والفيلسوف الأميركي إمرسون (1802 1882)، أن أمريكا هي «أكبر هبة من الله إلى هذا العالم». وهو ما يفصح عن عقدة التفوق والغلبة التي تشعر بها الولايات المتحدة تجاه الأمم الأخرى. وهي عندما تعود إلى الكتاب المقدس لتأكيد مهمتها الخلاصية للبشرية، فإنما تريد أن توحي للعالم بأن كل ما تفعله به، إنما هو بلوغ «البشارة» أو «الخبر السار» الذي يكفل للدول والمجتمعات أمنها وسعادتها. موقف حازم ولو... الخلافات الموجودة داخل الحلف الأطلسي بشأن الحرب في ليبيا يعتبرها العديد من المحافظين الجدد تهديدا لمشروعهم ولهذا فهم يطلبون من إدارة أوباما موقفا حازما وقاطعا حتى وإن هدد ترابط التحالف الأطلسي. مساء يوم الثلاثاء 22 مارس وفي مقابلة مع محطة التلفزيون الأمريكية «سي ان بي سي»، اعتبر وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفلد أن التدخل العسكري للتحالف في ليبيا يتحول «التباسا» حول الأهداف المستهدفة خصوصا ما إذا كان الأمر يتعلق بالإطاحة بمعمر القذافي أم لا. وذكر رامسفلد الذي كان وزيرا للدفاع في عهد الرئيس جورج بوش الابن والمتهم بإرتكاب جرائم حرب في العراق وأفغانستان والإشراف شخصيا على جرائم سجن أبو غريب في العراق، بان الاستراتيجية التي اتبعتها الإدارة الجمهورية بعد 11 سبتمبر 2001, هي أن «المهمة يجب أن تحدد التحالف وليس العكس». وأضاف «هذا يعني أنكم بحاجة لاتخاذ قرار قبل القيام بما تريدون القيام به, وبعدها تشكيل تحالف حول» هذه الأهداف». واعتبر رامسفلد أن هذا الالتباس قد يمنع حصول عمليات فرار من الجيش الليبي وقد يدفع بالسكان الليبيين إلى عدم تقديم الدعم للثوار».