بعد النكسة الدبلوماسية، التي منيت بها الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا، يوم الجمعة في مجلس الأمن الدولي، إثر تأكيد المسؤولين الدوليين هانس بليكس رئيس فريق لجنة الأنموفيك للمفتشين الدوليين، ومحمد البرادعي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن العراق يتعاون بشكل جيد مع المفتشين، مطالبين بإعطاء مهلة أطول للمفتشين، للقيام بمهامهم على أكمل وجه، تظاهر العالم السبت، في مختلف قارات المعمورة، للتنديد بالحرب، وإعلان الرأي العام الدولي رفضه لنزعات الحرب، التي تبديها واشنطنولندن. وتأتي التظاهرات، التي تشمل معظم عواصم دول العالم، في قاراته المختلفة، بعد لجوء ثلاث دول في حلف شمال الأطلسي، هي فرنسا وألمانيا وبلجيكا، للفيتو، ضد قرار تقديم حماية لتركيا، من هجمات عراقية محتملة، إذا ما تعرض العراق للغزو، وهو مطلب أمريكي، يرمي لتوريط دول الحلف، بشكل أو بآخر، في الحرب على العراق، وبعد تأكيد الدبلوماسية الفرنسية والألمانية، في رد واضح على المزاعم الأمريكية والبريطانية، بوجود علاقة بين العراق وتنظيم القاعدة، أن البلدين غير مقتنعين بوجود هذه العلاقة المزعومة. ويقدر المراقبون أن يشارك أكثر من 10 ملايين شخص في المسيرات، التي تنتظم السبت، الخامس عشر من شباط (فبراير) 2003، في غالبية عواصم العالم، ضد الحرب على العراق، التي تحشد لها الولاياتالمتحدةالأمريكية وحليفتها الرئيسية بريطانيا، أكثر من مائتي ألف جندي في منطقة الخليج. وتخرج مظاهرات السبت في لندن ونيويورك وبرلين، وباريس، وروما، وكيب تاون، وأثينا، وطوكيو، ودبلن، وسان فرانسيسكو، وامستردام، وتورنتو، ومئات المدن الأخرى، احتجاجا على الاستعدادات العسكرية المستمرة لغزو العراق، بدعوى التخلص من أسلحة الدمار الشامل، والإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين، الذي اعتبره الرئيس الأمريكي جورج بوش أخطر أضلاع مثلث الشر. ويتوقع أن يتظاهر اليوم في العاصمة البريطانية لندن أكثر من مليون متظاهر ضد الحرب على العراق. وينظم المظاهرة "الائتلاف ضد الحرب"، الذي يضم المئات من الجمعيات البريطانية المعارضة للحرب، والرابطة الإسلامية في بريطانيا، التي تعتبر من أبرز مؤسسات الجاليات العربية والإسلامية في المملكة المتحدة. ومن أبرز المشاركين في مظاهرة لندن، من خارج بريطانيا، داعية الحقوق المدنية البارز القس الأمريكي جيسي جاكسون، الذي جاء إلى لندن خصيصا لإلقاء كلمة في المتظاهرين، الذين يتوقع أن يتجاوز عددهم مليون متظاهر. وطالب جاكسون عند حلوله في بريطانيا رئيس وزرائها طوني بلير، الذي تراجعت شعبيته إلى مستويات قياسية، بسبب عدم اقتناع الرأي العام البريطاني بأخلاقية الحرب، بالذهاب إلى العراق، واللقاء مع الرئيس صدام حسين، والعمل على وقف الحرب، مشددا على ضرورة وضع التحدي العراقي في حجمه الحقيقي، لأنه لا يمثل أولوية بالحجم الذي أعطاه إياها الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس وزراء بريطانيا طوني بلير. وفي إيطاليا، التي أبدت تأييدا قويا للحرب الأمريكية على العراق، والتي يتظاهر فيها اليوم نحو مليون متظاهر، معارضين للحرب، قال فيليبو بيرسيلي، الوزير في وزارة الدفاع الإيطالية، في إعلان مغاير تماما للتأييد السابق للحرب الصادر عن الحكومة الإيطالية، إن إيطاليا لن تؤيد الولاياتالمتحدة، إذا ما قررت البدء في عمل منفرد ضد العراق، دون تفويض من الأممالمتحدة. وقال بيرسيلي للتلفزيون الإيطالي: "إذا ما قررت الولاياتالمتحدة بشكل منفرد أن تشن حربا على العراق، فإننا سنقول لا في مثل هذه الحالة. إنه من غير الممكن أن يتوقع من الحكومة الإيطالية أن تلتزم بتأييد الولاياتالمتحدة"، في حرب تذهب إليها من دون تغطية دولية. وقدرت صحيفة /الغارديان/ البريطانية أن تشمل مسيرات اليوم السبت أكثر من 600 مدينة في العالم. وينتظر أن تتجاوز الأعداد المشاركة فيها الأرقام، التي سجلتها المسيرات ضد التدخل الأمريكي في فيتنام، خلال الستينيات من القرن الماضي. وتعبيرا عن رفضه الغاضب للحرب، قال متحدث باسم "التحالف ضد الحرب" إن على الجميع أن يتظاهروا، إذا شنت الحرب على العراق، وأن يحتلوا، يوم انطلاق الحرب، منطقة "الوايت هول"، وأن يعتصموا فيها، احتجاجا على الحرب، التي تفتقر إلى أي مبرر أخلاقي، وتبدو عارية حربا تسفك فيها الدماء البريئة من أجل النفط. وفي مدينة ملبورن الأسترالية انطلقت أمس الجمعة أولى سلسلة التظاهرات العالمية. وقد نزل أكثر من 100 ألف شخص من المناهضين للحرب إلى شوارع المدينة. وشارك رجال ونساء وأطفال في الاحتجاج، وهم يرددون شعارات مناهضة للحرب، ويلوحون بلافتات كتب عليها "لا للدماء مقابل النفط" و"لا تقصفوا العراق" و"جميعنا واحد". وفي استطلاع للرأي أجرته إحدى مؤسسات استطلاع الرأي في بريطانيا أكدت غالبية الآراء أن مشاركة بريطانيا في الحرب ضد العراق من شأنها أن تزيد من إمكانيات شن هجمات إرهابية على المملكة المتحدة. في حين لم ير أحد تقريبا من المشاركين في الاستطلاع أن الهجوم على العراق من شأنه أن يقلل من احتمالات تنفيذ هجمات إرهابية ضد بريطانيا. بل ذهب 22 في المائة من المشاركين في الاستطلاع إلى أن قرار الولاياتالمتحدة وبريطانيا بضرب العراق لا صلة له بنزع أسلحة الدمار الشامل، وإنه يأتي لأسباب أخرى. و الآلاف يتظاهرون في آسيا ضد حرب العراق كما تظاهر آلاف الاشخاص السبت في كافة ارجاء آسيا ضد الحرب في العراق وذلك غداة جلسة مجلس الامن الدولي حول الازمة العراقية. وتوقع منظمو هذه التظاهرات ان تكون اعداد المشاركين فيها مشابهة لتلك التي سجلت في مطلع السبعينات اثناء الاحتجاجات الضخمة ضد الحرب في فيتنام على غرار ما حصل الجمعة في ملبورن حيث تظاهر مئة الف شخص مما ادى الى شل الحركة في كبرى مدن استراليا. يشار الى ان معارضة شن هجوم عسكري على العراق قوية جدا في استراليا وبريطانيا اللتين تشاركان في الاستعدادات العسكرية التي تحضرها الولاياتالمتحدة في الخليج. حيث شهدت المدن الاسترالية تظاهرات اخرى خصوصا في بيرث وهوبارد وكانبيرا فيما تظاهر معارضو الحرب في العراق يوم الاحد في بريزبان وداروين واديلاييد وسيدني. وفي نيوزيلندا، تجمع سبعة الاف شخص يوم السبت امام برلمان ويلنغتون بينما تظاهر عدد مماثل حاليا في شوراع اوكلاند حيث تجري مباريات كأس اميركا. وحلقت طائرة تابعة لمنظمة غرينبيس للدفاع عن البيئة في اجواء القرية الرياضية التي تجري فيها المباريات الخاصة بكأس اميركا، وتحمل لافتة كتب عليها "لا للحرب - السلام الان". في اليابان تواصل يوم السبت الاعتصام الذي بدأه 12 من دعاة السلام منذ شهر امام السفارة الاميركية، ويحمل دعاة السلام يافطات منها "(رئيس الوزراء جونيشيرو) كويزومي، قل نعم. نقول لا لهجوم على العراق" وكذلك "اننا ندعم اوروبا العجوز" او ايضا "الحرب ليست الحل". واعلن احد المتظاهرين تيتسو كاواساكي "سيجري تحويل قرابة 900 الف شخص الى لاجئين بسبب الحرب. على الولاياتالمتحدة الاستماع الى ما تقوله الاسرة الدولية". ومساء امس الجمعة، سار حوالي 25 الف متظاهر في وسط طوكيو بحسب المنظمين. وفي سيول، تظاهر حوالي الفي شخص ضد التهديدات بشن حرب على العراق وللمطالبة بحل سلمي للازمة النووية في كوريا الشمالية. وشارك في التظاهرة التي سارت في حديقة في وسط المدينة اربعة كوريين جنوبيين سيتوجهون الاحد الى بغداد ليقوموا بدور "دروع بشرية" ضد عمليات قصف اميركية. في تايلاند، توجه حوالي ثلاثة الاف متظاهر الى السفارة الاميركية في بانكوك وهم يهتفون "لا شيء يبرر الحرب" و"لا للحرب، نريد السلام". واعلن الامين العام لمجلس المنظمات المسلمة في تايلاند نيتي حسن لوكالة فرانس برس "نتظاهر بهدف البحث عن السلام ومنع (الرئيس الاميركي جورج) بوش من شن الحرب". في ماليزيا حيث غالبية السكان من المسلمين، تجمع حوالي الفين من دعاة السلام اليوم السبت امام السفارة الاميركية على الرغم من قرار الشرطة في كوالالمبور بحظر اي تظاهرة. ورفع المتظاهرون الذين كان في صفوفهم استراليون واميركيون وبلجيكيون يسيرون جنبا الى جنب مع الماليزيين، يافطات كتبت عليها شعارات مثل "لا للحرب. اوقفوا العدوان الاميركي" او ايضا "لا دم للنفط" و"فلنسقط بوش لا القنابل". وتمركز مئتا شرطي ماليزي مزودون بالهراوات والقنابل اليدوية وخراطيم المياه اضافة الى الكلاب البوليسية في محيط مبنى السفارة. وفي جاكرتا باندونيسيا، تظاهر حوالي 200 طبيب وممرضة ضد الحرب في العراق امام السفارة الاسترالية. وصادفت هذه التظاهرة مع زيارة يقوم بها الى اندونيسيا رئيس الوزراء الاسترالي جون هوارد المؤيد للولايات المتحدة عسكريا. واطلق المتظاهرون حمامتين قبل ان يتوجهوا الى امام مبنى السفارة الفرنسية للتعبير عن دعم موقف باريس حول الملف العراقي. وتعارض الحكومة والاحزاب السياسية والمنظمات الاسلامية الكبرى في اندونيسيا شن حرب على العراق. وتعتبر اندونيسيا اكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان المسلمين. وفي حال الهجوم على بغداد، تتوقع الحكومة الاندونيسية تظاهرات حاشدة جدا في الارخبيل. وفي باكستان، تتوقع لجنة مناهضة للحرب قيام تجمعات في عشرين مدينة. اما في الهند حيث تقيم اقلية مسلمة كبيرة، فقد نظمت تظاهرة في كالكوتا. واخيرا في هونغ كونغ، بدأت تظاهرات محدودة الجمعة ويجري التحضير لتجمع كبير امام قنصليات الولاياتالمتحدة وبريطانيا. قدس برس --ميدل ايست اونلاين