تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    الطالبي العلمي يعلن اقتراب عقد المؤتمر الإقليمي لتجديد هياكل حزب الأحرار بتطوان    التساقطات المطرية الأخيرة تنعش آمال الفلاحين بموسم فلاحي جيد    ترامب يتراجع عن دعوات تهجير سكان غزة    الأمم المتحدة تحذر من موت الملايين من الناس جراء نضوب المساعدات الأمريكية    هذا ما صرح به الهيلالي للصحافة الإسبانية: رفضت البارصا مرتين و « سأكون أسعد شخص في العالم إذا تلقيت دعوة اللعب مع المغرب »    الفيفا … الاتحاد الذي لا يعرف الأزمات … !    تعميم المنصة الرقمية زيارة على كل المؤسسات السجنية في المغرب    تعيينات في مناصب المسؤولية بالأمن    ترامب يتراجع: لا أحد سيقوم بطرد أي فلسطينيين من غزة    دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.. ريال مدريد يبلغ ربع النهائي على حساب جاره أتلتيكو    الدوحة… التأكيد في اجتماع اللجنة الخماسية والمبعوث الأمريكي ويتكوف على مواصلة التشاور بشأن خطة إعادة إعمار غزة    الريال يتجاوز أتلتيكو بشق الأنفس ويبلغ ربع نهائي الأبطال    الأمن يوقف شخصين بحوزتهما مخدرات وأسلحة بيضاء في طنجة    ناصر بوريطة يستقبل وزيرة خارجية إفريقيا الوسطى حاملة رسالة إلى الملك من رئيس الجمهورية    الإعلام الموريتاني: بدعم مغربي.. موريتانيا تحقق إنجازًا تاريخيًا وتظفر بعضوية مجلس الفيفا لأول مرة    إدارة السجون تعمم منصة "زيارة" على جميع المؤسسات السجنية    مدير إقليمي يرد على وزير التعليم بعد إعفائه: قراركم مليء بالمغالطات ولم تزرنا أي لجنة للتفتيش    ارتفاع المداخيل الجمركية إلى 14.7 مليار درهم    جلالة الملك يحل بمدينة الدارالبيضاء قادما إليها من عاصمة مُلكه الرباط    رئيس مجلس النواب يجري مباحثات مع رئيس لجنة الدولة للعمل مع الجالية الأذربيجانية    نشرة انذارية : أمطار قوية وتساقطات ثلجية بعدد من مناطق المملكة    دوري أبطال أوروبا.. مبابي ضمن قائمة ريال مدريد لمواجهة أتلتيكو الحاسمة    موتسيبي يشيد بشعبية فوزي لقجع    وهبي: المال العام "ماشي سايب" .. والمزايدات تسيء إلى الديمقراطية    من الخليج إلى المحيط… المَلكيات هي الحلّ؟    انهيار سقف منزل في القصر الكبير    وزارة الثقافة تفرج عن نتائج جائزة المغرب للكتاب    انطلاق دوري الشطرنج ضمن رمضانيات طنجة الكبرى بمشاركة واسعة وأجواء تنافسية    حزب الأصالة والمعاصرة : تفاقم البطالة معضلة حقيقية    "بصمة التراث".. أول سلسلة رسوم متحركة تعنى بإحياء التراث المغربي    علماء روس يطورون أول دواء مزدوج لعلاج سرطان البروستات    سعد المجرد يجري عملية جراحية على مستوى الأذنين    حجز أزيد من 640 كلغ من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    العامل المرزوقي يقود بنجاح اجتماعًا موسعًا لإيجاد حلول لأزمة الاكتظاظ في ميناء طنجة المتوسط    في مؤتمر صحفي بالفجيرة.. إعلان رسمي عن أكبر دورات مهرجان المونودراما    مؤسسة لالة زهرة اليملاحي للتنمية العادلة وإحياء الثرات تعلن عن تنظيم رمضانيات ليكسوس لإحياء الثرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    مصطفى بنرامل ل"رسالة 24″ : نسبة ملء السدود بلغت 34 ,30 بالمائة بفضل التساقطات المطرية الأخيرة    13 مليون مشاهد خلال الإفطار.. تفاعل قوي للمغاربة مع برامج رمضان للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    الاتحاد الإفريقي لكرة القدم يعيد انتخاب موتسيبي رئيسا بالتزكية    الشرقاوي: وكالة بيت مال القدس نفذت أزيد من 200 مشروع كبير لفائدة المقدسيين    يسار يقدم "لمهيب" في الدار البيضاء    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    رياض مزور يوقع اتفاقية شراكة مع "التجاري وفا بنك" لتعزيز رقمنة التجار    روسيا تقصف سفينة "قمح جزائري"    دراسة: التغذية غير الصحية للحامل تزيد خطر إصابة المولود بالتوحد    استئناف المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وموسكو لا تستبعد التواصل مع واشنطن بشأن اقتراح الهدنة    أطعمة يفضل الابتعاد عنها في السحور لصيام صحي    تصوير الأنشطة الملكية.. ضعف الأداء يسيء للصورة والمقام    أنفوغرافيك | المغرب ومؤشر القوة الناعمة العالمية لعام 2025    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    كيف يؤثر الصيام في رمضان على الصحة ويحسنها؟    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الخليج إلى المحيط… المَلكيات هي الحلّ؟

قبل القمّة العربية في القاهرة، وبعدها، احتضنت السعودية لقاءَين عربيَّين من الأهمية بمكان. تعلّق الأول بلقاء قمّة مصغّرة ضمّت قادة دول مجلس التعاون الخليجي، بمعيّة ملك الأردن عبد لله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي، في لقاء صُنّف ب»الأخوي غير الرسمي». وهو توصيفٌ جاء درءاً لحساسياتٍ يمكن أن تبديها عواصم عربية أخرى (كما تأكّد مع «غضبة» رئيس الجزائر). وكان واضحاً أن الأمر يتعلّق بتوفير شروط نجاح قمّة عربية، جاءت في ظرف حادّ وشديد الخطورة، بعد أن أشهر دونالد ترامب مشروعه لتهجير أهل غزّة، بعد عملية تطهير لم يعرفها التاريخ المعاصر. وجاء اللقاء الثاني بعد يومَين من القمّة العربية، وجمع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بمصر وسورية والمغرب والأردن، وكان شعاره «دعم أمن واستقرار المنطقة».
لعلّ أهم ما في جدول أعمال القمّة، في ما يخصّ «ما قبل» و»ما بعد»، وجود بنية سياسية وتكتّل «جيو اقتصادي» قادر على أن يلعب دور «الناظم الإقليمي»، سواء في قضايا الشرق الأوسط، وفي قلبها قضية فلسطين، أو في ما يتعلّق بالترتيبات ذات العلاقة بالأمن والاستقرار في المنطقة العربية. في مقابل قوىً أخرى لا تُخفي إرادتها أن تتولّى هذا الدور، من قبيل تركيا أردوغان وإيران خامنئي وإسرائيل اليمين الفاشي، عبرالحريق الشامل.
وإذا نظرنا إلى الدول التي دخلت في دوّامات حروب أهلية (السودان وليبيا) أو دخلت في مراحل انتقال سياسي جرَّت تصدّعات كبرى على بلدانها (سورية واليمن وتونس)، فإن المجلس، إضافة إلى المغرب والأردن، يشكّل منظومةً ملكيةً قائمة وحدها وسط الدمار، ومستقرّة، ولعلّها النموذج الحيّ والأكثر قدرة على إنتاج الفعل الجيوسياسي المثمر. الدول العربية الأخرى، بالرغم من قوتها، كما هو حال مصر، التي تُعدّ رقماً حاسماً في المعادلة إقليمياً، تحتاج بالفعل إلى السند الخليجي في تثبيت طموحها أو مصالحها في اللعبة الدولية. وواضحٌ بالنسبة للأردن ومصر أن هذا السند ارتقى إلى سند عربي شامل، من خلال قرارات قمّة القارّة الماضية، وسيتّسع إلى المنظومة الإسلامية في القمّة الإسلامية، من حيث مواجهة مخطّط ترامب، وسعيه إلى حصر البلدين في زاويةٍ حادّة، بالضغط عليهما في قضية استيعاب (أو على الأقلّ استقبال) الفلسطينيين المهجّرين، الدائم أو المؤقت.
وقد تعزّز دور مجلس التعاون ناظماً جيوسياسياً في المنطقة على قاعدة تحليل متطابق للقضايا الدولية، كقضية فلسطين ودور القوى العظمى المتصارعة على خريطة العالم العربي، في فتراتٍ حاسمة، لأن مكوّناته حافظت على استقرارها، بالرغم من منعطفاتٍ شرسةٍ وقاسيةٍ عرفتها المنطقة العربية، منذ منتصف تسعينيّات القرن الماضي، مع سقوط جدار برلين ووصول القطبية الأحادية العنيفة إلى تدبير العالم، وما ترتب عنه من سقوط أنظمة وتفكّك دول، كالعراق مثلاً.
استطاعت هاته الكيانات أن تحافظ على وجودها، وكذا على طبيعة أنظمتها، وأبانت قدرةً معتبرةً في تجاوز الاستحالات السياسية التي وقعت بين براثنها أنظمة العالم العربي كلّه. وبعد نجاحها في تجاوز مخلّفات «عاصفة الصحراء» (1991)، تجاوزت «عاصفة الربيع العربي» (2011). ولعلّ أهم قرار اتُّخذ دعوة الملكيَّتَين، الأولى في أقصى الغرب الإسلامي (المغرب)، والثانية في تماس مع دائرة النار في الحدود مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، الأردن، إلى الانضمام إلى المجلس. وتعزّزت بذلك المنظومة المَلكية في لعب الأدوار الحاسمة في الدائرة العربية، ولربّما العربية الإسلامية.
ومن المغرب، تبدو كتلة مجلس التعاون الخليجي اختياراً تاريخياً وشبه قدري، مبنيّاً على واقعية سياسية وبراغماتية في التحليل. وهو ما قام به العاهل المغربي محمد السادس مند قرابة عقد، حين نبّه في قمّة الرياض 2016 إلى أن «المنطقة العربية تعيش على وقع محاولات تغيير الأنظمة وتقسيم الدول، كما هو الشأن في سورية والعراق وليبيا. مع ما يواكب ذلك من قتل وتشريد وتهجير لأبناء الوطن العربي».
وكان واضحاً أن القيادة المغربية تقرأ بعين مشتركة تفاعلات ما يجري في المنطقة، وفي طول الخطّ العربي وعرضه، إذ ولدت «تحالفات جديدة» هدفها إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة، عبر إشعال الفتنة وإحداث الفوضى، «لن تستثني أيّ بلد»، وتكون لها تداعيات خطيرة «على المنطقة، بل على الوضع العالمي». ولعلّ الدول التي تشكّلت في ما نسمّيها «المنظومة المَلكية العربية» تدرك أنها يجب أن ترتقي بشراكتها إلى ما هو أعلى وقابل للقياس والترقيم، وهي المصلحة الاقتصادية المشتركة، وإعطاء مضامين لهذا الارتقاء، بعيداً ممّا يتحقّق سياسياً وتاريخياً وثقافياً، وما إلى ذلك. ولذلك، يطمح المغرب بصفته عضواً شريكاً أن تعاد هيكلة العلاقة بينه وبين منظومة الخليج، على أساس آليات متجدّدة، وهيكلة مؤسّساتية مستحدثة، منها جعل القمّة المغربية الخليجية آليةً مرجعيةً في كلّ ما يتعلّق بالشراكة المفترض أنها ستدخل مرحلةً جديدةً، إلى حدود 2023، وإيجاد مجلس مشترك بين رجال الأعمال، وفتح الباب واسعاً نحو أفريقيا، من خلال مبادرات تسمح للمجلس بالامتداد الأفريقي من بوابة مضمونة وأكثر استقراراً، عرفت إصلاحات اقتصادية عديدة (ضريبية وأخرى تخصّ الاستثمار وقوانينه وشروطه الأكثر انفتاحاً)، هي المغرب. ولعلّ المطلوب فيها شراكة من أجل استثمار مواعيد رياضية اقتصادية، كتنظيم المونديال والاستثمار الطاقي في أنبوب الغاز الأفريقي الأطلسي بين نيجيريا والمغرب، ومبادرة فتح الطريق لدول الساحل نحو الواجهة الأطلسية، وهي مشاريع هيكلية ومفيدة للمغرب، لكنّها، في الوقت نفسه، تثبّت أدواراً قارّيةً أوسع للمنظومة السياسية في الخليج.
الطموح الأكبر صار مسموحاً به، على أساس هدف مُعلَن، «تجديد العقد الاستراتيجي» لمواجهة تحدّيات كبيرة وخطيرة.
نشر بالعربي الجديد 11 مارس 2025


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.