وسط حضور شعبي استثنائي، اختتمت يوم الأحد 30 أكتوبر 2016، فعاليات النسخة الرابعة لموسم الولي الصالح سيدي بوعباد، إقليمخنيفرة، بعد ثلاثة أيام متواصلة سجلت نجاحا ملحوظا على مستوى عدد الزوار من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بالنظر لقيمة الموروث الثقافي والزخم التاريخي و الديني الذي يحمله هذا الموسم الذي استعادته القرية عام 2013، بعد أربعين سنة من اندثاره، إلى أن عاد لينبض من جديد بفضل تضافر جهود أبناء القبيلة ووجهائها وشرفائها، إلى جانب فعالياتها المحلية ومنتخبيها، في مقدمتهم الاتحاديان البرلماني ورئيس المجلس القروي، حيث تجند الجميع لإنجاح التظاهرة المنظمة تحت إشراف شرفاء المنطقة. وتضمن موسم الولي الصالح سيدي بوعباد، هذه السنة، عدة أنشطة تواصلية للتعريف بسيرة وتاريخ هذا الولي، وبما تزخر به المنطقة من طاقات وإمكانيات اقتصادية هائلة، خاصة مقالع الفسيفساء والرخام، ومن مؤهلات سياحية جبلية وكرم متوارث أبا عن جد، وقد افتتحت فعاليات الموسم بزيارة جماعية لضريح الولي الصالح، حضرها عامل الإقليم وشخصيات منتخبة وعسكرية وقضائية ودينية وإدارية ومدنية وجمعوية وإعلامية، وذلك بالموازاة مع أنشطة تم تتويجها بأمداح نبوية وقراءات قرآنية وطقوس تقليدية، في حين تميزت المناسبة بتجديد سقي «الشجرة المشتركة» التي تجمع مكونات القبيلة. وعلى مشارف ساحة شاسعة محاطة بعشرات الخيام، تفاعل الحاضرون والزوار مع استعراضات رائعة ل 12 فرقة (سربة) قدمت من سيدي بوعباد، أولاد خلو، الزعامة، بني عيسى، حد بوحسوسن، أولاد إبراهيم، وشكلت لوحات ممتعة من «التبوريدة» في أجواء احتفالية فلكلورية، من خلال الأداء والدقة في العروض الشيقة التي تفاعل معها الجميع كفن من الفنون التراثية المغربية التقليدية التي حافظت على طقوسها المتجذرة في التاريخ العربي والأمازيغي، وعشق لتراث الفرس والفروسية، وقد حضر التظاهرة ضيوف من منتخبين وبرلمانيين ورؤساء جماعات وغرف مهنية، من أقاليم خنيفرة وبني ملال والفقيه بن صالح وخريبكة. و ازدادت الفرجة روعة بإرفاق عروض «التبوريدة» بمجموعات من «عبيدات الرمى» و»أحيدوس»، التي جاء تمازجها الثقافي لتشارك ضيوف المهرجان بطقوسها المنبعثة من عمق استثناءات المجتمع المغربي، وبصورة حاملة للكثير من الدلالات العميقة التي لا تقل عن حسن الضيافة وحب السلام والتعايش القبلي، وتمازج فنون وأطياف الوطن الواحد. وعلى خلفية ما تشكله ظاهرة الموسم السنوي من متنفس ترفيهي بالمنطقة، عاش سكان المنطقة على إيقاع سهرات فنية عمومية شاركت فيها مجموعات شعبية فولكلورية، منها فرقة إتري آيت لحسن لفن أحيدوس وفرقة الفنان ميمون من خنيفرة، إلى جانب مجموعة الشيخ موتشو لعبيدات الرمى من أبي الجعد، قبل إسدال الستار بتوزيع الشهادات التقديرية على المشاركين والجوائز على الفرسان والفائزين في استعراضات التبوريدة، وقد جدد المنظمون التزامهم بجعل التظاهرة تقليدا سنويا من أجل إبراز الموروث الثقافي للمنطقة وامتدادها التاريخي. ومعلوم أن منطقة سيدي بوعباد تعتبر قلعة تاريخية من عهد المرابطين، وهي الشهيرة بوليها الصالح سيدي بوعباد، وكانت بها زاوية قديمة درس بها عدة شيوخ وفقهاء وعلماء، من ضمنهم الشيخ «الهادي بنعيسى»، الملقب بالشيخ الكامل المدفون بمدينة مكناس، وهو ابن المنطقة وسليلها، حسب تصريح أدلى به نقيب الشرفاء الذي زاد مؤكدا أن المنطقة تضم أضرحة وقبورا للأولياء الصالحين من سليلي البيت النبوي الشريف، منهم سيدي بنعيسى الملقب بأبي السباع، وهو من شجرة إدريس الأول، وحسب إفادة النقيب فإن الولي الصالح بنعيسى ولد سنة 570 ه 1260 م بمنطقة سوس وترعرع فيها ودرس أصول الفقه بها إلى أن هاجر إلى قرية سيدي بوعباد وأسس زاويته ودرس فيها العلوم الشرعية.