يقوم رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند السبت المقبل بزيارة صداقة وعمل رسمية إلى مدينة المغرب بدعوة من جلالة الملك محمد السادس تدوم يومين، وفقا لما أعلنه بلاغ لوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة. وكشف بيان لوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة أول أمس الاثنين أن جلالة الملك محمد السادس سيجري مباحثات رسمية مع الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، كما يترأس جلالته والرئيس الفرنسي عدة أنشطة رسمية تهم دعم التعاون الثنائي بين البلدين وأهم القضايا الدولية. ومن جانبه، كشف القصر الرئاسي الفرنسي أن زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للمغرب، التي تعد الثانية خلال ولايته الرئاسية، ستتميز بمباحثات ثنائية ستهم عددا من القضايا محل الاهتمام المشترك، فضلا عن تعزيز التعاون الثنائى بين باريسوالرباط فى العديد من المجالات لاسيما مكافحة التطرف والارهاب والتنمية الاقتصادية والتحضير لرئاسة فرنسا لمؤتمر المناخ القادم فى دورته ال21 وكذلك لرئاسة المغرب للدورة 22. ومن المتوقع ان تتناول المباحثات بين الرئيس الفرنسى والملك محمد السادس تطورات الأوضاع فى الشرق الاوسط لا سيما فى منطقة الساحل بالإضافة إلى أزمة المهاجرين. وقد وقع الاختيار على عاصمة البوغاز، طنجة، التي يزورها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في ثاني زيارة له لهذا البلد الافريقي منذ وصوله قصر الايليزي، بالنظر لاعتبارها رمزا لاحتضان العديد من المشاريع الاقتصادية بين المغرب وفرنسا المنجزة أو الجاري انجازها من قبيل القطار فائق السرعة الذي سيربط بين طنجة والدارالبيضاء، بشراكة اقتصادية مع عدد من المقاولات والمؤسسات الفرنسية. وتعد فرنسا الشريك الاقتصادى الأول للمغرب إذ أن الاستثمارات الفرنسية تمثل أكثر من نصف رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى المغرب كما يوجد به 750 فرعا لشركات فرنسية تضمن أكثر من 120 ألف وظيفة. وتأتى زيارة الرئيس الفرنسي هولاند إلى مدينة طنجة، الذي سبق وحل ضيفا رسميا بالرباط والدارالبيضاء فى عام 2013، فى الوقت الذى تشهد فيه العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا انطلاقة جديدة بعد التوقيع في 31 يناير المنصرم على اتفاقية التعاون القضائي واستئناف التعاون القانوني والقضائي والتي خلقت ظروف تعاون قضائي أكثر فعالية بين المغرب وفرنسا . وأنهى التوقيع على اتفاقية التعاون القضائي واستئناف التعاون القانوني والقضائي بين الرباطوباريس خلافا دبلوماسيا نشب إثر زيارة سبعة عناصر من الشرطة الفرنسية بمحاولة تبليغ استدعاء قضائي إثر شكايات قضائية تم رفعها بفرنسا ضد عبد اللطيف الحموشي، بشأن اتهامات حول تورط مزعوم في ممارسة التعذيب بالمغرب، بمقر إقامة السفير المغربي بباريس. وتعيش الرباطوباريس اليوم تقاربا كبيرا، لم يكن ممكنا قبل أكثر من سنة من الآن، غير أن هذا التقارب الذي يرى فيه البلدان مساهمة في انفراج الأزمة السياسية والديبلوماسية ودفعة جديدة للعلاقات المتعددة بين الرباطوباريس، يجد فيه البعض مجالا لإشعال فتيل التوتر بين باريسوالرباط واستدامة الأزمة. وفى هذا السياق الذى عادت فيه العلاقات الى طبيعتها، ظهرت قضية الصحفيين الفرنسيين إريك لوران وكاترين غراسيى اللذين اعتقلا فى باريس لمحاولتهما ابتزاز جلالة الملك المغرب محمد السادس وطلب مقابل مادي للتخلي عن نشر كتاب حول المغرب. وتتجه الرباط في علاقتها بباريس، بكل تأكيد، اليوم نحو المستقبل من أجل استئناف مسار التفاهم وضخ دينامية جديدة في العلاقات الثنائية المتجذرة في التاريخ مستثمريَن الظروف الملائمة التي من شأنها أن تجمع وتعزز أكثر فأكثر الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. هذه الشراكة التي لا يمكنها أن تتطور وتمكن من انفتاح الرباطوباريس على آفاق جديدة بين البلدين، إلا في ظل مقاربة ديبلوماسية تتميز بالنضج وبثقتها في إمكانياتها من أجل البناء المشترك، ديبلوماسية سليمة مستقرة ومنتجة تجمع العاصمتين. ففى التاسع من فبراير الماضي، قام جلالة الملك محمد السادس بزيارة لباريس سمحت بطي صفحة الخلاف بين البلدين. وجرت فى سياق المصالحة العديد من اللقاءات الرفيعة المستوى من بينها تلك التى قام بها رئيس الوزراء الفرنسى مانويل فالس الى الرباط فى ابريل الماضى وأعقبها زيارة فى ماي لرئيس الحكومة عبد الاله بنكيران و12 من وزرائه فى باريس فى إطار الدورة 12 "للقاء الرفيع المستوى" المغربى الفرنسي، والأولى منذ الأزمة الدبلوماسية التى عرقلت العلاقات بين البلدين لنحو عام. وتأتي زيارة الرئيس الفرنسي هولاند إلى مدينة طنجة بعد أسابيع من تقديم جان فرانسوا جيرو، وهو واحد من بين الديبلوماسيين الفرنسيين المحنكين، أوراق اعتماده كسفير جديد لباريس في العاصمة الرباط خلفا لشارل فريس، الذي دعي لتولي مهام أخرى. وشغل السفير الفرنسي الجديد، جان فرانسوا جيرو، الذي يبلغ من العمر 59 سنة، منصب مدير مديرية شؤون شمال إفريقيا والشرق الاوسط في الخارجية الفرنسية منذ أقل من ثلاث سنوات، كما شغل قبلها منصب سفير في كل من العاصمة السورية دمشق في الفترة الممتدة ما بين 2002-2006 وسفيرا لباريس في العاصمة العراقية في المدة ما بين 2006-2009 ليلتحق سنة 2010 بهانوي عاصمة الفيتنام كسفير لفرنسا حيث قضى بها سنتين. وأوضحت ذات المصادر أن المعرفة الجيدة للديبلوماسي الفرنسي جان فرانسوا جيرو، الذي يتحدث الفارسية، بالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمجتمعات الشرق الاوسط وشمال افريقيا ومهنيته العالية في التعاطي مع القضايا الديبلوماسية، سوف تمكنه من استثمار تجربته في تقريب الرؤى بين المغرب وفرنسا في عدد من مجالات التعاون الثنائي. ويعتبر السفير الفرنسي الجديد، جان فرانسوا جيرو، واحدا من المقربين من الرئيس الفرنسي الاسبق جاك شيراك، الأمر الذي جعل مراقبين للشأن الديبلوماسي يرون في تعيينه في مرحلة الانفراج الذي تعرفه العلاقات المغربية الفرنسية، التي عاشت أزمات متتالية على عهد السفير الحالي شارل فريس، رافعة لتوطيد العلاقات بين باريسوالرباط.