في الوقت الذي أدركت فيه فرنسا وبشكل جلي أن تحقيق الهدوء في العلاقات الثنائية بين الرباطوباريس، أمر ضروري من أجل «تبديد» سحابة أزمة سياسية وديبلوماسية بين المغرب وفرنسا، دامت لما يقارب السنة، بدت على الساحة الإعلامية بالخصوص «رسائل» تعاكس رغبة البلدين في ولوج «عهد جديد» للعلاقات المغربية - الفرنسية المتعددة الأبعاد. فإذا كانت الزيارة التي خص بها جلالة الملك محمد السادس بعد عصر أمس الاثنين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، إشارة قوية تترجم التشبث الدائم لكل من الرباطوباريس بالعمل من أجل الحفاظ على الشراكة الاستثنائية التي تميز العلاقات بين البلدين، فإن أطرافا عديدة قد تعتقد تحكمها في دواليب الاعلام والسياسة الخارجية على المستوى الإقليمي والدولي، لا تود أن تنتبه إلى أنها في الآن ذاته إشارة قوية لرغبة المغرب في تجاوز «حالات سوء الفهم» التي طبعت علاقته مع فرنسا قبل سنة من اليوم. فقد تزامن توصل باريسوالرباط إلى اتفاق لتعديل الاتفاقية المغربية الفرنسية للتعاون القضائي، الذي تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى قبل أسبوعين بباريس من طرف وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، ووزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا، مع ترخيص السلطات الفرنسية لمجموعة من المغاربة، لم يتجاوز عددهم خمسة أنفار، حسب ما تناقته، وسائل الاعلام، للتظاهر بجابب إقامة جلالة الملك محمد السادس، وليس أمام بابها الرئيسي في بلدة بيتز شمال باريس. كما لم يسلم التقارب الذي تعيشه، اليوم، العلاقات الثنائية بين الرباطوباريس والذي ترجمه جلالته منذ الجمعة قبل الماضية بالقيام بزيارة خاصة للديار الفرنسية، بإعلان ذات المجموعة، ضمنهم الضابط السابق مصطفى أديب لتنظيم وقفة احتجاجية أمام قصر الإيليزي، تتزامن مع زيارة جلالته للرئيس الفرنسي فراسوا هولاند تجسيدا للاحتفاء بالصداقة بين فرنسا والمغرب التي تميزت بقوتها عبر التاريخ. لقدد تزامنت زيارة جلالة الملك محمد السادس للرئيس الفرنسي، كتعبير عن رغبة باريسوالرباط في الحرص على العمل من أجل الحفاظ على علاقة الصداقة التي تجمع بين البلدين، مع بدء جريدة «لوموند» الفرنسية ومجموعة من وسائل الإعلام العالمية نشر لائحة لمن اعتبرتهم متهربين من الضرائب عالميا، وكشفت «لوموند» أن ضمن اللائحة ملوك وأمراء وفنانون ورجال أعمال منهم المغاربة. وكشفت أنه ما يقارب 1068 زبونا من المغرب لديهم حسابات في الفرع السويسري للبنك البريطاني حيث يستعمل 21 بالمائة جوازات مغربية بينما الباقون جوازات أجنبية. وفي ظل ذات التقارب بين باريسالرباط خرجت بعض وسائل الإعلام الجزائرية لتنسب تصريحات إلى سفير فرنسا في الجزائر بيرنار إميي، والمتعلقة بالاستجواب الذي خص به وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار صحيفة «لوموند». وعكس ما نقلته وسائل الإعلام الجزائرية، أوضح الناطق باسم الخارجية الفرنسية أن إميي أجاب لدى سؤاله حول تصريحات مزوار لصحيفة «لوموند»، أن «العلاقات بين فرنساوالجزائر لها منطقها الخاص، وهي مستقلة عن العلاقات بين فرنسا والمغرب، والتي نرغب أن تشهد انطلاقة جديدة، وإعادة الدفء إليها». وقال رومان نادال، في لقاء مع الصحافة، ««ننفي التصريحات التي نسبت من قبل بعض وسائل الإعلام لسفير فرنسا في الجزائر، والتي لم تنقل بشكل دقيق»». تعيش الرباطوباريس اليوم تقاربا كبيرا ، لم يكن ممكنا قبل سنة من الآن منذ أن اندلعت يوم 20 فبراير الماضي الأزمة بين المغرب وفرنسا عندما قام سبعة عناصر من الشرطة الفرنسية بمحاولة تبليغ استدعاء قضائي إثر شكايات قضائية تم رفعها بفرنسا ضد عبد اللطيف الحموشي، بشأن اتهامات حول تورط مزعوم في ممارسة التعذيب بالمغرب، بمقر إقامة السفير المغربي بباريس، غير أن هذا التقارب الذي يرى فيه البلدان مساهمة في انفراج الأزمة السياسية والديبلوماسية ودفعة جديدة للعلاقات المتعددة بين الرباطوباريس، يجد فيه البعض مجالا لإشعال فتيل التوتر بين باريسوالرباط واستدامة الأزمة.