خبير في البيئة والتنمية مدينة طنجة، أقدم مدينة في المغرب، والقطب الحضري الثاني للمملكة بحوالي 1.3 مليون نسمة، والقطب الاقتصادي الثاني بعد الدارالبيضاء، لا تتوفر على جامعة مستقلة، بل فقط مؤسسات جامعية تابعة لجامعة عبد المالك السعدي التي يوجد مقر رئاستها في تطوان. فمن أصل 10 كليات تابعة لهذه الجامعة توجد ثلاثة في مدينة طنجة، ومن أصل 6 مدارس عليا توجد 3 في طنجة. ولا توجد في المدينة لا كلية الآداب والعلوم الإنسانية ولا كلية العلوم ولا حتى ملحقة لكل منهما، فعلى طلبة مدينة طنجة الذين يريدون الدراسة في هاتين الكليتين التنقل والإقامة في مدينة تطوان. وتاريخيا كان الطلاب الذين أوفدهم الحسن الأول للتعلم في أوروبا يتعلمون اللغات الأجنبية في طنجة قبل سفرهم إلى أوروبا، كما عرفت المدينة أول نواة جامعية عصرية، تمثلت في المدرسة الطبية الإسبانية التي تأسست في عام 1888 تحت إدارة الطبيب العسكري فليبي أوفيلو كاناليس.
المدرسة الطبية الإسبانية
قد يقول قائل، بأن جامعة واحدة في الجهة تكفي، لكن في كل دول العالم لن تجد مدينة بحجم مدينة طنجة بدون جامعة أو أكثر من جامعة واحدة، ولن أقوم بالمقارنة مع الدول المتقدمة، وسأكتفي بأمثلة من الدول العربية: – الجزائر: عدد السكان 46 مليون نسمة، بها 48 ولاية (أي العمالة أو الإقليم في المغرب)، في كل ولاية تجد جامعة واحدة على الأقل، والمدن الكبرى فيها أكثر من جامعة واحدة: وهران 3 جامعات، قسنطينة 4 جامعات، عنابة 3، سطيف 2، الجزائر العاصمة 3، البليدة 2، باتنة 2. – تونس: عدد السكان 12.2 مليون نسمة، عدد الولايات 24، وبها 13 جامعة بمعدل جامعة لكل مليون نسمة. – ليبيا: عدد السكان 7.4 مليون نسمة، عدد الولايات 22، وبها 17 جامعة بمعدل جامعة لكل 435 ألف نسمة. – العراق: عدد السكان 45 مليون نسمة، عدد المحافظات 19، وبها 51 جامعة بمعدل جامعة لكل 880 ألف نسمة، وفي كل محافظة جامعة واحدة على الأقل. أنا لا أدعو لوجود جامعة في كل عمالة وإقليم بالمغرب، فالإمكانيات المالية لا تسمح، خصوصا وأن عدد العمالات والأقاليم يتجاوز ال70، وإنما على الأقل أن تكون في كل مدينة كبرى يفوق عدد سكانها نصف مليون نسمة جامعة واحدة. وهذا المطلب ليس الهدف منه هو فقط تقريب الجامعة للمواطنين، وإنما الهدف الأساسي هو أن تنخرط الجامعة في التنمية، من خلال توجيه البحث العلمي وبحوث التخرج لمعالجة قضايا تهم المنطقة الجغرافية التي توجد فيها الجامعة أو ما يعرف بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي للجامعة، وكذلك من أجل تنظيم دروس التكوين المستمر لفائدة ساكنتها، ومساهمتها في الإشعاع الثقافي للمنطقة، إلى غيرها من الأدوار التنموية. والمدن المغربية التي توجد بها جامعات خصوصا مقرات الرئاسة التي تنفرد بمهمة الشراكة والتعاون، وباستثناء مدينة الدارالبيضاء كلها مدن أصغر من طنجة من الناحية الديموغرافية ومن الناحية الاقتصادية. وأذكر أنه في بداية العهد الملكي الجديد، كان مثقفو المدينة يتداولون مطلب إحداث جامعة في طنجة، بل اقترحوا حتى أسماء لها فيما أذكر: جامعة محمد السادس، جامعة ابن بطوطة… ولا أعلم إن كان أرسل إلى العاصمة هذا الطلب بشكل رسمي أم بقي حديث الصالونات فقط.