تميزت الباكالوريا هذه السنة بضجة إعلامية اجتماعيةوسياسية غير مسبوقة,وصلت قبة البرلمان بغرفتيه,كما أصبحت حديث اليومي المغربي,والسبب وإن كان يعزو لتسريبات الامتحان,فإنه يطرح إشكالية كبرى تهم منظومة تعليمية برمتها أصابها الوهن والعجز وأصبحت متجاوزة. وإذا كان وزير التربية الوطنية,رشيد بلمختار قد اعترف بهذا العجز في تصريحه غداة التسريبات بأنه «يجب إعادة النظر في منظومة التقييم ككل، مشددا على «أنه لابد من التقييم بناء على الكفاءات، وليس إعادة التلميذ لما تم تلقينه، وهذا الأمر يحتاج مدة زمنية تراوح ثلاث إلى أربع سنوات».إلا أنه يبعد المسؤولية عن وزارته بكونها ليست وحدها مسؤولة عن الغش، بل الآباء والمسؤولون السياسيون لهم مسؤولية كذلك، لأنها ظاهرة مجتمعية». المسؤولون السياسيون بدورهم حملوا احتجاجاتهم إلى قبة البرلمان بغرفتيه للتنديد بتقصير وزارة بلمختار في إعطاء شهادة الباكلوريا الاهتمام اللائق لها كشهادة أساسية في المسار التعليمي للشعب, حيث اعترف بلمختار أن وزارته عاشت أزمة حقيقية بعد تسريب امتحانات الرياضيات الخاصة بشعبة العلوم التجريبية والعلوم والتكنولوجيات وشدد على «أنه لفهم ما وقع لابد من تحديد المسؤوليات»، وأن «جميع الأمور مضبوطة، وبعضها يحتاج لتحسين في المستقبل»، قبل أن يدفع محمد الساسي، مدير المركز الوطني للتقويم والامتحانات، لتقديم عرض تقني حول الباكالوريا، وهو ما لم يستسغه النواب.حيث احتج عدد من النواب من المعارضة على العرض الذي وصفوه بالتقني والخارج عن موضوع الاجتماع، من طرف مدير مركز الامتحانات، مؤكدين أن الهدف هو تقديم وزير التربية الوطنية لتوضيحات للنواب حول الذي حصل بالضبط في التسريبات التي أضرت بالباكالوريا. في المقابل اعتبرت فرق الأغلبية أنه «لا يمكن أن نلزم الحكومة بجواب معين، ونقوم بتوجيهها, لأن هذا الأمر غير ممكن سياسيا وأخلاقيا»، معتبرة أن «بعض فرق المعارضة نفسها طالبت بتفاصيل حول الامتحانات والمنظومة التعليمية بشكل عام». مدير الامتحانات أكدأن مديرية مركز الامتحان تهدف إلى ضمان سرية الامتحانات لتصل لقاعة الاختبار، معتبرا أن المواضيع التي يتم وضعها تتسلم لمدير الأكاديميات في أظرفة مغلقة من اللجن الوطنية التي تشتغل بكامل الاستقلالية، ولا تتدخل مديرية الامتحانات في أي من مراحل الإعداد»وأن «اللجنة الوطنية هي المسؤولة عن جميع مراحل الامتحانات»، مضيفا أنه «يتولى مدير الأكاديميات يدا بيد تسليم الامتحانات للنواب والنائبات، وكل مركز امتحان يتسلم هو الآخر في ظرف مغلق». ولمواجهة التسريبات، أكد الساسي أن الوزارة «أحدثت خلايا للتتبع واليقظة لمواجهة نشر الامتحانات على مواقع التواصل الاجتماعي»، كاشفا أن «هذه السنة تم تحطيم الرقم القياسي، فمباشرة بعد فتح الأظرفة بتسعة دقائق تم نشره على الفايسبوك». وأوضح أن للمرشحين إمكانيات كبيرة للاطلاع على الأجوبة التي يتم نشرها، لكونهم مزودين بالأجهزة المتطورة»، مبرزا أنه «في مادة الرياضيات ليس لنا معطى من ناحية زمن النشر، أو الجهة التي وقفت وراء النشر». وأضاف الساسي أن ما أعدم إمكانية التحكم في النشر، كونه تم على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، والتي لا يمكننا أن نحدد حجم الانتشار فيها»، مسجلا أن «إعادة الامتحانات تم لأن نشر الموضوع جاء في ساعات مبكرة، وأنه لا يهم فئة محددة بل يهم خمسة مسالك كبرى وازنة.. وقال بلمختار، الذي كان يجيب عن أسئلة المستشارين بالغرفة الثانية، للبرلمان المغربي، «كنا في اتصال مباشر مع وزارة الداخلية، والأمر كان صعبا، وكان يمكن أن لا نتحكم في الأمر»، كاشفا أن 1600 مركز امتحان، يجب أن يشملها التفتيش في جميع النيابات والأكاديميات عبر تراب المملكة . وأوضح بلمختار أن الكشف عن المسؤولين عن التسريب سيأخذ وقتا طويلا، من قبل التفتيشية العامة ، مبرزا أنه «ليس هناك معطيات حول من سرب الامتحان، «ليس لدي دليل على الجهة التي تقف وراء تسريب الاختبار، وعندما تتضح النتائج سنكشفها للرأي العام».مضيفا يأنه»لا يمكن أن أحكم، وأقول أشياء غير صحيحة»، مبررا ذلك بكون «التحقيقات مازالت مفتوحة، ولمساعدة المشرفين عليها لا يجب أن نقوم بتسريب معطيات يمكن أن تؤثر عليها». وفي رده عن من قال بأن هذه التسريبات تمس بقيمة الباكلوريا أن»ما يمس بمصداقية الباكالوريا هو النقط التي يمنحها الأساتذة للتلاميذ في المراقبة المستمرة». وأبرز المسؤول الحكومي أمام المستشارين، الذين اتهموه بكونه لا يقول الحقيقة، «أنا لا أكذب، وأنا صريح، وأقول الأشياء كما هي»، مجددا التأكيد على «أن التسريب يمكن أن يكون اليوم وغدا، والسبب هو التطور التكنولوجي الذي يجعل منه أمرا سهلا».