عرفت الندوة التي نظمتها الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة "أزطا أمازيغ"، الخميس، حول "الحصيلة الحكومية في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية"، "تضارباً في الرؤى" بين وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وبعض الفعاليات الأمازيغية، التي ساجَلت بحدّة المعطيات التي قدمتها الوزارة، رغم تمسك الأخيرة بأن "ما تحقّق يعكس بالفعل نهجا متقدما وهامّا بخصوص تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية". جواد صديق، رئيس قسم التخطيط والبرامج بوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، اعتبر أن من بين أهم المنجزات "تخصيص اعتمادات مالية بقيمة مليار درهم في أفق 2025′′، بالإضافة إلى إحداث مديرية تنمية استعمال الأمازيغية، التي من مهامها "إعداد مخطط أفقي يتعلق بتنمية استعمال اللغة الأمازيغية بالإدارات العمومية، ومواكبة ودعم تنفيذ المشاريع والتدابير المرتبطة به، ومواكبة الإدارات العمومية في إعداد مخططات عملها الرامية إلى إدماج اللغة الوطنية في الميادين التي تخصها ودعم تنفيذ المشاريع والتدابير المرتبطة بها، إلخ". وأشار صديق، ضمن مداخلته، إلى ما أُنجز بشأن استعمال الأمازيغية بالإدارات والمرافق والفضاءات العمومية، ذاكراً الاستقبال الحضوري بها، بجميع اللكنات، على مستوى المصالح المركزية واللاممركزة بمختلف جهات المملكة، حيث تم وضع 469 عونا رهن إشارتها، مكلفين باستقبال وتوجيه المرتفقين الناطقين باللغة الأمازيغية، لتيسير ولوجهم للخدمات العمومية بقطاعات العدل والصحة والحماية الاجتماعية، إلخ". كما تحدث المسؤول ذاته عن الاستقبال الهاتفي ب"تمازيغت"، واعتماد هذه الخدمة في 10 مراكز للاتصال تشهد إقبالا كبيرا من طرف المرتفقين؛ مع توفير 69 عونا مكلفين بالتواصل الهاتفي عبر هذه اللغة الدستورية في هذه المرافق"، لافتا أيضاً إلى "التشوير"، وزاد: "تمّ تكريس الهوية البصرية للحرف الأمازيغي، من خلال اعتمادها في محتوى اللوحات وعلامات التشوير لفائدة الإدارات والمؤسسات العمومية، بما يزيد عن 3000 لوحة وعلامة تشوير". وذكر المتحدث عينه "إدراج اللغة الأمازيغية في المواقع الإلكترونية الرسمية"، مسجلا أنه "تم إطلاق دراسة حول تقييم مستوى إدماجها بهذه المواقع بالنسبة ل158 إدارة عمومية، منها 40 قطاعا وزاريا و4 مندوبيات سامية و13 مؤسسة دستورية و101 مؤسسة عمومية"، مشيراً كذلك إلى "توقيع 39 اتفاقية، موزعة بين: 22 اتفاقية إطار تهم تنزيل البرنامج الحكومي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية و12 اتفاقية خاصة تهم تعزيز خدمات الاستقبال والتوجيه والإرشاد باللغة الأمازيغية، و5 اتفاقيات خاصة تهم كتابة اللغة الأمازيغية على واجهات وسائل النقل التي تقدم خدمات عمومية أو التابعة لمصالح عمومية". من جانبه انتقد عبد الله بادو، عضو المكتب التنفيذي ل"أزطا"، بشدة، هذه المعطيات، معتبراً أن "الحكومة لا تكف عن الحديث عن ميزانية مليار درهم مع العلم أن هذه الاعتمادات محدودة"، وأردف: "ميزانية الجهات أكبر عشرات المرات من ميزانية صندوق تحديث الإدارة العمومية ودعم الانتقال الرقمي واستعمال الأمازيغية. ومن الضروري التذكير بهذا المعطى حتى لا نسمح بتضخيم الصندوق أو اعتبار الاعتمادات إنجازاً كبيراً". ونبّه بادو، خلال تعقيبه على مداخلة جواد صديق، إلى أن تعبئة 1600 عونٍ مكلفين بالتوجيه والإرشاد ستتطلب ميزانية تكلف الصندوق 150 مليون درهم سنويا، وأورد: "العدد الإجمالي للأعوان سيبلغ 2000. من المتوقع تحويل صندوق الأمازيغية إلى علبة لتوظيف الأعوان، رغم كونهم يشتغلون في وضعية هشاشة تحت غطاء المناولة التي تديرها شركات خاصة". وتابع المتحدث ذاته: "الإرشاد مسألة مهمة جداً، لكن كان يفترضُ أن تكون انتقالية في أفق التفكير في مأسستها داخل الوزارات والمؤسسات العمومية"، مشيراً إلى "وجود تراجعات واضحة، وقيام الحكومة بتجميد المخطط المندمج لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية"، وواصل: "الاتفاقيات التي توقعها الحكومة ونسمع عنها هي بدورها غامضة؛ لا نعرف مضامينها مع أن الدستور نص على الشفافية والتدبير المشترك". واستغرب الفاعل الأمازيغي والمفتش التربوي "غياب الوضوح بشأن الأهداف المتعاقد عليها، مع العلم أنه من خلال الاطلاع عليها يمكن إرساء ثقافة واضحة للتقييم"، منبّهًا كذلك إلى كونها "لا تنعكس إيجابيا على الملف، فحجم دعم الكتاب الأمازيغي والمسرح الأمازيغي والإنتاج السينمائي الأمازيغي لا يتجاوز المبالغ التي يتم الحديث عنها؛ فيما آلية الصندوق اتضح أنها غير ناجعة بالنظر إلى غياب رؤية إستراتيجية على مستوى تدبيره".