إلى ذكرى أطفال طانطان أطفالنا جميعا أطفال البلاد النار تبكي من هول ما صَنَعَت غولة الهزيع الأخير من الويل منفوشة الشعر تندب حظها : -كيف التهمتُ أجساما غضة وأوديتُ برشاقة الحياة. هاهم حطبا للذكرى يعودون إلى ظلمات أرحام أمهاتهم هاهم طيور ابيضت أجنحتها تلملم وجودها من عدم لتغرد في الملكوت وترفرف على شجر مخضود صرخاتها أجراس في كل الجهات إلى النار سدت مَنافِذَه ُ يدُ الغيب. أسمع موتهم يرتفع نشيدا من بين الجمر والحطام وفرحة اللقاء بالأهل التي أَجَّلَهَا قدرٌ أحمق الخطى لم يَأْبَهْ للطيور المحلقة الطيور التي قبل قليل خضبت قمصانها بريش المجد الذي تناثر في الغياب ريش تلألأ برهة ثم احترق. فماذا قلت لهم يا نار لَمَّا تداعوا إليك لائذين أين كنتَ يا ماء ُ يا دعاءُ وأين اختفيتِ يا سماء ؟. الأرضُ لا تَسَعُ الأرضَ من الندم الوجود على نصل الغيلة يَنْزِفُ قال الفجر لليل : -لِمَ كَمَنْتَ في المنعطف وما اليد التي ساقت المَنونَ إلى عرض الطريق؟ مَنْ بعثر الأوراق وداس البراعم بشهب النار وهي تضحك للربيع؟ مَنْ أسرى بالموت في رِكَابِهِمْ مِنْ مَرَحٍ يشهق بالألوان إلى فُرْنٍ أحرق السماء التي مرت في خاطرهم وأزهق الروح والعظام وهي تلملم بياضهم وترنو إلى المباغتة المَهُولَةِ تحصد بمنجل الخديعة عيونهم التي تحضن أحلامهم وتحرص على غد يقطفون فيه أزاهير المنى من مشتل ظلال تغدق عليهم فاكهة الأصحاب والأحباب والبلاد .. حتى الدمُ لَعِقَ الدم َ فلم يَسِلْ سوى سوادهم حتى الهلعُ رَوَّعَهُ الهلعُ فَطَيَّرَ صَوابَهُم .. صمتٌ غزير أبيض رَانَ .. سكن المآقي أخْرَسَ ضجيج الملاعب وطوى عهد الشغب والمدرسة... صمت حسير أسود غنى للصمت الكسير الذي ما أدركه أَحَدٌ ولا مَدَدٌ ولا بَلَدٌ. ويحي .. ! ما الذي دار، في الهنيهة التي بقيت لهم، بينهم؟ وماذا رأوا ؟ ماذا غَمْغَمُوا ? ماذا وَشْوَشُوا ؟. يضع الموت رأسه بين يديه ويُجْهِشُ بالبكاء ... !