بتاريخ 26 يناير 2015 ، أحال محمد الطويل، قاضي التحقيق بمحكمة جرائم الأموال بفاس، ملف بوبكر بلكورة ومعه سبعة عشر متهما آخرين ، ضمنهم ابنه وزوجته وأمها واثنان من نوابه ومجموعة من التقنيين والمقاولين ومسيري الشركات .. على أنظار المحكمة التي حددت يوم 10مارس 2015 كتاريخ لانطلاق جلسات المحاكمة، بتهم ثقيلة ، من أهمها جناية تبديد المال العام، وجنح إقصاء المنافسين من الصفقات العمومية عن طريق التواطؤ والاحتيال، ومنح شهادات إعفاء بدون إذن من القانون عن رسم، وتسليم رخص لأشخاص لا حق لهم فيها، والتوصل بغير حق عن طريق الإدلاء ببيانات غير صحيحة ، والارتشاء .. وتكسيرا لأفق انتظار الرأي العام ، الذي تعبأ لمتابعة أطوار هذه المحاكمة التي يبدو أنها ستطول، فقد تغيب عن أولى جلساتها كل من المتهم الرئيسي بوبكر بلكورة وابنه وزوجته وحماته .. ولم يحضر المحاكمة إلا ثلاثة متهمين من أصل ثمانية عشر ضمنهم أحد نواب الرئيس .. كما لم يحضر من الشهود الأربعة الثلاثين إلا ثلاثة .. وبالرغم كذلك من كثرة المتابعين ، وثقل التهم وتعدد الشهود .. فلم يحضر من هيأة الدفاع إلا محام واحد، من خارج هيأتي مكناس وفاس .. ما جعل رئاسة المحكمة تؤجل الجلسة الى يوم 31 مارس 2015 ، لإحضار كل المتابعين والشهود . هذا الملف الذي عمر طويلا ما بين مكاتب الشرطة القضائية والنيابة العامة، وقاضي التحقيق لم يخرج من " الثلاجة " فجأة، إلا بعد تحديد الأجندة الانتخابية، وإعلان تواريخ الاستحقاقات التي ستنطلق في 4 شتنبر وتنتهي يوم 2 أكتوبر 2015 .. وقد يستغرب القارئ من هذا الربط ، بين انطلاق هذه المحاكمة وبين تحديد تواريخ الانتخابات ..؟؟ لكن بمجرد ما نعرف بأن المتهم الرئيسي في الملف، بوبكر بلكورة هو عضو قيادي في حزب العدالة والتنمية ، وأن منسق دفاعه هو رئيس جمعية محاميي العدالة والتنمية أيضا ، وعضو الأمانة العامة بها، وعندما نعرف أيضا بأن وزير العدل هو الآخر من أبرز قياديي العدالة والتنمية ، سيزول عنصر الغرابة لتحل محله التساؤلات الماكرة التالية : هل إخراج هذا الملف في هذا الوقت بالذات ، هو استباق لدرء الحرج الذي سيواجه مرشحي العدالة والتنمية، بالسؤال عن المصير القضائي لهذا القيادي في الحزب الذي تولى تدبير المدينة، وتم عزله لكثرة خروقاته .. ؟؟ وقد أعدوا الجواب الورع ، تماشيا مع مرجعيتهم الدينية: "إن الله لا يستحيي من الحق ، فرغم أن وزير العدل منا ، أي نفس حزب المتهم ، فإننا لم نسع الى طي الملف وحفظه .. ونحن ننتظر قول العدالة كلمتها .." وهم يعرفون أن هذا الجواب ، لايمكن أن يكون مجديا، إلا إذا تمادى السيد بلكورة ومن معه في تغيبهم عن الحضور، وتكرر تبعا لذلك تأجيل جلسات المحاكمة ، حتى تمر الانتخابات بسلام ..؟؟ إذا كان المتهم الرئيسي والمحامي منسق دفاعه، أعضاء قياديين في حزب العدالة والتنمية ، فهل يحسن بهم أن ينسقوا المواقف بألا يحضروا جلسات المحاكمة ؟؟ لما في ذلك من استصغار للعدالة التي يعتبر وزير العدل هو المسؤول تنظيميا عن الدفاع عنها ؟؟ فهل هذا الغياب رسالة موجهة الى وزير العدل ، الذي يجمعه والمتهم الرئيس ومحاميه، بيت العدالة والتنمية ؟؟ أم هو موجه للمواطن الناخب لإيهامه بأن قوة قياديي هذا الحزب ، تجعلهم فوق القانون ؟؟ وقد أعطوا مثالا سابقا على ذلك بإخراج جامع المعتصم ، العضو القيادي بنفس الحزب ، من السجن على خلفية ملف فساد ؟؟ عندما كان رئيسا لجماعة تمارة .. ليلتحق مباشرة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي ، دون أن تتم محاكمته ، وهو اليوم رئيس لديوان رئيس الحكومة ؟؟ هل أرادت قيادة العدالة والتنمية بإخراجها ملف بلكورة ومن معه في هذا الظرف بالذات، أن تتنصل من ثقل الحرج ؟؟ وتقدم عضوها القيادي قربانا لأصوات الناخبين في الاستحقاقات الوشيكة ؟؟ هناك من يؤيد هذه الفرضية، خاصة وأن توفيق بو20 ، الذي وصفناه في مراسلات سابقة ب"براح الحزب الأغلبي " ، قد انقلب على بلكورة وعلى "خطه التحريري" الممجد لكل ما يصدر عن حزب العدالة والتنمية ب180 درجة ؟؟ .. وهناك من لا يساير هذه الفرضية ، ويستدل على ذلك بالإنزال الذي قام به بنكيران الى مدينة مكناس على رأس عدد كبير من برلمانيي الحزب وأعضاء أمانته العامة سنة 2009، لا لشيء إلا ليقول إن بوبكر بلكورة بريء مما اقترفه في حق المدينة والمال العام ، براءة الذئب من دم يوسف؟؟