عرفت عملية توزيع المساعدات الرمضانية والتي تشرف عليها مؤسسة محمد الخامس للتضامن بدار الطالب ببني ملال يوم 17/08/2010 انتقادات شديدة ولاذعة أحيانا مقرونة بالحزن والأسى لأعوان السلطة، المقدمين، حيث استفادت من هذه العملية حوالي 60 أسرة وعرفت كذلك توترا وتذمرا كبيرين وصل حد الإغماءات من طرف العديد من النساء اللواتي لم يشملهن عطف أعوان السلطة الذين انفردوا بأعداد قوائم المستفيدات وتحيين اللوائح حسب تقديراتهم الخاصة، فيما تضيف شهادات بعض النساء والتي تفيد أن عملية التقييد باللوائح من طرف المقدمين خضعت للزبونية والمحسوبية، وتضيف نفس الشهادات أنه تم منح بطاقة الاستفادة لأسر ونساء غير معوزات في حين تم إقصاء اللواتي يستحققن فعلا هذه الإعانة، وأعطوا أمثلة لأسر استفادت وهي لا تستحق ذلك مقارنة مع حالات تنطق العوز والفاقة البينة على من تم إقصاءهن. ومباشرة بعد مغادرة والي جهة تادلة-أزيلال مقر دار الطالب وإعطاءه الانطلاقة الرسمية لتوزيع هذه الإعانة، تعالت أصوات حوالي 60 امرأة منددة بسلوك بعض أعوان السلطة «مقدمين» وانفرادهم بشكل فج بتحديد من يستحق ومن لا يستحق، وبالتالي فقد زاغت هذه العملية عن مسارها وأهدافها النبيلة التي أسست لقواعدها وأدوارها التكافلية والاجتماعية، وتحولت إلى عملية لممارسة المقدمين والشيوخ لنفوذهم الفض، حيث يحس كل متتبع لحالة غير المستفيدات وهن يستعطفن ويكابدن من أجل نيل إلتفاتة عون السلطة لهن بعين الرأفة والرحمة، وهن يواصلن سرد أوضاعهن المادية وحالتهن العائلية والاجتماعية لنيل رضى هذا المقدم أو ذاك. فهذه العجوز «مومن يطو» والتي تقطن بحي باب افتوح زنقة 6، رقم 58، تجهد نفسها لتسمع حقيقة وضعها حد الإغماء مرتين دون أن تجد لحكايتها صدى وهي تردد كونها لا تتوفر حتى على جهاز تلفاز، والأخرى: «الشعبي فاطمة الزهراء» وهي سيدة تابعة لمقاطعة الأطلس مسنة تجلس القرفصاء أمام كرسي متحرك تقعد عليه طفلة جد معاقة تشكو الإقصاء ولا تقدر حتى على شراء الفوطة الصحية للطفلة المعاقة، ولا تطالب سوى بالالتفاتة إلى المعاقة لأنها، وحسب شهادتها، قادرة على العيش بماء وقطعة خبز من أجل العناية بهذه الطفلة. ولا يختلف حال هذه المرأة عن حال عجوز في عقدها العاشر، وهي «فاطمة بنت العربي» والساكنة بدوار للا عائشة والتي تشكو مقدم الحي بثبات، وتحدثت رفقة «بهيجة الخو» عن كيفية توظيفهن خلال الانتخابات لفائدة فلان، واعتبرن إقصاءهن خيانة من طرف هذا المقدم بل هبوا عليه بالعلن وجام غضبهن في حين أن نساء أخريات عبرن عن تعاطفهن مع من لم يقدرن على الحضور وتفضلن بسرد حكايتهن وأوضاعهن الجد مزرية وهن يذرفن الدموع والحزن والغبن والأسى، باديين على وجوههن ونسين بشكل تلقائي حالتهن كذلك، والتي تعتبر هي الأخرى قريبة من حالات المحكي عنهن، ولكن بدرجة أقوى حسب تصريحاتهن، بل أبدين رغبة في مواجه أعوان السلطة بالحجة والدليل، وهذه بعض أمثلتهن: - حرمان العجوز «الحرشاوي فاطمة»، تقطن بقصر اغزافات، الزنقة 2، الدار 8، والتي تعيش وحيدة وحالة العوز والعسر يعرفها الخاص والعام وبالأحرى عون السلطة!!! - حرمان «فاظمة العتابية»، تقطن ببولكرون، الزنقة 3، عجوز، معاقة وحيدة لا معيل لها سوى بعض جيرانها. - حرمان «فطومة بنادي»، تقطن بقصر اغزافات، الزنقة 7، رقم 3، بني ملال، معاقة وحالتها المادية مزرية، - حرمان «العزاوي مينة»، وتقطن هي الأخرى بقصر اغزافات، الزنقة 16، الدار 23، والزج مصاب بداء السل وتعاني أعتا درجة الفقر. إضافة إلى أسر أخرى محتاجة يطول سرد كل أسماءها مثل أسرة: - «السعدية فائق»، والتي تقطن بشارع احمد الحنصالي، زنقة الرحوي، رقم 179، بني ملال، - «فاطمة حنين»، قصر اغزافات، الزنقة 3، رقم 38، بني ملال. - «غزالة بوزنار»، الزنقة 15، الدار 31، اغزافات، بني ملال. - «دينية بوشرى»، تقطن بنفس الحي بقص اغزافات، - «السناني فاطمة»، رقم 266، قصر اغزافات، - «أبو الوفاء الشرقاوية»، نفس الحي. - «السعدية هيلال» ، أولاد عياد، أولاد زهرة، ببني ملال. واللائحة طويلة والكوطا قليلة وزادت من قلتها عدم صدقيتها وتوزيعها حيث صرح لي أحد أعوان السلطة وبتحفظ شديد لكنه مقرون بغضب على أن هذه المسؤولية يجب أن تخول الي لجنة مختلطة، وهذا كلام «جميل»، وأضاف أن الكوطا يجب أن توزع حسب درجة الهشاشة والفقر بكل مقاطعة، وهذا كلام موضوعي، وأن يزيدوا في عدد المستحقين والمستفيدين، وهذا كلام حقيقي، ... وبين هذا الكلام وذاك ستظل راحة التسلط تطال فقرنا وعوزنا وهمومنا وقريحتنا الرمزية والمعنوية، وستطال كذلك السياسي ليوم وغد أفضل... لكن ذلك ليس بقريب ما دمنا جميعا لم نقتل ونهدم آخر سبب من أسباب شروط الفقر المقرونة بالبهدلة والمهانة وندفنه بمقبرة العدم، وما دام كذلك لم تخلص النوايا ولم تشحذ الإرادة.