يمني النفس كل عاشق للكرة الطائرة الوطنية، مع انطلاق كل موسم رياضي، وعقب انعقاد كل جمع عام الجامعة، بظهور بوادر النهوض بهذا النوع الرياضي الأولمبي، وتبقى هذه الأماني طيلة موسم أو مواسم عديدة مجرد أحلام لم تتحقق إلى حد الساعة. هذه ليست نظرة تشاؤمية لواقع كرتنا الطائرة، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، فبطولة هذا الموسم بجميع أقسامها، وخصوصا القسم الممتاز الذي لا يحمل من الامتياز غير الاسم، وحسب العارفين والمتتبعين لخبايا ما يجري ويدور سواء بكواليس الجامعة أو الفرق الوطنية، أكدت من جديد أن المستوى التقني للفرق يتدهور موسما بعد آخر. فإذا رجعنا بالذاكرة قبل موسم 2005، والذي كانت تعتمد من خلاله الجامعة سياسة ست فرق بالقسم الممتاز. نجد أن المستوى التقني لم يتغير رغم أن الجامعة اضافت فيما بعد فريقين للقسم الممتاز، ليرتفع العدد إلى ثمانية فرق، اعتقادا من المكتب الجامعي أن زيادة عدد الأندية بالقسم الممتاز هو الذي سيساهم في تحسين المستوى، ناسية أو متناسية أن السياسة المعتمدة هي التي يجب أن يعاد النظر فيها، وذلك بإعادة هيكلة التركيبة البشرية الساهرة على تدبير شؤون الجامعة، هذا لا يعني أن هذه التركيبة غير صالحة، بل إن بعض الأشخاص أصبحوا عبئا ثقيلا على الجامعة، ولا يفيدونها بأي إضافة، بل يستغلون عضويتهم لقضاء مآرب شخصية على حسابها، زد على ذلك أن أغلبهم أصبح يستغل بعض الأندية بعد الحصول على عضويتها ليضيفوا الصفة القانونية على انتمائهم للمكتب الجامعي. فتحسين مستوى الدوري الوطني، وبالتالي مستوى الكرة الطائرة الوطنية، رهين بتغيير عقلية المسير سواء بالجامعة أو داخل الأندية، وهذا لن يتأتى إلا بوجود أناس يغيرون على الرياضة، ولا ينتظرون مقابلا على مجهوداتهم. هذه ربما أماني أفلاطونية، لأن بعض الناس الذين ابتليت بهم الرياضة الوطنية، والكرة الطائرة بالخصوص، يطمحون إلى تحقيق رغبات شخصية على حساب هذه اللعبة. وبالرجوع إلى الجانب التقني لبطولتنا الوطنية، فالكل أجمع على أن مستوى هذه السنة كان الأضعف، رغم أن بطل الدوري لم يعرف إلا في الدورة الأخيرة، وكذلك الفرق المغادرة لقسم الصفوة أو تلك التي صعدت. فأداء الفرق التي تمارس بالقسم الممتاز متباين، حيث يمكن الحسم في نتيجة بعض المباريات قبل إجرائها، كما أننا نجد أن بعض الفرق التي كانت رائدة قسم الصفوة تراجع مستواها إلى حد كبير وبشكل تدريجي أمام أعين مسؤوليها، وكأنهم يخططون لاندثار فرقهم، وهذا ما وقع لفريق الجيش الملكي، الذي يعد رمزا للرياضة الوطنية، حيث سيمارس في الموسم القادم بالقسم الأول، بعد أن فقد موقعه بقسم الصفوة، نفس الشيء ينطبق على جمعية سلا، الذي اعتاد ركوب المصعد. وهذا فسح المجال أمام فرق مغمورة، ستركب هي الأخرى المصعد. فاتحاد فاس استرجع موقعه بقسم الصفوة، فيما حل الدفاع الحسني الجديدي ضيفا جديدا عليه. ويرجع المدير التقني للمنتخبات الوطنية، مصطفى أحشوش، وهو خبير دولي للعبة معتمد من طرف الاتحاد الدولي، تدهور المستوى وضعفه إلى قلة المباريات التي تجريها الأندية الوطنية، وكذلك ضعف البنيات التحتية التي بدونها لن تتطور أي لعبة، فالممارسة المستمرة وكثرة اللقاءات تمكن الأطر المشرفة على الفرق من الوقوف على مستوى كل لاعب ودوره داخل المجموعة، خصوصا وأن لعبة الكرة الطائرة تتطور يوما بعد يوم من ناحية التقنيات، بل كذلك من ناحية القوانين المعتمدة من طرف الاتحاد الدولي. نفس الرأي يشاطره اسويكن، مدرب الفتح الرباطي، الذي يعرف كل خبايا الكرة الوطنية، سواء داخل القاعة أو الكرة الطائرة الشاطئية. كل هذه العوامل تعود سلبا على مستوى المنتخبات الوطنية، التي تستعد هذه الأشهر لمنافسات دولية، خاصة منتخب الشبان والفتيان، وكل عاشقي اللعبة مازالوا ينتظرون، ونحن بجانبهم، خيرا من كرتنا الوطنية ومن رياضتنا بصفة عامة، إذ يجب أن تتضافر الجهود لإخراج هذه اللعبة من دائرة الظل حتى تتبوأ المكانة التي تستحقها.