على باب الاعتراف، نافذة ورسم جديد لأسماء ظلت دوما تمنحنا وحدة لقياس المرحلة، لقياس الزمن الذي لانلتفت إليه إلا حين نصبح أمام الفراغ. على باب الاعتراف ، لحظة لاستعادة الأمل في عز المونديال وارتفاع درجة التنافس على الكأس الذهبية، لابد من استحضار اسم رجل مغربي وصل إلى أعلى مكانة في العرس العالمي. إنه الحكم سعيد بلقولة الذي أدار نهاية كأس العالم بفرنسا سنة 1998، وأشهر ورقة حمراء في حق أحد ركائز المنتخب الفرنسي اللاعب ديساي. هذا الرجل ذو السحنات المستقيمة، أكد على أن بإمكان المغاربة أن يصلوا إلى أعلى المستويات، شريطة أن يواضبوا على العمل، أن يثيقوا في النفس والذات، وأن يعتمدوا أساليب قاسية في التمرين والتدريب مع التكوين طبعا. أتذكر سعيد رحمه الله، حين قال ، مباشرة بعد عودته من المونديال وفي حفل أقامه وزير الشباب والرياضة آنذاك ، لا داعي لهذا الاحتفاءاء ولكل هذه الهدايا، معتبرا كل ذلك مجرد هدايا بسيطة لأقل ولا أكثر، وحاله يقول أيضا، امنحوا هذه الهدايا لمن هم في حاجة إليها. هكذا كان المرحوم سعيد، مستقيما مع ذاته ومع الآخرين، كان نظيفا الي حد السحاب، لم تسجل في سجله نقطة واحدة سوداء، اللهم من بعض الأخطاء الأملائية العادية هنا وهناك ، مباشرة بعد عودته من المونديال، أدار الحكم سعيد بلقولة العديد من المباريات بالدوري الوطني، ومن ضمن هذه المباريات، واحدة بملعب الأب جيكو جمعت الراك بإحدى الفرق لا أتذكر اسمها. ومن طبائع المدرب عبد الحق ماندوزا، أن يقف باستمرار محتجا على التحكيم وعلي قراراته، لكنه في هذه المباراة لم يحرك ساكنا وظل في مكانه. وحين انتهت المباراة، سألنا عبد الحق عن سر هذا الهدوء غير المألوف. فأجاب، من يحتج علي بلقولة يجب أن يتم نقله الي مستشفي المجانين ببرشيد. لقد كان بلقولة من الرجال الذين صنعوا لأنسفهم وضعا اعتباريا خاصا ووازنا، ولم يكن ذلك بفضل الحظ أو بفضل منحة جارية، لكن بفضل الاستقامة والعمل الجاد والحضور القوي والشجاعة اللازمة. اليوم وحين نقرأ أسماء الحكام بالمونديال، لا نجد سوى اسما مغربيا واحدا هو الحكم المساعد رضوان عشيق. وبالرغم من هذا الحضور الخفيف فإن التحكيم المغربي أصبح غائبا كلية عن العديد من التظاهرات ذات المستوى العالي، وذلك بالطبع نتيجة التواضع الذي أضحي هذا الآخر عنوانا للتحكيم المغربي، رغم المجهودات التي تبذل هنا وهناك. وهنا يبدأ السؤال الأول والأخير، هل سيكون سعيد بلقولة آخر الحكام المغاربة الذين سيرسمون حضورا جيدا في مثل هذه المناسبات العالمية؟ من الصعب أن نقول نعم، لكن من الصعب جدا أن نقول لا، لأن لا أحد يمكن أن يعلم علم الغيب. لكن علم اليقين لن يكون ذلك علي المدى المنظور، بالنظر الى الضعف وغياب الأسماء القوية. فالمغرب ظل حكامه على امداد الزمن الكروي، حاضرون بقوة علي المستوى الافريقي، ولم يتمكنوا بالرغم من ذلك أن يكونوا في مراكز القرار القاري باستثناء الحكم باحو الذي يمثل مركزا عاديا في لجنة التحكيم الافريقية. لذلك، سيظل اسم سعيد بلقولة اسما كبيرا ولامعا في سماء الكرة الوطنية والتحكيم المغربي. لانه رفع اسم المغرب والعلم المغربي إلى سماء العالم في أكبر تظاهرة كروية. فسعيد رحمه الله، استطاع أن يضيء البلد بحضوره في عرس عالمي من حجم المونديال.