على باب الاعتراف، نافذة ورسم جديد لأسماء ظلت دوما تمنحنا وحدة لقياس المرحلة، لقياس الزمن الذي لانلتفت إليه إلا حين نصبح أمام الفراغ. على باب الاعتراف ، لحظة لاستعادة الأمل لم أعد أتذكر متى أهداني اللاعب السابق للوداد سعد هذه الصورة التي تجمعه برفيقه وصديقه فخر الدين ولم أعد أتذكر المناسبة. كان خياري الوحيد في هذه الحالة أن أتصل بسعد لأسأله عن هذه الصورة وعن زمنها. فعلا التقيته بمكان اعتاد سعد أن يوقع فيه حضوره اليومي، وضرب لي موعداً لزيارتي الى مقر الجريدة، وهكذا كان. حين سلمته الصورة، ظل سعد يبحث في تفاصيلها وفي زمنها، لم يجهد نفسه كثيراً، فكانت المناسبة لقاء الذهاب لسنة 86 ضد الرجاء، وانتهى بهدف لصفر لصالح الوداد وكان فخر الدين موقع هذا الهدف. كانت القلعة الحمراء، تضم أسماء كالشريف، عزمي الكانا سعيد الزموري محمد سهيل مجيد مصطفى الغرشي بنعبيشة فخر الدين وسعد. والمدرب فانسان. كانت هذه هي العناوين الكبرى لهذه الصورة التي يبلغ عمرها 24 سنة وتحمل توقيع أحد قيدومي المصورين مصطفى بلواهلية. لم نقف عند الوصف، بل حاولنا في أولى الخطوات، أن يدفعنا بل أن يحيلنا الحديث إلى ما وراء الصورة إلى زمنها إلى علاقاتها مع الأجواء التي كانت تخيم على فريق من حجم الوداد الذي توج آنذاك بلقب للبطولة الوطنية. عن علاقاته ب «الفريخ» ، يقول سعد إنها كانت أكبر من صداقة، فهو «خويا» بالدارجة، كنا دائماً ملتصقين ببعضنا البعض ومازالت العلاقة على نفس المستوى من الحب والصدق. كنا نخيم جميعاً ونعيش معاً سواء في بيتنا ببلفدير أو في بيت والده رحمه الله. لقد شكلنا ثنائياً مرعباً حين كنا في الوداد. في لحظة استحضار قيمة العلاقات بين فخر الدين وسعد، لم يتردد سعد في سرد حكاية طريفة، وقعت عندما شارك الوداد في إحدى البطولات الودية بدولة سيراليون، وكانت المناسبة اعتراف هذه الدولة بحق المغرب في صحرائه. يقول سعد، خرجنا للاستحمام بالبحر، وكان الشاطىء خالياً، دخلنا المياه ووقتها نتفاجأ بالحراس يطالبوننا بالخروج بسرعة. خرجنا وفهمنا وقتها أن السباحة ممنوعة بسبب وجود أسماك القرش، وقال فخر الدين للحراس، إذ سألتم هذه الأسماك، فإنها بالتأكيد ستقول إنها ليست في حاجة إلى مثلنا إلى مثل هذه الاجسام النحيفة، فهي لن تجد ما تأكله. ضحك سعد ونظر إلى نفسه وقال، ماذا ستجد أسماك القرش ما تأكل في هذا العبد النحيف. يتذكر سعد أن المدربين اللذين رافقا الوداد إلى سيراليون هما الحاج الخميري والخلفي رحمهما الله. ولا أنسى يقول سعد حينما توفي الأخ، جاء فخر الدين ووالدته إلى بيتنا لتقديم التعازي. وكان المنظر مؤثراً فعلا، خاصة وأن الفريخ كان يعاني من كسر في رجله، ورغم ذلك أصر على المجيء إلى البيت. هكذا كانت صداقتي مع الفريخ، صداقة تتجاوز كل شيء وتلامس باستمرار الأخوة الحقيقية. لقد كانت الوداد وقتذاك بيتاً عائلياً، فمنذ التحاقي بالفريق الأحمر سنة 1971 ضمن فريق الصغار، ظلت دوماً العلاقات على قدر كبير من الصدق ومن الوفاء، ولا يمكن في هذا اللحظة، والتي نتحدث فيها عن هذه الصورة، دون الحديث عن أسماء شكلت بالنسبة لنا نماذج يحتدى بها، كباسالم والشاكي، اللذان رافقا جيلا بكامله، وكذلك المرحوم عبد الرزاق مكوار وبوبكر اجداهيم ومقتدر واسماعيل رحمه الله. هؤلاء كانوا جميعاً مساهمين كبار في صنع أكبر الإنجازات التي حققها الفريق الأحمر.