«السيد الرئيس والزميل العزيز، علمنا، باستغراب وقلق أن عددا من البرلمانيين الأوروبيين ومنهم رفاق في الفريق الاشتراكي هم بصدد التوقيع على وثيقة «للتضامن» مع انفصاليين من الأقاليم الجنوبية المغربية. وفي هذا الصدد أكتب إليكم لأطلعكم، ومن خلالكم أعضاء الفريق الاشتراكي الأوروبي على حقيقة الاستفزازات التي يقوم بها الأشخاص المذكورون. كما تعرفون، السيد الرئيس، فإن قضية الصحراء هي مسألة استكمال الوحدة الترابية للمغرب. والشعب المغربي، كما مؤسسات البلاد والأحزاب السياسية مجمعون في ما يخص الدفاع عن هذه القضية المقدسة. وبالنسبة للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (الحزب الاشتراكي المغربي)، على غرار كل المكونات السياسية المغربية، فإن هذه القضية تتصدر أعماله ونضاله. ومن جهة أخرى، فإن هذا الملف يوجد بين يدي الأممالمتحدة منذ أكثر من عشرين عاما، حيث ترعى المنظمة الدولية مفاوضات منذ حوالي سنتين بين أطراف النزاع. وقد تقدم المغرب بمقترح للحكم الذاتي في أقاليمه الجنوبية في إطار وحدته الترابية وسيادته على هذه الأقاليم التي استعادها في إطار الشرعية الدولية. وتعتبر المجموعة الدولية بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، المقترح المغربي أرضية وقاعدة معقولة لإيجاد تسوية سياسية متنفاوض بشأنها لهذا النزاع. وقد جاءت المناورات الأخيرة لبعض الأشخاص في إطار التشويش على المقترح المغربي وتقويض المفاوضات. السيد الرئيس، في هذا الإطار تدخل مناورات أمينتو حيدر التي تحاول إثارة انتباه وسائل الإعلام من خلال سلوكات غير مسؤولة، غير مسبوقة، صبيانية ولا يستوعبها عقل عاقل. لقد تجاوزت هذه السيدة التي تنكرت دوما لجنسيتها المغربية، كل الحدود في استراتيجية التجاوزات والاستفزازات برفضها الخضوع للإجراءات القانونية المطلوبة للدخول إلى التراب الوطني وبالإعلان أن الجنسية المغربية لا تشرفها. إن الأمر لا يتعلق، السيد الرئيس، برد فعل عابر في سياق عابر، ولكن بقناعة وبموقف سياسي لا تتردد السيدة حيدر في إعلانه أمام الملأ في الوقت الذي تتمتع فيه بجميع الحقوق الوطنية المغربية، وفي الوقت الذي تؤكد فيه مغربيتها عند الدخول إلى أوربا والولايات المتحدة والجزائر وبلدان أخرى. هكذا فإن السيدة حيدر مغربية و«مناضلة حقوقية» في الخارج من أجل استعمال جواز السفر المغربي والوثائق التي تسلمها حكومة المملكة المغربية، وفي المقابل انفصالية مناهضة للمغرب عندما يتعلق الأمر بدخولها وإقامتها بالمغرب. أليست هذه قمة الاستفزاز؟ وفي ما يخص الأشخاص الآخرين الذين يصل عددهم إلى سبعة والذي يوجدون رهن الاعتقال في إطار القانون ومتابعين من طرف العدالة لأجل جرائم جد خطيرة، فإنهم لم يتوقفوا منذ سنوات في إساءة استعمال الحرية والتآمر مع أطراف خارجية ضد أمن المغرب الذي يتمتعون، على أرضه، بكل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وقد تجاوز هؤلاء كل حدود الاستفزاز حيث التقوا مسؤولين جزائريين سامين واجتمعوا بقادة البوليساريو وشاركوا في لقاءات سياسية وعسكرية في إطار التخطيط لزعزعة الاستقرار في الأقاليم الجنوبية المغربية. وهكذا، فإن الانفصال لم يعد مجرد إحساس، بل أصبح استراتيجية معلنة ومصرح بها لدى مجموعة التامك. وأعتقد أن جميع رجالات الدولة والسياسيين متفقون على حق كل دولة في التصرف واتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية وحدتها الترابية وأمنها وإعمال القانون. السيد الرئيس، إن الخلط الذي تحاول بعض الأوساط تعمده بين حقوق الإنسان والوحدة التربية للمغرب أصبح ممارسة متقادمة، بما أن لا أحد يمكنه اليوم إنكار مناخ الحرية والحقوق الأساسية: السياسة والاقتصادية والاجتماعية والتضامنية التي يتمتع بها المغاربة في الشمال كما في الجنوب، وبما أن لا أحد بإمكانه إنكار المجهودات المبذولة منذ 1975، تاريخ استرجاع الأقاليم الجنوبية لضمان تنميتها وضمان الرخاء لجميع سكانها. ومن جهة أخرى، فإن الإصلاحات التي انخراط فيها المغرب منذ أكثر من عشر سنوات، أحدثت تغييرات هيكلية هامة وكانت وراء تقدم كبير في جميع المجالات. ولا يمكن لأي شخص متشجع بالمبادئ الديموقراطية أن ينكر أثرها الإيجابي على المعيش اليومي للمغاربة وعلى مسلسل دمقرطة المنطقة. السيد الرئيس والرفيق العزيز، كما تعلمون، فإن المكاسب التي تحقق في المغرب لم تكن هبة، بل جاءت نتيجة مسلسل طويل من النضال ومن التراكم السياسي. وإن الاشتراكيين المغاربة الذين كانوا في طليعة جميع هذه المعارك السياسة حتى يتمكن الشعب المغربي من حقوقه، لا يمكنهم اليوم السماح بالمس بالوحدة الترابية للبلاد، وبالتالي تقويض مسلسل الإصلاحات الطموحة خاصة في مجال الجهوية والديموقراطية المحلية. ومن جهة أخرى، فإن التجربة أثبتت مخاطر الانفصال والطائفية والقبلية على الاستقرار الجهوي والدولي. وعليه، فإننا نعتبر، السيد الرئيس، أن حملة التضليل التي تقوم بها مجموعة غير رسمية في البرلمان الأوروبي غير متساوقة ومتعارضة مع العلاقات المتميزة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، خاصة وأنها، (أي المجموعة)، تنطلق في حملتها من الخلط والالتباس بين الوحدة الترابية لبلد ذي سيادة من جهة ووضعية حقوق الإنسان من جهة أخرى. ونعتقد أن البرلمان الأوروبي، والاشتراكيين على الخصوص، ليسوا على استعداد للتضحية بعلاقات متميزة مع بلد جار يتمتع بوضع متقدم في علاقاته مع الاتحاد الأوروبي، والذي يشكل نموذجا بين للاستقرار في الجنوب المتوسط، نزولا عند، وتلبية لرغبات أشخاص اعتادوا على سلوكات غير مسؤولة. وإن أعضاء الفريق الاشتراكي في مجلس النواب. المتشبعين بالقيم الكونية، وبمبادئ الاشتراكية الديموقراطية وهي القيم والمبادئ التي يتقاسمونها مع فريقكم البرلماني ومع المجموعة الاشتراكية الديموقراطية عبر العالم، ليطلبون منكم استعمال وزنكم السياسي والاعتباري ومكانة الفريق الاشتراكي في البرلمان الأوروبي من أجل الدفاع عن الشرعية والحقيقة والقانون في ما يرتبط بهذا النزاع الذي يعرقل بناء تكتل اقتصادي في الضفة الجنوبية لحوض المتوسط، وقد يتسبب في اندلاع نزاعات وتوترات استراتيجية مقوضة للاستفزاز. وإننا، إذ نجدد لكم استعدادنا لمواصلة الحوار والتعاون بين فريقينا البرلمانيين، أرجوكم أن تتقبلوا، السيد الرئيس والزميل العزيز، صادق تحياتي».