ربما تلقى دعوات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لليهود كي يهاجروا إلى اسرائيل بعد الهجمات التي وقعت في باريس وكوبنهاجن صدى لدى الآلاف من يهود فرنسا لكنها لن تلقى على الأرجح آذانا صاغية في الدنمرك. ففي حين يهاجر يهود فرنسا لإسرائيل بمعدلات غير مسبوقة يتشبث يهود الدنمرك بوطنهم.
لدى الدنمرك نظام سخي للرعاية الاجتماعية واقتصاد قوي وربما لا يكون للهجوم الذي وقع عند معبد يهودي يوم الأحد أثر يذكر في تغيير ولاء اليهود الدنمركيين.
وكان حارس قد لقي مصرعه يوم السبت عندما هاجم مسلحون معبدا يهوديا في كوبنهاجن وذلك في أعقاب إطلاق النار عند مقهى كان يستضيف ندوة عن حرية التعبير. وجاء الحادثان بعد أقل من شهر فحسب من مقتل 17 شخصا في باريس عندما هاجم مسلحون إسلاميون مقر صحيفة شارلي إبدو الأسبوعية الساخرة ومتجرا يهوديا.
وقالت الوكالة اليهودية إن 12 يهوديا دنمركيا هاجروا لإسرائيل خلال العام الماضي مقارنة مع 17 مهاجرا في العام السابق رغم المخاوف بشأن تنامي معاداة السامية.
وعلى العكس هاجر أكثر من 7000 يهودي فرنسي لإسرائيل في 2014 ارتفاعا من 3400 في العام السابق وبرر قادة الطائفة الهجرة بأسباب تراوحت بين ضعف الاقتصاد والخوف من الهجمات والمضايقات في الشوارع.
ويتحدث زعماء الطائفة اليهودية في فرنسا عن مئات من حوادث معاداة السامية من تدنيس القبور إلى الاعتداءات الجسدية. ويقول زعماء الطائفة في الدنمرك إن حوادث معاداة السامية زادت هذا الصيف خلال حرب غزة لكن ليس بالدرجة التي تدفعهم للرحيل.
وقال يائير ملشوار كبير الحاخامين في كوبنهاجن لرويترز إن مظاهر معاداة السامية ليست خطيرة وتقتصر على البصق والسب وما شابه ذلك.
وفتحت الدنمرك أبوابها لليهود منذ قرون ونجت الطائفة من الاحتلال النازي إذ ساعد الدنمركيون أفرادها على الهروب إلى السويد بل وإيوائهم في بيوتهم رغم المخاطر.
وقال دان روزنبرج أسموسن رئيس الطائفة اليهودية في الدنمرك في مؤتمر صحفي "للدنمرك تاريخ جيد جدا في الاعتناء بالطائفة اليهودية يرجع إلى الحرب العالمية الثانية...لذلك نريد البقاء في الدنمرك."
ويعيش في الدنمرك نحو 7000 يهودي وحتى القلة القليلة التي هاجرت منهم إلى إسرائيل تشعر بالحنين لأسباب الراحة في الدنمرك حيث يتمتع أفراد الشعب بإجازات للآباء عند ولادة أطفال لهم ومعاشات تقاعد تحسدهم عليها بقية شعوب العالم.
وقالت ديبورا شاسون (66 عاما) رئيسة رابطة الدنمركيين في إسرائيل "الدنمرك مجتمع شديد السخاء. ولديهم كل شيء هناك. وأنا أتفهم لماذا لا يريد الناس الرحيل."
وتعيش ديبورا في القدس منذ عام 1986 وتقول إن معاش تقاعدها من الدنمرك مازال أكبر مما تحصل عليه من الحكومة الإسرائيلية.
وربما تكون العلاقات أضعف في فرنسا التي يوجد فيها أكبر مجموعة من اليهود في أوروبا حيث زاد عدد أفرادها بما يقرب من النصف منذ الحرب العالمية الثانية ليصل الاجمالي إلى 550 ألفا. ويقول كثير من اليهود من مناطق مثل شمال أفريقيا إنهم يشعرون بأنهم غرباء في فرنسا.
وقد شهدت الدنمرك بعض حوادث معاداة السامية ومازال كثيرون يتذكرون الهجوم الذي شنه فلسطينيون على معبد كوبنهاجن اليهودي عام 1985 ضمن مجموعة من التفجيرات التي وقعت في المدينة.
لكن هذه الحوادث لا تقارن بفرنسا التي شهدت حوادث عنيفة مثل مقتل ثلاثة أطفال يهود وحاخام على يدي الإسلامي المتشدد محمد مراح عام 2012 والهجوم الذي وقع على متجر يهودي في العام نفسه.
وقال سباك يبلغ من العمر 30 عاما ذكر أن اسمه ناحمان ورفض ذكر بقية الاسم "خلال عشر سنوات لن يتبقى يهود في فرنسا. فالناس تقتل لمجرد أنهم يهود. لكن هذا ليس هو المهم. بل النظرات القذرة والإهانات والمضايقات في الشوارع إذا ما ذكرنا أننا يهود."
وأضاف أنه يخطط للانتقال خلال ثمانية أشهر إلى حي ناتانيا في تل أبيب حيث يتحدث سكانه باللغة الفرنسية.