تجري تحركات مريبة ضد المغرب في البرلمان الأوروبي، على خلفية التطورات الأخيرة، وتصاعد الأزمة بين المغرب واسبانيا والتي فجرتها عملية استضافة إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو قصد العلاج ثم مغادرته دون محاكمته بالتهم الموجهة إليه رغم الاستماع إليه من قبل القضاء الاسباني. وتراقب الدبلوماسية المغربية تحضير سياسيين في البرلمان الأوروبي لمشروع إدانة تقدمته مجموعة إسبانية التي اتهمت الرباط بتعمد فتح مسالك العبور إلى مدينة سبتة والوقوف وراء الهجرة الجماعية التي كان ضمنها المئات من القاصرين.
ويرتقب أن يناقش البرلمان الأوروبي الخميس المقبل، في جلسة عامة بمقره في ستراسبورغ، مشروع قرار الإدانة، وفي حال المصادقة عليه فإن المغرب يكون أمام أزمة أخرى تضرّ بمصالحه مع الاتحاد الأوروبي شريكه الأول في المنطقة.
في هذا الإطار، قال حسن بلوان المحلل السياسي والمتخصص في العلاقات الدولية، في تصريح ل"الأيام24″، أنه ما زالت أزمة استقبال اسبانيا للمدعو "بن بطوش" تلقي بظلالها على العلاقات المغربية الاسبانية، ورغم تخلص اسبانيا من زعيم الانفصاليين عبر تهريبه الى الجزائر فجر الثلاثاء الماضي.
وأضاف المحلل السياسي، أنه، رغم فشل اسبانيا في إقحام العلاقات المغربية الاوروبية في هذا النزاع، إلا أن بعض نواب البرلمان الاوربي من اليمين الاسباني والالماني لا زالوا يناورون من أجل استصدار قرار أوروبي لإدانة المغرب يوم الخميس، والخروج بمواقف معادية لوحدته وسيادته وتضر مصالحه الاقتصادية مع اوروبا.
وأوضح بلوان، أنه من حيث الوقائع فهذه التحضيرات العدائية لن تكون الأولى والأخيرة ولن تؤثر في صميم العلاقات الاستراتيجية المغربية الاوربية المتجدرة، بحكم أن محاولاتها السابقة كلها باءت بالفشل.
ورغم أن مثل هذه التحركات الاوربية المتطرفة تزعج الرباط، وتؤثر في بعض ملفات التعاون المشترك، يوضح المتحدث، إلا أنها تبقى معزولة ولا تعبر عن سياسة رسمية لغالبية نواب وسياسيي الاتحاد الاوربي، ويتم احتواؤها بفعل التحركات الاستباقية المغربية.
وأورد الخبير في العلاقات الدولية، أنه في جميع الأحوال يمكن النظر لتحركات بعض النواب الاسبان داخل الاتحاد الاوربي من خلال الزوايا التالية:
– رصد المغرب لهذه التحركات يعبر عن نجاعة تحركاته الاستباقية داخل الاتحاد الاوربي، والأكيد أنه أعد جميع الخطط لتقليص حجم الضرر الذي يمكن أن تسببه.
– هذه التحركات لا تعكس توجه اسبانيا الرسمية التي تبحث عن مبادرات لطي صفحة الازمة مع المغرب اضطرت معها لطلب الوساطة الفرنسية.
– هذه التحركات المتطرفة في البرلمان الاوربي لا تمثل الغالبية العظمى من نواب وساسة الاتحاد الاوربي، الذين عبروا اكثر من مرة عن متانة العلاقات المغربية الاوربية كان اخرها اقرار علاقات متقدمة وشاملة سنة 2019 تشمل اتفاقياتها حتى الاقاليم الجنوبية للمغرب.
– هذه التحركات لا يمكن أن تعزل المغرب عن عمقه المتوسطي، فقد سبقتها تحركات على مستوى البرلمان الاوربي ومحكمة العدل الاوربية سنوات 2015 و2018 ولم تحصل على طائل، بل بالعكس صحح البرلمان الاوربي هذه الوضعية بمنح المغرب صفة الشريك المتقدم في إطار "قانون الجوار الأوربي" الذي عدد من 0ليات التعاون والشراكة الأوربية المغربية.
– هذه التحركات حتى وإن نجحت في استصدار قرار يدين المغرب من خلال اللعب على وتر الهجرة الحساس، فلا يمكن أن يؤثر على التعاون الاقتصادي والأمني الاوربي-المغربي الذي لا يمكن أن يتم دون مشاركة مباشرة من المغرب.