وجهت وزارة الشؤون الخارجية، خطابا حازما إلى الحكومة الاسبانية على خلفية التطورات الأخيرة في العلاقات بين المغرب واسبانيا بسبب استضافة هذه الأخيرة لابراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو. وأظهر بيان الخارجية حجم الأزمة بين البلدين الجارين، حيث أكد وجود أزمة ثقة بين المغرب واسبانيا، كما شدد على أن جذور الأزمة هي مسألة دوافع إسبانية معادية فيما يتعلق بالصحراء، وهي قضية مقدسة للشعب المغربي قاطبة.
في هذا الإطار قال حسن بلوان المحلل السياسي المتخصص في العلاقات الدولية في حديثه ل"الأيام24″، أن وتيرة الازمة تتصاعد بين المغرب واسبانيا بسبب موقف هذه الأخيرة من قضية الصحراء المغربية، خاصة بعد الاستقبال الملغوم لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية ابراهيم غالي المتابع قضائيا في جرائم ضد الانسانية.
وأضاف أنه، رغم أن القضاء الإسباني يستمع لابراهيم غالي اليوم عن الافعال الاجرامية المنسوبة اليه وهو ما يضعه في دائرة الاتهام، إلا أن المغرب لا زال لم يقتنع بالأجوبة التي تقدمها مدريد حول هذه الاستضافة الاسبانية التي تعبر عن موقف عدائي اتجاه قضية الصحراء المغربية.
وأوضح المحلل السياسي، أنه لا زالت معركة التصريحات والتصريحات المضادة سيدة الموقف بين البلدين، فإذا كانت الرباط تضغط من أجل مواقف واضحة من قبل اسبانيا تقدم اجابات صريحة عن أصل المشكل، يلجأ المسؤولون الاسبان الى تصريحات وأفعال متشنجة تزيد من تعميق أصول المشكل وتزعزع الثقة التي كانت راسخة بين البلدين لعقود وسنوات.
وفي هذا السياق، يؤكد بلوان، يأتي بلاغ وزارة الخارجية المغربية بالأمس ليوضح مجموعة من الأمور، أولا هو أصل الخلاف لا ينحصر في مثول ابراهيم غالي من عدمه أمام القضاء، بل يتعداه الى موقف اسباني مبدئي معادي للوحدة الترابية المغربية.
كما أن التصريحات وردود الفعل الاسبانية الأخيرة، يضيف المتحدث، ساهمت بشكل كبير في زعزعة الثقة بين البلدين واتساع الشرخ في التعاون والشراكة المغربية الاسبانية، كما كشف التناقض الاسباني وازدواجية معاييره برفض الانفصال في اسبانيا ودعمه في بلد جار تربطه به مجموعة من المصالح الاستراتيجية، ثم التمييز بين العلاقات المتجدرة مع الشعب الاسباني واستمرار معاملتهم الطيبة كمستثمرين وسياح، وبين العلاقة مع الحكومة الاسبانية التي تتبنى مواقف عدائية تجاه المغرب.
في ذات السياق، أورد بلوان، أنه رغم ما يمكن أن يتسم به خطاب المغرب من قوة وحزم ووضوح، إلا أنه يميل نحو الحفاظ على جسور التواصل والحوار البناء لحل القضايا العالقة، عكس الموقف الاسباني الذي حطم بعض مسؤوليه جميع حدود اللياقة الدبلوماسية ولا زالت تطغى عليه نزعة التفوق.
ويترجم ذلك، يورد المحلل السياسي، في تناسل التصريحات المتشنجة من المسؤولين الاسبان بدءا من رئيس الحكومة إلى نائبته وصولا الى وزيرتي الدفاع والخارجية، بل أكثر من ذلك دخلت، يشرح بلوان، بعض الأحزاب الراديكالية على خط الازمة وطالبت بمنع تمكين المغاربة من الحصول على التأشيرة لإقحام الاتحاد الاوربي في الازمة بين البلدين.
وخلص المتحدث بالقول، بأنه في الاتجاه المقابل يستمر المغرب على مواقفه المتوازنة والواضحة، ويضغط في اتجاه تليين الموقف الاسباني من قضية الصحراء أو على الاقل تبني الحياد دون الجهر بالمواقف العدائية اتجاه المغرب، خاصة بعد دخول طرف ثالث في النزاع ألا وهو النظام العسكري الجزائري الذي قدم شيكا على بياض لاسبانيا على حساب مصالح الشعب الجزائري، وذلك نكاية في المغرب تعبيرا عن عدائه المتأصل للمغرب والمغاربة.