بعد أزمة صامتة بين البلدين، دامت زهاء شهرين، اتخذ المغرب، اليوم الخميس، قرارا تصعيديا تجاه ألمانيا، باستدعاء سفيرته في برلين للتشاور. وقال حسن بلوان المتخصص في العلاقات الدولية والصحراء في تصريح ل"الأيام24″، أن استدعاء المغرب للسفيرة زهور العلوي للتشاور، هو في العرف الدبلوماسي إجراء تعتمد الدولة من أجل التعبير عن انزعاجها ولا ترقى إلى سحب السفير بصفة نهائية أو قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وأوضح بلوان، أن سحب المغرب للسفيرة من ألمانيا، تعبير صريح للانزعاج العميق للمملكة من الإجراءات والمواقف العدائية لألمانيا اتجاه المغرب داخل الاتحاد الأوربي، مبرزا أن التحركات الدبلوماسية المغربية في أوروبا تصطدم دائما بالتصرفات والسلوكيات غير المقبولة لألمانيا مما يعيق التعاون الأوربي المغربي.
وأضاف المتحدث، أن هذا القرار الجديد للمملكة جاء بعد مجموعة من التراكمات التي اعتبرها المغرب تمس مصالحه الاستراتيجية، خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء ودوره الإقليمي، وخطوة تجميد العلاقة مع السفارة الألمانية بالرباط سابقا، يؤكد بلوان، بمثابة تذكير غير مباشر لألمانيا بانزعاج المغرب على معاكسته لهذه المصالح، لكن هذه المرة تأتي هذه الخطوة عبر بلاغ لوزارة الخارجية بلغة شديدة لتضع النقاط على الحروف خاصة أنها سمت الأشياء بمسمياتها وسردت الأسباب المباشرة لسحب السفيرة المغربية من أجل التشاور .
وأوضح أن الأمر يتعلق بمعارضة ألمانيا الصريحة لبيان الرئاسة الأمريكي حول الاعتراف بمغربية الصحراء، إضافة إلى استضافة ألمانيا لمجموعة من أنصار الفكر الانفصالي، ثم معاكسة الدور الإقليمي للمغرب خاصة في ليبيا مع محاولة تهميش الدور المحوري الذي قام به المغرب من أجل المصالحة الليبية زيادة على أن ألمانيا أفشت اسرار أمنية قدمها المغرب وتعتبر حساسة للغاية.
وبالتالي ، يورد المحلل السياسي في حديثه للموقع، هناك استهتار بالتعاون والدور الأمني الذي يقوم به المغرب بالمنطقة ولفائدة مجموعة من الدول الأوربية، زد على ذلك أن ألمانيا تسعى إلى عرقلة الدينامية الجديدة التي يعرفها ملف الصحراء، علما أن مجموعة من الدول الكبرى انخرطت بإيجابية من أجل الطي النهائي لهذا الملف، لكن تصرفات ألمانيا تعتبر حجر عثرة من أجل تسويق الموقف المغربي في أوروبا بخصوص الصحراء، لأن هناك بالفعل مساعي ألمانية تعيق الاختراق الذي يمكن أن يحققه المغرب على المستوى الأوروبي.
وأكد المحلل السياسي، أنه رغم التطورات الأخيرة وتوتر العلاقات بين البلدين بعد سحب السفيرة للتشاور، فإن الأمور لن تصل للقطيعة النهائية ولا بد أن يفكر الجانب الألماني في معالجة هذه التراكمات خاصة أنه لا وجود للاتحاد الأوربي في افريقيا بدون المغرب ولا أمن في منطقة غرب المتوسط بدون المغرب، لأن الأمن مسألة ذات أولوية بالنسبة لألمانيا باعتبارها دولة رائدة في الاتحاد الأوربي.