اعتبر أحمد لحليمي المندوب السامي للتخطيط أن موضوع «التحديات التي يفرضها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتنمية الزراعية في إفريقيا: دور الإحصاءات» الذي تم اختياره لإحياء اليوم الإفريقي للإحصاء أمس، يكتسي بعدا حيويا بالنظر إلى أهمية القطاع الفلاحي في القارة، والذي يعد مصدرا رئيسيا للنمو الاقتصادي وللدخل. وتساهم الفلاحة بنحو 17 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي لدول إفريقيا جنوب الصحراء، كما يمثل 15 في المائة من مجموع صادرات هذه الدول. ولا تختلف أهمية الفلاحة في إفريقيا عنها في المغرب، وقال لحليمي إن المعطيات المتعلقة بهذا القطاع تفيد بأن الفلاحة المغربية تشغل 40 في المائة من السكان النشطين وهو ما يؤشر من جهته على أن السكان القرويين لا يزالون يمثلون نسبة هامة من مجموع سكان المغرب، وأضاف أنه نظرا لذلك فهو يعتبر عاملا حاسما في التوازنات الاجتماعية، كما يشكل 15 في المائة من مجموع الثورة الوطنية المنتجة سنويا. وكما في مجموع القارة الإفريقية، أشار المندوب السامي للتخطيط في الكلمة التي تليت بالنيابة عنه، إلى أن إنتاجية اليد العاملة في القطاع ومردودية المساحات المزروعة تظل ضعيفة، وبلغت تغطية الصادرات للواردات من المواد الغذائية سنة 2007 نحو 90 في المائة، بفضل منتوجات البحر التي تشكل أهم الصادرات الغذائيةج المغربية، ومن دون هذه المنتوجات فإن هذه التغطية لا تتعدى 50 في المائة. وشكلت الأزمة الغذائية العالمية للسنتين الأخيرتين محكا حقيقيا للدول الإفريقية في ما يتعلق بالإنتاج الفلاحي، بسبب الارتفاع الكبير الذي عرفته أسعار المواد الغذائية والذي بلغت نسبته 57 في المائة بين نهاية 2006 ويونيو 2008. وقد أدى هذا الوضع الدولي إلى ارتفاع الواردات المغربية من المواد الغذائية بنسبة 73 في المائة سنة 2007 مقارنة مع سنة 2006، وبنسبة 22 في المائة في الفترة من يناير إلى نونبر 2008، مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2007، وساهمت الحبوب في هذا الارتفاع بشكل وافر حيث تطورت الواردات من هذه المادة بنسبة 168 في المائة خلال سنة 2007، وهو ما أدى حسب لحليمي إلى تفاقم عجز الميزان التجاري المغربي وإلى زيادة مخصصات الدعم للمواد الغذائية بشكل غير مسبوق. وإذا أخذنا في الاعتبار نسبة المواد الغذائية في نفقات الأسر المغربية ، فقد أثر هذا الارتفاع على القدرة الشرائية للمغاربة، حيث تشكل هذه المواد 41 في المائة من مجموع نفقات الأسر، وتشكل الحبوب وحدها 18 في المائة من نفقات الغذاء لهذه الأسر. وأوضح لحليمي أن أكثر المواد الغذائية التي ارتفعت أسعارها في سلة الاستهلاك للأسر المغربية خلال 11 شهرا الأولى من سنة 2008، هي العجائن الغذائية ب 27 في المائة، والكسكس ب 34.9 في المائة والزيوت النباتية ب 41.4 في المائة والسميد ب 41.7 في المائة والزبدة الصناعية ب 25.4 في المائة. ولاحظ المندوب السامي للتخطيط النصف الثاني من سنة 2008 شهدت انخفاضا للرقم الاستدلالي لأسعار المواد الغذائية لصندوق النقد الدولي بنسبة 32 في المائة بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وأضاف أن هذا التوجه نحو الانخفاض هو نفسه الذي بدأ يسجَّل في المغرب منذ نهاية شهر شتنبر الماضي، معتبرا أن من شأن ذلك أن يعزز المكتسبات التي تحققت في مجال تقليص معدلات الفقر وتحسين القدرة الشرائية للأسر، مؤكدا أن معدل الفقر عرف تراجعا ملموسا من 15.3 في المائة سنة 2001 إلى 9 في المائة سنة 2007، وأن الدخل المتوفر للأسر يعرف نموا سنويا حقيقيا ب 2.3 في المائة. إلا أن هذا الانخفاض لم يمنع المندوب السامي للتخطيط من النظر بحذر إلى المستقبل، وقال إن ذلك «لا يجب أن ينسينا أن ارتفاع أسعار البترول والمواد الأولية سيبقى حاضرا باستمرار في الاقتصاد العالمي. فالنمو الديموغرافي والتمدن وتحسن الدخل في الدول الصاعدة وآفاق نضوب احتياط النفط العالمي، وهي العوامل التي كانت وراء هذا الارتفاع في الأسعار، وهي عوامل تندرج ضمن التطور البنيوي للاقتصاد العالمي.». وختم لحليمي كلمته بتأكيد المكانة التي يحتلها المغرب في مجال الإحصاء، وقال «إن بلادنا تعد من الدول المتقدمة في هذا المجال، لأن جهاز تجميع المعطيات وأدوات التحليل والنمذجة التي تم تطويرها تمكن من الإحاطة بشكل أفضل بالتطورات والتغيرات الاقتصادية والديموغرافية والاجتماعية».