أعلن أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط أن القطاع الفلاحي سيساهم بحوالي 3.2 نقط في النمو الاقتصادي الوطني عوض 1.3 نقط السنة المنصرمة، ليحقق المغرب نموا اقتصاديا يصل 6.7 بالمائة سنة 2009 مقابل 5.8 بالمائة السنة الماضية. وأوضح لحليمي في ندوة صحافية أول أمس الاربعاء بالدارالبيضاء قدم فيها أشغال المندوبية السامية للتخطيط، خاصة منها تلك المتعلقة بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب برسم سنة 2008 وكذا التوقعات بالنسبة للسنة الجارية 2009 أن كل المؤشرات المتوفرة حاليا تبشر بأن السنة الفلاحية الحالية ستكون سنة استثنائية بكل المقاييس ، إذ من المتوقع أن يحقق القطاع الفلاحي نموا سيصل إلى 22 بالمائة سنة 2009 عوض 11 بالمائة السنة الماضية. وأرجع لحليمي الوضع الفلاحي المرتقب إلى معدل التساقطات المطرية المسجلة إلى حدود بداية شهر يناير الذي ارتفع بنسبة 106 بالمائة. وإلى حقينة السدود التي سجلت نسبة ملء بلغت 66.6 بالمائة، إذ من المتوقع أن يصل انتاج الحبوب ، حسب السناريو المتوسط ، إلى 70 مليون قنطار، علما بأنه لم تتجاوز النتائج الفلاحية مستويات سنة متوسطة 55 مليون قنطار. بالمقابل أشار لحليمي إلى أن الانشطة غير الفلاحية ستسجل تباطؤا ملحوظا، حيث ستسجل نموا ب3.9 بالمائة عوض 5 بالمائة سنة 2008. لحليمي تحدث ، كذلك ، عن الأزمة الاقتصادية العالمية واعتبرها نتيجة حتمية للهوة الكبيرة بين فعل الانتاج وفعل الافراط في الاستهلاك وكذا غياب دعم للدخل. فكانت النتيجة يضيف لجوء المستهلكين إلى الاقتراض مما أثر على النظم المالية فكانت الازمة التي انطلقت من الولاياتالمتحدة. وقال المندوب السامي للتخطيط إن الاقتصاد الوطني لم يكن بمنأى عن التأثر بالأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، موضحا انه سبق أن أشار عدد من الخبراء الاقتصاديين إلى أنه خلال سنة 2008 سيعيش المغرب وضعية اقتصادية «صعبة» تأثرا بمثيلاتها من اقتصاديات العالم بالأزمة. ونوه لحليمي في هذا السياق بمناعة النظام المالي المغربي، خاصة البنكي، أمام انعكاسات الأزمة المالية العالمية ، مؤكدا أن النتائج الايجابية التي سجلها القطاع البنكي خلال سنة 2008 تشهد على ذلك ، خاصة ارتفاع القروض المقدمة للاقتصاد. وقال المندوب السامي للتخطيط إن المغرب عليه أن يواجه مشكل التجارة الخارجية حيث ستتراجع وتيرة الطلب العالمي الموجه إلى المغرب من ارتفاع ب5.6 بالمائة و2 بالمائة سنة 2008 إلى انخفاض بنسبة 1.2 بالمائة سنة 2009. وستعرف تحويلات المغاربة في الخارج التي سجلت تراجعا طفيفا ب 2,4 بالمائة سنة 2008، انخفاضا جديدا لن يتعدى نسبة 5 بالمائة . وتتميز توقعات الاستثمارات الخارجية المباشرة نحو المغرب بانخفاض بنسبة في حدود 20 بالمائة سنة 2009، بعد أن عرفت تراجعا ب 37 بالمائة خلال 2008 . اما بالنسبة لمداخيل السياحة الدولية في المغرب، فمن المنتظر ان تعرف استقرارا خلال سنة 2009 بعد الانخفاض الطفيف بنسبة 3.5 بالمائة المسجل سنة 2008 . و أكد لحليمي في السياق ذاته، انه على مستوى الاسعار بالموازاة مع الركود الاقتصادي العالمي الذي سيؤدي إلى التخفيف من الضغوطات التضخمية التي تعرفها اسواق المواد الاولية يستفيد المغرب من انخفاض أسعار المواد الخام وخاصة النفط وسعر المنتوجات الغذائية والمعدنية التي اتخذت منحى تنازليا، بالإضافة الى الاستفادة من انخفاض التعريفة الجمركية. وأضاف لحليمي أن الاقتصاد المغربي يستفيد ايضا من آثار السياسة التوسعية للمالية العمومية، التي تتسم بارتفاع الاستثمارات العمومية الاجمالية ب23.5 بالمائة، وانخفاض المعدلات الهامشية للضريبة على الدخل، والزيادة ب9 بالمائة في نفقات الاجور و15.7 بالمائة في نفقات التسيير. بعد أن أشار لحليمي إلى أن تفاقم عجز الحساب التجاري لميزان الأداءات، حيث سينتقل إلى 5.7 بالمائة من الناتج الداخلي الاجمالي سنة 2009 بعدما كان 0.1 بالمائة السنة قبل الماضية و4.6 سنة 2008 ، تحدث عن ضرورة تغيير المواطنين المغاربة لسلوكاتهم الاستهلاكية للتأقلم مع مخلفات الازمة العالمية. وقال ، في هذا الإطار، «إن المواطن المغربي يعتقد ان كل شيء على أحسن ما يرام في بلدنا ... ولا شيء سيلحقنا بسبب استهلاكنا الذي يتجاوز حاجياتنا»، «فالمغربي، يشير لحليمي، يستهلك الطاقة وكأنه هو أكبر منتج لها». وأكد أنه على المواطن المغربي ، كما في عدد من الدول الاروبية التي تتوفر على مصادر بديلة للطاقة وامكانيات انتاجية كبيرة ، التأقلم مع مبدأ عدم الاسراف في الاستهلاك وإعمال حكامة جيدة في تدبير أموره اليومية. وقال لحليمي إن من بين المفارقات التي يعيشها المغاربة ان نجد ان «حفل زفاف يمكن ان يُستهلك فيه ما يستهلك في العالم من «الكافيار»...! واستطرد الحليمي قائلا «نحن كمغاربة ما ينقصنا هو الحس الوطني للمستهلكين» وشدد في هذا السياق على المجهود الذي يجب ان تبذله الجمعيات والاحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية لحث المواطنين على تغيير سلوكاتهم الاستهلاكية. فالدولة لا يمكن أن تطلب من المغاربة استهلاك كل ماهو مغربي، في ظل الانفتاح الاقتصادي الذي يعرفه العالم. وكشف لحليمي أن المندوبية السامية تعتزم إنجاز عدة بحوث إحصائية خلال السنة الجارية، إذ أنه سيتم إطلاق البحث الديموغرافي الثاني من نوعه في المغرب، والشروع في إنجاز بحثين جديدين يهم الأول العنف ضد النساء والثاني المؤسسات ذات المصلحة غير النفعية. وأضاف لحليمي أن المندوبية بصدد إتمام الأشغال المتعلقة بإعداد رقم استدلالي لأسعار الاستهلاك، الذي يعتمد على سلة مرجعية موسعة، تأخذ بعين الاعتبار آخر المعطيات حول بنية الاستهلاك لدى الأسر التي وفرها البحث حول مستوى المعيشة لسنة 2007 . من جهة أخرى، أوضح لحليمي أن المندوبية السامية، وفي إطار تأهيل النظام الوطني للمعلومات الإحصائية، قامت بإطلاق «برنامج مندمج لعمليات الإحصاء ذات البعد الوطني»، مذكرا بإنجاز العديد من البحوث، والتي انصب آخرها على مستوى معيشة الأسر وكذا القطاع غير المنظم سنة2007 .