أكد أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط أن أسعار بعض المواد الغذائية الأكثر استهلاكا من طرف الأسر المغربية عرفت ارتفاعا ملموسا خلال الأحد عشر شهرا الأولى من سنة 2008، منها على الخصوص العجائن الغذائية، التي ارتفعت أسعارها بنحو 27 في المائة،، والكسكس ب34.9 في المائة، والزيوت النباتية ب41.4 في المائة، والسميد ب41.7 في المائة، وأخيرا الزبدة الصناعية بنحو 25.4 في المائة. وأشار الحليمي، خلال الكلمة التي ألقاها نيابة عنه جمال بوغشاشن، الكاتب العام للمندوبية، بمناسبة اليوم الإفريقي للإحصاء أن أثر هذا الارتفاع على القدرة الشرائية يمكن تقييمه من خلال وزن المواد الغذائية في ميزانية الأسر. وقد أظهرت نتائج آخر بحث حول مستوى معيشة الأسر الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط سنة 2007، أنه بالرغم من انخفاض وزن المواد الغذائية، فإنها لاتزال تشكل حوالي 41 في المائة من مجموع ميزانية استهلاك الأسر. وتمثل الحبوب، وهي من أكثر المواد المعنية بارتفاع الأسعار، حوالي 18 في المائة من النفقات الغذائية للأسر. وأكد الحليمي أن ارتفاع الأسعار بالمغرب مرتبط بالارتفاع غير المسبوق الذي عرفه العالم خلال السنتين الأخيرتين في أثمان المواد الأولية، حيث عرفت أثمان المواد الغذائية ارتفاعا بنسبة 57 في المائة ما بين دجنبر 2006 ويونيو 2008، مشيرا إلى أن هذه الأزمة أفرزت آثارا سلبية على الصعيد الدولي، حيث أدى ارتفاع الأسعار إلى حالة غليان اجتماعي وحتى سياسي في بعض الدول. إلى ذلك، قال المندوب السامي للتخطيط إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية كان له أثر جد ملموس على الميزانية المخصصة للدعم في المغرب، والتي تجاوزت بكثير التوقعات، وهددت بالتالي توازن ميزانية الدولة. وقد ساهمت الأزمة، حسب المتحدث ذاته، في تفاقم العجز التجاري، حيث ارتفعت الواردات من المواد الغذائية بنسبة 73 في المائة سنة 2007 مقارنة مع سنة 2006، وب22 في المائة خلال الفترة الممتدة ما بين يناير ونونبر من سنة 2008 مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2007. كما عرفت واردات الحبوب على الخصوص ارتفاعا بنسبة 168 في المائة خلال سنة سنة 2007، إلا أن تأثير الأزمة على المغرب، يقول الحليمي، “يبقى محدودا مقارنة بدول مماثلة، حيث إن نسبة التضخم، التي لن تتجاوز 4 في المائة ببلادنا سنة 2008، بلغت 15.8 في المائة بالأردن، و5.1 في المائة بتونس و9.4 في المائة كمعدل في الدول الصاعدة والسائرة في طريق النمو”، على حد تعبيره. وتعبا لذلك، اتجه الرقم الاستدلالي لتكلفة المعيشة بالنسبة إلى المواد الغذائية نحو الانخفاض منذ نهاية رمضان، الذي صادف شهر شتنبر، حيث فقد 1 في المائة من قيمته خلال الشهرين الأخيرين. وقال الحليمي، إن من شأن هذا التحول أن يحافظ ويقوي المكتسبات والتقدم المحقق خلال السنوات الأخيرة في مجال تقليص الفقر وتحسين القدرة الشرائية للأسر، مشيرا إلى أن معدل الفقر سجل ما بين سنتي 2001 و2007 تراجعا ملموسا، إذ انتقل من 15.3 في المائة إلى 9 في المائة، وأن الدخل المتوفر للأسر يعرف نموا سنويا حقيقيا يقدر ب2.3 في المائة. على صعيد آخر، توصلت الدراسة التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط حول قطاع الفلاحة، وفي إطار الدراسات المستقبلية “المغرب في أفق 2030” إلى أن “تنمية القطاع الفلاحي تتطلب سياسات تروم تشجيع بروز أقطاب فلاحية موجهة نحو التصدير، وتعطي الأولوية لتنمية المقاولات الفلاحية الصغيرة والمتوسطة، التي توجه إنتاجها للاستهلاك الداخلي وتساهم في تأمين حد ضروري للأمن الغذائي”. وتشكل هذه الأهداف، حسب الحليمي، “أهم محاور السيناريو الأفضل لبلادنا في إطار هذه الدراسة، حيث يعتمد كأساس له ميثاقا فلاحيا وقرويا منفتحا متحكما فيه”. وأشار المندوب السامي للتخطيط إلى أن الإلمام بالحقائق الاقتصادية والاجتماعية وبأثرها على الأسعار والقدرة الشرائية، وبالتالي على ظروف معيشة الأسر، يتطلب أدوات إحصائية وتقنيات متطورة تعتمد على معلومات إحصائية شاملة”. ولهذا الغرض “قامت المندوبية السامية للتخطيط بإطلاق برنامج مندمج للعمليات الإحصائية ذات البعد الوطني. وتعتزم المندوبية خلال سنة 2009 إنجاز عدة بحوث إحصائية منها على الخصوص البحث الديموغرافي الثاني من نوعه في المغرب بغية إعداد جدول الوفيات والشروع في إعداد بحثين جديدين، يهم الأول ظاهرة العنف ضد النساء، والثاني المؤسسات غير الهادفة إلى الربح.