توقعت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن تثور خلافات بين الرئيس المخلوع حسني مبارك وأقرب معاونيه في المحاكمة، بسبب تركيز دفاع فريق المحامين الموكلين عنه على أنه لم يكن يحكم مصر منذ 28 يناير الماضي، وأن الحاكم الفعلي منذ ذلك الوقت هو نائبه عمر سليمان والمشير حسين طنطاوي، وذلك للتنصل من المسؤولية عن موقعة الجمل الشهيرة. وأشارت المجلة إلى أنه من المنتظر أن تتكشف الكثير من الأسرار خلال الحلقات التالية من محاكمة مبارك، بعدما طلب محاموه حضور الرجلين للإدلاء بشهادتهما أمام المحكمة، وهو ما سيمثل اختباراً لحيادية المجلس العسكري، نظراً لأنه كثيرا ما يدعي عدم تدخله في نظام المحاكم المدنية. المثير، بحسب المجلة، أن فريق الدفاع عن مبارك ادعى أن طنطاوي كان الحاكم للدولة من 28 الى ما بعد دلك بما يعني أن موقعة الجمل المشينة التي وقعت في 2 فبراير في ميدان التحرير حدثت على أعين المشير لكن هذه حيلة مشكوك فيها لأن المشير لم يكن هو الحاكم بل أصبح حاكما بعد أن ظهر عمر سليمان يوم 11 فبراير ليعلن أن مبارك قد تنحى عن منصب رئيس الجمهورية. وعلى أية حال تقول المجلة: إنه سيكون من المثير جدا في دراما ما يحدث لو ذهب طنطاوي وسليمان والفريق شفيق ليدلوا بشهادتهم في المحكمة. والدولة المصرية كانت وما تزال دولة بوليسية يدعمها الجيش كما تقول فورين بوليسي ولو سمح المجلس العسكري بهذه المحاكمة فسوف تتكشف أسرارا هائلة لأن كون الدولة بوليسية يدعمها الجيش يعني أن الجرائم ستطال كثيرين جدا أبعد مما يتخيل الكثيرون. ولن يكون الأمر مقتصرا وقتها على محاسبة مبارك على تصرفات فعلها مرؤوسوه في مدة قصيرة من الزمن أثناء الثورة. وسيكون من دواعي السخرية لو أراد مبارك إنقاذ نفسه وابنيه على حساب الآخرين فيفضح كثيرين ويسقطهم معه بالكشف عما تورطوا فيه. وأشارت المجلة إلى أن العالم العربي كان قد تكهرب يوم الأربعاء بمشهد محاكمة حسني مبارك وهو راقد على سرير مرضه في قفص السجن وبجواره ابناه جمال وعلاء مما يرفع من احتمالية أن يواجه الديكتاتور المصري المخلوع قريبا الإدانة عن جرائمه. وأضافت المجلة أنه برغم كل هذه الإثارة الواضحة حول محاكمة مبارك بالإضافة إلى العديد من كبار شخصيات نظامه وأبرزهم وزير الداخلية السابق حبيب العادلي إلا أن المشهد الفوضوي في قاعة المحكمة والمعركة بالحجارة خارجها لا تعطي انطباعا دقيقا بالثقة في النظام القضائي المصري. وفي واحدة من الغرائب قال محام من المدعين بالحق المدني عن القتلى: إن الماثل في القفص ليس هو مبارك وأن مبارك قد مات منذ عام 2004. وقد كانت صورة مبارك في القفص واضحة وازدحم عشرات المحامين من الجانبين وعلا صوتهم بالمطالب مما أجبر القاضي على إسكاتهم جميعا. وفي ذات السياق اتهم النائب المصري السابق طلعت السادات المرشح لمنصب نقيب المحامين في تصريح له أن حضور المشير محمد حسين طنطاوي القائد الأعلى للقوات المسلحة كشاهد في محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك سوف يمحي أي تعاطف مع الأخير، قائلا : " بلاش تحرجونا أكثر من ذلك لأن هذا الرجل سيقول كلمة الحق بما يرضي الله و ساعتها سيمسح أي تعاطف مع الرئيس السابق وأولاده فبلاش يروح أحسن. وأضاف السادات: المشير طنطاوي يريد تسليم السلطة في أقرب وقت ممكن ولا يريد منصبا أو جاها لأنه يبحث عن سطر في التاريخ بحروف من نور في سجلاته. أما بالنسبة للمطالبة بحضور اللواء عمر سليمان نائب الرئيس السابق فيجب محاكمته لأنه متورط في قتل المتظاهرين وجميع جرائم مبارك شأن حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق. وطالب السادات بمراجعة جميع ميزانيات المخابرات العامة منذ تولي عمر سليمان رئاستها وحتى خروجه للمعاش . فيما صرح مصدر أمني بالقاهرة الخميس، أن القائد الأعلى للقوات المسلحة، المشير محمد حسين طنطاوي الذي يتولى زمام الأمور في مصر مستعد للإدلاء بشهادته في حال استدعائه في محاكمة الرئيس حسني مبارك. فيما طلب فريد الديب محامي مبارك من القاضي عند بدء المحاكمة الأربعاء استدعاء 1600 شاهد بينهم المشير طنطاوي، وزير الدفاع في عهد مبارك طيلة 20 عاما، وقائد الجيش الفريق سامي عنان واللواء عمر سليمان نائب الرئيس السابق. فيما صرح الخبير بالشؤون المصريّة في المجموعة الدولية للأزمات آليا زروان لوكالة «فرانس بريس» أن دفاع مبارك يراهن على ما يبدو صعوبة استدعاء طنطاوي وعنان ومحافظين سابقين للإدلاء بشهادتهم. مشيرا إلى أن مبارك كان على اطلاع بكل الأسرار، وأضاف: "الله يعلم ما هي الأسئلة المحرجة التي يمكن أن يوجهها مبارك إلى كبار المسؤولين العسكريين". معتبرا أنه من المنطقي أن يطلب شهادتهم لأنه طلب من الجيش النزول إلى الشوارع في 28 يناير، بعد أن أحرق البلطجية مراكز للشرطة في أنحاء البلاد. أما صحافة القاهرة فتصدرت التحذيرات الأمريكية لإعدام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وأفردت ملفا كاملا لتحذيرات لايلوت أبرامز المسؤول السابق بمجلس الأمن القومي الأمريكي، والذي اعتبر أن إعدام مبارك سيؤدي إلى نتائج عكسية على تحرك البلاد نحو تأسيس حكم ديمقراطي. ورأت بعض التقارير، أن إعدام مبارك سيعتبر إخلالا بتعهدات اتخذها مسؤولون مصريون للولايات المتحدة بألا يتم إعدامه. جاء ذلك في الوقت الذي حذرت فيه منظمة العفو الدولية من إعدام مبارك، مطالبة بتشكيل لجنة طبية لمتابعة الحالة الصحية له، كما أفردت الصحف عددا من ردود الأفعال الدولية السياسية والإعلامية للمحاكمة، كما رصدت عددا من ردود الأفعال داخل مصر، نتيجة البدء في محاكمة مبارك ورؤية الشعب له داخل القفص نائما على سرير المرض. ورصدت الصحف تغطية لسير الجلسة الثانية لمحاكمة "حبيب العادلي" وزير الداخلية الأسبق بعد ضمها إلى نفس القضية المتهم فيها حسني مبارك، وتم خلال الجلسة فض الأحراز، وأجلت القضية إلى جلسة 14 غشت. كما رصدت الصحف التظاهرة المليونية التي ستنطلق يوم الجمعة 12 غشت القادم تحت مسمى "الدولة المدنية"، والتي أعلنت عدد من الإتحادات القبطية مشاركتها فيها. كما أكدت الصحف على أن حالة "مبارك" الصحية مستقرة، وأنه يقيم بغرفة عادية بالمركز الطبي العالمي، وأن مبارك "ضيف ثقيل" على المركز، مدرعات وسيارات أمن مركزي وكلاب تطوق المبنى، و60 ألف جنيه خسائر المركز يوميا..