جدول أعمال مجلس الحكومة الخميس    سعر الذهب يصل إلى مستوى قياسي    حماس: نتنياهو قرّر "التضحية" بالرهائن    أكثر من 350 قتيل بعد استئناف اسرائيل عدوانها على قطاع غزة    إسرائيل تستشير ترامب قبل غارات غزة    النيجر تنسحب من المنظمة الدولية للفرنكوفونية    روبنسون الظهير الأيسر لفولهام الإنجليزي: "حكيمي أفضل ظهير أيمن في العالم"    دراسة: نقص الوزن عند الولادة يؤثر على استعداد الأطفال لدخول المدرسة    الصين والمملكة المتحدة يتعهدان بالتعاون في مواجهة تغير المناخ    الانتقال الرقمي.. دينامية جديدة للتعاون بين الرباط وواشنطن    الصين تطلق أول سفينة ركاب سياحية بحرية كهربائية بالكامل    أجواء ممطرة في توقعات طقس الثلاثاء    الجزائر ترفض قائمة بجزائريين تريد باريس ترحيلهم وتندد بهذه الخطوة    مختصون يناقشون راهن الشعر الأمازيغي بالريف في طاولة مستديرة بالناظور وهذا موعدها    المغربية أميمة سملالي تفوز بجائزة أفضل حكمة في بطولة العالم للملاكمة النسوية    المكتب الوطني للفضاء المغربي للمهنيين يناقش تحديات التجارة والاستثمار ويدعو لإصلاحات عاجلة    شراكة جديدة بين مؤسسة التمويل الدولية والمركز الجهوي للاستثمار بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة لتعزيز التنافسية المستدامة للجهة    إسرائيل تشنّ هجوما واسعا على غزة    "التراث الإسلامي في طنجة: بين ندرة المعطيات وضرورة حفظ الذاكرة"    الأرصاد تتوقع نزول أمطار بالريف وباقي مناطق المملكة غدا الثلاثاء    الاستئناف يؤيد الحكم الابتدائي القاضي بإدانة "ولد الشينوية"    محمد شاكر يكتب : " حول مقولة "عزوف الشباب عن السياسة    "إفطار رمضاني" في العاصمة الرباط يُنوه بتوازن النموذج الحضاري المغربي    مارين لوبان تدعو الحكومة الفرنسية إلى التصعيد ضد الجزائر    شراكة استراتيجية تحول جهة طنجة تطوان الحسيمة إلى مركز استثماري أخضر عالمي    الشباب وصناعة القرار: لقاء رمضاني لحزب التجمع الوطني للأحرار بأكادير    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    الكونغرس البيروفي يحث الحكومة على دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي في صحرائه    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية المغربية يزور مقر التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب    رئيس زامبيا يبعث رسالة إلى الملك    الترجمة و''عُقْدة'' الفرنسية    "الأسود" يستعدون للنيجر وتنزانيا    مطارات المملكة تلغي التفتيش المزدوج وتكتفي ببوابات مراقبة أتوماتيكية    المغاربة يتصدرون الأجانب المساهمين في الضمان الاجتماعي بإسبانيا    طرح تذاكر مباراة المغرب والنيجر للبيع عبر منصة إلكترونية    موانئ الواجهة المتوسطية : ارتفاع بنسبة 9 بالمائة في كمية مفرغات الصيد البحري في فبراير الماضي    هام للتجار.. المديرية العامة للضرائب تدعو الملزمين إلى تقديم التصريح برسم سنة 2024 قبل هذا التاريخ    تنسيق أمني يبحث مسار نفق قرب سبتة    "الجمعية" تطالب بعقوبات قاسية ضد مغتصبي 14 طفلة في بلدة "كيكو" بإقليم بولمان    الألكسو تكرم الشاعر محمد بنيس في اليوم العربي للشعر    بورصة البيضاء تنهي التداول بأداء إيجابي    "دخلنا التاريخ معًا".. يسار يشكر جمهوره بعد نجاح "لمهيب"    "طنجة تتألق في ليلة روحانية: ملحمة الأذكار والأسرار في مديح المختار"    الاتحاد السعودي يستهدف عبد الصمد الزلزولي    التوتر الأسري في رمضان: بين الضغوط المادية والإجهاد النفسي…أخصائية تقترح عبر "رسالة 24 "حلولا للتخفيف منه    الرياضة في كورنيش مرقالة خلال رمضان: بين النشاط البدني واللقاءات الاجتماعية    الدبلوماسية الناعمة للفنون والحرف التقليدية المغربية.. بقلم // عبده حقي    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال 25).. شباب المحمدية ينهزم أمام ضيفه حسنية أكادير (4-0)    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    شهر رمضان في أجواء البادية المغربية.. على إيقاع شروق الشمس وغروبها    حادثة سير خطيرة قرب طنجة تسفر عن وفاة وإصابات خطيرة    فوز الحسنية و"الجديدي" في البطولة    مدرب الوداد موكوينا يتحدث عن إمكانية الرحيل بعد التعادل مع اتحاد طنجة    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    الأدوية الأكثر طلبا خلال رمضان المضادة للحموضة و قرحة المعدة!    ارتباك النوم في رمضان يطلق تحذيرات أطباء مغاربة من "مخاطر جمّة"    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حياٌة أدبًا
"الثقافةُ لا تُشرى ولا تُباع" نهايةُ عُشّ الثنائيَّة الرَّابعة
نشر في طنجة الأدبية يوم 30 - 12 - 2009


ألثنائيَّةُ الرَّابعة/1
بَقيَ القَشّ...
غابَ المُناغي، والمُستَجيبَة،
غابَ البانِيان المُجاهِدان،
غابَ ال "أصلانِ"، وبَقيَ القَشُّ،
تمامًا كما يَفنى البَشَر، ويبقى الحَجَر...
وخَلا العُشُّ من أيِّ أُنسٍ،
وطالَ زمنُ ذهاب قَشِّه مع الرِّيح،
وضاعَ الحُلُمُ بِعُشٍّ يَنتقِلُ
من ذي رِيشٍ إلى ذي زَغَب؛
وجاءَ مَن يَسألُ اقتِناءَ العُشِّ
من عُصفورَي البَعيد البَعيد، وَريثَيه؛
طَلبا من الحالِمِ الحَليم -
وكان أقلَّ عصافير الأُسرَة سَفرًا بالجَسَد،
وإنَّما أكثرَهم سَفرًا بالفِكر -
طَلبا منه أنْ يُقدِم، فما رَفَض؛

عَزَّ عليه الأمرُ أوَّلاً، وسَأل:
أينَ التِّجارةُ من الصِّناعة؟
أينَ مَبيعُ عُشٍّ ومُشتَراهُ في لحظةٍ، ولِقاءَ مادَّة،
مِن بناءِ عُشٍّ في أيَّامٍ، وبالحبِّ والجُهد؟
ثمَّ فَكَّرَ أنْ ما العُشُّ، أيُّ عُشٍّ، من دون العصافير؟
وأَدرَكَ أنَّ العُشَّ إلى زوال،
وسَرَّه أنْ تُعَشِّشَ فيه عُصفوراتٌ مُهاجِراتٌ
نَذَرْنَ حياتَهنَّ لمُناجاة رَبِّهنّ،
ففَعَل؛
أَقدمَ، كعادته، في مَجَّانيَّةِ الغَيرِيَّة،
فيما البعضُ رَبَض؛ تَحَيَّنَ الفُرَصَ، انتَهَزَها،
مُطلِقًا العِنانَ لظُنون النَّفس، للرِّئاء،
والحالِمُ الحَليمُ - ولم يكُنْ لِيَغفُلَ عن الأمر -
يُتَمِّمُ واجبَه في أخوَّة العصافير،
يَسمَع، يقرأُ في العيون، يَتَسامَح...
حَسَدٌ، كَذِبٌ... يَستَوعِبُ، يُغالون،
يُديرُ الأيسَرَ لِيُظهِرَ وَجهَ المحبَّةِ، يَتَطاوَلون؛
وعِوَضَ أنْ تُقَدَّرَ التَّضحيةُ،
فُهِمَ التَّسامُحُ ضُعفًا،
لا بل تأكيدًا لخطإٍ لم يَحصُلْ؛
بعدَ مَبيع العُشِّ،
حانَ زَمَنُ توزيعِ حُبَيباتٍ
مِن جَنى أميرِ الرِّيشة ومَلِكَةِ السَّنابل؛
ولم ينفَعْ تَضُرُّعُ الحالِم الحَليم
في رَفع كأسٍ أخرى عنه؛
كُلِّفَ، فأَقدَمَ من جديد، حُبًّا وضَنًّا،
وإنْ مُدْرِكًا ما هو واصِلٌ إليه؛
أَقدَمَ من جديد، واثِقًا أنَّ فِعلَ الرِّيشة والسُّنبُلة،
أنَّ التَّطبُّعَ، أنَّ الفضائِلَ،
لا بدَّ أقوى من فِعل الحَسَد، وصِنْوِه الكَذِب،
لا بدَّ أقوى من الطَّبع، من الرَّذائِل؛
وكانَ فَكَّرَ:
إنَّما هي حُبَيباتٌ،
ومُنذ مَتى
تُقاسُ عظَمَةُ العُصفور،
دنيًا وما بَعدُ،
بِحُبَيباتٍ يَقتَنيها؟
وأنْ يَجمَعَ الفَقرُ
خيرٌ من أن يفرِّقَ الغِنى،
ألَيسَ من الواجِبِ أنْ يكونَ، هذا،
هو المُبتَغى؟
... بيدَ أنَّ حُبيباتِ العُشِّ أَمْسَتْ
مَسرحَ تَجاذبٍ لا إلى نهاية؛
لا عِلمَ، لا، ولا تربيةَ،
ولا خبرةَ حياةٍ تَشفَع؛
حُبيباتُ العُشِّ، على ضآلتها،
غدَتِ البدايةَ، والنِّهاية؛
وأمَّا مَن تَرَفَّعَ عنها
فَلِدَرْء إساءَة،
أو لِتَفَرُّغٍ لِشَماتَة؛
وكأنَّ الإنسانَ، بمَساوئِه،
تجَسَّدَ عُصفورًا؛
وكأنَّ، في تلك الأمور،
لا فَرقَ بين طَيرٍ وبَشَر:
"أُصلُبوه"، نَعَم، "أُصلُبوه" لغَيريَّته،
"أُصلُبوه" فقد أحسَنَ، وبمَجَّانيَّة!
"أُصلُبوه"... فما مِن إحسانٍ أو مجََّانيَّة!
"أُصلُبوه"... وَلَو لِمُتعةِ المُشاهدة ليس إلاَّ؛
... وكان أنْ هُدِرُ دمُ "يوسفَ" من جديد،
ولَمْ يُفَضِّلْهُ أبوه؛
معرفةٌ صامِتَةٌ من أجلِ لُحمة عُشٍّ
ماذا تستطيعُ في وَجه مخيِّلَةٍ مريضةٍ
تَرمي نقائِصَها على الآخَرين،
تقولُ بالفَضائِل وتقومُ بعَكسها،
وهمُّها انقِضاضٌ لإنهاء عُشّ؛
... وَواعِظٍ، لم يَحلُمْ يومًا خارجَ الأنا،
كيفَ له أنْ يَقرُضَ الشِّعرَ، أنْ يُحافِظَ على ريشة؟
... وَواعِظٍ، لم يَشعُرْ يومًا خارجَ الأنا،
كيفَ له أنْ يعرفَ الأخوَّة، أنْ يُحافِظَ على سُنبُلَة؟
... وَواعِظٍ مُتَحَفِّزٍ
مَدَّ المادَّةَ حتَّى راحَتِ الرُّوح:
لم يَترُكْ من الرِّيشةِ سوى قُطَيْرَةٍ،
ومن السُّنبُلة سوى حُبَيْبَة؛
أخذَ، وأخذَ، وأخذ،
لا بل باعَ في سوق النِّخاسةِ،
عَصْرَ فِكرٍ، وصُنْعَ يَد؛
... وَواعِظٍ، أسيرِ نَرجِسيَّةٍ،
فَمُدمِنِ حَسَدٍ وكَذِب؛
سَئِمَ من نَرجِسيَّته النَّرجِسُ،
ومن حَسَده الحَسَدُ، ومن كَذِبه الكَذِبُ،
ولمَّا يَسْأَمْ؛
وَاعِظٌ مِثلُه، كيف لا يُدرِكُ
أنَّ النَّرجسيَّةَ نهايتُها المَوْتُ غَرَقًا
في صورةٍ له تَعكِسُها صَفحةُ المياه!
... عُصفورُ الوَعْظِ هذا،
خَطِئَ لأبيه السَّماويِّ أوَّلاً،
فلأبيه الطَّبيعيِّ، وأمِّه،
فلأخوتِه، وأشباهِه، وبَني جِنسه،
وقبلَ كلِّ هذا، خَطِئَ لنَفسه؛
... عُصفورُ الوَعْظِ هذا،
كيف يَستمرُّ يَعيشُ عبدَ أرضٍ
لا ينفَعُه انتِظارُ سَماء؟
كيف له أنْ يَعِظَ،
وهو يَستمرُّ يَعيشُ عبدَ أرضٍ
لا ينفَعُه انتِظارُ سَماء؟
"نصفُ الرُّسل" غَدَوْا رُسُلاً اثنَي عَشَر،
أفلا بُدَّ من يهوَّذا واحدٍ على الأقلّ؟ أفلا بدّ؟
أم أنَّ في كلٍّ من العصافير، يهوَّذًا ما؟ يهوَّذاه؟
كلُّ عُصفورٍ أدركَ ما اقتَرَف،
أدركَ ما بالفِكر اقترَف، وباللاَّفِكر،
ما بالقَول اقترَف، وباللاَّقَول،
ما بالفِعل اقترَف، وباللاَّفِعل؛
ونَسِيَ أنِ اِحفَظْ إرثَ الوالِدَين،
وأَضِفٍ إليه إرثًا،
يَكُ الوالِدان أسعدَ الخَلق!
ولكن، لا أحدَ من العصافير يُخطِئ،
ذاك هو المَبدأ،
وإنْ أخطأَ، لم يُدرِكْ خَطَأَه عِنادًا،
وإن أدركَهُ، ما اعترفَ به كِبْرًا؛
وَحدَها الضَّحيَّةُ اعترفَت محبَّةً وكُبْرًا:
لقد أَخطأتْ بالإفراط في تَفَهُّم الآخر،
في مُسامحته،
فحتَّى في التَّسامُح بعضُ إخفاءٍ لِحَقائِق،
وبالتَّالي، بعضُ كَذِب؛
وَحدَها الضَّحيَّةُ اعترفَت محبَّةً وكُبْرًا:
لقد أَخطأت بالإفراط في تَفَهُّم الآخر،
في مُسامحته،
فَلَئِن كانَ التَّسامحُ الظَّرفيُّ، مع الغريبِ،
فَرْضٌ،
فإنَّ التَّسامحَ المُستَمرَّ، مع القريبِ،
اِنفِجارٌ مؤجَّل؛
وَلِيَعذِرَ، فَكَّرَ الحالِمُ الجريحُ أنْ
كما النَّاسُ، كذا الطَّيرُ، في الطَّبْع، أجناس:
مِنه المُسالِمُ والكاسِرُ،
ومِنه العَندليبُ والغُرابُ؛
ولكن، كيف لِجَلابيطَ أُعِدَّت لتَشدُوَ وتُحِبَّ
أنْ تَنعَقَ وتَكَره؟
لا بدَّ أنْ ساعةَ تَخَلٍّ كانَتْ،
اِجتمعَ فيها الحَسَدُ بالكَذِب والرِّئاءِ والتَّذاكي،
ساعةَ تَخَلٍّ دارَتِ الألسِنَةُ خلالَها في اللاَّمَوضوع،
فتَبَلبَلَت...
ساعةَ تَخَلٍّ لُفِّقَتْ فيها الأكاذيبُ،
ومُجَرَّدُ الظَّنِّ خطيئة!
ساعةَ تَخَلٍّ كانَ فيها ظُلمٌ،
والظُّلمُ أَقتَلُ من المَوْت!
إنَّما هي ساعةٌ، وتَزول، قالَها في سِرِّه،
إذ ما مِن عُصفورٍ خَلَدَ،
ولا عَيشَ مُمكِنًا بِغَير المحبَّة؛
ثمَّ، ليس هو، نَفسُه، بِقدِّيس،
وإنْ ثمَّةَ، لِجميع الطَّير، وفي كلِّ حين،
وقتٌ للقداسة!
واطمَأَنَّ الجَريحُ بأنْ سامَحَ مُجَدَّدًا،
ففي المُطلَق، يبقى التَّسامحُ أقصرَ الطُّرق إلى السَّماء!
وأمَّا ريشةُ كبير العصافير،
وسُنبُلةُ كبيرتهم،
وقد أُهمِلتا،
فغَدَتا شُغلَ الحالِمِ الشَّاغِل:
الرِّيشةُ سَبَقَ وانتُهِكَ حِبرُها،
فيا لَخَجَلِ الأحرف؛
والسُّنبُلةُ كادَتْ تَفقدُ آخرَ حُبيباتِها،
ويا لَخَجَلِ المَحَبَّة...
ألثنائيَّةُ الرَّابعة/2
... لِيَشهدَ للرِّي...ح
بَقِيَ القشُّ...
لِيَشهدَ للرِّيح،
فيما ريحُ العصافير، معظمِها،
أعتَى من ريح الطَّبيعة؛
ريحُهم مَعقِلُ كَذِبٍ وافتراءٍ وشَكّ،
والعُصفورُ الَّذي أقدَمَ،
وضحَّى،
لا شيءَ يَفوتُه،
يتألَّمُ في صَمتٍ، ويُسامِح،
فهو أسيرُ التَّفهُّم والغَيرِيَّة؛
ولكنَّه يسألُ
أنْ كيفَ العَيشُ في الحَسَد،
به، منه، له، والمَوْتُ؛
أنْ كيفَ العَيشُ في الكَذِب،
به، منه، له، والمَوتُ؛
ويَسألُ
أنْ ماذا يَستطيعُ الإدراكُ، والمِثالِيَّةُ، والحُلُم،
وبالتَّالي، التَّفَهُّمُ الدَّائِمُ، والتَّسامُح،
أمامَ تَحالُفٍ، وإنْ مؤقَّت،
لِلفَشَل المُتَذاكي، والكَذِب المُتَحاذِق،
وكَرَمِ النَّميمَة، وفروسيَّةِ التَّواري؟
نَعَم، ماذا يَستطيعُ التَّسامُحُ أمامَ تَحالُفٍ مُماثِل،
ماذا يستطيعُ سوى أنْ يَشهَرَ سَيفَه، ولو متأخِّرًا:
بِريشة المحبَّةِ والاستِيعابِ أوضَحَ مُعاناتِه،
فواجهوا الشَّمسَ السَّاطِعَةَ بعنادٍ داكِن؛
"شُكرًا لأنَّكم قَبِلتُم بي ضَيفَ عُشٍّ"،
قالَها، وانطَلَق؛
قالَها، ولم يَتركوا له سوى إقفالِ باب؛
قالَها، وقد كانَ همزةَ الوَصلِ الوحيدة،
فجَعَلوا منه نقطةَ الفَصل الأخيرة؛
قالَها، هو الَّذي أمَلَ لَو يَبقون،
ولَو على الخطإ، مُجتَمِعين؛
قالَها، وهمُّه أنْ كيف يُفَسِّرُ لِعاصفير الغَدِ، عصافيرِهِ،
أنْ هكذا يُجازى عملُ الخَير، هكذا يَسقُط!
وأطرَقَ الحالِمُ كما لِيَعذِرَ من جديد:
أليسَ العُشُّ ككلِّ الأعشاش،
وقِصَّتُه كقِصَّتهم جميعًا؟
رَجا أنْ لا، أن يكونَ العُشُّ تَمَيَّز،
فلا تكونُ نهايةُ كلِّ الأعشاش مَثيلَة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.