لكن أبو السعود أكد في الوقت نفسه على ضرورة استمرار الجهود الرامية لمكافحة الأسباب المؤدية لهذه الظاهرة حتى تتمكن البلاد من تفادي كارثة بيئية في الأعوام المقبلة. وتشهد القاهرة نشاطا بشريا كبيرا يساهم في زيادة تلوث البيئة خصوصا مع توفر الظروف الجوية المساعدة على ذلك، كما أن قيام المزارعين بحرق قش الأرز في هذا الوقت من العام يعتبر أحد المسببات الرئيسية لهذه السحابة من وجهة نظر الجهات الرسمية. ويقول أبو السعود إن المزارعين الذين يسعون لتهيئة أراضيهم لموسم زراعي جديد يقومون بحرق نحو أربعة أطنان من القش في وقت قصير، مضيفا أن الدخان المنبعث عن هذه الحرائق يسبب 40% من نسبة التلوث فيما تتكفل عوادم السيارات بنسبة 23% وعوادم المصانع بنسبة مماثلة إضافة إلى 6% من حرق النفايات في الهواء الطلق. ويزيد من تفاقم الأزمة وفقا لوكيل وزارة البيئة أن فصل الخريف يشهد تقلبات حرارية مع انخفاض في مستوى الرياح ما يخفض قدرة الملوثات على الارتفاع إلى أعلى، كما أن الوضع الطبوغرافي للقاهرة ووقوعها بين منطقتين مرتفعتين هما جبل المقطم ومدينة 6 أكتوبر يتسبب في بقاء الملوثات محجوزة في الوسط. إعادة التدوير وللقضاء على هذه الأزمة فإن أحمد جبر، أستاذ قسم الإنتاج الحيواني بجامعة المنصورة، يؤكد على أهمية الاستفادة من قش الأرز الذي يصلح كعلف للماشية أو كسماد طبيعي أو في صناعة الورق. ويقول جبر إن المزارعين على استعداد لإعادة تدوير القش لكن المشكلة تكمن في عدم وجود جهات كافية على مستوى المحافظة لاستيعاب كمية القش بالنظر إلى سعة مساحات الأرز المزروعة، وتكتفي الحكومة في هذا الشأن بتهديد المزارعين حيث قالت إنها ستوقف دعم الأسمدة لمن يقدم على حرق قش الأرز. خطر كبير على أن المشكلة ليست زراعية فقط، فشوارع القاهرة يسير بها أكثر من مليوني سيارة وفقا لوكيل وزارة البيئة الذي يؤكد أن وزارته تحاول تشجيع المواطنين على التحول لاستعمال الغاز الطبيعي كوقود للسيارات، فضلا عن استخدام المواصلات العمومية وتحفيز سائقي سيارات الأجرة على تغيير سياراتهم القديمة بأخرى جديدة. ويرى خبراء الصحة في السحابة السوداء خطرا كبيرا بالنظر إلى تسببها في مشاكل تنفسية، حيث يؤكد محمود عادل مجيد، مدير قسم الأمراض الصدرية بمستشفى العباسية أن "عدد مرضى الربو يتضاعف في هذا الوقت من السنة، مضيفا أن الأطفال وكبار السن هم أكثر عرضة للمرض.