ليست ضربة شمس ولا هي هلوسة من هلوسات الصيام، ولا أضغات الأحلام التي تمحوها حقيقة الواقع، كما لا أريد لأي كان أن يستصدر في هذا الشهر الفضيل فتوى من الفتاوي التي تجيز اعتبار ما سيلي وأقوله لغوا ومن لغا فلا قيمة له· صحيح أن قهوة الصباح اللعينة تفعل فعلتها خاصة خلال الثلث الأول من شهر المغفرة، فتتعطل عقارب الدماغ، سيما ذلك الذي تعود أن تتحرك خلاياه بمجرد إرتشاف رشفة منها وإذا إنضاف لها مفعول حديث الساعة الذي يصبح أشهر من نار على علم في هذه الفترة، ذلك اللعين المسمى >الكرافس< بتحالف وتواطؤ ممنهج مع >الكزبر< والكم الهائل من خيرات الله التي تزدرد في وقت وجيز بين أصل الشمس وخيطيها الأبيض والأسود من الفجر·· فإنه يحق للبعض أن يعتبر القراءة التالية مجرد حلم وردي في زمن الكوابيس ومجرد قراءة سوريالية لا تحاكي واقعنا المر في شيء، ومجرد أسبرين وقرص من أقراص التخدير والنسيان الموجهة لعموم الجمهور ليبتلع ريق الغصة ولو إلى حين·· لكني وأنا أتفرس وأعيد قراءة شريط الإياب المدمر الذي ما زال لم يلعب وبما أن كرة القدم ليست بالعلم الصحيح فإن لغة الأرقام ما زالت لم تشيع بعد جثمان الأسود لمثوى الإقصاء ولازال لحلم التأهل لجوهانسبورغ بقية، ولو أن المصير ليس باليد وإنما بأقدام الغير، ومع ذلك تعودنا أن نبشر قبل أن ننفر وأن لا نكون عدميين تيئيسيين ما لم تقع الفأس في الرأس بعد· 11 نقطة كفيلة بأن تمنح المنتخب المغربي التأهل للكأس الكونية القادمة، و11 نقطة كفيلة بأن تصلح كل ما أفسده لومير والدهر وكل المنتفعون الذين مروا من هنا، فكيف ذلك؟ كي نبلغ هذا الرصيد يتعين علينا بداية أن نفوز في مبارياتنا الثلاث القادمة، أن نعود من الطوغو والغابون تباعا بفوز وأن نتهيأ لموقعة العمر ضد الكاميرون بعدها بنفس الطموح أي النصر، وخلالها سنصل ل 11 نقطة والصدارة لكن بشروط أراها موضوعية وليست إعجازية والحدس يقودني لهذا·· أولى المقاربات الموضوعية والمنطقية تقول بإعمال صحوة الأسد الثاني بالمجموعة الأولى وهو الكاميرون الذي سيغنم 6 نقاط من مواجهته المزدوجة ضد الغابون، ثم يفوز على الطوغو وبهذا سيبلغ 10 نقاط ستجعله بحاجة لتعادل أو فوز هنا بالرباط كي يعبر للمونديال، وهو إحتمال قائم يبقي مصير منتخبنا بين يديه، لكن كما قلت شريطة الفوز في كل لقاءاته المقبلة· وحتى إذا جمع 4 نقاط من مبارتيه ضد الغابون وأعني به المنتخب الكاميروني فإنه سيخدم مصلحتنا لأنه سيجعل نفس القراءة السابقة قائمة· أما أسوأ إحتمال الذي ينسف كل الأحلام والقصور الرملية المبنية، فهو أن تفوز الغابون في إحدى مواجهتيها ضد الكاميرون وهنا ستبلغ النقطة 9 وتبقى لها إمكانية بلوغ النقطة 12 ولو بتنقلها للطوغو وهو تنقيط مستحيل على منتخبنا الوطني·· لكن ماذا عن الطوغو خصمنا هذا الأحد؟ مبدئيا لو فزنا عليه سيتجمد رصيده عند النقطة الرابعة وسيلاقي في مباراة كالإعصار خارج قواعده منتخب الكاميرون، وحتى ولو جزمنا بفوزه على الغابون فإنه تنقيطيا لن يشكل لنا أي إعاقة ممكنة· بهذه القراءة لا يبدو مستحيلا أن نعبر للمونديال ولا يبدو قريبا للإعجاز أن نتتبع الأسود في واحد من المباريات العملاقة التي طال الشوق إليها والتي تجعلهم في محك مباشر سواء أمام سحرة البرازيل، نجوم الطانغو، الطاليان وحتى الماتادور الإسباني أو هولندا وفرنسا وألمانيا·· لكن ما هو مستحيل أن نرتكن لهذا الحلم الوردي دون أن نغذيه ليصير واقعا، بأن نرحل بهمة الرجال لرئب الصدع الذي خلفه الذهاب الكارثي والفضائحي، الذي أوقعنا عليه في مشوار نريده للنسيان، وما يجعله مستحيلا هو العرض المهزوز الذي قدمناه ضد الكونغو بالرباط والذي لم يقدم الضمانات الكافية والكفيلة بأن يحرض الجمهور المغربي على الحلم بعدما توالت عليه الكوابيس منذ فترة ليست بالقصيرة· هي مباراة مفصلية جهادية بلومي، وهي المباراة القفل الكفيلة بأن تسوي أحلامنا بالأرض أو ترفعها لعنان السماء بشعار أن نكون أو لا نكون، لأن الفوز سيرتقي بنا للنقطة الخامسة وسيضمن لنا وصافة مثالية ولو مؤقتة في رواق جيد يقتفي آثار المتصدر الغابوني، وغير النصر معناه الحكم بالإعدام على ما تبقى من آمال، وهذا ما لا نرتضيه ولا نقبل به بالمطلق كأول المغادرين بعد أن كنا أول الرافعين للواء الشرف بالمكسيك 1986 لمنتخبات القارة الإفريقية في العبور الملحمي للدور الثاني· وإذا فكرنا بهذا المنطق الجهادي فالأكيد أننا سنضمن التواجد على الأقل بأنغولا وفي رحاب >لا كان< القادم، أما إذا استكنا ورضينا بالأمر الواقع فإن التاريخ سيدير ظهره لنا وسيكتب لنا بسجلاته أنه مررنا ذات يوم من هنا·