تعيش المؤسسة الحزبية بالمغرب أزمة داخلية تتداخل في تفسيرها أسباب ذاتية وأخرى موضوعية تعكس في العمق أزمة الدولة والمجتمع وهالة الانحصار التي تبرر الانتقال الديمقراطي المعاق. ويعود عزوف المواطن عن العمل الحزبي ومواكبة الحياة السياسية إلى جمود الأحزاب وتراجع دورها في الساحة السياسية وفي المجتمع , بفعل عدم استيعابها للتحولات التي يعرفها المجتمع المغربي , وعدم تجديد النخب فيها , وعقم العمل الحزبي وتغييب الشباب والمرأة والتعامل معهم أو معهن بمنطق الوصاية والإرشاد واستغلالهم أو استغلالهن في المواسم الانتخابية والمتاجرة بهم و بهن عبر شعارات رنانة في الحمالات الانتخابية دون السعي لإشراكهم بشكل فعلي في أهم القرارات السياسية أو فتح المجال أمامهم و أمامهن لتحمل مسؤولية قيادة الأحزاب . لقد ارجع الأستاذ محمد المسكي جزء من الأسباب الذاتية إلى الآليات التنظيمية التقليدية لإدارة وتدبير المؤسسة الحزبية كآليات فشلت في تدبير الاختلاف مع التيارات السياسية المعارضة من جهة , وفشلت هذه الآليات في إنتاج نخب سياسية جديدة التي بإمكانها أن تعوض النخب التقليدية من جهة ثانية , كما فشلت في إيجاد ضوابط وقواعد للتداول على القيادة الحزبية من جهة ثالثة , ثم فشلت في وضع برامج مجتمعية وإجراءات تطبيقها على ارض الواقع الاقتصادي , هذا الواقع الذي لم يكن لينتج إلا واقع بلقنة المشهد الحزبي والانشقاقات الحزبية المزمنة. أما الأسباب الموضوعية فيراها نفس الباحث أن لها علاقة بمخلفات الدور الذي لعبته الدولة أولا في محاصرة العمل السياسي وتضييق حرية الفعل السياسي وتمييع المشاركة السياسية مما ساهم في ظاهرة العزوف السياسي واستقالة شرائح عديدة من العمل السياسي وهو ما تعكسه نسبة المشاركة الضعيفة في الاستحقاقات الانتخابية , وثانيا دور الدولة في تأسيس أحزاب موالية تعمل بأوامر الدولة مما يبرر نعتها بالأحزاب الإدارية في القاموس السياسي المغربي دون أي اعتبار لاعتدادها الجماهيري . وسواء تعلق الأمر بالأسباب الذاتية أو الموضوعية فانعكاساتها السياسية قائمة عند تناول ظاهرة العزوف السياسي وضعف المشاركة السياسية في الحياة العامة , بل أكثر من ذلك أدت في السنوات الأخيرة إلى الخلط بين الأحزاب وتسوية بينها في غياهب التمايز المذهبي والسياسي نظرا للتماهي الحاصل بين برامج الدولة وبرامج الأحزاب . ( – محمد المسكي -) 1- في البدء كان الحزب قوة سياسية وتنظيمية … فتم تحجيمه إإإ لعب الوعي السياسي الناجم عن الصراع مع القوى الاستعمارية والقوى الموالية له , ولعب تنامي حركة التعليم الحر في المدن التاريخية الكبرى , و لعب الانخراط المبكر في النقابات العمالية في دفع وتحفيز عناصر الحركة الوطنية الواعية والمنخرطة في النضال السلمي إلى البدء في إنشاء كيانات وتنظيمات سياسية تعبر – آنذاك – عن مرحلة في الطفولة الحزبية لكن لها طابع وظيفي وهو النضال السلمي من اجل الحفاظ على الهوية الوطنية والقومية والثقافية والدينية بدء من حزب الدفاع عن المطالب إلى حزب كتلة العمل الوطني وصولا إلى ظهور و تأسيس حزب الاستقلال . تم تطورت هذه الكيانات السياسية شكلا وتنظيما وغدا نشاطها يقوم على التحرر والاستقلال الوطني مما جعل الترابط متينا بين الحركة الوطنية والتنظيمات المسلحة الموجودة , وبذلك أخد العمل السياسي بعدا تحرريا لعب فيه الشباب الوطني دورا هاما في الكفاح الوطني ضد الاستعمار والاستغلال . ورغم السياسة القمعية التي مارستها سلطات الحماية في خنق الحريات العامة فان ذلك لم يمنع من تجدر هذا التنظيم الحزبي في صفوف الشباب والعمال والطلبة والتجار , فازداد عدد إصدار الصحف و المنشورات , و سيتم استغلالها من طرف النخب المحلية والوطنية لتوظيفها سلاحا ضد سلطات الحماية و بيادقها . وإذا كان بعضها يعمل كتنظيمات سرية فلأن السرية في ظل تلك الظروف هي عنصر أساسي في كل تحرك سياسي . ( تنظيم وقيادة الحركات الاحتجاجية الشعبية أو ما يسمى بحركة اللطيف – المظاهرات – الإضرابات الطلابية والعمالية – تقديم العرائض – …) إن هذه الأحزاب في مرحلة طفولتها أو في بدايتها التأسيسية كانت تتصف بخصائص منها : الطابع السلفي الإصلاحي منها : (الدعوة لمحاربة الزوايا الطرقية – إنشاء مدارس حرة لترسيخ الهوية العربية الإسلامية ….) والمطلب الدستوراني : (المطالبة بالإصلاح الإداري والسياسي – إقامة المؤسسات المنتخبة …) , ولكنها في العمق ناضلت من اجل تحقق الهدف المبتغى وهو الاستقلال . في سنة 1958 و إبان تشكيل حكومة ذات أغلبية استقلالية طفت على السطح خلافات مذهبية وفئوية و مصا لحية بين أعضاء الحزب , وصراعات على مستوى الأشخاص والقيادات وعلى مستوى البرامج فظهر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي ضم بين صفوفه زعماء شباب أكثر ثورية اقتبسوا الهيكلة التنظيمية للنموذج الحزبي الفرنسي كالعمل بنظام الخلايا واللجان لتا طير القواعد الحزبية ونظام الفروع والكتابات الإقليمية مع الربط التنظيمي بين مختلف اللجان والخلايا الحزبية , كما أن هذا الحزب الجديد أعطى الأهمية للجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وشكل نقابات عمالية بديلة ومنظمات مهنية وطلابية موازية . لذا وجدت الدولة الجديدة نفسها أمام حزب يسعى للتغيير ويدعو إلى تكريس الجوهر الديمقراطي المرتبط بطبيعة الإصلاحات التي يجب إدخالها في نظام الحكم , ووجدت المؤسسة المخزنية التقليدية أمامها مؤسسات حزبية تنافسها في المطالبة باقتسام السلطة وبناء دولة المؤسسات عبر التمثيل الانتخابي , ومن تم لجأت هذه السلطة المخزنية إلى ضرب كل المقومات الأساسية التي يمكن أن تجعل من هذه التنظيمات مؤسسات مستقلة سياسيا وذلك من خلال مسخها وتدجينها . ذ . محمد شقير ( تطور الدولة في المغرب ) ص 305 جاء مطلع الستينيات من القرن الماضي فيعرف نسف أول تجربة حزبية حكومية بقيام أول حكومة وطنية قادها احد رواد الحركة الوطنية واحد مؤسسي حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية المرحوم عبد الله إبراهيم . لكن المتربصين بهذا الحزب الجديد وكذا الأحزاب الوطنية الواعدة لا ينظرون إلى هذه التجربة الديمقراطية الفتية إلا بعين الريبة والشك , فقامت تلك الدوائر الحاقدة على هذه الأحزاب بتصفية وإماتة هذه التجربة عبر تصفية موقع الأحزاب من مراكز القرار و إبعادها عن تدبير الشأن العام عبر وسائل متعددة منها : توظيف أساليب الإغراء المادي والوظيفي – شراء المواقف والذمم – استعمال آليات القمع والتصفيات الجسدية , ليعود رجال المخزن إلى سياسة التحكم في السلطة و تحجيم دور الأحزاب الوطنية , وإقبار التجربة الديمقراطية و اعتقال العديد من القيادات الوطنية والمحلية لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية , وهذا من باب زحزحة وإزاحة المؤسسة الحزبية عن تدبير الشأن العام وتطهير مراكز القرار الوطني من الكفاءات والفعاليات الوطنية اليسارية الاتجاه (خصوصا) . فعاد الحكم من جديد إلى القواد والبشوات والأعيان والشرفاء واطر الأجهزة الإدارية المخزنية مما كان سببا في تحويل الحياة السياسية من دائرة الأحزاب إلى دائرة المخزن بمختلف تجلياته السلطوية , وعاش المغرب في تلك المرحلة السوداوية اصطداما مباشرا بين القوى اليسارية , و قوى الأمن والقمع بعد دعوتهم ومطالبتهم بالتناوب على السلطة السياسية وتوسيع قاعدة الحكم حتى تشمل الأحزاب الوطنية الديمقراطية . فسقط المئات من شهداء الديمقراطية واعتقل المناضلون الذين خرجوا للشارع للتعبير عن مطالبهم في وطن يؤمن لهم الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والثروات . لقد عرف المغرب خلال العقود الخيرة لحظتين هامتين (لحظة تعبئة ولحظة تهدئة , وذلك بان تبدأ القاعدة في الحركة وفي التموج فتسارع السلطة المركزية إلى تطويق هذه الحركة وإخضاعها , ولأنه لا يتم إرضاء هذه القاعدة فهي سرعان ما تعود إلى تعبئتها الأولى . غير أن ما يميز لحظة الصراع هاته أنها لا يمكن أن تعطي أكثر مما أعطت أو تدوم أكثر مما دامت …. لأنها مبنية على الصراع وعلى القوة وعلى التحكم وليست مبنية على الوفاق وعلى التراضي . وبالرغم من ذالك فان هناك في السلطة من ليس مقتنعا بضرورة الخروج من هذه الدائرة المغلقة التي لم يربح منها المغرب – كدولة ومجتمع – إلا الشيء القليل) عبد الله ساعف – أحاديث في السياسة المغربية –ص 69 2- بعد مرحلة البدء… بات الحزب جماعات مصالح قامت سلطات الإقامة العامة سواء في المنطقة الشمالية أو المنطقة الجنوبية بسن سياسة( التفريخ الحزبي ) من خلال تشجيع بعض الشخصيات والزعامات المحلية أو القبلية أو تلك التي لها نفوذ رمزي في إنشاء كيانات حزبية مصطنعة للحد من نفوذ كل الأحزاب الوطنية التي ازداد نفوذها أو كانت تعارض سياساتها كما لجأت سلطات الحماية إلى القمع و اللعب على الخلافات بين الأحزاب أو القيادات والشخصيات المنضوية تحتها . وبعد الاستقلال جاءت السياسة المتبعة من طرف السلطة شبيهة إلى حد ما للسياسة الاستعمارية تجاه الأحزاب بحيث تم اللجوء إلى سن سياسة التفتيت الحزبي وإذكاء روح التشرذم السياسي للحد من أي تكتل حزبي قد يؤدي إلى الهيمنة على الحقل السياسي المغربي . ولما توارت الأحزاب الوطنية والديمقراطية إلى الوراء ولم تعد تدبر الصراع مع الحكم في الشارع العام , كما لم تعد تتحرك وفق البرامج النضالية التي تصاغ وتبنى على مستوى القاعدة , لتتخلى عن ادوار قيادة الاحتجاجات وترتكن إلى المقاعد الوتيرة في المجالس والغرف والبرلمان . ولقد عاين ألأطباء الاختصاصيين في الأمراض المزمنة التي تعتري الأحزاب الوطنية , فوجدوا أن من بين هذه الأمراض ما هو بنيوي تنظيمي ذاتي أفرزته التناقضات الداخلية ومنها ما هو موضوعي خارجي متولد بفعل التأثيرات الخارجية , ومن ذلك مثلا : – لجوء السلطة إلى اعتماد ” تقنيات ” التوليد الاصطناعي للأحزاب وذلك بسن سياسة التفريخ الحزبي من خلال تشجيع بعض الشخصيات المقربة أو المحتضنة من طرف المخزن إما من الأعيان أو من ذوي النفوذ المالي بتشجيعهم على إنشاء كيانات حزبية , وتجرى عمليات قيصرية سابقة للوضع الطبيعي وكأنها منسوخة استنساخ نعجة جولي , وهذا الاستنساخ لأجل الحد من تأثير وقوة الأحزاب الوطنية – الديمقراطية مع زرع حالة من واقع التشتت والتشرذم السياسي . و هذه العمليات المتشرذمة هي إستراتيجية سياسية مناوئة تم ابتداعها وإخراجها وتنفيذها منذ فترة الحماية وذلك بهدف فرملة وتلجيم كل تقدم آو مد لأي كيان حزبي يطمح للوصول إلى السلطة أو يطمح للهيمنة على الشأن العام . واعتمدت السلطة على العديد من المعطيات السوسيو ثقافية والجغرافية والعرقية والطبقية لفرض هذا المنطق ألتشرذمي على الحقل السياسي المغربي و منها استغلال التعددية الاثنية (عرب – امازيغ ..) والتعدية اللغوية (الفرنسية العربية الامازيغية ) والتعددية المجالية (بوادي – مدن )والفئات الاجتماعية المتفاوتة طبقيا ….. حاول زرتمان zartman في إحدى قراءاته للوضعية الحزبية في المغرب أن يعطي تبريرات عن هذه التعددية وكثرة الأحزاب في المغرب مفسرا هذه الظاهرة بكون (حزب الاستقلال يضم زعماء تقليديين ومتقدمين في السن كان لهم نفوذ في مختلف الحواضر التقليدية …كما أن الحزب كان يضم تجارا حرفيين .. أي أن حزب الاستقلال يمثل الشرائح التقليدية سواء الحضرية منها أو القروية وذلك بزعامة البورجوازية الفاسية … ) أما الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (الاتحاد الاشتراكي – لاحقا -) فكان يضم زعماء شباب لهم أنصار في المدن الصناعية , ولقد فازوا في انتخابات المدن وكسبوا أصوات صغار الموظفين , ومثلوا التعبير عن سخط المدن الكبرى والفئات العمالية والحرفيين والموظفين . أما الحركة الشعبية فإنها تماثلت مع الشرائح الامازيغية الجبلية ….وكان انتقادها لحزب الاستقلال وسخطها على البورجوازية الفاسية .و أضاف الكاتب أن كثرة هذه الأحزاب لا تعكس كثرة المذاهب والإيديولوجيات بل إن هذا التعدد من عدد الأحزاب لم يفرز أحزابا مذهبية بل أسفر عن نشوء (أحزاب مصالح )partis d'interets , ومن تم تشكلت لدينا حسب الكاتب ما يسمى بالحزب ألزبوني parti de clientele , وان مثل هذا الحزب لا يقوم على أساس إيديولوجي بل يقوم بالأساس على مصالح مشتركة والتزامات متبادلة انظر المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي العدد11-12/1990 ص 77 3- اليوم أصبح الحزب شبه زاوية …في خلود شيوخها على سدة الحكم الحزبي؟ تحكمت في ميلاد الأحزاب المغربية منذ ما قبل الاستقلال تفاعلات اجتماعية وسياسية تعكس طبيعة المجتمع المغربي آنذاك في علاقاته مع العائلة والعشيرة والقبيلة والزاوية الدينية ولذا ربط المنظرون للحقل السياسي المغربي ميلاد جل هذه الأحزاب من رحم القبيلة وتشبعها بالقيم والأنماط السلوكية السياسية ذات الطابع القبلي , وفي حالات أخرى اقترنت الثقافة السياسية لبعض هذه الأحزاب على مستوى التعبئة والمواجهة السياسية بالزاوية الدينية (إن المجتمع المغربي ينحدر من القبيلة وان قيم وأنماط السلوك السياسية السائدة فيه ذات طابع قبلي …ويوجد تشابه مثير بين الجمود الداخلي السائد في بعض هذه القبائل والجمود الذي يميز الحياة السياسية المغربية ) جون واتربوري – أمير المؤمنين – الترجمة العربية – ص:112. ثم أضاف نفس الكاتب في المرجع أعلاه أن البنيات التقليدية للمجتمع المغربي قد أثرت على سلوك النخبة السياسية الحالية – المرجع السابق الصفحة 55. إن أحزابنا السياسية أو زوايانا السياسية ظلت منذ بداية تأسيسها محكومة بسلطة خلود الزعيم كذات وكرمز للتقديس السياسي , مثل الزعيم الراحل علال الفاسي و بلحسن ألوزاني و المحجوبي احرضان وغيرهم من شيوخ الزوايا السياسية ( عبد الخالق الطر يس – المكي الناصري – عبد الكريم الخطيب ….) وهؤلاء القادة المؤسسين للأحزاب أو الزوايا السياسية سواء كانوا من الصف الأول أو الثاني غالبا ما يعتمدون في تصريف قراراتهم على أساس قاعدة الخضوع لسلطة القائد أو من يمثله من قبيلته السياسية – سلطة تعتمد على الطاعة والتعاون (تستمد علاقة السلطة قوتها من أنموذج ثقافي يشكل الارتباط بين الشيخ والمريد في التلقين الصوفي مثاله المقدس ) عبد الله حمودي : الشيخ والمريد وانه حتى إن كان سلوك “الديمقراطية الداخلية ” كآلية تنظيمية حزبية يقوم على مبدأ الانتخاب والتصويت – في اللجان والمؤتمرات – فان هذا السلوك و الإجراء التنظيمي داخل أحزابنا غالبا ما يستخدم كآلية للتزكية لا كسلوك والية للاختيار والتناوب على مناصب القيادة إإإ لقد دشن المغرب مع حزب الاستقلال نموذجا متفردا للحزب , فهو يقلد على مستوى الشكل النموذج الغربي للأحزاب(تبني الهيكلة التنظيمية الحديثة للحزب ) وعلى مستوى المضمون المذهبي يقلد أحزاب القومية العربية في الشرق (إضفاء الشرعية السياسية على الحزب الوحيد والطموح للاستفراد بالسلطة ) كما يقلد الزوايا الدينية في إضفاء سلطة رمزية خالدة على القائد – الشيخ وهي سلطة شاملة و مطلقة . وبسبب مكانتها وسلطتها المعنوية بين المؤسسات المتحكمة أو المدبرة للشأن المحلي أو الشأن العام باتت هذه الأحزاب السياسية مقصدا للأعيان , ورجال الأعمال , والوزراء والشخصيات للتقرب من قادتها وشيوخ ساستها لتجديد الولاء قصد تجديد التزكية , كما يقصدها كل من حلت عليه لعنة النظام لفك هذه اللعنة وبالتالي فان انغماس هذه الأحزاب – الزوايا السياسية في المنافع السياسية هو من باب تلميع صورة السياسيين ومنحهم ( صكوك الغفران ).وبالتالي فهي تحاكي دور الزاوية الدينية في استجلاب المنافع الدنيوية ودرء المضار والأخطار. إن من بين نقاط التشابه بين الزاوية والحزب أن كلاهما يعتمدان على إيديولوجية تسعى للهيمنة والتقديس وتخدمان وضعا أو كيانا سياسيا واجتماعيا و دينيا وتستفيدان منه. إن شيخ الزاوية وزعيم الحزب يستخدمان سلطتهما الروحية والسياسية لتحقيق أغراض شخصية وسياسية من أهمها : اكتساب الشهرة والتقديس وتكريس الشعبية السياسية , ولذا فهما يخلدان في موقعهما خلود وجودهما و فنائهما , و أشار الأستاذ علي المحمدي إلى الدور ألازدواجي الذي يلعبه شيخ الزاوية بين الوظيفة السياسية كخادم للحكم وبين وظيفته الدينية والروحية , إن شيخ (الزاوية يحفز الواقعين في مجال نفوذه على الاستجابة للأوامر المخزنية معتمدا الترغيب والترهيب ….وأدواره هذه من شانها تيسير مهمة الأشياخ المخزنيين …) – علي المحمدي – السلطة والمجتمع في المغرب – نموذج ايت بعمران – ص 95 .