استمرارا في برنامجها الفني المتنوع ضمن فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان سيدي عبد الرحمان المجذوب للكلمة والحكمة المنظم تحت شعار "دور التراث الشفاهي في التلاحم الاجتماعي"، نظمت جمعية منتدى مكناس للثقافة والتنمية يوم أمس الأربعاء 7 يونيو الجاري ثاني سهراتها، وانتقلت من الفضاء المغلق نحو ساحة الهديم الشهيرة بالعاصمة الإسماعيلية، حيث أبدعت جمعية مشارف صوفية للطريقة الحمدوشية برئاسة المقدم أنور الدقاقي، التي تشمل فرقا متعددة مثل المعلمة التي تدخل ضمن الفن المصمودي، بالإضافة إلى متخصصين في الفن الحمدوشي والفن الكناوي ثم الفن التواتي وأخيرا الفن العيساوي، وهي ألوان تفاعل مع موسيقاها الجمهور المكناسي بحرارة. وإلى جانب هذه الفرقة الصوفية، حضرت فرقة أخرى من الفرق التراثية الذائعة الصيت بمكناس، ويتعلق الأمر بالطائفة العيساوية الأخوين برئاسة المقدم عبد الصمد الهادف، التي أدت هي الأخرى مقاطع من التراث المكناسي الأصيل ومقاطع في مدح الرسول وآل البيت، وتخللت الوصلات الغنائية للفرقتين قراءات زجلية لشعراء من مدن مغربية مختلفة ويتعلق الأمر بكل من الشاعرة سميرة جودي والشاعر ادريس الرواح من مكناس، والشاعر محمد حلوبي ممثلا لمدينة آسفي. سميرة جودي اعتبرت أن مشاركتها ضمن الدورة الرابعة للمهرجان "شرف كبير وإضافة نوعية لمسيرتها في مجال الزجل والكتابة الشعرية"، مؤكدة أن" مكناس بتأسيسها واستمرارها في مهرجان يحتفي بموروث الزجل المغربي باستحضار معلمة من معالمه، أي سيدي عبد الرحمان المجذوب تكون على خطى الحفاظ على التراث الشفهي الشعبي، وأن هذا المهرجان يبقى فرصة لرد الاعتبار والاحتفاء بصناع الكلمة والزجالين المغاربة". من جهته اعتبر الشاعر أبو ياسين محمد بنعلي المدير الفني للمهرجان، أن "الجمعية المنظمة تحاول المحافظة على التراث الشعبي المغربي، ورد الاعتبار لرجالاته ومحاولة تصحيح مغالطات انتشرت حول المجذوب لدى فئات عديدة، ومن خلال هذا المهرجان نطمح لمد الجسر بين الشباب الزجالين ومشايخهم لاستمرار هذا النوع من الشعر المغربي الذي امتد على مدى 6 قرون"، مذكرا أن "المهرجان في دورته الرابعة حقق انتشارا أوسع وبدأ في تحقيق أهداف رسمها في بداياته، منها شد انتباه الجمهور المكناسي أكثر وجعل الشباب من المتذوقين العاشقين للزجل والكلمة الحكيمة". اليوم الثاني من المهرجان، عرف أيضا تنظيم ندوة علمية في موضوع المحبة في أشعار سيدي عبد الرحمان المجذوب بالمركب الثقافي ميشيل جوبير، بمشاركة الباحث محمد رمسيس من تيفلت ومن تأطير الإعلامي جواد الرامي من فاس، حاول خلالها رمسيس تأطير مفهوم المحبة والتصوف، معتبرا أن الحب الصوفي يعد شكلا من أشكال التعبير على حب الرب وهو مقام وحالة وجدانية، ومشيرا إلى كون المتصوفة اعتبروا الشعر أكثر الأجناس الإبداعية دقة ليصبوا فيه حب لله، مذكرا أن التصوف الشعبي في المغرب كان يتجلى أحيانا في فرق تراثية شعبية مثل عيساوة وحمادشة وغيرها، وأحيانا في تجارب فردية كما هو الحال بالنسبة للمجذوب، وأن شعر التصوف في المغرب نشر قيما دينية حيث حضر في مجالس الذكر وفي المناسبات الدينية. كما تم خلال اليوم الثاني من المهرجان، توقيع ديوان زجلي حديث العهد، للشاعرة المغربية أسماء بنكيران وهو ديوان يحمل عنوان "رماد الأحلام"، ديوان جديد أصدرته من معرض الكتاب بالقاهرة وعرضته بالمغرب للمرة الأولى خلال فعاليات سيدي عبد الرحمان المجذوب، يتكون من 14 قصيدة ويشكل بوحا للذات في علاقتها مع العالم الخارجي. وفي تقديمها لديوانها الجديد، اعتبرت الزجالة بنكيران أنه "دعوة للسفر في الخيال وحلم الحياة وإبداعاتها، مذكرة أنها فخورة بالمشاركة به وتقديمه بمهرجان يحمل ويتذكر معلمة تراثية تتمثل في سيدي عبد الرحمان المجذوب، وموضحة أن زجلها الذي "يكتب بلغة دارجة بيضاء وصل لكثير من الجماهير العربية، مما يدعوها للفخر بالكتابة بلهجتها الأم، مشيرة إلى أن هذا الزخم الكبير والإنتاج الغزير في الزجل المغربي يجب أن يستثمر من قبل الفنانين الشباب، من أجل إنتاجات مغربية فنية محترمة، بعيدا عن تشويه اللهجة المغربية الدارجة".