قامت السعودية ومعها دول مجلس التعاون الخليجي عدا سلطنة عمان وبمباركة صهيوأمريكية بشن غارات جوية ضد دولة اليمن تحت مبرر الدفاع عن الشرعية الدستورية المزعومة للرئيس هادي وقد تسببت الغارات في استشهاد العديد من اليمنيين وضرب عدة مواقع عسكرية للجيش اليمني وجماعة أنصار الله. وبحسب متتبعين فان غارات "عاصفة الحزم" التي تقودها العربية السعودية تستند إلى ميثاق جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وتهدف إلى ضمان الأمن الإقليمي والعالمي ولاسيما عبر بوابة "باب المندب" وما تشكله من طابع استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط والعالم، كما أن التدخل السعودي في الشأن اليمني يهدف إلى منع أي تواجد لأنصار الله وحلفائهم على مستوى صناعة القرار في اليمن. كل هذه الأحداث وما أثير مؤخرا حول عودة نقاش ما يسمى ب"الأمن القومي العربي" يثير عدة تساؤلات حول مدى جدية الطروحات السعودية ومن يواليها فالسعودية التي تتحدث عن ما يسمى الشرعية باليمن وجب تذكيرها بموقفها أيضا من الشرعية في مصر، كما أن حربها على اليمن غايتها حفظ أمن المنطقة لكن أين هو موقف السعودية وطيرانها عندما كانت غزة تحت النار. أليست حروب إسرائيل ضد المسلمين وانتهاكاتها المتكررة لسيادة العديد من الدول العربية خطرا على "الأمن القومي العربي" المزعوم. وألا يوجد ضمن ميثاق الجامعة العربية ما يبرر الدفاع عن أمن هذه الدول وخاصة ما يحدث للفلسطينيين. أم أن ثقافة الهزيمة أمام إسرائيل جعلت اختيار العدو يكون بالخطأ؟ إن ما قامت به السعودية من غارات حربية على الأراضي اليمنية يفوق وهم خطاب الأمن الإقليمي العربي المزعوم إلى سعي آخر يتجلى في حشد عدة أطراف عربية لتوريطها في صراع اليمن وخاصة مصر، فالسعودية ودول مجلس التعاون التي فشلت في إيجاد دور لها في ما يجري بسوريا والعراق جراء الهزائم التي منيت بها العصابات الإجرامية بالعراق والشام، تحاول الاستنهاض من خلال الواقع اليمني، كما أن الحرب السعودية تعد نوعا مما يجوز تسميته برد الاعتبار عن الهزائم التي ألحقها أنصار الله بالجيش السعودي في معارك وحروب سابقة، كما أن السعودية تسعى من خلال حربها على اليمن إلى فتح جبهات تخفف عن ما يتلقاه حلفائها من الجماعات الإجرامية بسوريا والعراق من ضربات موجعة. هكذا تحاول السعودية البحث عن مكان لها في تدبير ما يجري من تحولات في المنطقة ولاسيما بعدما استأثرت إيران بزمام المبادرة في منطقة الشرق الأوسط وبروزها كقوة إقليمية جد فاعلة نتيجة دبلوماسياتها الناجحة وتقدمها الكبير في مفاوضات "لوزان" وهو وضع جعل المواقف السعودية يتيمة وغير ذات جدوى حتى من قبل الحلفاء الغربيين الذين أدركوا ضرورة التفاوض مع إيران والاعتماد عليها في تدبير قضايا الشرق الأوسط.