كيف سنخرج من هذه الأزمة؟، هذا السؤال وجهه رئيس جماعة طنجة محمد البشير العبدلاوي لأعضاء مجلسه، خلال مناقشة مشروع ميزانية السنة المالية 2018، حين وجد نفسه أمام وضعية مالية تحتاج لدق ناقوس الخطر، حسب قوله، بعدما صارت الجماعة تواجه صعوبات حقيقية من أجل تجاوز عجزها المالي. لكن عمدة طنجة لم يجد جوابا، يخرجه من هذه الأزمة، وهو يكاد يجزم أن محاولته للتغلب عليها (الأزمة) تبقى شبه مستحيلة، حين شبه نفسه بمدرب فريق لكرة القدم الذي يطالبه جمهوره بالفوز في مبارة فقد فيها أربعة لاعبيه، في إشارة إلى فقدان المجلس لأزيد من 40 مليار سنتيم في فترة قصيرة نتيجة تنفيذ الأحكام الصادرة ضده، في الوقت الذي مطالب فيه (المجلس) بالالتزام بأداء نفقاته، التي ارتفعت مع أوراش طنجة الكبرى. ويعتبر محمد أمحجور، النائب الأول لعمدة طنجة، أن الحجوزات المالية التي استهدفت الحساب البنكي للجماعة بناء على الأحكام القضائية الصادرة ضدها حول قضايا نزع الملكية، والتي كانت متراكمة، وتم تنفيذها بشكل متسارع خلال الفترة الأخيرة، (هذه الحجوزات) "سابقة في المغرب"، حيث فقدت الجماعة حوالي 42 مليار سنتيم في ظرف سنتين، الأمر الذي جعل المدينة، حسب أمحجور، في "وضعية إفلاس وتسير نحو الحائط". وتساءل فؤاد العماري، العمدة السابق والرئيس الحالي لفريق المعارضة لمستشاري التراكتور، عن قيمة الأغلبية المطلقة لحزب المصباح التي تسير مجلس المدينة، إذا لم يعمل المكتب المسير على معالجة هذا الوضع، الذي تمر به ميزانية المجلس، والتي عبر عن تضامنه معها بعدما وصفها ب "المتواضعة". وطالب العمدة بأن "لا يسكت" من أجل إنقاذ مالية المجلس، حين أشار إلى موقفه اتجاه قرار الوالي بتحويل مداخيل عملية تسوية وضعية مجموعة من ملفات التعمير بالمدينة إلى وكالة تنمية أقاليم الشمال، في الوقت الذي يبقى الخيار الوحيد أمام المجلس للخروج من هذه الأزمة، حسب العماري، هو تحسين مداخيله. وحاول محمد خيي، رئيس مقاطعة بني مكادة ويتولى مهمة الكاتب الإقليمي لحزب المصباح، إبعاد "شبهة" سوء التدبير عن المكتب المسير، الذي يقوده الكاتب الجهوي لحزبه، حين نوه بالمجهود الذي قامت به الجماعة للرفع من المداخيل الذاتية، لكن في نفس الوقت، يقول خيي، "لا يمكن أن تبقى الجماعة تحت رحمة الأحكام القضائية"، وتتعرض ل "الاعتداءات المالية"، وأكد على أن "الجماعة مهددة وتستنزف ماليتها بطريقة جنونية". ومن جانبه طالب حسن بلخيضر عن فريق المعارضة، من المكتب المسير تحديد الجهة التي تستهدف طنجة، بعدما تردد داخل المجلس بأن الجماعة مستهدفة من خلال تنفيذ الحجوزات المالية الأخيرة، وهو ما اعتبره بلخيضر "كلام فارغ"، وحمل المسؤولية للمكتب من أجل معالجة وضعيته المالية. وجاء في تقرير لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة والممتلكات، أن الجماعة لم تستفد للمرة الثانية على التوالي من حصتها من عائدات الضريبة على القيمة المضافة، والتي تقدر ب 152 مليون و527 ألف درهم، بسبب تحويلها لأداء ديون الجماعة المترتبة عن الحجوزات القضائية التي خصمت من المنبع دون استشارة، وهذا يستدعي، يضيف التقرير، الحذر والإبقاء على تقديرات الميزانية كما كانت خلال السنة الماضية. كما ذكرت اللجنة أن الحجوزات كلفت ميزانية الجماعة مبلغ 42 مليار سنتيم، غطتها عائدات الضريبة على القيمة المضافة لسنوات 2015، 2016 و2017، وتوقعت أن تحرم الجماعة من عائدات هذه الضريبة عن سنة 2018". وقد بلغت نسبة النفقات الإجبارية 95 بالمائة من الحجم الإجمالي للنفقات المقررة في 731 مليون و430 ألف و683 درهما، وتشمل بالأساس مصاريف أجور الموظفين (138 مليون درهم)، تسديد قروض صندوق التجهيز الجماعي (66 مليون درهم)، منح المقاطعات (73 مليون درهم)، قطاع النظافة (185 مليون درهم)، المناطق الخضراء (44 مليون درهم)، استهلاك الماء والكهرباء (96 مليون درهم)، صيانة الإنارة العمومية (15 مليون درهم). وكانت اللجنة قد أوصت بالسعي إلى تنمية المداخيل من خلال توسيع قاعدة الملزمين وملاحقة الباقي استخلاصه مع تصفيته من الميؤوس منه، وفرض الصرامة والحزم في متابعة حقوق الجماعة المالية، وتقوية آليات الاستخلاص، والعمل المشترك مع مصالح المالية لتفعيل لجان الإحصاء الميدانية والعمل على عقلنة وترشيد النفقات، قبل أن تتم المصادقة مشروع ميزانية السنة المالية 2018 بالأغلبية المطلقة، مع امتناع مستشاري التراكتور عن التصويت.