في ضريح بويا عمر وفي «الموسم» الذي يتصادف وذكرى عيد المولد النبوي يتحول المكان إلى قبلة يجتمع فيها المشعوذون من جميع أنحاء المغرب...مناسبة تستغلها بعض النساء المعتقدات بجدوى وصفات السحر والشعوذة للبحث عن تحقيق مآربهن عبر الطلاسم والتعويذ تطرد « التابعة» في بويا عمر اقتربت احتفالات المولد النبوي فبدأت بالاستعداد لحزم حقائبها، وجمع الأمتعة التي تحتاج إليها في رحلتها لطرد «التابعة» في ضريح الولي بويا عمر الذي تعودت على زيارته كل عيد مولد نبوي أي الوقت الذي يتصادف مع «الموسم» الذي يستقطب المرضى والباحثين عن طرد النحس والراغبات في الزواج والإنجاب. تعودت حليمة على زيارة موسم «بويا عمر» كل سنة رفقة والدتها التي كانت تذهب إلى هناك «باش تصرع» لأنها على حد قولها إن لم تزر الضريح كل سنة في « العيد الكبير» ستبقى مريضة طوال السنة. تحرص حليمة ووالدتها على حضور « الموسم من بدايته» وعدم تفويت أي طقس من طقوس الحضرة والشعوذة التي تتم طيلة أيام «الموسم» السبعة. كانت حليمة تحرص في كل مرة على عدم تفويت أي طقس من الطقوس التي تجري هناك مع القيام بما تعودت عليه من أجل طرد النحس الذي تعتقد أنه يلتصق بها. تذهب حليمة إلى ثلاث نخلات توجد خلف الضريح بإحدى السواقي، حيث تستحم هناك بماء الساقية وتترك قطعة من ثوبها الداخلي فيما تجمع «المشاكة ديال شعرها» وتأخذ المشط الذي مشطت به شعرها إلى ضريح «السي الطيبي» الذي يوجد بالمحاذاة من ضريح « بويا عمر». وعلى الشجرة التي تقع قبالته تعلق قطعة من ثوبها وتدفن الباقي في إحدى القبور المجودة بروضة ضريح «السي الطيبي». بعد القيام بهذه الطقوس تواصل حليمة حضور «الموسم» إلى نهايته، لتعود بعد ذلك إلى المدينة التي تقطن بها وهي مرتاحة البال ومتيقنة من أن النحس قد غادرها ولن يعود إليها قبل مرور سنة. « جدول المحبة» لم تكن ترتاد «الموسم الذي يقام في « بويا عمر» كل سنة والذي يتصادف مع ذكرى عيد المولد النبوي من أجل العلاج من مس الجن أو طلبا للزيارة كما يفعل الكثيرون، ولكنها كانت تحرص على الذهاب إلى هناك في هذا الوقت بالذات من أجل تحقيق مبتغياتها التي تعتقد أنها ستصل إليها عن طريق الشعوذة والدجل. كانت عائشة تختار هذا الوقت بالذات، لأنه الوقت الذي يجتمع فيه بالضريح «الشوافات والفقها» الذين يأتون من جميع جهات المملكة، ولإيمانها بأن هذه المناسبة تعرف اجتماع معشر الجن في محكمة بويا عمر فيكون قضاء الغرض أحسن وأسهل. كانت عائشة تعاني من مشاكل مع زوجها الذي كان يعاملها معاملة سيئة، ويعنفها بسبب وبدونه، وهو الأمر الذي جعلها تعتقد أن شخصا ما وراء تغيره نحوها وتحول طباعه ومعاملته، فبدأت الشكوك تتجه صوب حماتها. عندما سمعت عائشة باجتماع «الشوافات والفقها» في «بويا عمر» في هذه المناسبة الدينية بدأت تتعلل بكونها ترى الولي في منامها يحثها على زيارته، حتى لا يشك أحد في نواياها، لتستغل الفرصة في الذهاب عند إحدى الشوافات « اللي كدير ليها جدول المحبة». «جدول المحبة» سريعا ما يجعل تصرفات زوجها نحوها تتغير إلى الأفضل، وما إن يعود الزوج إلى تعنيفها حتى تبدأ في البحث عن مشعوذ آخر ليعطيها وصفة آخرى تعيد المياه إلى مجاريها بينها وبين زوجها. مؤطر موسم عيد المولد النبوي هو موسم سنوي يقام بضريح « بويا عمر» في ذكرى المولد النبوي، ويدوم الموسم سبعة أيام خمسة أيام قبل العيد ويومان بعده، هذا الموسم تحج إليه شريحة عريضة من « الفقها والشوافات» من مختلف المدن المغربية. ويحكي أنه في ليلة العيد كان الفقهاء يجتمعون خلال الفترة الممتدة بين صلاة المغرب والعشاء ويتوجهون إلى كهف يوجد على حافة واد تاساوت ويبدأون في ترتيل القرآن إلى الثلث الأخير من الليل إلى أن تنبع من الكهف عين ينهمر منها الماء، حيث يملؤون منها قارورات يأخذونها معهم إلى أهاليهم للتبرك بها رفقة التمر والحناء والسواك وغيرها من الأشياء التي تباع في الضريح، ومع شروق شمس ذلك اليوم تتوقف مياه العين عن الجريان، وفي اليوم الثاني للعيد يتوجه كل واحد منهم عائدا إلى مدينته التي جاء منها. ويتم خلال هذا الموسم تقديم الذبائح كقربان للولي المدفون داخل الضريح، وتقام الحضرة كل مساء. وقد تم توارث هذه العادة بناءا على أن الدفين كان يدرس القرآن والفقه للإنس والجن. أما بعد الثمانينات فقد تقلصت مدة الموسم إلى ثلاثة أيام وأصبح الضريح قبلة للمشعوذين والسحرة وعاملات الجنس ومدمني المخدرات. حيث يعتبر الموسم تجارة نشيطة «للشوافات والفقها» لكتابة «جداول» المحبة وإزالة العكس والزواج، لأن الاعتقاد السائد هو أن الجن يجتمعون طيلة أيام الموسم في محكمة «بويا عمر». مجيدة أبوالخيرات/ احمد الخشمي