حتى مع اشتداد الأزمة تلمح في الوجوه بقايا ابتسامة، تنسيهم ما يعانونه من أوضاع جعلتهم يفضلون الاستقرار في العراء، في عز أيام الفصل البارد. يُعلقون الابتسامات لعل الانفراج الذي يأملونه يطل عليهم، فيرفع عنهم تعب أيام الاعتصام ومحنته. فلا مفتش الشغل استطاع أن يفض النزاع، ولا السلطات المحلية بدائرة اقليمبرشيد تدخلت لفرض القانون، ولا مصالح العمالة تدخلت لإيجاد مخرج للعشرات من العمال، ذكورا وإناثا، و«نزع فتيل أزمة تهدد العمال في مورد رزقهم». لا يتركون الفرصة تمر. كلما اقترب منهم من يأنسون منه تفهما لمشكلهم، ينخرطون في عملية بوح جماعي. ترتفع الأصوات، وتتكاثر التصريحات. رغبة في الدواخل المكلومة، تجعلهم ينطقون جماعة من أجل شرح حالة العطالة، التي يقولون إنها «فرضت عليهم». هم عشرات من عمال شركة للبلاستيك، يقع مقرها بجماعة الساحل أولاد احريز، التي تخضع لعمالة اقليمبرشيد. منذ أكثر من عشرة أيام دخل العمال المضربون اعتصاما مفتوحا أمام مقر المصنع. بعد أن نصبوا خيمة تأويهم في عز الأجواء الباردة. محنة عمال مصنع البلاستيك انطلقت حسب أحد ممثليهم النقابيين، منذ سادس دجنبر، عندما قرروا الاحتجاج على «تأخير أداء أجورهم خلال الأشهر الأخيرة، وحذف الشركة للأجور التكميلية، ونقص ساعات العمل»، وهو ما يرى فيه المعتصمون الذين يبلغ عددهم حسب أحد النقابيين من مركزية الاتحاد المغربي للشغل 84 عاملا، «سعيا من الشركة للتخلص من العمال في أفق إعلان الإفلاس». هم الذين قضى بعضهم بها قرابة 20 سنة من العمل، في الوقت الذي تبقى فيه أقصر مدة قضاها المعتصمون سنتان. ورغم استمرار اعتصام العمال، تستمر الشركة بدورها في الاشتغال والإنتاج، اعتمادا على بعض العمال المؤقتين، حيث رفضت إدارة الشركة رجوع العمال إلى مهامهم. الأمر الذي جعلهم يلجؤون إلى خدمات مفوض قضائي ل «إثبات حال» منعهم من ولوج مقر عملهم. وقد ذكر ممثل للعمال أن «الإدارة رفضت استقبال المفوض القضائي، ومنعته من الدخول». ومن أجل استجلاء تجليات صراع العمال مع الشركة، ربطت الجريدة الاتصال بأحد ممثليها بعض أن استعصى الاتصال بالمدير. وقد أفاد أحد أطر الشركة أن «المعتصمين كبدوا عملية الإنتاج خسائر مهمة، في ظل ظروف غير عادية»، وأن «الشركة مع إصرار المحتجين على تنفيذ الاعتصام تكبدت خسائر هامة»، رافضا إعطاء مزيد من التوضيحات، مكتفيا بما قاله من كلمات، قبل إغلاق الخط. في ظل استمرار اعتصام المحتجين ورفض الشركة رجوعهم إلى عملهم، تظل العشرات من الأسر بدون مورد رزق، في انتظار تدخل الجهات الوصية، ومنها عمالة برشيد، لإيجاد مخرج لأزمة عمال وجدوا أنفسهم في حالة عطالة، بفعل تأخر أداء الأجور، ونقص ساعات العمل، في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع.