فضل أن تكون رحلته عبر «لوطوروت» في ساعة متأخرة من ليلة الأحد الماضي. الطريق الغارقة في السكون تغري بالسياقة المريحة والبعيدة عن ضجيج حركة السير في النهار. جلس خلف مقود سيارته هادئا، ونظراته تتابع تحت أنور مصابيحها الأمامية طي الكليلومترات. لا شيء يكسر الصمت المحيط به إلا امتزاج موسيقى المذياع برجات دوران العجلات. لم يدم انتشاءه بالتنقل السلس أثناء نوم المدينة العملاقة. كان هناك ساهرون آخرون ينتظرون مروره لتعكير صفو سفره الممتع. بمجرد عبوره من تحت قنطرة الصنهاجي بتراب منطقة ابن امسيك بالدار البيضاء. توقفت رحلته الهانئة بعد سقوط حجر كبير أمامه. المفاجأة أخرت رد فعله في الدوس على المكابح لتجنب الاصطدام بها. احتكاك مقدمة سيارته بالعائق الصلب عطل المحرك. اضطر إلى الوقوف، ثم ترجل من عربته لتفقد ما حل بها. ثلاثة أشباح خرجت من جنح الظلام. اقتربوا منه دون أن تتركوا له فرصة استيعاب هل جاءوا لمد يد المساعدة أو لغاية أخرى. قبل أن يتوضح له الموقف، أشهر إثنان من الزوار مديتين. فهم بعد فوات الأوان أنه وقع في مصيدة لصوص. تحت وقع التهديد والترعيب سلم لهما هاتفين نقالين وحاسوبا محمولا ومبلغ 300 درهم. لم يكن عابر الطريق السيار الحضري بالدار البيضاء، الضحية الوحيدة لعصابة «الليل والحجارة». صاحب سيارة أخرى، عاش نسخة مكررة من السيناريو المفزع في الساعة الخامسة من ليلة 9 دجنبر الجاري. كان يقود سيارته في اتجاه الرباط. وخلال مروره من تحت نفس القنطرة، اصطدمت إحدى عجلاته الأمامية ب«جلمود صخر حطه فاعل من عل». توقف مضطرا في مكان وزمان محفوفين بالخطر. الأشباح المتربصة في العتمة، هاجمته بأسلحتها البيضاء، وسلبته حقيبة للملابس. بعد نصف ساعة تعرض ضحية ثالثة بالقرب من قنطرة محمد السادس لرشق بحجر كبير، أصاب سيارته بعطب. الفرق بين من سبقوه من عابري «لوطوروت» في ساعات الفجر، أنه أطلق ساقيه للريح حين لمح شخصان يتجهان نحوه وفي يديهما سكاكين مخيفة. شرع اللصان في تفتيش سيارته. من سوء حظهما تصادفت عمليتهما مع مرور سيارة للأمن الوطني، مما دفعهما إلى الفرار خلف أسوار الطريق والاختفاء تحت جنح الظلام. ثلاثة اعتداءات في ليلة واحدة بالرشق بالحجارة على عابري الطريق السيار الحضري، دفعت الشرطة القضائية لأمن ابن امسيك إلى فتح تحقيق لمعرفة الجناة. أربعة وعشرون ساعة من التحري والبحث كانت كافية للإيقاع بثلاثة أفراد من العصابة. أول المعتقلين شاب من أبناء «كاريان الخليفة»، في عامه الواحد والثلاثين ومن ذوي السوابق في السرقة. اعترافاته كشفت عن هوية إثنين من شركائه، تتراوح أعمارهما ما بين 22 و24. ألقي القبض عليهم الجميع بينما رابعهم لازال في حالة فرار.