تخيل أن يكون طفلك بحاجة لنقل الدم كل شهر حتى يستمر في الحياة. إنه حال الكثيرين من مرضى الطلاسيميا أو فقر دم البحر الأبيض المتوسط. الشحوب، وفقدان الشهية، وتأخر في النمو والالتهابات المتكررة، أعراض بسيطة لكنها قد تخفي وراءها أثار مرض وراثي قد يغير مسار حياة طفلك إلى الأبد. الطلاسيميا كما يعرفها الأطباء مرض وراثي يؤثر في صنع الدم، فتكون مادة الهيموغلوبين في كريات الدم الحمراء غير قادرة على القيام بوظيفتها، ما يسبب فقر دم وراثي ومزمن يصيب الأطفال في مراحل مبكرة من عمرهم، ويعيق نموهم مؤثرا بالخصوص على العظام التي قد تتعرض للتشوه. كما هي العادة لا توجد إحصاءات رسمية دقيقة حول المرض إلا أن الاختصاصصين يقدرون وجود خمسة آلاف مصاب إضافة ل30 ألف حامل للمرض. أرقام يتوقع ارتفاعها بسبب استمرار الجهل بالمرض وتواصل الزواج بين الأقارب دون الخضوع لفحوص ما قبل الزواج. كيف نصاب بالمرض؟ سؤال يجيب عنه الأطباء موضحين أن هذا المرض المزمن الذي يصيب الطفل منذ الصغر هو نتيجة تلقى مورثين معتلين، أحدهما من الأب والآخر من الأم، إذ ينتقل مرض الطلاسيميا بالوراثة من الآباء إلى الأبناء. فإذا كان أحد الوالدين حاملا للمرض أو مصابا به، فمن الممكن أن ينتقل إلى بعض الأبناء بصورته البسيطة (حاملين للمرض لكن دون ظهور الأعراض المرضية). أما إذا صادف وكان كلا الوالدين يحملان المرض أو مصابين به، فإن هناك احتمالا بنسبة 25% أن يولد طفل مصاب بالمرض بصورته الشديدة. ماذا يحدث؟ يكون الطفل غير قادر على صنع كريات الدم الحمراء بطريقة سليمة ويكون عليه القيام بنقل الدم مدى الحياة. ويترتب عن هذا العلاج الأساسي مضاعفات خطيرة تتمثل في تراكم مادة الحديد في القلب والكبد وباقي الأعضاء مما يحتم على المريض استعمال أدوية معينة لطرد الحديد الزائد من الجسم وهو علاج يكلف ما بين 80 و120 ألف درهم سنويا أخيرا بشرى سارة. إحياء اليوم العالمي للطلاسيميا الذي يصادف ثامن ماي مميز هذه السنة، بعد إطلاق أول مخطط عمل وطني لمحاربة ومراقبة أمراض الهيموغلوبين وعلى رأسها الطلاسيميا بغلاف مالي 18 مليون درهم. الإعلان عن هذا المخطط كان يوم الأربعاء الأخير في لقاء وطني حول الطلاسيميا بحضور وزيرة الصحة ياسمينة بادو. ويهدف هذا المخطط الذي وضعته الوزارة الوصية بتعاون مع مختلف الفاعلين، إلى التقليص من الحوادث والإصابات والوفيات والعجز الناتج عن نقص الهيموغلوبين في الدم خاصة الطلاسيميا، وذلك بغية رفع مستوى جودة حياة المريض. ويرتكز المخطط على ستة محاور تهم الوقاية والتكفل والتواصل والمتابعة والتقييم والشراكة والبحث. وقد تم في هذا الإطار التوقيع على إتفاقيات لتعزيز الكفاءات لدى مهنيي قطاع الصحة المنخرطين في مجال الطلاسيميا من قبل كل من وزيرة الصحة ونادي روتاري من جهة وبين الوزارة والفدرالية الدولية للطلاسيميا من جهة أخرى. وقفة للوقاية: فحص طبي بسيط قبل الزواج يجنبنا المرض. ويشدد الاختصاصيون على أهمية القيام بفحوص طبية قبل الزواج، فبفضل التقدم العلمي والطبي يمكن حاليا إجراء فحص لمعرفة ما إذا كان الشخص يحمل الجينات المسببة لبعض الأمراض الوراثية، وبالتالي تجنب الكثير من المضاعفات الجسدية الصحية والنفسية للمريض ولذويه خاصة أن الدراسات تؤكد أن المرض ينتشر بكثر بالقرى والمناطق التي يكثرر فيها زواج الأقارب.