على عادتها في كل مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين، فتحت الرباط، يومه الأحد، ذراعيها لآلاف المغاربة، الذين حجوا من كل فج، ملبين نداء التضامن مع غزة، ليرددوا على مسامع المسؤولين وكل العالم أن "فلسطين أمانة والتطبيع خيانة"، وأن "المغرب وفلسطين شعب واحد مش شعبين". ومنذ ساعات الصباح الباكر بدأت العاصمة تستقبل المشاركين في المسيرة الذين توافدوا على الأقدام وفي السيارات والحافلات والقطارات…، فرادى وجماعات، وانتظمت جحافلهم في صف واحد؛ من ساحة باب الأحد إلى محطة القطار، مرورا بمبنى البرلمان، في مسيرة جاور فيها الطفل الشيخ، والمرأة الرجل، والإسلامي اليساري، والقادم من الجنوب شقيقه القادم من الشمال، وحّدهم جميعا حب فلسطين، والانتصار لغزة ولو بالصوت والشعارات، فلعل في ذلك حفظا لماء وجه خدشته اتفاقيات التطبيع المتوالية منذ 2020. وكما كان مقررا، انطلقت مسيرة "الشعب المغربي" على الساعة العاشرة صباحا، ومعها انطلقت الأمواج البشرية تهز بأقدامها مسار الاحتجاج. أجيال مختلفة، والهم واحد، نصرة القضية الفلسطينية، وتنديد بالعدوان الصهيوني، وبالتخاذل العربي، والتواطؤ العالمي، وبالتطبيع الرسمي. التساقطات المطرية التي كانت تزداد غزارة مع ارتفاع حرارة المسيرة والهتافات، لم تمنع المحتجين من إتمام مظاهرتهم وإيصال رسالتهم، وغطى دفء التضامن على برودة الطقس، وفي كل ركن من المسيرة، تناثرت لوحات التضامن، ورفع المواطنون لافتات تختزل أسى القلوب "سامحينا يا غزة"، ورسائل للدولة؛ أن الشعب ضد التطبيع، وأن الموقف الرسمي متخاذل. وإلى جانب الأعلام الفلسطينية والكوفيات، زينت المسيرةَ صورُ قادة المقاومة من الشيخ ياسين إلى إسماعيل هنية مرورا بيحيى السنوار ومحمد الضيف و أبو شجاع، وحمل المتظاهرون صورا للدمار والتقتيل والإرهاب الصهيوني المتواصل على غزة منذ أكتوبر 2023، فهذه صورة لأشلاء متطايرة، وتلك صورة لأطفال يصرخون ألما، وأخرى لسيارات إسعاف استهدفتها صواريخ الكيان المجرم. ومع وصول المسيرة إلى مبنى البرلمان الذي يحتجز مقترح قانون لتجريم التطبيع، صدحت حناجر المغاربة "الشعب يريد إسقاط التطبيع"، ورفرفت الأعلام الفلسطينية، ورُفعت لافتات تذكر ممثلي الأمة أن للمغاربة باب وحارة في القدس، كما جرى حرق العلم الإسرائيلي. وصدحت حناجر المشاركين في المسيرة، بشعارات من قبيل "يا حكام الذل والعار.. بعتو غزة بالدولار"، و"يا حكام الهزيمة.. عطيو للشعب الكلمة"، و"يا صهيون يا ملعون.. فلسطين فالعيون"، و"غزة غزة رمز العزة"، و"الشعب يريد إسقاط التطبيع" و"سحقا سحقا بالأقدام.. للصهيون وميريكان". وكان للولايات المتحدةالأمريكية حصة كبيرة من التنديد، بسبب مواقفها الداعمة للإبادة الصهيونية في غزة، والدعم المتواصل من واشنطن للكيان بالسلاح والعتاد، ناهيك عن الاستنكار الشعبي للتخاذل والتواطؤ العربي والعالمي. وقد عرفت المسيرة مشاركة مهنيين من قطاعات مختلفة، من أساتذة ومفتشين وأطباء وغيرهم، ورفع المحتجون صورا لمغاربة باتوا رموزا في التضامن مع فلسطين وعلى رأسهم المهندسة ابتهال أبو السعد، والطبيب يوسف أبو عبد الله. وجددت المسيرة دعوات المقاطعة للمنتجات الصهيونية وللشركات الداعمة لكيان الاحتلال، وتجمع العشرات منهم أمام فرع "ماكدونالد" داعين للمقاطعة، قبل أن تتدخل القولت الأمنية بسرعة لتفريقهم. كما تجددت المطالب بوقف التضييق على مناهضي التطبيع، إلى جانب المطالبة بوقف الإبادة وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية، والضغط من أجل وقف الإبادة ومحاسبة المجرمين.