علمت "المغربية"، أن عددا من الأطباء الأخصائيين في علاج أمراض الدم، خصوصا مرض "التلاسيميا"، يدفعون في اتجاه سن قانون يشترط على المقبلين على الزواج، الخضوع لتحليل بيولوجي للكشف عن مدى حملهم للطفرة الجينية المسؤولة عن نقل المرض إلى الأطفال.نحو سن قانون يشترط على المقبلين على الزواج الخضوع لتحليل بيولوجي مسبق (أرشيف) أوضح محمد الخطاب، رئيس الجمعية المغربية لمرض التلاسيما، ل"المغربية"، أن الكشف الطبي قبل الزواج، يعد وسيلة وقائية من انتشار المرض، يتيح للزوجين إمكانية التفكير إما في تجنب إتمام الزواج أو اتخاذ قرار عدم الإنجاب، تبعا إلى الكلفة الاجتماعية والاقتصادية لعلاج المرض الذي يعتمد على نقل الدم شهريا، مدى الحياة وعلى أدوية خفض نسبة الحديد في الدم. وأوضح محمد الخطاب أن التشخيص المبكر يعد طريقة مساعدة على القضاء نهائيا على المرض، اقتداء بتجربة إيطاليا، التي انقرض بين سكانها المرض بعد معاناتها مشاكل مالية خلال السبعينات، إذ كانت تخصص 20 في المائة من ميزانية الصحة لمرضى التلاسيميا، لكن بعد 20 سنة من اعتماد التحليل البيولوجي، تراجع انتشار المرض إلى حد القضاء عليه. وتحدث محمد الخطاب عن أن خطورة الزواج بين رجل وامرأة، يحملان معا الجين المسؤول عن نقل الإصابة بالداء، تكمن في وجود احتمال 25 في المائة في إنجابهما لأطفال مصابين بالداء، وتكرار هذا النوع من الولادة عند كل وضع، تبعا لوجود عائلات جميع أطفالها مصابون بالداء. وتصل احتمالات إنجاب أطفال بالنوع الخطير من المرض بنسبة 25 في المائة و50 في المائة بالنوع الأقل خطورة، بينما تصل نسبة إمكانية إنجاب أطفال سليمين منه إلى 25 في المائة. النخاع الشوكي ويظل الحل الوحيد لوقف الإصابة اللجوء إلى عملية زراعة النخاع الشوكي، باعتبارها الحل الأمثل، لنقل خلايا من معطي تتوافق معطياته مع المريض، غالبا ما يكون الأخ أو الأخت. ويتسبب المرض في عدد من الوفيات، إذ ان 10 في المائة فقط من المصابين الذين يتجاوزون سن العشرين، بينما أغلبهم يتوفون في سن منبكرة من طفولتهم، بينما نجد في دول أخرى، يرتفع أمل حياة المصابين إلى ما بين 50 إلى 60 سنة. وتفيد الدراسة الأولى من نوعها التي أجراها البروفيسور محمد الخطاب، رئيس مصلحة أمراض الدم وأمراض السرطان في مستشفى الأطفال بالرباط، أن 95 في المائة من مرضى التلاسيميا في المغرب يتلقون علاجهم على شكل نقل الدم، بينما لا يتعدى عدد المستفيدين من علاجات خفض نسبة الحديد في دمهم، موازاة مع ذلك، ما بين 10 إلى 15 في المائة، علما أن حاجة الطفل المصاب بداء التلاسيما، من هذا الدواء تصل إلى ثلاث علب من فئة 500 ميليغرام في الشهر، بقيمة مالية قدرها 13.500 درهم شهريا. ونظرا للكلفة الباهظة لعلاج المصابين ب"التلاسيميا"، فإن عددا منهم يلجأون للجمعية المغربية للتلاسيميا وأمراض الهيموغلبين للاستفادة من تحمل مجاني بالعلاج والدواء، أغلبهم من الفئات التي تعيش أزمات اجتماعية ومالية، تعاني فيها أمهات الأطفال المصابين محنا اجتماعية بسبب عجزهن عن التحمل ماليا ومعنويا ونفسيا بأكثر من ابن مصاب داخل الأسرة. وتعتبر مصلحة أمراض الدم والأمراض السرطانية عند الأطفال، المصلحة الوحيدة التي تضمن المتابعة المستمرة للمصابين بداء التلاسيميا منذ سنة 1990، يستفيد داخلها الأطفال المصابون مجانا بأدوية مخفضة للحديد في الدم بدعم من جمعية مختصة إيطالية. تحاول الجمعية المغربية للتلاسيميا، المؤسسة منذ سنة 2002، تنفيذ حملات للتحسيس والتوعية وسط المرضى وعائلاتهم وأقربائهم، وهي جمعية عضو في الفيدرالية الدولية للتلاسيميا، تدافع عن حقوق المصابين لدى المستشفيات ولدى وزارة الصحة. خلل وراثي يعتبر مرض التلاسيميا، مرض ينتج عن خلل وراثي، يمس كرموزومات الإنسان، يؤدي إلى نقص حاد في إنتاج بروتينات خاصة في الدم تسمى الغلوبين، باعتباره المكون الرئيسي للهيموغلوبين، الموجود في خلايا الدم الحمراء. من أبرز أعراض المرض ظهور شحوب أو اصفرار بشرة المصاب، تظهر في الأشهر الأولى من عمر الطفل، والشكوى من تأخر في النمو، وضعف الشهية، والتعرض لإصابات متكررة بالالتهابات، ومع استمرار المرض، تظهر أعراض أخرى، مثل التغير في شكل العظام، خصوصا عظام الوجه والوجنتين، وتصبح ملامح الوجه مميزة. أما في الحالات البسيطة من المرض، يعيش صاحبها بشكل طبيعي، ولا يحتاج إلى علاج، وقد لا تكتشف هذه الحالات إلا بالصدفة. ويحاول الجسم تعويض النقص عن طريق زيادة التكاثر، وهو ما يتسبب في ضرر للعظام التي تبذل جهدا مضاعفا لصناعة النخاع العظمي، ما يؤدي إلى انتفاخ جمجمة الرأس وتضخم الطحال والكبد، إلا أن الإنتاج الكبير من خلايا الدم الحمراء، يفشل في تعويض تكسر خلايا الكريات الحمراء في الدم، لذلك يجري نقل الدم إلى المريض بصفة مستمرة بمعدل يحتم على المصابين الخضوع لعلاج مدى الحياة.