التلاسيميا مرض وراثي يؤدي إلى إنتاج كريات الدم الحمراء ذات جودة ضعيفة وبالتالي لاتؤدي وظائفها الحيوية . ويحتاج هؤلاء المرضى لحقنهم بالدم مرة كل شهر مدى الحياة . وتحاقن الدم المتكرر يؤدي إلى ترسب مادة الحديد داخل أعضاء حيوية كالقلب أو الكبد. ولتفادي هذه المضاعفة الصحية يجب إعطاء دواء يكلف 5000 درهم شهريا مدى الحياة . ومن ناحية الإحصائيات يقدر البروفسور خطاب محمد أخصائي في أمراض الدم عند الأطفال، عدد المصابين بالتلاسيميا ب 5000 مريض على مستوى المغرب و لايتم التكفل حاليا إلا ب 70 إلى 100 مريض على صعيد المركزين الإستشفائيين ابن سينا بالرباط وابن رشد بالدار البيضاء. هذه بعض المعطيات والأرقام. د- أنور الشرقاوي من بين الأهداف الإستراتيجية لبرنامج التكفل بالتلاسيميا بالمغرب 2008-2011، إنشاء مركز عالي التخصص، ووضع مخططات تربوية وتواصلية. والوقاية من انتقال المرض عبر تشخيص الدم، وكذا إمكانية العلاج للتخلص من الحديد الزائد الناتج عن عمليات تحاقن الدم الشهرية. دخل برنامج التكفل بالتلاسيميا المغرب 2008-2011 السنة الثانية من وجوده، وذلك بزيارة لمرضى إيطاليين المصابين بمرض التلاسيميا للرباط من 4 إلى 8 فبراير، كما تميز بإنطلاق حملة إعلامية و تربوية في أفق الاستعدادات للاحتفال باليوم العالمي للتلاسيميا الذي يصادق يوم 8 ماي من كل سنة. تؤشر حصيلة سنة كاملة من هذا البرنامج المغربي الإيطالي لمحاربة هذا المرض الوراثي لتخضب الدم، والذي يعاني منه حوالي 5000 مغربي، وحوالي مئة منهم فقط يخضعون لمراقبة الفرق الطبية للمركزين الإستشفائيين الجامعيين بالرباط والدار البيضاء،وتؤشر هذه الحصيلة إذن، في نظر فريقي العمل، اللذين ينتسبان لروتاري ROTARYالرباط وروتاري جنوة بإيطاليا ، على تقدم واضح. وبالتالي، فإن ملامح الأهداف المحددة لهذا البرنامج بدأت تتضح أكثر فأكثر. والدليل على هذا هيكلة مركز ممتاز لمعالجة ووقاية التلاسيميا في مصلحة أمراض الدم بمستشفى الأطفال بالرباط، تحت إشراف البروفيسور محمد خطاب. ويتجلى ذلك في تعزيز الطاقم الطبي والتمريضي لهذه المصلحة. كما نسجل إيجابية المحادثات مع سلطات الوصاية من أجل تسهيل إجراءات اقتناء أكياس الدم، علما أن العلاج الوحيد ضد هذا المرض على المدى البعيد، يتمثل في عمليات تحاقن الدم الشهرية وعلى طول الحياة. وهناك معطى إيجابي آخر هو توفير الأدوية المدمرة للحديد الذي يتراكم في الجسم. من جهة أخرى، منذ شهر فبراير 2009، تم تحريك مخطط تواصلي يقوم على نشر مواد إعلامية مكتوبة، وإذاعية، وتلفزية، وكذا تنظيم لقاءات تربوية في الثانويات والأماكن العمومية. ولهذا الغرض، فإن العديد من دورات تكوين المكونين، تمت تحت إشراف البروفسور خطاب محمد، منذ 16 يناير 2009، وهمت 11 ثانوية بالرباط. ومن شأن هذا العمل التربوي أن يؤدي إلى الهدف الثالث لهذا البرنامج الصحي المغربي المتمثل في حث الشباب على الاستفادة من فحص مجاني للدم الذي تبلغ تكلفته الحقيقية 200 درهم. وسيسمح لهم هذا الفحص بمعرفة ما إذا كانوا حاملين أسوياء لهذا المرض. ذلك أنه تجب الإشارة إلى أنه إذا كان الأبوان حاملين لجينة المرض، ففي كل فترة حمل هناك نسبة خطورة واحدة من أربع (25%) من أن الطفل الذي سيولد يكون مصابا بالتلاسيميا. " إن السكان اليوم يجهلون كثيرا وجود هذا المرض، ولا يعرفون أنه يوجد علاج له، كما أنهم ليسوا على وعي بأنه من الممكن أن يكون الشخص حاملا سليما لجينة المرض ونقله للأطفال. وهكذا ترى الآباء عاجزين عن فعل أي شئ وهم يشاهدون أبناءهم يموتون قبل بلوغ سن 10 أو 15 من عمرهم، بدون فهم الأسباب المؤدية لذلك". بهذه العبارات الصريحة والمؤلمة يلخص البروفسور خطاب هذه الوضعية المأساوية التي يعيش فيها هؤلاء المرضى وعائلاتهم بالمغرب. ويضيف بنبرة إصرار وتحدي، قائلا : سأدافع بكل ما أوتيت من قوة عن "برنامج تلاسيميا المغرب 2008-2011 "، لأنني مقتنع بأنه سيساهم في تغيير المعاناة اليومية لهؤلاء المرضى.وختم تصريحه بأن التجربة الإيطالية جد مهمة في مجال المعالجة والوقاية من هذا المرض، وستكون لها بدون شك، تأثيرها الكبير على المغرب، خاصة ما يتعلق بتوسيع هذا البرنامج ليشمل جهات أخرى في المغرب، وعلى الأخص إطلاق دراسة علمية بهدف التعرف على الحجم الحقيقي لهذا المرض في بلادنا.