اليرقان أو الصفرة، هو ارتفاع في قيمة مادة في دم الطفل تسمى البيلوربين الذي ينتجه جسم الإنسان بشكل طبيعي من تحطم الكريات الحمراء ثم يقوم الكبد بالتقاط هذه المادة و طرحها في البراز، وخلال هذه العملية الطبيعية تكون قيم بيلوربين بدم الطفل عند الحدود الطبيعية ولا يظهر اللون الأصفر عليه. محمد فردوس، أخصائي في أمراض الأطفال والرضع يكشف أسباب إصابة المواليد بهذا المرض ويحدد أعراضه ومدى خطورته وطرق علاجه. - كيف يحدث اليرقان؟ وما هي أعراضه؟ أثناء وجود الجنين داخل الرحم يكون لديه نوع مختلف من الهيموغلوبين يسمى «الهيموغلوبين الجنيني»، وعند الولادة يقوم الجسم بتكسير وتدمير هذا النوع من الهيموغلوبين وتبديله بخلايا الدم الحمراء التي تحتوي على الهيموغلوبين الطبيعي لدى الكبار. وتنتج مادة البيلروبين نتيجة لتكسير الدم وهي صبغة صفراء، وتطلق في مجرى الدم عند تدمير خلايا الدم الحمراء. وينتج حوالي 75 في المائة من مادة البيلروبين عن تدمير الهيموغلوبين. وتتم معالجة البيلروبين داخل الكبد، حيث يركب البيلروبين مع مواد أخرى ويصبح مادة مركبة (BILURIBINE CONJUGUE) ويتم إخراجه من الجسم غالبا بالإفراز عن طريق البراز. وبما أن الكبد لدى الأطفال حديثي الولادة لم يكتمل نموه وتكون قدرته على القضاء ومعالجة البيلروبين المفرط محدودة، فإن مستوى البيلروبين يتزايد في الدم. وعادة تتم عملية تدمير خلايا الدم الحمراء (الجنينية) خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، في هذا الوقت يكتمل نمو الكبد وتعود مادة البيلروبين إلى مستوياتها الطبيعية. - هل هناك أنواع لليرقان؟ هناك أنواع مختلفة من اليرقان التي يمكن أن تحدث في المواليد الجدد، وتشمل ما يلي: اليرقان الفسيولوجي: يحدث كرد فعل «طبيعي» على محدودية قدرة جسم الطفل على التخلص من البيلروبين في أيامه الأولى. وهو أكثر أنواع اليرقان شيوعا. يرقان لبن الأم: نحو 2 في المائة من الأطفال يتغذون بالرضاعة الطبيعية يصابون باليرقان بعد الأسبوع الأول. بعضهم يصاب بيرقان حليب الأم في الأسبوع الأول نتيجة لانخفاض السعرات الحرارية التي يحصلون عليها أو بسبب الجفاف. وعادة ما تختفي الأعراض بعد عدة أسابيع فلا يحتاج المرض إلى علاج. إذا أصيب الطفل بيرقان حليب الأم، عادة ما يُنصح الآباء والأمهات بمواصلة إعطاء حليب الثدي للطفل. اليرقان الانحلالي (hemolyse): تفكك خلايا الدم الحمراء بسبب أمراض وراثية (الصحة الإنجابية والمرض)، أو كثرة خلايا الدم الحمراء، أو بسبب النزيف. - وكيف يتم تشخيصه؟ توقيت ظهور اليرقان يساعد على التشخيص. فإذا ظهر اليرقان في ال 24 ساعة الأولى عادة ما يكون خطيرا جدا ويتطلب معالجة فورية، وإذا ظهر اليرقان في اليوم الثاني أو الثالث، فهو يكون في الغالب «فسيولوجيا»، ولكن يجب الكشف حتى لا يكون هنالك سبب آخر لليرقان. أما ظهور اليرقان في وقت لاحق، في الأسبوع الثاني، وغالبا ما يرتبط برضعات لبن الأم، ولكن قد يكون أيضا هناك أسباب أخرى. الوالدان عادة يعرفان أي تغيير يطرأ على حالة طفلهما ومن ذلك تغير لون الجلد ، أو اصفرار بياض العين ، عند النظر إلى الجلد في ضوء الشمس. الطريقة السهلة والبسيطة لمعرفة وجود تغير لون الجلد واليرقان هو القيام بالضغط البسيط بأطراف الأصبع على الجلد لمدة قصيرة وخصوصاً منطقة الأنف أو الجبهة، ( ولكن ليس بتلك السهولة ) فإذا كان لون الجلد أبيض فليس هناك يرقان، وهذا ينطبق على كل الأطفال مهما كان لونهم، إما إذا كان هناك اصفرار فيجب زيارة طبيب الأطفال الذي سيقوم بالفحص الإكلينيكي، وقد يحتاج إلى إجراء بعض الفحوص المخبرية. لتشخيص اليرقان تجرى بعض الفحوص المختبرية، وقد تشمل ما يلي: فحص مستويات البيلروبين المباشرة وغير المباشرة: وتعكس هذه المستويات ما إذا كان البيلروبين مركبة مع مواد أخرى من قبل الكبد، بحيث يمكن إخراجه (مباشرة)، أو منتشر في الدورة الدموية (غير المباشرة). فحص مستوى خلايا الدم الحمراء كشف نوع الدم واختبار التوافق. - ما هي خطورة اليرقان عند حديثي الولادة ؟ إن اليرقان الفسيولوجي ويرقان حليب الأم عادة لا يسببان أي مشاكل للرضع، وتختفي الأعراض عادة بعد فترة من الوقت دون الحاجة للعلاج، ولكن أحد الآثار المثيرة للقلق من اليرقان هو إذا كانت مستويات البيلروبين عالية لفترات طويلة، فهناك احتمال بتأثر المخ، وهذه حالة تعرف باسم (ICTERE NUCLEAIRE)، حيث تصبح أنسجة المخ ملطخة بالبيلروبين، مما يتسبب في تلف المخ والتشنجات، وبسبب الآثار الجانبية يفضل معظم الأطباء علاج الصفرة فورا. أما عند الأطفال الخدج أو حديثي الولادة فعادة يبدأ العلاج مبكرا وذلك لأن الكبد يأخذ وقتا أطول حتى يكتمل نموه، مما يزيد من مخاطر ارتفاع مستويات البيلروبين لفترات طويلة. - هل صحيح أن هناك نوعا نادرا من الصفرة مرتبطا بالرضاعة الطبيعية؟ وبماذا تنصحون في هذه الحالة ؟ نحو 2 في المائة من الأطفال يتغذون بالرضاعة الطبيعية يصابون بالصفرة بعد الأسبوع الأول. بعضهم يصاب بيرقان حليب الأم في الأسبوع الأول نتيجة لانخفاض السعرات الحرارية التي يحصلون عليها أو بسبب الجفاف. وعادة ما تختفي الأعراض بعد عدة أسابيع فلا يحتاج المرض إلى علاج إذا أصيب الطفل بيرقان حليب الأم، عادة ما يُنصح الآباء والأمهات بمواصلة الرضاعة. - كيف يمكن علاج اليرقان عند حديثي الولادة؟ المستوى البسيط والمتوسط من اليرقان لا يحتاجان إلى أي علاج، وفي بعض الحالات يمكن الاستعانة ب (phenobarbtal)، لكن المستوى المرتفع الذي لم ينخفض من تلقاء نفسه قد يحتاج إلى العلاج الضوئي الذي يعتمد على تسليط نوع معين من الإضاءة ، التي تساعد على التخلص من مادة اليرقان Bilirubin عن طريق تغيير تركيبتها مما يساعد الكبد على التخلص منها، هذا العلاج قد يحتاج إلى وضع الطفل في المستشفى لعدة أيام. علاج آخر يستخدم لعلاج بعض الحالات، وهو زيادة عدد مرات الرضاعة الطبيعية أو الصناعية، مما يساعد على مرور مادة اليرقان Bilirubin مع البراز، عند الارتفاع العالي جدا لمادة اليرقان Bilirubin ، يكون العلاج عن طريق تغيير دم الطفل Exanguinotransfusion ، وإذا استمر اصفرار جلد طفلك بعد مرور ثلاثة أسابيع من العمر فيجب استشارة طبيب الأطفال لإجراء الفحص الطبي وإجراء الفحوص المخبرية اللازمة لمعرفة الأسباب وإعطاء العلاج والإرشادات اللازمة. - هناك من يلجأ في علاجها إلى أساليب تقليدية أين تكمن خطورة هذه الأساليب؟ من العادات التقليدية عند حصول اليرقان هو الاعتقاد السائد أن اللباس الدافئ هو السبب لذا يلبسون المولود ملابس جد خفيفة قد تعرضه لانخفاض درجة الحرارة وانخفاض مستوى السكر في الدم، بالإضافة إلى نزلة برد حادة وخطيرة خصوصا في فصل الشتاء وعند المواليد الخدج وذوي الوزن الضعيف (HYPOTROPHE). - ما هو دور الآباء في حالة إصابة المولود باليرقان؟ في معظم الحالات سبب اليرقان عند الرضع هو فسيولوجي وكما ذكر أعلاه لا يوجد أي ضرر بسبب ذلك، ولكن علينا أن نكون يقظين لحماية أطفالنا، فالأبوة والأمومة تحد نحن في حاجة إلى التكيف معهما، بما في ذلك المرض أو المشاكل الأخرى التي قد تواجه أطفالنا، حتى في الأيام الأولى من حياتهم. وإذا لاحظنا اصفرار الطفل، من الأفضل الاتصال على الفور بالطبيب، حتى يتسنى حصول الطفل على الرعاية المباشرة والسريعة. فاليرقان هو مرض لا يمكن منعه، ولكن التشخيص المبكر مهم جدا للعلاج وتقليل المضاعفات.