بخصوص القصة الكاملة لقضية أغنى متسولة في المغرب الموقوفة بأكادير، قضت المحكمة الابتدائية بمدينة أكادير، مؤخرا، بالحبس النافذ لمدة ستة أشهر في حق متسولة ثرية تم إيقافها قبل أيام أمام مسجد بالمدينة وهي تستدر عطف المصلين والمارة، مرتدية ملابس بالية، وتفترش الأرض. وانتشرت قصة هذه المتسولة على مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت حديث الصحافة، نظرا لكون المشتبه فيها تملك ثروة بمئات آلاف الدولارات، تتمثل في "فيلتيْن"، واحدة تقطن فيها، والثانية مُعدة للكراء، كما تتوفر على رصيد بنكي ضخم. كما أنها تمتلك جنسيتين؛ واحدة مغربية، والثانية تعود لبلد أوروبي. وجاء إيقاف المتسولة خلال حملة أمنية بأكادير تستهدف عددا من ممتهني التسول. وبعد تقديم عدد منهم أمام أنظار النيابة العامة، تبين مع تواصل التحقيقات والأبحاث أن إحدى المتسولات ثرية ولا تمد يدها بدافع الفاقة، وإنما اتخذت ذلك حرفة تذر عليها الملايين، الأمر الذي دفع النيابة العامة إلى متابعتها في حالة اعتقال، قبل أن يصدر حكم ضدها بالحبس النافذ. "حرفة منظمة" في رأي الأستاذ منصف الخياري، محام بهيئة فاس، فإن ظاهرة التسول في المغرب تفاقمت وانتقلت بشكل رهيب وسريع من مستوى الفوضى، الناتجة عن الهشاشة والفقر، إلى مستوى الاحتراف إما بشكل فردي أو عن طريق عصابات منظمة تتفنن وتبدع في الابتزاز والنصب واستغلال الأطفال والنساء وأصحاب الهمم. وزاد الخبير أن هذه الظاهرة اتخدت بعداً خطيراً بعد صدور تقرير اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه بالمغرب والتي تم تنصيبها سنة 2019، بحيث ربطت فيه بين التسول وجريمة الاتجار في البشر. عقوبات قانونية تعليقا على قضية المتسولة الثرية، التي حُكم عليها من طرف الغرفة الجنحية للمحكمة الابتدائية بأكاديربعقوبة ستة أشهر حبساً نافذاً، أكد منصف الخياري أن القانون يتعامل بصرامة مع هذا النوع من الحالات. وكشف أن "القانون الجنائي المغربي، ينص في الفصل 326 منه على أنه يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر من كانت لديه وسائل للتعيش، أو كان بوسعه الحصول عليها بالعمل أو بأية وسيلة مشروعة، ولكنه تعود ممارسة التسول في أي مكان كان". وأضاف أن "المشرع شدد من العقوبة بالنسبة للمتسول الذي يستعمل التهديد أو التظاهر بالمرض أو العاهة أو اصطحاب طفل صغير أو أكثر من غير فروعه، بالعقوبة الحبسية من 3 أشهر إلى سنة طبقا للمادة 327". التشرد ورفض العمل المحامي بهيئة فاس، أبرز أن القانون الجنائي يعاقب أيضا على التشرد في نفس الفرع بمقتضى الفصل 329 من القانون الجنائي بشهر حبسا إلى ستة أشهر لكل شخص ليست له إقامة معروفة ولا وسيلة عيش ولا يزاول عملا رغم قدرته على ذلك، إذا لم يثبت أنه طلب عملا ولم يجده أو إذا ثبت أنه عرض عليه عمل بأجر فرفضه. حماية خاصة للأطفال مراعاة من المشرع المغربي لظروف الأطفال القاصرين، قال الخبير إن القانون يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى سنتين كل من سلم أو حمَل غيره على تسليم طفل كيفما كانت وضعيته الاجتماعية إلى متسولين أو متشردين أو حرضه على مغادرة سكن أهله، وذلك في الفصل 330 من القانون الجنائي. حماية الفئات الهشة وختم منصف الخياري حديثه، بالتأكيد على أن القانون الجنائي المغربي اعتمد مفهوم استغلال بعض الفئات الهشة في التسول في تعريف جرائم الاتجار في البشر بمقتضى المادة 1-448 و عاقب عليها في المواد 2-448 إلى 13-448 بعقوبات جنائية تصل إلى ثلاثين سنة وغرامات مالية تصل إلى 10 ملايين درهم (حوالي مليون دولار)، فضلا عن مصادرة الأموال والأدوات التي استعملت أو كانت ستستعمل في ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر أو التي تحصلت منها لفائدة الخزينة العامة. جهود مضاعفة جوابا على سؤال برلماني، منتصف فبراير الماضي، حول جهود الحكومة للتصدي لظاهرة التسول، أكدت وزارة الداخلية أن مصالحها تولي أهمية قصوى لمحاربة ظاهرة التسول، نظرا لانعكاساتها السلبية على الإحساس بالأمن لدى المواطنين الذين يتأذون من أنشطة التسول ومن السلوكيات العدوانية لبعض المتسولين، فضلا عن استغلال الأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة في هذا النشاط، وتشويه المنظر الجمالي بالشارع العام بمختلف مدن المملكة. وبحسب المعطيات التي كشفتها وزارة الداخلية، فقد أسفرت التدخلات الميدانية لمكافحة ظاهرة التسول خلال 2021 عن تسجيل ما مجموعه 28597 قضية، تم على إثرها توقيف 32669 شخصا، من بينهم 2975 أجنبيا، بالإضافة إلى تسجيل في الفترة ما بين فاتح يناير و15 أغسطس 2022 ما مجموعه 2425 قضية، وتوقيف 28769 شخصا، من بينهم 2408 أجانب. المصدر: سكاي نيوز عربية