تعرف قبائل السراغنة العشرات من الأسواق الأسبوعية الموزعة منذ القدم ٬ توزيعا جغرافيا متوازنا إذ لا تكاد تخلو قبيلة ٬ أو ما بات يصطلح عليه راهنا ٬ بجماعة حضرية أو قروية ٬ من سوق تحج إليه ساكنتها بانتظام لقضاء مآربها واقتناء حاجياتها بيعا وشراء الأمر الذي يجعل منها رافدا أساسيا في التنمية القروية. فحاضرة الإقليم ٬ قلعة السراغنة مازالت تعرف بسوقها الذي كان ينعقد في السابق أيام الجمعة ٬ قبل أن يتحول اليوم الى سوق الإثنين ٬ وتتوفر مدينة تملالت على سوقها المعروف بسوق الثلاثاء ومنطقة بني عامر بسوق الأربعاء وسوق الخميس ببلدية العطاوية وسوق الجمعة بلعرارشة وسوق السبت بلوناسدة وسوق الأحد بصنهاجة. كما أن هناك أسواق أخرى تحمل أسماء هذه الأيام لكنها تتواجد في مناطق متباعدة ربما كان القصد من تباعدها ٬ من حيث توقيت تنظيمها ٬ يروم قبل كل شيء عدم تأثير هذه الأسواق على بعضها وفي الوقت ذاته تأمين التموينات الضرورية للساكنة المجاورة علما بأن بعضها يمتاز عن بعض بخصوص منتوج معين. ومن هنا ترسخ لدى الأهالي الإعتقاد بأن توفر القبيلة على سوقها الأسبوعي ٬ يعني أنها ذات حظوة ومكانة خاصة ذلك أن الأسواق لا تقام حسب العرف القديم ٬ إلا في المناطق الخصبة والتي تحتاج ساكنتها الى فضاء تجاري تلتقي فيه وفود القبائل من كبار التجار والأعيان لتصريف محاصيلهم وتسويق منتوجاتهم فضلا عن الدور التواصلي الذي كانت تضطلع به في غياب التكنولوجيات الحديثة. والى عهد قريب شكلت الأسواق مصدرا من مصادر الأخبار واستقائها ونشرها وتعميمها وخاصة فيما يتعلق بالحملات الإنتخابية أو التحسيسية المتعلقة بالوقاية من الأوبئة أو التبرع والتضامن لفائدة القضية الفلسطينية وغيرها من الحالات التي كانت السلطات المحلية تنتهز فرصتها للإعلان عنها في مثل هذه الملتقيات الأسبوعية. وبالرغم من التحولات المجتمعية البادية في الظاهر على ساكنة إقليمقلعة السراغنة ٬ يلاحظ أن تقاليد البداوة بمعناها الإيجابي والأصيل لازالت قائمة في جل أوساطها ٬ انطلاقا من كبار التجار الذين يبادرون الى إغلاق محلاتهم حتى لا يفوتون فرصة عرض سلعهم تحت الخيام في بعض هذه الأسواق ومرورا بالموظفين و"الفراشين " وصولا الى المزارعين والمنتجين والكسابين. وفي هذا السياق أكد واحد من هؤلاء التجار في تصريحات استقتها وكالة المغرب العربي للأنباء من سوق الإثنين الأسبوعي ٬ وهو من كبريات أسواق إقليمقلعة السراغنة ٬ أن من أكبر مزايا هذه الأسواق تكمن في التعامل نقدا مما يوفر للتاجر سيولة مالية لا يوفرها في باقي أيام الأسبوع داخل متجره. وارتباطا بالموضوع أبرز أحد المتسوقين أن سوق الإثنين التي تعد سوقا جهوية بامتياز ٬ تروج وحدها أسبوعيا رقم معاملات لا يقل عن عشرة ملايين درهم لكونها تستقطب جل كبار التجار والمنتجين والكسابين والجزارين والخضارين من داخل الإقليم وخارجه. وفيما يتعلق بطبيعة وتشابه هذه الأسواق يرى بعض المنتجين أنه قد آن الأوان لتنظيمها بطرق حديثة في اتجاه التخصص وتحقيق التكامل حسب طبيعة المناطق ٬ حتى تبقى كل منطقة تحافظ على خصوصيتها في مجالات الحبوب والزيتون والماشية وغيرها من المنتوجات المرتبطة بها مع تمكين هذه الأسواق من المرافق الضرورية والتجهيزات اللازمة لضمان جودة المعروضات وتطويرها. وشدد آخرون على ضرورة وضع مخطط إقليمي للأسواق لإعادة النظر في مواقع بعض الأسواق التي أصبحت تشكل ارتباكا متكررا لحركة المرور بحكم تواجدها داخل المراكز الحضرية والقروية على حد سواء ناهيك عن تنظيم قطاعات التجارة والزراعة والماشية داخلها عبر تخصيص أماكن لمعروضاتها حسب ما تتطلبه من مسلتزمات تقنية مراعاة لجودة السلع والمنتوجات وحمايتها من الضرر والإتلاف.