تقلصت عائدات الأسواق الأسبوعية باكادير الكبير بنسبة تصل إلى 30 في المائة مقارنة مع حجم عائداتها في سنوات الثمانينات والتسعينات نتيجة انفتاح السوق المحلية على مشاريع الفضاءات التجارية الكبرى، وازدياد عدد المحلات التجارية المتوسطة بمختلف الأحياء الشعبية والجديدة بمدن اكادير، انزكان ايت ملول والدشيرة، كما ساهم استثمار المهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج في قطاع التجارة بالمنطقة في تسجيل نقص في نسبة التوافد على الأسواق الأسبوعية، إذ تفضل الساكنة التبضع بذات الفضاءات التجارية التي تتوفر على معايير الجودة الاثمنة المناسبة، وعدم وجود فرق شاسع بين الاثمنة المطروحة بها مقارنة مع اثمنة الأسواق الأسبوعية، إضافة إلى توفر عامل الأمن بها عكس الأسواق الأسبوعية بالمنطقة التي تكون في اغلب الاحيان تحت سيطرة اللصوص ومحترفي السرقة خاصة بانزكان، ايت ملول، وشتوكة ايت باها. وفي السياق نفسه، أدت قرارات صادرة عن بعض المجالس المنتخبة بالمنطقة بتحويل الأسواق الأسبوعية إلى أسواق يومية كسوق الأحد باكادير وسوق الثلاثاء بانزكان في تأثر عدة محلات تجارية صغيرة وأسواق منتشرة وسط الأحياء الشعبية، إذ يتهدد خطر الإفلاس والمتابعات القضائية أزيد من 35 في المائة من إجمالي المحلات التجارية بالمنطقة نتيجة انخفاض نسبة الإقبال عليها والإصرار على الإبقاء على افتتاح الأسواق الأسبوعية ستة أيام في الأسبوع، الا أن مبررات أصحاب هذا القرار تجمع على أن عامل الجودة في المنتوج والخدمات والفضاء يبقى الحاسم في قطاع التجارة بشكل عام سواء في الإبقاء على يوم واحد أو ستة أيام في الأسبوع، كما أن النمو الديمغرافي المرتفع بالمنطقة يتطلب الزيادة في عدد الفضاءات التجارية لتلبية رغبات المستهلكين. إلى ذلك، لم يمنع تناسل الفضاءات التجارية المتوسطة والكبرى من استمرار الارتباط القوي لساكنة العالم القروي والأحياء الهامشية بالأسواق الأسبوعية بالمنطقة وخاصة بأسواق الاثنين بشتوكة ايت باها، الأربعاء بانزا واورير،الخميس بتيكوين حيث يتم الإقبال على اقتناء الخضراوات واللحوم وملابس الأطفال بنسب متفاوتة حسب القدرة الشرائية لكل مواطن، كما يستغل بعض المواطنين المرضى تنظيم بعض الباعة المتنقلين بواسطة سيارات خاصة لحلقات بيع الأعشاب الطبية قصد اقتناء حاجياتهم من الأدوية والأعشاب الطبية، إذ تعرض بعض مساحيق وزيوت الأعشاب والنباتات الطبية، في فضاءات على شكل حلقات يرتادها المواطنون لاقتناء وصفات علاج مختلفة باثمنة منخفضة مقارنة مع الاثمنة المعروضة بالمحلات المرخص لها قانونيا خاصة بانزكان، وشتوكة ايت باها وتارودانت. و في السياق ذاته، تشكو مختلف الأسواق الأسبوعية المنتشرة بمنطقة اكاديرالكبير من خصاص حاد في البنيات والتجهيزات التحتية، إذ تعرض السلع والمنتوجات الفلاحية واللحوم المذبوحة في ظروف غير صحية في أماكن ومساحات أرضية متسخة، كما لا تمنع الروائح النثنة المنبعثة من بعض لحوم الماعز والغنم والدجاج من إقبال الفئات الاجتماعية البسيطة عليها نتيجة الأوضاع الإنسانية المزرية التي تعيشها ساكنة العالم القروي رغم تسجيل بعض البرامج الاجتماعية المناسباتية به، كما تنتعش الأسواق الأسبوعية قبيل الدخول المدرسي حيث يتنقل إليها بعض أرباب ومستخدمي المكتبات لعرض اللوازم المدرسية بها وخاصة بأسواق ايموزار اداوتنان، نظرا لافتقاد ذات المنطقة للمكتبات المدرسية، علما أن ذات الأسواق وبالرغم محدودية هيكلتها لم تسلم بدورها من ''اجتياح'' المنتوجات الصينية لها حيث تعرض بها بعض الملابس والمنتوجات الصينية كالأواني والبخور والتجهيزات المنزلية. إلى ذلك، تعول اغلب الجماعات القروية في دعم وتقوية ميزانيتها على الموارد المالية المستخلصة من الرسوم المفروضة على الأسواق الأسبوعية، إضافة إلى عائدات الرسوم الضريبية المفروضة على الذبائح، الا أن سوء تدبير الموارد المالية المستخلصة من الأسواق و كذا تهرب بعض الباعة من دفعها في وقتها المحدد يحرم الجماعات القروية من عائدات مالية قد تكون مناسبة في حال استثمارها في مشاريع اجتماعية غير مكلفة، كما تشكل مشاريع تهيئة فضاءات بعض هذه الأسواق الأسبوعية بالعالم القروي مجالا خصبا لانزلاقات مالية واختلالات تقنية بسبب غياب المراقبة و محدودية تدخل السلطة المحلية الوصية عليها لفتح تحقيق فيها، كما تقلص الدور الاجتماعي للسوق الأسبوعي بشكل كبير، إذ كان هذا الفضاء التجاري مرتبطا في ذاكرة ساكنة سوس إلى جانب دوره التجاري، بمواعيد عقد الصلح بين المتخاصمين ودراسة المستجدات الطارئة في الدواويرالمحيطة به في افق البحث عن حلول لها، أو النظر في الحالة الاجتماعية لبعض العائلات الفقيرة قصد تقديم يد المساعدة لها، إذ كان ''وجهاء وأشراف'' القبيلة حيث يتواجد السوق الأسبوعي يشرفون على مختلف العمليات الاحسانية والاجتماعية، إلى أن تقلص هذا الدور أو انقرض بشكل نهائي في جل الأسواق بالمنطقة، لتحل محله لغة التجارة ومنطق العرض والطلب.