وسط أجواء متوترة في العالم الاسلامي احتجاجا على فيلم أنتج في الولاياتالمتحدة واعتبر مسيئا للنبي محمد يرى مؤرخ مصري أن الدين لم يكن في أي وقت سببا في الصراع بين الامم بل استخدم لتبرير أطماع اقتصادية وطموحات سياسية. ويقول قاسم عبده قاسم ان //صورة الاخر// لم تشهد ثباتا في تاريخ علاقة العالم الاسلامي بالغرب ولكنها تغيرت على مر القرون تاركة بصمات في التصور الذهني لدى كل من الطرفين عن الاخر. ويضيف في كتابه /المسلمون وأوروبا.. التطور التاريخي لصورة الاخر/ أن الدين لم يكن السبب في الصراع بين الامم //وانما كان دائما المبرر والغطاء لاطماع الاقتصاد وطموحات السياسة//. ويسجل أن فريقا //من الغلاة والمتطرفين على كلا الجانبين.. المسلم والغربي// يؤججون الان نيران العداوة والكراهية على الرغم من تجاور الطرفين جغرافيا ووجود تراث ديني مشترك مثل اتفاق الكتاب المقدس والقران حول قصص الانبياء والرسل اضافة الى وجود أماكن مقدسة بفلسطين للمسلمين والمسيحيين. وقاسم أستاذ تاريخ العصور الوسطى وله ترجمات منها /حضارة أوروبا العصور الوسطى/ و/التاريخ الوسيط قصة حضارة.. البداية والنهاية/ ومؤلفات منها /ماهية الحروب الصليبية/ التي تأسست على خلفية خطبة البابا أوربان الثاني بمجمع كليرمون بفرنسا في نوفمبر تشرين الثاني 1095 ودعا فيها لاسترداد //الارض المقدسة// من المسلمين. وفي العام التالي بدأت الحملات الصليبية /1096-1292/. وصدر كتاب /المسلمون وأوروبا.. التطور التاريخي لصورة الاخر/ في سلسلة /انسانيات/ ضمن مشروع مكتبة الاسرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. ويقع الكتاب في 244 صفحة متوسطة القطع. ويأتي الكتاب في ظل غضب شعبي اسلامي بسبب فيلم مدته 13 دقيقة صور في كاليفورنيا وتم بثه على الانترنت بأسماء متعددة منها //براءة المسلمين// ويصور النبي محمد في مشاهد مسيئة. وأثار الفيلم احتجاجات عنيفة استهدفت القنصلية الامريكية في بنغازي وأسفرت عن مقتل السفير الامريكي وثلاثة من مواطنيه يوم الثلاثاء الماضي. ووقع في الاحتجاجات -التي شملت دولا أخرى في العالم الاسلامي- قتلى وجرحى. وفي كتابه لا يعتبر قاسم الغرب أو المسيحيين كتلة واحدة اذ يرى أن المسيحيين //الذين خضعوا للحكم الاسلامي// عاملهم المسلمون معاملة طيبة وكانت مواقفهم تجاه المسلمين //أكثر اعتدالا// على الرغم من بقائهم على دينهم أما المسيحيون تحت الحكم البيزنطي فكانوا //يحملون صورة عدائية تماما للمسلمين// في حين كان الاسلام بالنسبة للمسيحيين في الغرب شيئا بعيدا. ويقول ان الازمة بين الطرفين ترجع الى عدم المعرفة اذ اقترن الجهل بالاسلام في أوروبا بعدم وجود مدارس علمانية حتى القرن الثاني عشر ولم يجد الاوروبيون ما يساعدهم على فهم الاسلام نظرا لان اللغة العربية كانت مجهولة في أوروبا على الرغم من وجود العرب في الاندلس. ويضيف أن المسلمين كانوا جارا لاوروبا //قويا وغنيا يستثير في نفوسهم مشاعر مختلفة ومتضاربة بين الحسد والجهل والعداوة بحيث ارتسمت في العقل الاوروبي صورة عن المسلمين ترسم عالما من العنف والتخريب// وظل هذا الموقف ثابتا حتى فترة الحروب الصليبية. ويسجل أن أوروبا والعالم الاسلامي في العصور الوسطى كانا //أسرى الجهل بالاخر// وانه على الرغم من معرفة المسلمين بالمسيحية فانهم كانوا يجهلون معرفة الاوروبي على المستوى الانساني-الاجتماعي وان هذا الجهل أدى الى العداء.ولكنه يسجل أيضا أن سوء الفهم لا يقتصر على العصور الوسطى بل استمر الى ما بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 على الولاياتالمتحدة مستشهدا بقول المستشرق برنارد لويس ان المسلمين //عدوانيون دائما والغرب دفاعي دائما//. ويعتبر قاسم كلام لويس موقفا منحازا وغير متسامح ويبرر العدوان.